Tuesday, August 24, 2010

سامي ونديم الجميل أكثر من «قوات»:
صراع سلطة... وتكرار لتجربة بشير وأمين

مارون ناصيف

على الرغم من أن الخلاف بين النائبين الكتائبيين سامي ونديم الجميل لم يخرج الى العلن ولو لمرة واحدة، الا ان المحيطين بهما لا يخفيان أن نجل الرئيس الراحل بشير
الجميل لا يتفق مع إبن عمه «على المسلكية الحزبية» التي ينتهجها نائب المتن، كما يطاول هذا التفاوت بين الشابين أيضاً، الخطوط السياسية العريضة، وهذا ما أثبتته
الوقائع التي تعود الى الماضي القريب.
في 11 تشرين الثاني من العام الماضي، غصّ البيت المركزي الكتائبي في الصيفي بأعضاء المكتب السياسي والحشود الطالبية المستنكرة، وكانت المناسبة يومها، إجتماع
طارئ لحسم الموقف الكتائبي من المشاركة في حكومة الرئيس سعد الحريري فقط عبر القبول بعرض وزارة الشؤون الإجتماعية.
يومها اعتبر الحزب أنه تعرض لاستخفاف بحقه وحصل تنكر لتمثيله الواسع، فطالب بـ«قيادة عليا مصغرة لقوى 14 آذار على أن تحصر القرارات السياسية بهذه الأخيرة»،
معلناً شبه طلاقه مع حلفائه السابقين. خلال هذا الإجتماع الشهير شارك النائب نديم الجميل وهو يضع على كتفيه الوشاح الأحمر والأبيض الذي يرمز الى «ثورة الأرز»
وحركة 14 آذار، الأمر الذي أثار بلبلة وامتعاضاً داخل البيت المركزي عموماً، وعند عائلة الرئيس أمين الجميل خصوصاً.
وفي 26 تموز من العام الماضي، غاب نديم عن الغداء ـ المصالحة الذي جمع الرئيس الجميّل ونوّاباً من حزبه إلى رئيس «تيار المرده» النائب سليمان فرنجيّة وأسرته
في بكفيا. ونقل عنه يومها أنه يعترض على أي خطوة كتائبية تجاه سوريا، ويشمل هذا الإعتراض تجاوز الآليّات الحزبيّة من بعض المسؤولين في الكتائب، غامزاً من قناة
ابن عمه الذي رتّب بمفرده اللقاء مع الزعيم الزغرتاوي.
المحطة التمايزية التالية بين الشابين، برزت في غياب سامي عن لقاء قوى 14 آذار في البريستول الذي عقد العام الحالي، فحضر ابن عمه نديم، كاشفاً عن صراع بينهما
حيال تحالفات الحزب، إذ يسعى الأول الى انفتاح على بعض الأخصام، لا سيما المسيحيون منهم، فيما الثاني يتحفظ على ذلك، فاضطر نائب الأشرفيه يومها الى توضيح موقفه
مشدداً على أن «حضوره لا يمثل حزب الكتائب ولا رئيس الحزب ولا حتى النائب ايلي ماروني».
ولا أحد ينسى كيف انسحب نديم، قبل أن يلقي سامي كلمته في الخلوة التنظيمية التي عقدها الحزب في 11 نيسان الماضي في «الفوروم دو بيروت» ما فسّره الكتائبيون كإشارة
إلى أن نديم يسمع الكلمة السياسية التي يلقيها رئيس الحزب ويترك النقاش في القضايا الإدارية للخلوة؟
آخر ما شهده الكتائبيون على صعيد مطبات هذه العلاقة بين «الجميليين»، سُجّل في تموز الماضي، يوم خرق نديم المشاورات التنسيقية العونية ـ الكتائبية بين الرباعي
النيابي ابراهيم كنعان، آلان عون، سامي الجميل وسامر سعاده، فزار رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب ووصف من هناك رئيس «تكتل التغيير
والإصلاح» العماد ميشال عون بـ«المخبر الصغير لدى الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله والرئيس السوري بشار الأسد»، وتزامن ذلك مع وصف النائب القواتي
أنطوان زهرا للعماد عون بـ«المحرض».
وفي الوقت الذي تستغرب فيه أوساط النائب سامي الجميل كل هذه الممارسات التي يقوم بها نديم، معتبرة أن «اجتماعات المكتب السياسي هي المكان الأنسب للتعبير عن
أي اعتراض حزبي»، تصف أوساط ابن عمه السلوك الحزبي لسامي والصلاحيات المطلقة المعطاة له من قبل والده بـ«الحالة الحزبية غير السليمة». وتسأل: من يحاسب سامي
على مخالفته علانيةً في خلوة الفوروم المادتين 34 و40 من النظام العام اللتين تنصّان على أن «المكتب السياسي يتخذ القرارات والمبادرات السياسية التي تقتضيها
أحوال الحزب والبلاد»؟ وكيف يفسر تحدّث سامي في هذا الاحتفال، علماً أنه عضو في المكتب السياسي لكونه نائباً، مثله مثل سامر سعادة وإيلي ماروني ونديم الجميل
وفادي الهبر، وبالتالي ليست لديه أية صفة تخوّله الكلام؟
وتضيف أوساط نائب الكتائب في الأشرفيه «إن سامي هو منسق اللجنة المركزية وليس رئيسها، وتنحصر بالتالي مهماته في التنسيق الإداري بين مكوّناتها فقط».
وفي حين يعتبر قيادي كتائبي قديم أن «نظرة سامي الانفتاحية حتى على الأخصام السياسيين تنبع من حرصه على استمرار مسيرة الحزب خصوصاً بعدما تعرض الأخير لأكثر
من طعنة من قبل حلفائه السابقين في قوى 14 آذار»، يرى القيادي المذكور أن العلاقة التي تربط نديم بسمير جعجع ينطلق فيها نجل بشير من قناعته بأن جمهور الكتائب
لا يمكن أن يتقبل فكرة الإنفتاح على القواعد العونية، لا بل أكثر من ذلك بكثير يرفض التحاور مع «تيار المردة» وبالتالي يجب المحافظة دائماً على «القوات اللبنانية»
كحليف استراتيجي.
أما نجل رئيس الكتائب فيملك مقاربة نقيضة للعلاقة مع «القوات» وهو يشعر أن مشروع سمير جعجع الاستراتيجي هو ابتلاع حزب الكتائب بعدما عجز عن مصادرة الحزب «شرعيا»،
ولذلك يعتبر سامي أن من مصلحة الحزب التمايز عن جعجع من جهة والانفتاح على العونيين من جهة ثانية، لكن مع الحفاظ على مضمون الخطاب المسيحي المتشدد، حتى لا يعطى
جعجع أي مبرر سياسي لمحاولة سحب البساط من تحت قدميه. وهو يأمل أن يتفهم «التيار الوطني الحر» مقاربته والا اذا تناغم معهم فانه لا يكون بمقدوره أن يشكل أية
اضافة نوعية خاصة في ظل انشداد الوسط الشبابي المسيحي الصاعد والفتي للخطاب المتطرف.
يريد سامي الجميل أيضا أن يبقى ممسكاً بزمام أمور القيادة حتى تحين ساعة التسليم والتسلم، وبالتأكيد فأن نائب الأشرفية سيبقى يؤدي داخل الحزب دور المعارض انطلاقاً
من اقتناعه بـ«ديموقراطية العمل»، لتصحيح «الأخطاء»، الأمر الذي يشير الى أن الاختلاف بينه وبين ابن عمه مرشح للتصاعد أكثر فأكثر وذلك في تكرار للعلاقة التي
كانت قائمة بين والديهما بشير وأمين الجميل.
مارون ناصيف
السفير

No comments:

Post a Comment