Saturday, May 29, 2010

انتخابات الشمال في مهبّ جريمة ضهر العين
وسط سجال متجدّد بشأن سلاح المقاومة، وضبابية تلفّ موعد جلسة طاولة الحوار المقبلة، جاء مقتل شقيقين من تيّار المردة بسلاح عنصر قواتي، ليضع شكل الانتخابات ومصيرها في محافظة الشمال غداً، في صدارة الاهتمامات، وعلى محك كيفية معالجة الحادثة قبل التوجّه إلى صناديق الاقتراع
أظهر السجال المستجد حول الاستراتيجية الدفاعية، تحمية عالية لدى مختلف الأطراف، استعداداً لـ«مبارزة» جلسة الحوار المقبلة، ما رفع منسوب التوقعات بأن تشهد طاولة بعبدا نقاشات ساخنة قد لا تنفع معها أي اتفاقات أو تمنيات بالتهدئة، وخصوصاً أن ضابط إيقاع الحوار ورئيسه ومستضيفه، بات في نظر أحد المتحاورين طرفاً مع فريق دون آخر.
وفي هذه الأجواء، بدا موعد جلسة الحوار المقرر يوم الخميس المقبل، في 3 حزيران، موضع أخذ ورد بين الإعلام والمصادر، إذ ذكر عدد من وسائل الإعلام أن الموعد أرجئ إلى 17 حزيران، فيما نقل موقع «النشرة» عن مصادر قصر بعبدا أن ما يجري تداوله إعلامياً غير رسمي، وأن قراراً نهائياً لم يصدر بعد لجهة تحديد موعد الجلسة، معلنة أن بياناً توضيحياً سيصدر عن المكتب الإعلامي لقصر بعبدا في الساعات الـ24 المقبلة.
لكن رسمياً، أعلن رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، في حديث إذاعي أمس، أن الجهة التقنية المعنية في القصر الجمهوري، اتصلت منذ 3 أسابيع لإبلاغ مكتبه أن جلسة الحوار انتقلت إلى 17 حزيران، فرد بأنه رتّب برامجه على أساس أنها في 3 حزيران «وإذا كانت ستنقل الى 17 فإن لديّ أسباباً قاهرة تمنعني من الحضور»، متمنياً «تأجيلها الى نهاية الشهر ليتمكن الجميع من الحضور».
وفيما كان السجال محتدماً حول سلاح المقاومة، والضباب يلف موعد جلسة الحوار المقبلة، ظهر سلاح آخر في بلدة ضهر العين في الكورة، أدّى إلى مقتل شقيقين من تيار المردة بسلاح قواتي، ما ترك حالة ترقب شمالية على أبواب المرحلة الأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية، برغم تأكيد مصادر مطلعة أن سبب الإشكال فردي «وهو استكمال لخلاف حصل منذ أيام».
وفيما تتجه الأنظار إلى ما سيقوله رئيس تيّار المردة النائب سليمان فرنجيّة في مؤتمر صحافي يعقده اليوم، للحديث عن الموضوع، أصدر التيار بياناً اتهم فيه «المسؤول القواتي حنا البرساوي» بقتل الشابين طوني ونايف صالح، وذكر أن إشكالاً كان قد حصل منذ يومين «تعرّض خلاله أحد الشهيدين للضرب ما استدعى نقله الى المستشفى، واعتّقل أولاد البرساوي على أثر الحادث، وبعدما توسط المردة أسقط الشهيد الدعوى وخرج المسجونون. وما إن أفرج عنهم حتى كان الرد من والدهم حنا البرساوي الذي شهر بندقيته وقتل الشابين».
وفي بيان مشترك، استنكر النائبان ستريدا جعجع وإيلي كيروز «الحادث الأليم»، وتقدما «باسم القوات اللبنانية من أهل الفقيدين وأحبائهما بأحر التعازي القلبية»، وأشارا إلى أن مطلق النار والشابين القتيلين ينتمون جميعاً إلى بلدة بزعون في جبة بشري، مضيفين «إن الحادث طابعه شخصي عائلي ومحلي بحت، ولو أن الفريقين المعنيين ينتميان أصلاً الى جهات سياسية مختلفة». وإذ ذكرا أن البرساوي أطلق النار دفاعاً عن النفس، تركا للقضاء «الكلمة الفصل»، وأعلنا تواصل مساعي أهالي بزعون لتسليم الفاعل إلى السلطات المختصة، وأن القوات «ترفع الغطاء عن أي شخص له علاقة بالحادث».
ولفت أنه برغم إعلان «المردة» إسقاط الدعوى على خلفية الإشكال السابق، وعدم تطرق جعجع وكيروز لهذا الموضوع، فإن الوكالة الوطنية للإعلام، بعدما أعادت سبب «الإشكال» إلى خلاف «وقع منذ يومين بين كل من أولاد حنا برساوي وطوني صالح»، بدت كأنها تعزو قتل الشابين إلى أنه «... ولم يتم إسقاط الدعاوى كما كان متفقاً».
وأتت هذه التطوّرات التي تنذر بالاستفحال إذا لم تعالج بطريقة تسحب فتيل التوتر بين أنصار فريقين سيتوجهان غداً إلى صناديق اقتراع واحدة في أكثر من منطقة، بعد نهار حافل بالسجال المستجدّ منذ كلام رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن مقوّمات الاستراتيجية الدفاعية المتمثلة بالجيش والشعب والمقاومة، حيث كان قائد القوات اللبنانية قد واصل حملته على سليمان، مستنداً هذه المرة إلى أن دفاع «الفريق الآخر» عنه «أكبر دليل» على أن موقفه في شأن الاستراتيجية الدفاعية هو موقف هذا الفريق، ورأى أنه «كرئيس جمهورية توافقي عليه أن يأخذ في الاعتبار وجهات نظر كل الأفرقاء». ورد على الدعوات إلى سحب وزرائه من الحكومة بـ«إذا كان هناك من لا يعجبه وجود القوات في الحكومة فبإمكانه أن يتركها».
ضبابية حول موعد جلسة الحوار المقبلة والتسخين مستمر على جبهة الاستراتيجية الدفاعية
ومن دون تسميته، فسّر حزب الوطنيين الأحرار موقف رئيس الجمهورية بأن «نشوة المناسبة وأدبياتها فرضت موقفاً معيناً عند هذا الطرف أو ذاك». أما حزب الكتلة الوطنية، فتناول المعادلة الثلاثية، على طريقته، ناسفاً عن غير قصد المطالبات بحصر الدفاع بالجيش، عبر قوله إنه في الحروب مع الكيان الصهيوني فإن الشعب والجيش «هما أكثر من سيدفع الثمن. فالمقاومة محصّنة بخنادقها ومقارها الخفية والمموّهة»، ليستنتج أن هذه الحروب «لن تعود بالفائدة إلا على طرف واحد، إنه الطرف الثالث في الثالوث الذي ابتدعوه في البيان الوزاري».
ووسط غياب أي موقف لنواب المستقبل، لليوم الثاني على التوالي، بعد التضامن الضمني مع جعجع منذ 3 أيام، ظهر رئيس كتلتهم فؤاد السنيورة، في الكويت، مستعيداً في عشاء لمتخرّجي الجامعة الأميركية، مقولته عن «فحص الدم»، بادئاً بأن «التجربة اللبنانية الفريدة» تحتاج «إلى الحماية المستمرة من العنف والتطرف وسيطرة الرأي الواحد، وإلى تحييدها عن الصراعات والنأي بها عن ممرات الفيلة»، مبتكراً معادلة «ليس التحييد حياداً»، ونافياً وجود «تناقض بين لبنانيتنا وعروبتنا، ونرفض أصلاً أي نقاش ينطلق من موضع إطلاق التهم وتخوين الآخر، فقط لأنه لا يتفق مع رأينا ظناً من البعض أنه يحتكر الحقيقة الوطنية والعروبة».
وفي المقابل، وتأكيداً لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، زار وفد من كتلة الوفاء للمقاومة، قائد الجيش جان قهوجي، مهنئاً بذكرى المقاومة والتحرير. ودفاعاً عن رئيس الجمهورية، قال النائب نواف الموسوي، إن موقف الرئيس «يعبّر عن الإرادة الوطنية الفعلية والحقيقية للبنانيين الشرفاء، لا عن فريق من اللبنانيين بحسب ما ظهر أحدهم وقال». ورأى النائب السابق الياس سكاف، أن جعجع «مكلف إضعاف» موقع الرئاسة، وله «غايات تستهدف ابن المؤسسة العسكرية التي لطالما عانى تاريخياً مشاكل معها»، ودعاه إلى سحب وزرائه من الحكومة إذا كان غير موافق على مواقف «رئيس الجمهورية المنسجمة تماماً مع خطاب القسم والبيان الوزاري».
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment