Tuesday, August 24, 2010

الكتائب جمهوريّة سامي ونديم «يحتلّها
يجد سامي نفسه اليوم أمام ظاهرة كتائبية جديدة إسمها نديم الجميل (أرشيف ــ مروان بو حيدر)مع انتخاب باتريك ريشا رئيساً لمصلحة الطلاب في حزب الكتائب، يكتمل نصاب حركة «لبناننا» في قيادة الحزب. «لبناننا» تكاد تحول الحزب إلى حركة، فيما نديم الجميّل يحشد حوله الحلفاء، معلناً في الذكرى الـ28 لانتخاب والده رئيساً أنه الأمين على إرث الكتائب
غسان سعود
حين قرر النائب سامي الجميّل، قبل ثلاث سنوات هجر «لبناننا» ليتفرغ إثر اغتيال شقيقه الوزير بيار الجميّل لإدارة حزب العائلة، رافقه إلى الصيفي أربعة أصدقاء، هم: باتريك ريشا، ألبير كوستانيان، سيرج داغر وإيلي يزبك. هؤلاء لم يجدوا وسط أصدقاء بيار الحانقين والأجساد الهرمة، إلا وجهاً واحداً يضحك لهم، كان وجه وليد فارس الذي أُعيد إلى الحزب في المصالحة الكتائبية ـــــ الكتائبية عام 2005، باعتباره الحاضن للنائب نديم الجميّل.
خلال السنوات الثلاث السابقة، غادر الحزب كثيرون ودخلته قلّة. سامي الذي تنقل بين الأقسام، عاقداً آلاف الاجتماعات، ازداد اقتناعاً بأنه لا أحد في حزب الله والوطن والعائلة يمكن أن يمشي بقربه ويساعده في إدارة الإرث أكثر ممن رافقوه في الأيام الصعبة: كُلف كوستانيان، بعدما سويت أوضاعه وصار كتائبياً بامتياز، إدارة الماكينات الانتخابية للحزب وأعطي الملفات السياسية الحساسة. تسلم داغر الإعلام كله، ونجح في الحدِّ من الانتقادات اليومية لصديقه. عيّن إيلي يزبك، الباشوري الذي يستأجر منزلاً في بلدة عين إبل القريبة من فلسطين المحتلة، رئيس مصلحة العلاقات العامة. أما فارس، الذي نقل كرسيه عن يمين نديم إلى يمين سامي، فعيّن قبل نحو أسبوعين، أميناً عاماً للحزب. يبقى ريشا، الذي خاض يوم الأحد الماضي انتخابات حزبية طالبية للفوز برئاسة مصلحة الطلاب في حزب الكتائب.
المناسبة الأخيرة أظهرت حجم البؤس الشعبي الذي وصل إليه الحزب في عهد سامي. فلوائح الطلاب المنتسبين إلى الكتائب التي ضمت 615 اسماً فقط، بيّنت أن قلة من الكتائبيين مستعدة لتقديم أوراق اعتمادها في الصيفي، فضلاً عن تراجع الالتزام. فبعد دعوة الأمين العام إلى ثلاث حفلات للقَسم في أقل من أسبوع، لم يحضر إلا 33 طالباً وتلميذاً كتائبياً من أصل 120. قبل أن تبين نتائج الانتخابات أن المقترعين لم يتجاوزوا أربعمئة، ولم يحز المرشح المدعوم من القيادة الحزبية أكثر من 270 صوتاً، مقابل 116 صوتاً للمرشح الخاسر الذي خاض المغامرة بمبادرة شخصية. ومن الانتخابات الأخيرة إلى المناطق، يكاد ينحصر الحضور الجدي للحزب في المتن، فحتى هناك لم يستطع سامي استيعاب أصدقاء شقيقه. أما في كسروان وجبيل، فبات الكتائبيون هدفاً أساسياً للقوات اللبنانية التي تنجح باستقطاب بعض هؤلاء عبر عدّة تحفيزية تشمل انتقاد سامي سياسياً ومجموعة خدمات إضافية. ويروي أحد المسؤولين الكتائبيين الكسروانيين في هذا السياق أن القوات تُشغَل باستقطاب الكتائبيين وضمهم إلى صفوفها بدل إتعاب نفسها في استقطاب العونيين أو غيرهم. وبحسب المسؤول الكتائبي، فإن صمود الكتائبيين صعب نتيجة وفرة الخدمات التي تقدمها القوات، مقابل تركيز الكتائب خدماتياً على المتن فقط. والمطلوب، وفق المصدر نفسه، شد عصب الكتائبيين عبر موقف سياسي جازم، لا لبس فيه، يعيد ترسيم الحدود بين القوات والكتائب، من دون أن يعني ذلك فصلاً في المسار والمصير. مع العلم بأن «قيادة القوات لا تستشير الكتائب أبداً في المصير الذي تأخذه إليه»، يتابع الكتائبي العتيق. ومن التنظيم إلى السياسة، لم يشهد حزب الكتائب في تاريخه ضبابية في الموقف السياسي كالذي يشهده في عهد سامي. فبعدما تجاوز الحزب قول الابن والوالد، الأمر ونقيضه، لم يعد أحد من الكتائبيين قادراً على تحديد النقطة التي يقف عليها: مع قوى 14 آذار، ضدها، لا معها ولا ضدها. وبعدما خسر سامي ثقة تيار المستقبل عموماً، والرئيس سعد الحريري خصوصاً، خسر أيضاً ثقة العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية. مع العلم بأن الحريري وعون وفرنجية يواظبون على فتح صفحات جديدة في علاقتهم مع سامي الذي يواظب بدوره على «الخربشة» فوق هذه الصفحات، بحسب مصدر كتائبي «متقاعد».
في موازاة فشل سامي تنظيمياً وسياسياً، كان «ابن العم»، النائب نديم الجميّل، لا يكاد يعمل تنظيمياً وسياسياً كي لا يخطئ. فبعدما أخرج سامي من الحزب الرئيس الكتائبي السابق كريم بقرادوني ومعظم من يملكون حيثية تاريخية، وبعد إقصائه أصدقاء بيار وإعادة تحديده الأدوار لأصدقاء والده، يجد نفسه اليوم أمام ظاهرة كتائبية جديدة في بداية تكوينها اسمها نديم الجميّل. الشيخ الآخر، حدد منذ نحو ثلاث سنوات هدفاً لنفسه: تثبيت حيثيته في منطقة الأشرفية «البداية والنهاية»، أخذ كل وقته في تثبيت قدميه هناك قبل أن ينتقل بهدوء إلى بعض المناطق الأخرى، كسروان مثلاً، ليوطد علاقته بمن يعدّهم كتائبيين فاعلين. وفيما كان رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع يأخذ من درب سامي حيثما استطاع، بادر الحكيم إلى إعطاء نديم حيثما استطاع أيضاً. أما انكماش الرئيس سعد الحريري قبالة سامي فكان يتحول انفتاحاً أمام نديم.
المقربون من نديم تأكدوا أمس ـــــ من مستوى المشاركة المستقبلية والقواتية في الاحتفال الذي أقامته مؤسسة بشير الجميّل في الجامعة اليسوعية في الذكرى الـ28 لانتخاب بشير رئيساً ـــــ أن نديم يمثّل أولية في حزب الكتائب بالنسبة إلى الحريري وجعجع. وبحسب أحد هؤلاء المقربين، فإن عيني الرئيس الجميّل اللتين كانتا تدوران في القاعة أمس متفحصتين الوجوه، كانتا متأكدتين أن تجربة «لبناننا» في حزب الكتائب عابرة: «حزب بشير الجميّل سيرثه ابن بشير أم ابن أمين؟».

عدد الثلاثاء ٢٤ آب ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment