Tuesday, July 27, 2010

المسيحيون والسنة «يستنجدون» بمرجعياتهم والسفارة الفرنسية تدخل على الخط

تعنايل من دون بلدية على خلفيات طائفية وزحلة تطالب بضمّها
سامر الحسيني
تعنايل :
تشهد بلدة تعنايل الصغيرة بأعداد ناخبيها وسكانها والغنية بمواردها المالية ومنطقتها الصناعية الأكبر في البقاع، عراكاً متصاعداً على خلفيات طائفية. ويشتد العراك
يوماً بعد يوم في ظل ما تشهده البلدة من كباش سياسي وطائفي على المجلس البلدي المؤلف من تسعة اعضاء.
تضم بلدة تعنايل 450 ناخباً من الطائفة السنية، و285 ناخباً من الطوائف المسيحية، و15 ناخباً من الطائفة الشيعية، وعشرة ناخبين من الاقليات المسيحية جلهم من
اللاتين.
منذ العام 2005، وعلى اثر تقديم الاعضاء المنتمين الى الطائفة السنية استقالاتهم بسبب ما وصفوه آنذاك بـ«التركيبة غير العادلة التي فرضت» عليهم، اتخذ محافظ
البقاع القاضي انطوان سليمان قراراً بحل المجلس البلدي واعتباره القائم باعمال البلدية.
منذ عام 2005 وحتى اليوم، لم يكتب النجاح لأي تسوية في إعادة تكوين مجلس بلدي جديد بسبب احتدام الصراع السني – المسيحي على السلطة التنفيذية للمجلس البلدي.
ودفع الخلاف وزارة الداخلية إلى تأجيل الانتخابات البلدية في تعنايل الى اجل غير مسمى، نتيجة اتصالات سياسية ودينية ودبلوماسية، ترافقت مع دخول السفارة الفرنسية
على خط الاتصالات السياسية مع رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء مطالبة بحفظ حقوق المسيحيين في تعنايل.
ولم يُسهم قرار التأجيل في تهدئة الصراع المذهبي والطائفي الذي حقن بجرعة دفع قوية مع قرار بلدية زحلة – المعلقة بضم بلدة تعنايل الى نطاقها البلدي.
في المقابل، اصطدم قرار بلدية زحلة - المعلقة، بالرفض المطلق من قبل العائلات السنية التي قدمت اكثر من عريضة الى البلدية تطالبها بالعودة عن قرارها الذي أصبح
في أدراج وزارة الداخلية. وتنتظر الأخيرة، أي وزارة الداخلية، بدورها تسوية سياسية للتحرك، خصوصاً أن الفريقين قاما بجولات على مراجعهما الدينية. وعليه، قصدت
العائلات المسيحية في تعنايل البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير، وشرحت له استحالة وضع الأراضي والأملاك التابعة للرهبنة المارونية تحت اشراف بلدية «رئيسها
من المجنسين العرب». بدورها استنجدت العائلات السنية بمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، وعرض أفرادها لما أسموه بـ«الغبن» الذي يلحق بهم من جراء
حرمانهم من «حقهم الطبيعي» في الوصول إلى رئاسة البلدية وفق النظام الديموقراطي.
في هذا الوقت، يتمسك طرفا «الصراع» في تعنايل بمواقفهما، وتصرّ العائلات المسيحية على حقها بولاية كاملة في رئاسة المجلس البلدي مع أغلبية في عدد الأعضاء، داعمة
وجهة نظره بلقاءات مع البطريرك الماروني، ومع الوزراء المنتمين الى الطائفة المسيحية، ويجري تعميم معطيات تفيد بنجاحها في فرض قرار التأجيل إلى حين الوصول إلى
تسوية تريدها لمصلحتها واساسها عدم تقاسم رئاسة البلدية مع اي من «العرب المجنسين».
ويعتبر مسيحيو تعنايل «أن البلدة تعرّضت لتغيير ديموغرافي في هويتها الطائفية بفعل اضافة عدد من الناخبين السنة المجنسين من خلال نتائج ومفاعيل قانون التجنيس
الذي صدر في العام 1994، مشيرين إلى أن غالبيتهم من العشائر العربية في سجلات قيد اهالي تعنايل. وينطلق الطرف المسيحي نفسه، في الدفاع عن وجهة نظره، من الإشارة
إلى خصوصية تعنايل التي تضم عدداً من الاراضي والعقارات التابعة للرهبنة اليسوعية وابرزها دير تعنايل، عدا عن املاك للسفارة الفرنسية.
ويعتبر الرئيس السابق للبلدية المحلولة عساف صوايا أن العائلات المسيحية تقوم بتصحيح خطأ ارتكب مع مرسوم التجنيس الذي أضاف إلى سجلات تعنايل مجنسين من لون واحد
يتجاوز عددهم أهالي سكان تعنايل، مشيراً إلى «أن الغالبية الساحقة من هؤلاء المجنسين غير مقيمة في البلدة، ويطالبون بالبلدية ويفتعلون المشاكل».
ويعتبر صوايا أن تحرك العائلات طبيعي ومحق ويهدف إلى المحافظة على خصوصية البلدة «التي أخذت اسمها من دير تعنايل الذي يعد محجاً للبنانيين من مختلف الطوائف
والمناطق، وهو يضم مزاراً لسيدة التعزية».
ويشير صوايا إلى «أن تعنايل أنشئت على اثر جريمة ارتكبت بحق أربعة رهبان يسوعيين قتلوا عام 1860 على أيدي بعض الدروز والسلطنة العثمانية التي عادت وقدمت أرضها
التي كانت آنذاك مستنقعات إلى الدولة الفرنسية كاعتراف بالجريمة التي حصلت بحق الرهبان، وان فرنسا بدورها قدمت الأراضي إلى الرهبنة اليسوعية التي حولت المستنقعات
إلى بلدة زراعية وصناعية هي الأهم في البقاع».
ويعتبر صوايا أن قرار الضم إلى بلدية زحلة المتاخمة لتعنايل قانوني وأنه «على وزير الداخلية الموافقة عليه، خصوصا أن العريضة قدمت من قبل ثلاثة افرقاء في تعنايل
من أصل أربعة».
والفرقاء، وفق صوايا، هم «المؤسسات الاجتماعية والدينية أي الرهبنة اليسوعية والجامعة اليسوعية والمدرسة اليسوعية وجمعية «ارك ان سيل»، والمؤسسات الصناعية والتجارية،
وهم من دافعي القسم الأكبر من الضرائب، بالإضافة إلى عائلات تعنايل الأساسية وهي في غالبيتها مسيحية».
في المقابل، يرفض الطرف السني هذه الأقاويل مؤكداً على وجود العائلات السنية في قيود بلدة تعنايل منذ ما قبل إحصاء 1932، وعلى احتفاظ الكثير من أفرادها بقيود
تحمل رقم واحد واثنين، وفق ما يقول نائب رئيس البلدية المحلولة محمد جمعة. ويؤكد جمعة على رفض كلمة وتعبير «المجنسين العرب»، اذ ان وجودهم في تعنايل منذ العشرينيات،
وهم يحملون الجنسية اللبنانية منذ الثلاثينيات وليس بواسطة القانون الأخير مثلما حصل بعضهم على الجنسية.
بدوره، يعزو رئيس بلدية زحلة – معلقة المهندس جوزف دياب المعلوف قرار المجلس البلدي بضم تعنايل الى زحلة، الى كتب تلقتها بلدية زحلة من اهالي تعنايل تطالب بهذا
الضم، «فاتخذنا قراراً بالإجماع ووافقنا على ضم تعنايل، وقمنا بإرساله وفق الأصول إلى وزارة الداخلية للموافقة عليه، حتى يصبح نافذاً». ويشير المعلوف إلى تلقيه
كتباً من العائلات السنية تطالبه بعدم الموافقة على الضمّ، سيتم البت بها بعد جواب وزارة الداخلية.
ويشكل قرار ضم بلدية تعنايل إلى النطاق البلدي لبلدية زحلة فتيلاً مشتعلاً عند أهالي تعنايل من الطائفة السنية مدعومين بتأييد من «إخوتهم في الدين والطائفة»
من مختلف القرى السنية التي تحيط بمدينة زحلة وتعنايل، وعليه تحولت قضية بلدة تعنايل الى موضوع رئيسي في خطب ائمة المساجد.
في المقابل أجرت العائلات السنية بعض الاتصالات السياسية والدينية التي شملت تيار المستقبل ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني مع تحضير للقاء
في السرايا الحكومية مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري.
ويعتبر جمعة قرار الضم غير قانوني ورسمي خصوصاً انه لم يصدر عن مرجعية شرعية وقانونية من تعنايل، مطالبا وزارة الداخلية برد القرار مع الرفض وتحديد موعد لاجراء
الانتخابات في اسرع وقت مع تأكيده على المناصفة في رئاسة البلدية.
ولم يقتصر موضوع تعنايل عند أهالي تعنايل بل تعداه الى الجوار، خصوصا السني. ويصف رئيس اتحاد بلديات البقاع الاوسط رئيس بلدية قب الياس فياض حيدر قرار بلدية
زحلة بضم تعنايل بالقرار الذي يثير النعرات الطائفية ويهدد العيش المشترك والمناصفة مع الطائفة المسيحية التي تحترمها البلدات السنية في مقابل لا مبالاة في
القرى ذات الغالبية المسيحية.
منذ العام 2005، وتعنايل تنتظر حلاً لمعضلتها من شأنه إنهاء العراك الطائفي، لكن واقع الأمور الحالي يشير الى ان هذا الكباش الطائفي قابل للتوسع والامتداد في
حال بقيت الأمور على حالها.
السفير

No comments:

Post a Comment