Tuesday, August 24, 2010

رضوخ سلطة رام الله يعزز الانقسام الفلسطيني
نتنياهو يكرّر شروط التفاوض ويتجاهل الاستيطان:
دولة منزوعة السيادة ... ترتيبات أمنية ... وإنكار حق العودة

استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإعلان الأميركي عن استئناف المفاوضات المباشرة في الثاني من أيلول المقبل، من موقع المنتصر، حيث جدد طرح شروطه
لـ«إنجاح» هذه المفاوضات عبر الاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية والمطالبة بدولة فلسطينية منزوعة السيادة والسلاح، وترتيبات أمنية تكرّس احتلال أجزاء من الضفة
العربية، رافضاً أي حل لقضية اللاجئين خارج نطاق الدولة الفلسطينية، ومتجاهلاً الدعوات لوقف الاستيطان، في وقت بدا أن رضوخ سلطة رام الله للضغوط الغربية، قبل
الحصول على الضمانات الكفيلة بكبح الممارسات الإسرائيلية العدوانية، قد انعكس سلبا على الوضع الداخلي، بما في ذلك ملف المصالحة الوطنية.
وفي أول تصريحات منذ قبلت إسرائيل والسلطة الفلسطينية دعوة الولايات المتحدة واللجنة الرباعية لاستئناف المحادثات المباشرة الجمعة الماضي، قال نتنياهو، خلال
الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس، إن إسرائيل «ستذهب إلى هذه المفاوضات وسط رغبة حقيقية بالتوصل إلى اتفاق سلام بين شعبين، ولكن مع الحفاظ على مصالحنا القومية،
وخصوصاً في ما يتعلق بالجانب الأمني».
واعتبر نتنياهو أن «التوصل إلى اتفاق سلام بيننا وبين السلطة الفلسطينية سيكون أمراً صعباً، ولكنه ممكن». وأضاف «أعلم أن ثمة شكوكاً بعد 17 عاماً على بدء عملية
أوسلو، وهي شكوك يمكن فهمها، غير أننا سنفاجئ المنتقدين والمشككين. ولكن لكي ننجح في ذلك، ينبغي علينا أن نجد شريكاً فلسطينياً حقيقياً... وفي حال وجدنا هذا
الشريك سنكون قادرين على التوصل بسرعة إلى اتفاق سلام تاريخي».
وحدد نتنياهو الشروط الإسرائيلية لاتفاق مع الفلسطينيين، وهي «أولاً، ترتيبات أمنية حقيقية ودائمة على الأرض. وثانياً، الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب
اليهودي، ما يعني أن مطلب (حق) العودة (للاجئين) سينفذ ضمن إطار الدولة الفلسطينية. وثالثاً، إنهاء الصراع». وأضاف «نحن نناقش اتفاق سلام بين إسرائيل ودولة
فلسطينية منزوعة السلاح»، لافتاً إلى أن «هذه الدولة، في حال أقيمت بعد انتهاء هذه المسيرة، يجب أن تعمل على إنهاء الصراع وليس الإسهام في استمراره».
وفيما لم يتطرق نتنياهو إلى طبيعة تلك «الترتيبات الأمنية»، نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن مصادر سياسية أن «إسرائيل
ستطالب ببقاء غور الأردن وقمم الجبال المطلة عليه تحت سيطرتها لضمان مراقبة المجال الجوي الإسرائيلي، والتأكد من عدم تهريب وسائل قتالية وتسلل مخربين إلى أراضي
الدولة الفلسطينية المستقبلية، كما ستطالب بأن تكون هذه الدولة منزوعة السلاح، وبأن تستخدم الوسائل القتالية التي ستحصل عليها لأعمال قوات الشرطة فقط، على أن
يحظر عليها عقد اتفاقات أمنية مع أطراف ثالثة من دون موافقة إسرائيل».
وفي حين تجاهل نتنياهو الحديث عن حجر عثرة يحتمل أن يظهر لدى بدء المحادثات في واشنطن، وهو أن قرار التجميد الجزئي للاستيطان سينتهي في السادس والعشرين من أيلول
المقبل، أي بعد ثلاثة أسابيع من بدء المفاوضات، أطلق الصقور، سواء داخل الحكومة الإسرائيلية أو في حزب الليكود، تحذيراتهم من مغبة التضييق على البناء الاستيطاني.

وقال داني ديان، وهو أحد قادة المستوطنين، إنّ على نتنياهو أن يتوقع ضغوطاً سياسية في إسرائيل إذا قرر التضييق على بناء المستوطنات، موضحاً أنه «إذا أراد نتنياهو
تمديد قرار التجميد رسميا أو بشكل غير رسمي، فسنستخدم كل قوتنا السياسية في البرلمان، وفي النظام السياسي، وفي المجتمع الإسرائيلي لإبطاله»، فيما اعتبر الوزير
عوزي لانداو (من حزب «إسرائيل بيتنا») أنه «عندما يكون الحديث عن مفاوضات غير مشروطة، لا يمكن لأحد أن يقبل بشرط استمرار تجميد الاستيطان».
من جهته، اعتبر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أنّ إسرائيل «تقف على عتبة عهد جديد» مع قرب انطلاق المفاوضات المباشرة، لافتاً إلى أنّ «الكثيرين لم يكونوا يصدقون
أننا سنصل الى هذه اللحظة»، لكنه أقرّ بأن «الوضع ليس بسيطاً، فلكل طرف توقعاته، وليس من السهولة بمكان ردم الفجوات».
وعلى الجانب الفلسطيني، قال كبير المفاوضين صائب عريقات إنّ ما صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعكس رغبته في «فرض الإملاءات وليس التفاوض». وأضاف «إذا أراد
نتنياهو الدخول في مفاوضات، فعليه أن يدرك أن هذه الشروط لن تكون مقبولة».
وشدد عريقات على أنّ الفلسطينيين سينسحبون من المحادثات الجديدة في حال أعلنت حكومة نتنياهو عن بناء استيطاني جديد، مشيراً إلى أنّ الرئيس محمود عباس بعث برسالة
بهذا المعنى للجنة الرباعية.
وكانت وكالة الأنباء الفلسطينية («وفا») ذكرت أنّ عباس وجه رسائل إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف، والأمين العام للأمم المتحدة
بان كي مون، والممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، أكد فيها على ضرورة «الالتزام بالمرجعيات التي حددتها قرارات مجلس الأمن والجمعية
العامة ذات العلاقة وخارطة الطريق، ومبادرة السلام العربية، ومبادئ مؤتمر مدريد، وبجدول أعمال المحادثات المباشرة الذي يشمل القدس والحدود والاستيطان واللاجئين
والأمن والمياه والإفراج عن المعتقلين ضمن سقف زمني لا يتجاوز 12 شهراً».
من جهتها أعربت الجامعة العربية عن «قلقها البالغ» من التفسير الإسرائيلي لأسس المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، واعتبار أنها ستستأنف «من دون شروط مسبقة»،
معتبرة أنّ من شأن هذا التفسير أن يؤدي إلى «الدخول مرة أخرى في دائرة مفرغة من المفاوضات التي لا تحقق الهدف المطلوب».
من جهة ثانية، بدا أنّ رضوخ السلطة الفلسطينية للضغوط الدولية في ما يتعلق بالمفاوضات، كان له أثر سلبي على الوضع الداخلي الفلسطيني، حيث ألغت حركة حماس اجتماعاً،
كان مقرراً مساء السبت في مدينة غزة، مع وفد من حركة فتح لبحث سبل تحقيق المصالحة. وقال القيادي في حركة حماس صلاح البردويل إن قرار حماس «يأتي احتجاجا على
موافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على استئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل».
ووصفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين موافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، بأنها «طعنة» للعمل المشترك
في مؤسسات المنظمة، فيما اعتبرت الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين أن هذا القرار يعد «مسا خطيرا بموقف الإجماع الوطني».
وفي القاهرة، ذكرت وسائل إعلام رسمية أن الرئيس المصري حسني مبارك قبل دعوة من الولايات المتحدة لحضور إطلاق المحادثات المباشرة، فيما أعلن مصدر في الديوان
الملكي الأردني أنّ الملك عبد الله الثاني سيقوم في بداية أيلول المقبل بزيارة للولايات المتحدة تلبية لدعوة من الرئيس الأميركي باراك أوباما للمشاركة في افتتاح
المفاوضات المباشرة.
(«السفير»، أ ف ب، رويترز، أب، د ب أ، يو بي أي، أ ش أ)
السفير

No comments:

Post a Comment