Saturday, August 21, 2010

هل من تغيير حكومي؟ الحريري لا يجيب
عبد الكافي الصمد
علّوش: التغيير الحكومي لن يؤثّر على المحكمة الدولية (أرشيف ــ هيثم الموسوي)ما صحة الإشارات والتلميحات التي أطلقت عن قرب حصول تبديل حكومي يتزامن مع مجيء رئيس جديد للحكومة بعد إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري أو تنحّيه، نتيجة عدم رغبته في مواجهة تداعيات المرحلة المقبلة التي يرجّح البعض أنها ستكون مضطربة بعد أن تصدر المحكمة الدولية قرارها الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟
هذا السؤال كان الشغل الشاغل للأوساط السياسية والإعلامية في البلاد في الأيام الماضية، إلى درجة أن البعض ذهب به الخيال إلى حد رسم «سيناريوات» مختلفة حول الآليات والظروف التي سيحصل عبرها هذا «الانقلاب» في المشهد السياسي العام، إلى جانب وضعه مواعيد زمنية محددة لهذا التغيير المرتقب.
نقطة الارتكاز في الاستناد إلى هذا الاحتمال كانت في «نصيحة» رئيس تيار التوحيد وئام وهاب، يوم الأحد الماضي، الحريري «بالاستقالة والذهاب لمدة سنة حتى تتحسن الأوضاع، ويعود بعدها لأن لا مشكلة معه ولديه شرعية في الطائفة السنية»، ما عدّه البعض إشارة ورغبة سورية في هذا الاتجاه.
وما أسهم في إحداث دعوة وهاب «خضة» هو تسميته الوزيرين محمد الصفدي وعدنان القصار كـ«رئيسين» بديلين من الحريري، أضيف إليه موقف لافت للنائب أحمد كرامي، المقرب من الرئيس نجيب ميقاتي، بإعلانه أنه «إذا كانت الظروف تقتضي تسلّم ميقاتي أو الصفدي رئاسة الحكومة، فلا شك في أن مصلحة البلد تتقدم على كل شيء»، وإنْ حرص على التأكيد أن الحريري «معه الأكثرية النيابية، وهو يقرّر إذا أراد ترك رئاسة الحكومة أو البقاء».
توسّع رقعة التداول بالموضوع دفع عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، مصطفى علوش، إلى التنبيه من أنه «في حال سقوط الحكومة فسيدخل البلد في دوامة الفراغ». وأوضح لـ«الأخبار» أن الحراك السياسي الأخير المتزامن مع حديث عن تغيير قريب للحكومة هو «حراك موحى به»، معتبراً أنه في «جزء منه رغبة من بعض الأطراف في تولي المسؤولية، وهذا حقهم الطبيعي، وجزء منه للإيحاء بأن البلد ذاهب إلى فترة عدم استقرار».
بقاء الحريري أو تنحّيه يحتاج إلى طرح الثقة بالحكومة، فهل هذا التوجّه متوافر؟
علوش الذي أكد أنه «ليس هناك أي توجه أو قرار داخل تيار المستقبل في هذا السياق، وأنه لم يناقش أو يبحث فيه نهائياً في أوساطنا»، رأى أن «ما يُحكى في بقية الأوساط هو تحليلات وأمنيات، لأنه عملياً لا معطيات تقول إن هناك توجهاً لإحداث تغيير حكومي أو ما شابه». ولفت إلى أن الحريري «لم يصرح لأحد برغبته في التنحي أو التخلي عن مسؤوليته في الوقت الراهن»، ورادّاً السبب في صمت رئيس الحكومة في عدم تطرقه للقضايا الداخلية ـــــ الخلافية، وعلى رأسها المحكمة الدولية، إلى «الحفاظ على الاستقرار»، لأن الحريري يعتبر بنظر علوش أن «إدخال المحكمة في السجال الداخلي أمر لا طائل منه، ومحاولة استباقية من أجل التهديد بالتخريب، والوصول مسبقاً إلى سيناريوات تؤدي إلى عدم الاستقرار في البلد».
ومع أن أسماءً كثيرة طرحت في بازار التداول السياسي والإعلامي لـ«وراثة» الحريري في رئاسة الحكومة، يسأل علوش: «إلى أين سيؤدي أي تغيير حكومي قد يحصل، هل سيغير المعطيات الدولية أو المتعلقة بالمحكمة الدولية. إذا كان هذا هو الهدف فإن خطوة كهذه لن تغيرها؟».
وينفي علوش وجود «رغبة لدى الحريري في التنحي من أجل عدم مواجهة تداعيات القرار الاتهامي في المرحلة المقبلة»، راداً السبب في أن الدولة «ملتزمة بالمحكمة وملزمة بها في الوقت نفسه»، معتبراً أن «بقاء الحريري أو تنحيه عن سدة رئاسة الحكومة يحتاج إلى طرح الثقة بالحكومة، فهل هذا التوجه متوافر اليوم؟».
وتشير مصادر سياسية مطلعة لـ«الأخبار» إلى أن «قرائن» الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله «أدّت إلى تأجيل صدور القرار الاتهامي، على الأرجح، حتى ربيع عام 2011، نتيجة المسعى السعودي ـــــ السوري المشترك، وهو أمر تجاوب معه الحريري الذي تمسّك مقابله بعدم وضع خريطة طريق له لما يجب عليه قوله وفعله مع حزب الله الذي أبدى تحفظاً شديداً في هذا المجال». وتؤكد المصادر أن «تأجيل صدور القرار الاتهامي سيؤجل بدوره كل الملفات، ولم يعد مطلوباً في هذه الحالة تغيير الحكومة، إلا إذا حصل تطور دراماتيكي ما لا تبدو ملامحه واردة في المستقبل القريب». وهو أمر دفع المصادر إلى التساؤل: «إذا كانت المنطقة ستشهد في الأشهر المقبلة تهيئة أجواء تمهد لبدء مفاوضات أميركية ـــــ إيرانية وسورية ـــــ إسرائيلية، مباشرة أو غير مباشرة، والوضع الإقليمي مقبل على انفراجات معينة، فلماذا ينفجر الوضع الداخلي في لبنان؟».
وتفسر المصادر صمت الحريري وعدم تناوله المحكمة الدولية وقرائن نصر الله، بأن «زعيم المستقبل يعاني من صراع أجنحة حاد داخل تياره برز على نحو لافت في المؤتمر التأسيسي للتيار، وهو أمر يعدّه محكّاً حاسماً له وأحدث لديه إرباكاً كبيراً، ما جعل بعض الشخصيات السياسية السنية تظن أن «طبخة» التغيير الحكومي باتت على نار حامية، فحصل ما يشبه سباق غير ظاهر بين بعضها في الآونة الأخيرة بهدف الوصول إلى السرايا الكبيرة».
لكن المصادر المذكورة تنقل عن بعض الطامحين في تسلم الدفة الحكومية من الحريري موقفين متناقضين، الأول يرى أن «الفرصة سانحة أمامنا لإحداث تغيير سياسي كبير في البلاد يخرجها من النفق الذي دخلته قبل أكثر من 5 سنوات»، بينما يشير الثاني إلى أن «تسلم منصب الرئاسة الثالثة في هذه المرحلة يعدّ انتحاراً سياسياً، ونهاية الحياة السياسية لمن سيتلقّف كرة النار الحكومية الآن».

الاخبار
عدد السبت 21 آب 2010

No comments:

Post a Comment