Saturday, August 21, 2010

البطريرك الماروني الأول الذي يزور المنطقة منذ 48 عاماً
صفير في دير الأحمر... ودعوات لبقاء المسيحيين في أرضهم

عبد الرحيم شلحة

بعلبك :
شكلت زيارة البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير لابرشية دير الاحمر المارونية مساحة هامة لاهالي قرى منطقة غربي بعلبك المسيحية لان يعبروا عن تعلقهم بكنيستهم
وبأرضهم. وتجلى ذلك بحجم الاستقبالات الشعبية التي أقيمت في البلدات والطرقات التي سلكها البطريرك صفير، وعبر تسليمه مفاتيح القرى والبلدات التي زارها من قبل
رؤساء البلديات.
زيارة صفير للمنطقة هي الاولى لبطريرك ماروني منذ اكثر من 48 عاماً، شهد فيها لبنان الكثير من الاحداث والتطورات التي كانت تستدعي لقاءات عديدة بين قيادات الطوائف
وأبنائها.
ونظراً لأهمية الزيارة الرعوية التاريخية، أعدت أبرشية بعلبك دير الاحمر المارونية برنامجاً حافلاً ومكثفاً. كما عمدت القرى والبلدات والجمعيات والاندية الى
رفع عشرات اقواس النصر وتعليق اليافطات والشعارات المؤيدة لصفير ولمواقفه الوطنية والروحية. وملأت الطرقات والساحات العامة بصور كبيرة له.
ولوحظ حضور كثيف لاهالي المنطقة القاطنين في العاصمة وجبل لبنان أتوا للمشاركة في استقبال صفير في قراهم. ولكن المفارقة ان نسبة المشاركة الاسلامية في استقبالات
صفير كانت دون مستوى الزيارة، حيث سجل غياب كامل للمرجعيات الاسلامية السياسية والدينية وحتى البلديات المجاورة التي كانت تسجل حضوراً في مناسبات أقل من هذه
المناسبة.
وتولت قوات مكثقة للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي اجراءات الامن والحماية للبطريرك على طول الطريق الممتدة من بلدة ايعات غربي بعلبك وصولاً الى الديمان في
قضاء بشري.
فعند الثامنة والنصف صباحاً وصل موكب صفير الى مفترق عيون ارغش آتياً من المقر الصيفي للبطريرك في الديمان حيث استقبله وفد من آل طوق مرحباً به عند بوابة البقاع
المطلة على بلدة الارز من جهة وبلدة عيناتا من جهة اخرى.
ولدى وصول موكب البطريرك الى ضهر القضيب استقبله راعي ابرشية بعلبك المارونية المطران سمعان عطا الله والنائب السابق الدكتور طارق حبشي ومسؤول القوات اللبنانية
في منطقة بعلبك مسعود حبشي. وفي بلدة عيناتا التي وصلها صفير قبل 25 دقيقة من الموعد المقرر، أعدت البلدية استقبالاً مميزاً تقدمه النائب اميل رحمة والمطارنة
شكر الله حرب ورولان ابو جودة وسمعان عطا الله، وملكة جمال لبنان للاغتراب 2010 دانيالا رحمة. وقدمت له فرقة عيناتا الارز لوحات فنية من لعبة السيف والترس.
والقى رئيس البلدية فوزي رحمة كلمة نوّه فيها بزيارة صفير الى المنطقة المحرومة والمهمشة متمنياً ان تساهم هذا الزيارة بانعاش هذه المناطق حتى تساعد على منع
التهجير الى العاصمة.
وبعد ان بارك البطريرك كنيسة مار سركيس وباخوس اكمل مسيرته باتجاه بلدة المشيتية حيث قص شريط الطريق العام للبلدة مباركاً اهالي البلدة.
وفي بلدة بليقة، قدمت فرقة المجد للفنون الشعبية لوحات فنية من وحي الزيارة وازاح الستارة عن لوحة حملت اسمه للساحة الرئيسية للبلدة.
اما الاستقبال المميز للبطريرك صفير، فكان في عاصمة الموارنة في البقاع دير الأحمر، التي زينت ساحاتها وشوارعها وشرفات منازلها بصور عملاقة لصفير وبلافتات من
حزب التضامن وحزب القوات اللبنانية ومركزية مسيحيي الشرق، عبرت عن مواقف التنظيمين المتناقضين. فلافتات حزب التضامن أكدت على ان صفير هو القدوة في العيش بإيمان
والدفاع عن لبنان، والبطريرك عنوان المحبة والحوار. فيما عبرت يافطات القوات اللبنانية عن رفض البطريرك للتهديد والوعيد وأنه لا يساوم على السيادة والحرية والاستقلال
ولم يرضخ يوماً للاحتلال.
عند مدخل دير الأحمر وامام كنيسة مار يوسف رفع صفير الستارة عن لوحة صخرية حملت اسمه على ساحة الكنيسة. ثم جال على سيدات دير الاحمر وهن يعدّن المأكولات الشعبية،
ثم اعتلى سيارة اعدت خصيصاً للزيارة ليتسنى له المشاركة في مسيرة تجاوز طولها الفاً وخمسمئة متر سار فيها الاهالي تحت اشعة شمس حارقة تجاوزت درجاتها الـ 44
درجة.
وعلى الطريق باتجاه كنيسة سيدة البرج، نحرت له الخراف واطلق الحمام الزاجل فرحاً بقدوم البطريرك. كما اطلقت المفرقعات النارية بكثافة لافتة غطت على اجراس الكنائس.
وأمام كنيسة سيدة البرج قدم رئيس بلدية دير الاحمر ميلاد عاقوري مفتاح المدينة للبطريرك. كما قدم له رئيس الرعية الاب ملحم شيت الديراني لوحة تجسد بلدة دير
الأحمر.
وألقى عاقوري كلمة توجّه فيها إلى صفير «راعي لبنان الرسالة المستقاة من الارشاد الرسولي، المنفتح على القريب بتفاعل الهلال والصليب، انه الوحدة الحق بين المسيحيين
والمسلمين والآية الحضارية للعالمين. واضاف ان هذه المنطقة المؤمنة الصامدة المعانية لكل اشكال الحرمان والغبن ما فتئت تقدّم التضحيات على مذبح الشهادة الوطنية
إيماناً بالله والعيش الوطني الواحد.
ورد صفير بكلمة قال فيها «نشكر لكم هذا الاستقبال الحاشد الذي تناديتم لكي تقيموه لنا. ونسأل الله ان يبارككم ويبارك كنائسكم ويبقى دائماً معكم». واضاف: علمنا
ان بعضاً منكم كانوا قد تركوا هذه المدينة ولكنكم عدتم اليها لانكم متمسكون بها ولن تتخلوا عنها وستكون حصنكم الابدي الذي يدافع عنكم وتدافعون عنه.
بعد قص الشريط لافتتاح دار مطرانية الموارنة في دير الاحمر استقبل البطريرك صفير الرسميين ورجال دين وكان في مقدمهم الرئيس حسين الحسيني، النائبان مروان فارس
واميل رحمة، النائبان السابقان نادر سكر وطارق حبشي، قائمقام بعلبك عمر ياسين، مفتي بعلبك الشيخ خالد الصلح على رأس وفد، وعقد خلوة قصيرة مع صفير.
وفي كلمة له باسم نواب بعلبك – الهرمل، أكد رحمة على أهمية الحفاظ على الحرية في وطن تعددي يعكس الوحدة في التنوع والتنوع في الوحدة، مشيراً إلى أن «هذا لا
يكون الا بوحدة المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً». وأضاف: من سواكم يا صاحب النيافة يستطيع ان يشكل الاطار الجامع الذي لا يفرق بين واحد وآخر مهما تباينت
الآراء وتباعدت المواقف».
واكد رحمة أن «أبناء المنطقة الذين عانوا كثيرا من اهمال الدولة واجحافها متمسكين بارضهم وحافظين لايمانهم ومتشبثين بكنيستهم المارونية الانطاكية، على الرغم
من محدودية الامكانات وشظف العيش وشح الموارد وانعدام التنمية المتوازنة».
ورد صفير بكلمة موجزة جدد فيها الشكرعلى حســن الاسقبال واهمية التواصل بين ابناء المنطقة مسلمين ومسيحيين «كي يعود لبنان الى سابق عهده وعزته وكرامته».
كما زار صفير مركز راهبات الصليب في بلدة شليفا، ثم مركز كاريتاس للتصنيع الزراعي للاطلاع على سير العمل به، باعتبار المركز من اجهزة الكنيسة الاجتماعية.
نهاية الجولة كانت في مزار سيدة بشوات، وبعد كلمة لراعي أبرشية بعلبك المارونية المطران سمعان عطا الله، ترأس صفير القداس الاحتفالي على المذبح الخارجي للكنيسة.

السفير

No comments:

Post a Comment