Saturday, August 21, 2010

إيران دخلت عصر الطاقة النووية مع تدشين محطة بوشهر
تطمينات روسية وواشنطن لا ترى فيها مخاطر للاستخدام العسكري

من اليسار رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية علي اكبر صالحي، ورئيس الوكالة الروسية للطاقة النووية "روساتوم" سيرغي كيريينكو بعد تشغيل محطة بوشهر. (أ ب)
على رغم عقود من التأخير وفي ظل العقوبات الدولية والشكوك المحيطة بالسعي الى تصنيع السلاح النووي، أبرزت ايران جانباً من قدرتها على تخطي هذه العقبات بالانضمام رسمياً الى النادي النووي السلمي عبر تدشين محطة بوشهر النووية لانتاج الطاقة الكهربائية بمساعدة روسية، بالتوازي مع تأثيرها الاقليمي المتنامي. واذا كانت واشنطن رأت في تدشين المحطة النووية الايرانية الاولى دليلاً على عدم حاجة ايران الى تخصيب الاورانيوم بنفسها، فإن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد توعد برد "يشمل الكرة الارضية" إذا تعرضت ايران للهجوم.
ويمثل تزويد المحطة الوقود حجر الزاوية على طريق استخدام إيران التكنولوجيا التي تقول إنها ستقلل من استهلاك وقودها الاحفوري الوفير، مما سيسمح لها بتصدير المزيد من النفط والغاز والاستعداد لليوم الذي ستنضب فيه هذه الثروات الطبيعية. وعلى رغم أن معظم المحللين النوويين يقولون إن بوشهر لا تضيف شيئاً إلى مخاطر الانتشار النووي، فإن العديد من الدول يساورها قلق عميق بسبب تخصيب إيران للأورانيوم.
وبث التلفزيون الإيراني لقطات على الهواء مباشرة لنائب الرئيس الايراني علي اكبر صالحي وسيرغي كيريينكو رئيس الوكالة النووية الروسية (روساتوم) التي تولت ادارة بناء المحطة وهما يتابعان إعداد مجموعة من قضبان الوقود لادخالها في المفاعل القريب من مدينة بوشهر المطلة على الخليج.
صالحي
وقال صالحي في مؤتمر صحافي مشترك مع كيريينكو: "على رغم كل الضغوط والعقوبات والصعاب التي فرضتها دول غربية، نشهد الآن بدء تشغيل أكبر رمز لأنشطة إيران النووية السلمية". واعتبر "انه رمز لمقاومة الامة الايرانية وتصميمها على بلوغ اهدافها"، مشيداً بروسيا لإتمام مشروع بدأته المانيا قبل 35 عاماً وتخللته تأخيرات.
ورفض اقتراحات أميركية قالت إن ضمانات روسية بإمداد إيران بالوقود النووي تعني أن الجمهورية الاسلامية ليست في حاجة الى التخصيب لنفسها، لكنه قال إن بلاده "ليست في عجلة" من أمرها لبناء عشرة مواقع جديدة للتخصيب، علماً أنه قال في وقت سابق إن بناء المواقع الجديدة سيبدأ بحلول آذار.
وعن عزم إيران على الاستمرار في تخصيب الاورانيوم، أضاف: "لا يتعارض هذا إطلاقاً مع اتفاقنا مع الروس... نعتزم فقط أن نري المجتمع الدولي أننا نملك القدرة على إمداد أنفسنا بالوقود في حال حدوث أي أمر غير متوقع". وقال: "لا ننوي تحويل كل الأورانيوم الذي نملكه الى اورانيوم مخصب بنسبة 20 في المئة".
وذكَر أن ايران تنوي بناء مصنع تخصيب ثالث قد "يشغل السنة المقبلة (بعد السنة الايرانية الجديدة في آذار 2011) في حال قرر الرئيس (محمود احمدي) نجاد ذلك ...لكن ليس هناك أي قرار نهائي بعد ... نتقدم ببطء وصبر" في شأن هذه المسألة التي تشكل احدى نقاط الخلاف الرئيسية مع الاسرة الدولية. واعلن ان ايران وقعت اتفاقاً مع روسيا لشراء "ما تحتاج اليه" من النظائر المشعة. واضاف ان مفاعل طهران سينتج مثل هذه النظائر.

كيريينكو
أما كيريينكو فأكد "الطابع الدولي" للمحطة الموضوعة تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي شارك فيها "اكثر من عشرة دول بما فيها دول اوروبية وآسيوية" لم يسمها. وقال: "يقدم بناء المفاعل النووي في بوشهر مثالاً واضحاً على أن أي دولة يجب أن تحظى بفرصة الاستفادة من الاستخدام السلمي للذرة ما دامت قد التزمت التعهدات الدولية القائمة، وكان هناك تواصل فعال ومنفتح لها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ومعلوم ان روسيا أقنعت مجلس الامن باستثناء محطة بوشهر من الحظر الدولي على نقل أي معدات او تكنولوجيا نووية الى ايران، وذلك عبر قطعها تعهداً بتزويد المحطة الوقود النووي واعادته اثر استخدامه لخفض مخاطر انتشار البلوتونيوم الموجود في البقايا النووية الذي يمكن ان يستخدم في انتاج السلاح النووي.
وستبقى المحطة لسنوات تحت الرقابة المشتركة للتقنيين الروس والايرانيين، وبررت موسكو هذا الوضع بضرورة تدريب اختصاصيين ايرانيين.
واستناداً الى المنظمة الايرانية للطاقة الذرية فإنه يفترض ان ينتهي تحميل 163 من قضبان الوقود التي سلمتها روسيا في قلب المفاعل في 5 ايلول. ثم سيتطلب الامر نحو شهرين لربط المحطة التي طاقتها الف ميغاواط بشبكة التيار الكهربائي في نهاية تشرين الاول او بداية تشرين الثاني.

الوكالة الدولية
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتخذ فيينا مقراً لها ان الوكالة عاينت مفاعل بوشهر بانتظام. وقال الناطق باسم الوكالة ايهان افرينسل: "تتخذ الوكالة اجراءات التحقق المناسبة وفق نظمها الراسخة للضمانات".
احمدي نجاد
في غضون ذلك، توعد احمدي نجاد في مقابلة مع صحيفة "الشرق" القطرية برد "شديد وقاس" وبخيارات "تشمل الكرة الارضية"، اذا تعرضت ايران لهجوم.
واكد رداً على سؤال عن احتمال توجيه ضربة لايران ان "الخيارات ليست لها حدود ... وتشمل الكرة الارضية". واضاف: "اتصور ان هناك من يفكر في ضربة ضد ايران وخصوصاً الكيان الصهيوني، وهم يعرفون ان ايران هي ذلك الجدار الصلب، وانا لا اتصور أن اسيادهم في اميركا سيسمحون لهم بأن يفعلوا مثل هذا" الامر.
وأكد قائلاً: "لسنا قلقين من هجوم أحد. نحن مستعدون وهم يعرفون كيف ستكون ردة فعلنا ... هم يعرفون ان الصفعة الايرانية ستكون شديدة وقاسية والكيان الصهيوني خارج المعادلة". وأمل في تحريك المبادرة البرازيلية - التركية لتبادل الاورانيوم المخصب.
وفي مقابلة مع قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية قال أحمدي نجاد ان ايران في حاجة الى 20 محطة على غرار بوشهر. واستبعد توجيه ضربة اسرائيلية للمحطة.
واشنطن
• في واشنطن، صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية داربي هولاداي ان تسليم روسيا ايران الوقود اللازم لتشغيل هذا المفاعل الواقع في بوشهر في جنوب ايران "يؤكد ان ايران ليست في حاجة الى امتلاك قدرات خاصة بالتخصيب لو كانت نياتها سلمية". وأضاف: "ان مفاعل بوشهر مخصص لتوفير طاقة نووية ذات استخدام مدني، ولا ننظر اليه على انه يحمل مخاطر انتشار" للسلاح النووي لأنه "سيكون خاضعاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولأن روسيا هي التي تؤمن الوقود الخاص به وتستعيده بعد استخدامه".
وبعد ان ذكر ان هذا الحل هو الذي قدمته الولايات المتحدة لايران، اوضح ان هذا الامر لا يعفي النظام الايراني من "مسؤولياته الاكبر" حيال الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي السياق عينه، اعتبرت فرنسا ان بدء عمل بوشهر يظهر ان ايران لم تكن في حاجة الى تخصيب الاورانيوم للحصول على الطاقة النووية المدنية ودعتها الى تعليق "انشطتها الحساسة".
كما دعت بريطانيا ايران الى التفاوض مع المجتمع الدولي في شأن برنامجها النووي.
قلق كويتي
وفي الكويت، نقلت صحيفة "السياسة" عن مصدر حكومي رفيع المستوى "ان الكويت تبدي تخوفها الكبير من تشغيل المفاعل الإيراني وما يترتب على ذلك من مخاطر استهدافه وفق أكثر التوقعات العالمية وما يترتب على ذلك من مخاطر وكوارث تلحق بالكويت والدول الخليجية الأخرى القريبة من المفاعل النووي الإيراني، خصوصاً أن المفاعل الإيراني لا يبعد أكثر من 80 كيلومترا عن الحدود الكويتية".

No comments:

Post a Comment