Saturday, August 21, 2010

هيئة الحوار: «عديسة» نموذج ... والجيش والمقاومة أساس الاستراتيجية
سـليمان: وضـع قـانـون برنامـج للتسـليـح .. بـري: لإبعـاد المقـاومـة عـن النـزاع الداخـلي
رعـد يرفض «خطة» جعجع .. وجنبلاط يخشى إثارة الأزمات .. وفرنجية يربط السـلاح بالسلام

شكل التبدل المناخي وارتفاع الحرارة إلى درجات غير مسبوقة، هماً أول لدى اللبنانيين، الذين يرزحون تحت موجة حر ستبلغ ذروتها اليوم وتلامس الأربعين درجة مئوية
على الساحل والمرتفعات. وبحسب مراكز الأرصاد الجوية فإن السخونة في الطقس ستستمر حتى أواسط الأسبوع المقبل، مع ما يرافقها من أضرار في القطاع الزراعي، ومن تفاقم
في أزمة الكهرباء التي ترافقت مع تحركات احتجاجية على انقطاع التيار في العديد من المناطق اللبنانية، حيث ردّ وزير الطاقة والمياه جبران باسيل أسباب الانقطاع
إلى زيادة الطلب على الكهرباء والتعديات على الشبكة والجباة.
على أن سخونة الطقس لم تنسحب على المشهد السياسي العام، الذي ما يزال مضبوطا على إيقاع الهدنة السياسية غير المعلنة المفروضة على محاور السجال حول مستجدات التحقيق
الدولي، والقرائن التي أعلنها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله وباتت في عهدة القضاء اللبناني ومنه إلى المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار،
فيما بدأ الحزب عمليا العد التنازلي لموعد انتهاء مهمة وزير العدل إبراهيم نجار في تكوين ملف «شهود الزور» وإحالته إلى مجلس الوزراء. ودعا نائب الأمين العام
لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم القضاء اللبناني إلى متابعة قرائن اتهام إسرائيل، ومحاكمة شهود الزور ومن هم وراءهم «وهذه مسؤولية الحكومة اللبنانية».
ووسط أجواء الهدنة انعقدت هيئة الحوار الوطني في القصر الرئاسي الصيفي في بيت الدين، وشكل الاعتداء الإسرائيلي في عديسة وتصدي الجيش اللبناني لجنود العدو، قاعدة
النقاش الذي كان هادئا نسبيا، والذي خلص إلى بيان تقليدي مستوحى من كلمة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في بداية الجلسة، وتضمن تأكيدا على أهمية الوفاق الوطني
وترسيخ الاستقرار السياسي والأمني والالتزام بالقرارات التي سبق أن توافق عليها أقطاب الحوار، ولا سيما ما يتعلق بالسلاح الفلسطيني غير الشرعي خارج المخيمات،
والاستمرار في نهج التهدئة الإعلامية والسياسية، وعلى المضي في الحملة الوطنية الهادفة لتأكيد حق عودة الفلسطينيين ورفض التوطين، وحددت هيئة الحوار التاسع عشر
من تشرين الأول المقبل موعداً لجلسة جديدة في القصر الجمهوري في بعبدا.
ولم تقارب هيئة الحوار ملف التحقيق الدولي وما يتصل بقرائن السيد نصر الله وشهود الزور، وبدا جلياً أن وقائع الجلسة سارت على وقع الاختلاف الجوهري الذي يحكم
نظرة أطراف الحوار إلى المقاومة وسلاحها والاستراتيجية الدفاعية، وجاءت مداخلة الرئيس فؤاد السنيورة المقتضبة والتي عاد وحمّل فيها «حزب الله» مسؤولية إشعال
الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006 ، لتشكل جبهة اعتراضية من الرئيس نبيه بري، ومن النائب طلال أرسلان ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط
الذي أكد أن إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة لشن عدوان على لبنان، ونبه إلى أن «غاية الغباء أن نثير أزمات داخلية فيما نحن مستهدفون»، أما رئيس كتلة الوفاء للمقاومة
النائب محمد رعد فقد استذكر موقف الحكومة اللبنانية التي كان يرأسها السنيورة آنذاك وقال: هل إن حماية لبنان تكون بكشفه أمام العدوان الإسرائيلي، وهل هكذا يقدّر
دور من يقوم بالدفاع عن لبنان وحمايته؟
وشهدت الجلسة محطة اختلاف واضحة، بعدما قدم رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع ورقة وصفها بـ«الخطة المرحلية»، ارتكز فيها إلى حادثة العديسة
وضمنها اقتراحا بتعزيز الوحدات العسكرية الموجودة في الجنوب بوحدات خفيفة للقتال الخاص من مغاوير وقوى مجوقلة وبعض أفواج التدخل، يتراوح عديدها بين ثلاثة وأربعة
آلاف مقاتل، وأن يتم نشرها داخل المدن. على أن تكون الإمرة العملانية للدفاع عن لبنان كلياً بيد الجيش اللبناني، وفي المقابل يضع حزب الله مجموعاته وأسلحته
بإمرة الجيش...
وردّ النائب رعد على جعجع مؤكداً «أن تلك الخطة لا تخدم هدف الدفاع، بل هي محاولة لإيجاد حل مؤقت لوجود حزب الله في الجنوب»، فيما قال أرسلان «إن مهمتنا ليست
البحث في طريقة التخلي عن المقاومة بل البحث في تعزيز وضعنا الدفاعي والاستفادة من قدرات المقاومة». وفي السياق ذاته نبّه النائب فرنجية إلى أن البعض لم يستفد
من تجارب الماضي وما يزال يسعى إلى أزمة، وقال: لا أحد يستطيع أن ينزع سلاح حزب الله بالقوة، والطريق الوحيد إلى ذلك هو الوصول إلى حل شامل وعادل في المنطقة،
ونحن نرى أن الحل يكمن في وضع سلاح المقاومة في موقعه الطبيعي في مواجهة إسرائيل ودعم هذه المقاومة، وأنا أقول إنه قبل أن يتحقق السلام العادل والشامل لن نرتاح
ولن تقوم دولة في لبنان، لذلك علينا أن نتفاهم مع بعضنا لأن أحداً لا يستطيع أن يسيطر على البلد وحده.
وبدوره أكد الرئيس بري على مثلث الجيش والشعب والمقاومة، مشيداً بصمود الجيش في حادثة العديسة التي قال إنها اختصرت نشاط هيئة الحوار منذ العام 2006 وهي قالت
بشكل واضح وميداني ما هي الاستراتيجية الدفاعية.
وقال بري: إن المطلوب اليوم هو حماية المقاومة التي أصبحت حاجة للوطن وللجيش، والأهم أن حماية المقاومة تكون بإبعادها عن أي نزاع داخلي.
وأضاف بري إن هناك أموراً إذا ما قمنا بها كمسؤولين يمكن أن نلمّ شمل اللبنانيين، وفي طليعتها الكهرباء والإنماء، وخلص إلى التأكيد على ثلاث مسلمات: تكامل الجيش
والشعب والمقاومة، وحماية المقاومة، وتأمين مصالح اللبنانيين.
وقد لفت انتباه المتحاورين موقف الرئيس ميشال سليمان الذي تصدى لأي تشكيك بالمقاومة، وأشار إلى أن الجيش في العديسة نفذ قراراً سياسياً حيث قام بتنفيذ دوره
الأساس، وقال إن الأمر الجيد هو أن المقاومة وضعت نفسها بتصرف الجيش. وهذا أمر يؤسس بحد ذاته إلى استراتيجية دفاعية. وشدّد على المضي في السعي لتسليح الجيش
اللبناني مقترحا وضع قانون برنامج بهذا الخصوص، واعتبر أن الخرق الإسرائيلي بات فاضحاً وهو خرق عملاني وليس سياحة، ورأى وجوب أن يطرح موضوع الخروقات والعملاء
بطريقة ما في المدارس.
إسرائيل تطلب إبعاد ضابط لبناني
من جهة ثانية، أكد مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة «معاريف» أن إسرائيل طلبت من الأمم المتحدة العمل على إبعاد الضابط اللبناني الذي كان مسؤولاً عن
إطلاق النار في العديسة. وجاء هذا التأكيد على خلفية اللقاء الذي جرى أمس الأول بين مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى لبنان مايكل ويليامز ونائب وزير الخارجية
الإسرائيلي داني أيالون. وكان أيالون قد شدّد في هذا اللقاء على أهمية المحافظة على الخط الأزرق وحق إسرائيل في العمل جنوبه.
وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن أيالون شدد أمام ويليامز على الخطورة التي تنظر بها إسرائيل لاشتباك العديسة، وقال إنه «محظور على الأسرة الدولية التسامح مع
أي محاولة لتشويش الخط الأزرق».
من جانبها أشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيجدد في تقريره لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع الإشارة إلى تحقيقات «دللت على
أن لبنان كان البادئ بإطلاق النار في اشتباك العديسة».
ومن المقرر أن يعرض هذا التقرير تمهيدا للنقاش الذي سيجري في مجلس الأمن حول تمديد تفويض القوات الدولية في الجنوب اللبناني في 24 آب الجاري لعام آخر. كما أن
إسرائيل «تتطلع لتوسيع تفويض القوات الدولية وإلزام الجنرال الأسباني ألبرتو أساراتا بالعمل بحزم أكبر في الجنوب اللبناني وخصوصا داخل القرى». وأشارت «هآرتس»
إلى أن فرنسا أيضا معنية بتوسيع تفويض القوات الدولية بحيث تغدو أكثر حزما في العمل.
السفير

No comments:

Post a Comment