Friday, May 28, 2010

البيت الأبيض يؤكد لـ«السفير» استمرارها «تأكيدا لسيادة لبنان على أراضيه»
هل تقترب المساعدات الأميركية إلى الجيش من «لحظة الحقيقة»؟

جو معكرون

واشنطن ـ جو معكرون
في المقارنة بين زيارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان في كانون الاول الماضي وزيارة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الى العاصمة الاميركية هذا الاسبوع، لعل الفارق
الرئيسي هو موجة التشاؤم التي تحيط بقضية المساعدات العسكرية الأميركية للقوات المسلحة والقوى الأمنية في لبنان، ما دفع البعض الى التساؤل اذا ما بدأت الادارة
الاميركية تعود تدريجيا الى مقاربتها العسكرية التقليدية لبيروت ما قبل العام 2006.
في نهاية العام الماضي كان هناك نوع من الزخم الايجابي أو النظرة التفاؤلية، تبعها انعقاد اللجنة العسكرية المشتركة بين البلدين في شهر شباط الماضي. لكن هذه
المرة، وبحسب مصادر لبنانية، لم يتطرق النقاش مباشرة الى موضوع المساعدات العسكرية بل ركز على قضايا إقليمية مع الاكتفاء بالحديث عن ضرورة الاستمرار بهذه المساعدات
بدون اتخاذ أي خطوات ملموسة.
الباحث المتخصص في الشؤون الدفاعية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية آرام نركيزيان يقول لـ«السفير» إن برامج المساعدات العسكرية الى الجيش «تُراجع وتُقيّم
باستمرار. لم نصل بعد الى نقطة اللاعودة في السياسة الاجمالية، لكننا نقترب من لحظة الحقيقة. نتحرك تدريجيا الى مكان حيث إما ستتابع الولايات المتحدة النمط
الحالي من المساعدات العسكرية الذي يسمح بتنفيذ خطة الجيش اللبناني بالتسليح على مدى خمس سنوات أو سنرى خفضا في مستوى المساعدات».
ويؤكد نركيزيان انه لا يمكنه توقع ماذا سيحصل نظرا الى المتغيرات الاقليمية، معتبرا ان اندلاع حرب في المنطقة سيؤثر حتما وبسرعة على مستوى المساعدات العسكرية،
ويضيف «اذا كان التاريخ معيارنا، فنحن نصل الى مرحلة حيث لدى الولايات المتحدة تعب كاف من لبنان لتبدأ التفكير بتقليص المساعدات ليس كعقاب بل لأنه ليس هناك
سياسة أميركية متمساكة تجاه لبنان».
ينفي مسؤول في الادارة الاميركية لـ«السفير» حصول أي تمهل في المساعدات العسكرية الى الجيش اللبناني قائلا «تبقى الادارة ملتزمة بدعم سيادة لبنان واستقلاله
وبتطوير مؤسسات الدولة في لبنان» ويتابع «نحن نمضي قدما بمساعدة عسكرية وأمنية مستمرة من أجل تعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية والقوى الامنية للمساعدة
على ضمان ان بوسع لبنان توفير أمنه الخاص وتأكيد سيادته على جميع أراضي لبنان».
لا تزال الفكرة السائدة في الإدارة الاميركية ان دعم الجيش يعني في مكان ما إيجاد توازن مع «حزب الله» كما يساعد على مكافحة الارهاب في المنطقة، لكنّ هناك اقتناعاً
متزايداً داخل ادارة الرئيس باراك أوباما ان الغاية السياسية وراء تسليح الجيش التي كانت بين عام 2006 وأواسط عام 2009 لم تعد فعالة.
يقول نركيزيان «الافتراض ان تدريب الجيش وتسليحه أدى الى المزيد من الاستقرار والبيئة الآمنة يمكن التنبؤ بها صحيح، لكن هذا ليس محركا كافيا للاستقرار في لبنان».
ويرى ان البنتاغون كان «حذرا منذ السبعينيات من منطق الانخراط في لبنان على مستوى الاستثمار عسكريا مثل إرسال قوات في الثمانينيات أو الصورة الاجمالية في التعاون
والمساعدات الامنية لأنه كان دائما هناك سؤال ماذا نحاول تحقيقه هنا».
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري حرص على لقاء رئيسة اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية التابعة للجنة الاعتمادات المالية في مجلس النواب نيتا لوي، التي لديها
دور مؤثر في التصديق على المساعدات التي تقررها الادارة الاميركية. وقال مدير الاتصالات في مكتب لوي، مات دينيس، لـ«السفير» انها بحثت مع الحريري في «عملية
السلام في الشرق الاوسط ومنع ايران من الحصول على أسلحة نووية ومنع تهريب الأسلحة التي تقوض استقرار المنطقة».
وعقد الحريري لقاء دام نصف ساعة مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور جون كيري سبقه لقاء قهوة مع أعضاء اللجنة بمن فيهم الاعضاء الجمهوريون
ريتشارد لوغار وجون باروسو. وذكرت «فورين بوليسي» ان أحد أعضاء الكونغرس سأل الحريري «لماذا لا ينزع سلاح حزب الله»، فكان رده ان هذا الامر «يؤدي الى حرب أهلية».

ويعتبر نركيزيان ان الكونغرس «بطيء جدا في النظر الى ايجابيات بناء الجيش اللبناني ونظرا الى التعب من لبنان في الولايات المتحدة سيكون من الصعب جدا التوسع
أبعد من المستوى الحالي من المساعدات العسكرية الاميركية الى لبنان»، مشيرا الى وجود تشكيك تاريخي في الكونغرس بموضوع المساعدات العسكرية «بسبب هواجس متعلقة
بأمن اسرائيل والتصور بأن لبنان بلد مفكك وفوضوي ومعقد».
وقال أحد موظفي الكونغرس الذين يتابعون ملف المساعدات العسكرية للبنان لـ«السفير» ان لجنة الاعتمادات المالية أقرت مساعدة دفاعية بقيمة 100 مليون دولار الى
لبنان لعام 2010 وما يجري الآن هو «تقييم» طلب الادارة بتخصيص مبلغ مماثل لعام 2011 بدون تحديد ما سيكون موقف اللجنة من هذا الامر. لكن من خلال مراجعة الارقام
الاجمالية لهذه المساعدات، يبدو واضحا نمط تراجعها من 210,830 مليون دولار عام 2009 الى 141,5 مليون عام 2010 و102,5 مليون عام 2011. قد تعود هذه الارقام الى
الارتفاع أو تحافظ على مستواها في عامي 2012-2013 اذا سلمت الطائرات لبيروت لكن هذا قد لا يحول دون عودة المساعدات الى مستوياتها التقليدية على المدى الطويل.

ويذكر نركيزيان ان برامج المساعدات العسكرية المتوقع ان تصل في عامي 2012-2013، بما فيها الطائرات ذات سلاح خفيف، لم يحصل أي تغيير عليها «لم تصدر أي توجيهات
من الادارة لوقفها، على العكس كل الامور تسير على وتيرتها». ويشير الى انه لم يكن هناك أي تحديات تُذكر في الكونغرس لـ«تفويض نقل بعض المعدات الحساسة الى لبنان»،
لا سيما ان هذه المعدات بغالبيتها لا تصل الى «عتبة مالية معينة» تحتاج فيها الى موافقة الكونغرس، واعتبر في هذا السياق أن الكونغرس «لم يُختبر بعد» لنرى سياسته
حيال مساعدات الجيش ونقل الطائرات ذات السلاح الخفيف الى لبنان سيكون فرصة لهذا الاختبار. وتقلل مصادر أميركية لـ«السفير»، فضلت عدم الكشف عن هويتها، من تداعيات
مسألة صواريخ «سكود» على المساعدات الاميركية معتبرة ان «قصة السكود لا تضيف فعلا على النقاش النوعي في واشنطن حول ما هو حزب الله وما هو لبنان، لكن اذا أراد
أحدهم قتل المساعدات... أي عذر ينجح سواء كان سكود أو شيء آخر».
ويختم نركيزيان قائلا «نحن في مرحلة فيها نوع من الاهمال. شهد عام 2009 نهاية مرحلة، فيما تميز عام 2010 بمحاولة معرفة ماذا يجري في لبنان والمنطقة والسياسة
الاميركية الاشمل في الشرق الاوسط. من ناحية المساعدات الاميركية وآفاق السياسة، 2011 قد تكون لحظة الحقيقة. إما نرى فيها ثمار التعب من لبنان في واشنطن أو
الادراك أن الجيش اللبناني يلعب دورا إيجابيا في استقرار المشرق العربي وان هناك حاجة لمواصلة تسليحه وإضفاء الاحترافية على هذه القوة. حاليا، التعب من لبنان
يبدو أكثر ترجيحا».
وفي هذه الاثناء، يشارك لبنان هذا الاسبوع بشخص ممثل قائد الجيش العميد الركن البير كرم في مؤتمر كبار القيادات العسكرية في دول الشرق الاوسط وجنوب آسيا التي
تقع في منطقة مسؤولية «القيادة المركزية» في الجيش الاميركي. وينعقد هذا المؤتمر في «فندق فيرفاكس» في فيرجينيا تحت عنوان «الامن الاقليمي يتطلب تعاونا اقليميا».
وصرح المسؤول الاعلامي في هذا المؤتمر الكولونيل ميشال اسكويا لـ«السفير» ان قائد القوات المركزية في الجيش الاميركي الجنرال ديفيد بترايوس رحب بالحضور قائلا
«هذا المؤتمر لمناقشة مجالات فيها هواجس مشتركة وسبل التعاون لتقدم الامن الاقليمي. القيادة المركزية الاميركية ملتزمة بالعمل مع الحاضرين لتشجيع الامن والاستقرار
الاقليمي». وتحدث في هذا المؤتمر كل من المبعوث الاميركي الخاص جورج ميتشل والمساعد الخاص في البيت الابيض لشؤون الخليج وجنوب شرق آسيا دينيس روس، كما ألقى
مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان كلمة في عشاء مغلق مع الحاضرين.
السفير

No comments:

Post a Comment