Saturday, July 24, 2010

قاضي الأمور المستعجلة يمنع لفلفة بنك المدينة
سلامة حاول في أيلول 2000 إقناع إدارة بنك المدينة بتسوية أوضاعه (أرشيف)
بعد فشل محاولات عقد الجمعية العمومية للمساهمين في بنك المدينة أول من أمس، تكرر المشهد أمس، لكن بقرار قضائي هذه المرّة؛ إذ قرر قاضي الأمور المستعجلة في بيروت منع انعقاد الجمعية العمومية للمساهمين في بنك الاعتماد المتحد لعدم وجود صفة للداعين إليها
أصدر قاضي الأمور المستعجلة في بيروت نديم زوين قراراً قبل ظهر أمس قضى بمنع انعقاد الجمعية العمومية للمساهمين في بنك الاعتماد المتحد، شقيق بنك المدينة، التي كان قد دعا إليها عدنان وإبراهيم أبو عيّاش، بصفتهما المساهمين الأكبرين، إذ يستحوذان على أكثر من 97.92 في المئة من الأسهم.
هذا القرار جاء بناءً على مراجعة تقدّم بها المحامي ملحم خلف بوكالته عن المساهم في البنك عصام حرب، تطعن بشرعية انعقاد هذه الجمعية في ظل وجود ملفات عالقة، وتطعن أيضاً بصلاحية عدنان وإبراهيم أبو عيّاش في الدعوة، فضلاً عن أسباب أخرى تتصل بمخالفة الأصول في توجيه الدعوة وتحديد جدول أعمالها.
وجاء في نص قرار القاضي زوين أن «الهيئة المصرفية العليا عيّنت بتاريخ 8/7/2003 السيد أندريه بندلي مديراً موقتاً على بنك الاعتماد المتحد ش.م.ل. يتمتع بصلاحيات مجلس الإدارة ورئيس مجلس الإدارة ـــــ المدير العام، وبناءً على نص المادة 24 من النظام التأسيسي للمصرف، فإنه يعود لمجلس الإدارة وحده حق دعوة الجمعية العمومية غير العادية، كذلك يحق لمساهمين يؤلفون خمس رأس المال أن يطلبوا من مجلس الإدارة توجيه هذه الدعوة.
وحيث إنه كان للسيد إبراهيم أبو عياش أسهم تتجاوز خمس رأس المال، إلا أنه يبقى عليه تقديم الطلب إلى المدير المؤقت بصفته يتمتع بصلاحيات مجلس الإدارة، على أن يوجه الأخير الدعوة إلى الجمعية العمومية غير العادية.
وحيث إنه وفق ظاهر الأوراق المتوافرة في الملف، فإن الدعوة المنشورة في جريدة النهار بتاريخ 1/7/2010 للجمعية العمومية غير العادية المحددة في 23/7/2010 تكون بالتالي غير قانونية لكونها موجهة من السيد إبراهيم أبو عياش بصفته مساهماً.
لذلك، سنداً للمادتين 589 و604 من أصول المحاكمات المدنية، ولمواد النظام التأسيسي، وحفظاً للحقوق ومنعاً للضرر، تقرر منع انعقاد الجمعية العمومية لشركة بنك الاعتماد المتحد ش.م.ل. المحددة عند الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة الواقع فيه 23/7/2010، وردّ باقي المطالب، وتكليف الكاتب غسان مشلب إبلاغ من يلزم والتنفيذ على أن تكلّف الجهة المستدعية مبلغ 250 ألف ليرة بدل انتقال وتنفيذ للكاتب».
هذا القرار الصادر عن القاضي زوين وضع حدّاً لمسرحية كادت تكتمل فصولها، لو أُتيح لأصحاب البنك، وهم أنفسهم أصحاب بنك المدينة، عقد جمعيتهم العمومية غير العادية في البنكين تنفيذاً لاتفاق غير معلن أُبرم منذ فترة، ويقضي بحل شركتي البنكين وشطب رخصتيهما والقيام بالتصفية الذاتية وإبراء ذمّة المدير المؤقّت للبنكين أندريه بندلي، وبالتالي وضع النهاية، خارج أطر المحاسبة، لأكبر فضيحة مصرفية في لبنان والمنطقة وواحدة من أكبر فضائح الفساد وجرائم تبييض الأموال وسرقة الودائع وسوء الأمانة.
إلا أن قرار القاضي زوين ليس سوى جولة أولى فرضها شعور الساعين إلى لفلفة هذه الفضيحة بقدرتهم على عقد الجمعيتين العموميتين غير العاديتين لمساهمي بنك المدينة وشقيقه بنك الاعتماد المتحد من دون الحاجة إلى التدقيق، ولو بالشكل، في مدى تطابق الإجراءات المتخذة مع القوانين والأنظمة.
بحسب الاتفاق المبرم مع عدنان وإبراهيم أبو عيّاش ستُسقَط تهمة تبييض الأموال
فكما ذكرت «الأخبار» في تقريرها أمس عن فشل عقد الجمعية العمومية لبنك المدينة، كان مخططاً أن تنعقد الجمعيتان العموميتان بهدوء تام، ومن دون أي ضجّة أو إثارة، وفي ظل غياب تام لأي موقف من جميع القوى السياسية... إذ وُكِّل وسام أبو عيّاش، نجل إبراهيم أبو عياش، لتمثيل والده وعمّه عدنان، اللذين يمتلكان كل أسهم البنكين تقريباً، وبالتالي يقتصر حضور الجمعيتين على شخص واحد يوافق على القرارات المطلوب استصدارها نظامياً، وينتهي الأمر في دقائق معدودة يحتاج إليها توقيع المحضرين يومي الخميس والجمعة الماضيين... إلا أن المخطط تعرّض لانتكاسة بسبب اضطرار الداعين إلى نشر دعوتيهما إلى الجمعيتين في صحيفتين محليتين (نُشر إعلان الدعوتين في صحيفتي النهار والمستقبل) التزاماً بالقانون الذي يفرض ذلك، ما سمح لبعض المساهمين الصغار (يبلغ عددهم نحو 230 مساهماً في بنك الاعتماد المتحد) بالتحرّك، ولا سيما الذين ما زالت لهم ملفات عالقة مع البنك وحسابات مالية مجمّدة فيه بموجب قرارات الهيئة المصرفية العليا وهيئة التحقيق الخاصة بجرائم تبييض الأموال.
الجدير بالإشارة إلىه، أن وسام أبو عيّاش لم يحضر الجمعية العمومية الخاصة ببنك المدينة أول من أمس، وبالتالي لم تنعقد هذه الجمعية لعدم اكتمال نصابها القانوني، إذ إن عمّه ووالده يستحوذان على 99 في المئة من الأسهم، وذلك بانتظار صدور قرار القاضي زوين في الطعن المقدّم من حرب في شرعية الجمعية العمومية الخاصة ببنك الاعتماد المتحد التي كانت مقررة ظهر أمس. وبحسب المصادر المعنية، فإن غياب وسام أبو عيّاش جاء خوفاً من أن يصدر قرار القاضي زوين، كما صدر فعلياً، ما يعرّض أي قرار صادر عن الجمعية العمومية الأولى للإبطال نظراً لتشابه وضعي بنكي المدينة والاعتماد المتحد، فاعتبار القاضي زوين أن الداعين لا صفة لهم ينطبق على الجمعيتين ضمناً.
ماذا بعد؟ هذا هو السؤال المطروح الآن بعد فشل الجولة الأولى من إجراءات اللفلفة، فقرار القاضي زوين يحدد بوضوح أن الدعوة إلى الجمعيتين العموميتين غير العاديتين يجب أن تصدر حصراً عن المدير المؤقّت للبنكين أندريه بندلي، الذي عيّنته الهيئة المصرفية العليا منذ وضع اليد على البنكين في عام 2003 ومنحته صلاحيات مجلس الإدارة ورئيس مجلس الإدارة ـــــ المدير العام.
بحسب الاتفاق المبرم مع عدنان وإبراهيم أبو عيّاش، ستُسقط تهمة تبييض الأموال لاحقاً، إلا أن حصول ذلك قبل حل البنكين وشطب رخصتيهما سيتيح للشقيقين استعادة البنكين، وهو ما يحاول سلامة أن يتحاشاه لأسباب كثيرة، أقلّها انعدام الثقة بينه وبينهما بعدما غدرا به مراراً عندما سعى إلى تنظيف الوسخ الظاهر بين عامي 1999 و2006 من دون أن يضطر إلى إحالتهما للمرة الثانية على النيابة العامّة التمييزية بتهمة تبييض الأموال.
فالوثائق الكثيرة الموجودة في ملفي البنكين تظهر بوضوح أن تقارير لجنة الرقابة على المصارف التي يعود تاريخها إلى ما قبل عام 2000 رصدت حركة غير اعتيادية لبنك المدينة في سوق القطع وسجّلت في عام 2000 حصول مخالفات وممارسات غير مصرفية (المقصود جرائم تبييض الأموال)، إلا أن سلامة اختار في أيلول من عام 2000 التحرّك عبر إقناع إدارة البنك بتسوية أوضاعه، وهو ما تعهّد به رئيس مجلس إدارته حينها إبراهيم أبو عيّاش، إلا أن سلامة نفسه يقر بأن أبو عيّاش لم يلتزم بتعهداته، فرُصدت في عام 2001 ممارسات أكثر خطورة ومضاربات على الليرة، ما حمله على إحالة بنك المدينة وبنك الاعتماد المتحد على الهيئة المصرفية العليا التي اكتفت بتعيين مفوض مراقبة لم يمكّن من القيام بمهامه، إذ قدّمت إدارة البنكين إليه وإلى لجنة الرقابة على المصارف ميزانيات مزوّرة... واستمر الحال على هذا المنوال إلى تشرين الأول من عام 2002 عندما أوصت لجنة الرقابة بتعيين مدير مؤقّت لهما تمهيداً لشطبهما عن لائحة المصارف، إلا أن ذلك لم يحصل حتى عُيّن المدير المؤقّت أندريه بندلي في تموز من عام 2003. وهو، أي بندلي، يستمر بهذه المهمّة حتى الآن ويواجه نحو 30 دعوى بتهم مختلفة، منها هدر أموال البنكين.
كل هذه الفترة لم يُتّخذ فيها أي إجراء جذري، ولم يُحَل ملف البنكين فعلياً على النيابة العامّة التمييزية إلا في كانون الثاني 2006، ليتبين أن هناك سرقة ودائع بأكثر من 600 مليون دولار، وعمليات تبييض أموال بمليارات الدولارات عبر شبكة هائلة من المتورطين في كل من السعودية والعراق وسوريا ولبنان.
(الأخبار)

عدد السبت ٢٤ تموز ٢٠١٠
________________________________________
عنوان المصدر:
الاخبار

No comments:

Post a Comment