Thursday, August 26, 2010

عمّار وفاكهاني ينزعان السياسة عن حادث أبو حيدر... ومخاوف من تجدده
هل دخل طرف ثالث على خط النار بين «الأحباش» و«حزب الله»؟

عمار نعمة

يثير الاشتباك المفاجئ والدامي، أمس الاول، في برج ابي حيدر بين «جمعية المشاريع» (الأحباش) و«حزب الله»، تساؤلات حول سبب هذا التطور الدراماتيكي للأمور بينهما
وبلوغها ذلك الحد بين تنظيمين يفترض انهما ينتميان الى الخط نفسه... سياسياً!

لم يكن ما حصل الحادث الاول من نوعه وان تميزت الحوادث السابقة بمحدوديتها في المنطقة حيث التداخل الديموغرافي في أوجه، وبينما يشدد الطرفان على «فردية ما حدث»،
يغمز البعض من مسافة ربما باتت تمثل فجوة في العلاقة بين قاعدة «الأحباش»، وليس القيادة، و«الحلفاء» في المعارضة، «بدأت ارهاصاتها بالظهور منذ سنوات، وتحديداً
خلال الاعتصام الذي أقامته المعارضة في وسط بيروت في أواخر العام 2006، مرورا بأحداث ايار 2008، وصولا الى الاحتقان المذهبي المستمر والكامن مع كل تطور جديد
مرشح لهز الاستقرار الهش في البلاد»، حسب المتابعين.

على ان ما حصل امس الاول قد فاجأ كثيرين، حتى ان المتابعين للعلاقة بين الحزب و«الأحباش» لا يخفون دهشتهم مما حصل، برغم ان العلاقة بين التنظيمين ما زالت متينة.
والواقع ان ثمة رغبة واضحة بينهما لـ«لملمة» الموضوع و«تجاوزه» مع التشديد على «فردية الحادث»، لكن من دون توافر أية ضمانة لعدم تكراره في المستقبل وحتى تطوره،
في ظل تساؤلات من قبل المتابعين حول تدخل طرف ثالث على الخط، منذ اللحظات الاولى للاشتباك قرب مسجد «الأحباش»، في برج أبو حيدر. وتؤكد مصادر الجانبين ان ما
حصل بعيد عن السياسة، مثلما تشدد على ان انفلات الامور لا يمكن ربطه بالتوتر المذهبي المستمر، خاصة في بيروت.

بالنسبة الى «حزب الله»، فإن الرغبة بالتهدئة وتجاوز ما حصل تبدو واضحة، اذ ان عضو المجلس السياسي للحزب الشيخ عبد المجيد عمّار، لا يعتبر ان التطور الدراماتيكي
للامور يؤشر الى ثغرة ما في العلاقة مع «المشاريع»، فالتواصل مستمر والعلاقة طبيعية وتجارب العمل النقابي والاختياري كانت ناجحة في ظل التنسيق الممتاز بين الجانبين،
كما ان سرعة تطويق ذيول الحادث تؤشر الى عمق العلاقة بين «حزب الله» و«المشاريع»، حسب عمّار.

ويلفت الحزب الانتباه الى ان أي اشكال في الداخل مع التنظيم الحليف سيضر بالطرفين كما بالمقاومة، وهو الأمر الذي يشدد عليه أيضاً المسؤول الاعلامي لجمعية المشاريع
الشيخ عبد القادر فاكهاني، الذي يؤكد انصباب الجهود على عدم تكرار ما حدث مستقبلا، مع التركيز على اهمية «الوعي» المشترك لدى قواعد الجانبين بأن تطور الأمور
سـلباً سيضر بـ«خط المقاومة».. وبالبلاد.

لكن الاجابة عن السؤال حول سبب تطور الامور وامتدادها، جزئياً، الى مناطق اخرى، تبقى قاصرة عن تفسير ما حصل، وتشير مصادر متابعة للاحداث الى ان الاشتباك، الذي
بدأ على مستوى الأيدي والقبضات، سرعان ما تطور اطلاقا للنار أدى الى سقوط القتيل الاول للحزب، والامر اللافت للانتباه، تمثل في دفق النيران الكبير على المنطقة
المحيطة بالمسجد ومن اكثر من اتجاه. ويقول هؤلاء ان اطلاق الرصاص العشوائي ومن دون التركيز على هدف معين، لم يتوقف حتى أثناء الاجتماع الذي كان يعقد بين ممثلي
الطرفين والجيش في مديرية المخابرات في بيروت. كما ان الامر لم يقتصر على منطقة الاشتباك، بل تعداها الى أحياء اخرى، كما حصل في النويري لكن خاصة في محلة المزرعة
قرب مركز «الديوان»، حيث لوحظ استهداف المكان والطرفين على حد سواء، وهو الأمر الذي تكرر أيضاً في رأس النبع والمحيط وهذه المرة عبر اطلاق النار عشوائيا في
الهواء بهدف التوتير.

على ان الحزب والمشاريع يشددان على دقة المرحلة بهدف التدليل على اهمية مواجهة أي محاولة للنيل من «الاستقرار الهش» داخليا ذلك أن لبنان يواجه استحقاقات بالغة
الأهمية يحتل رأس قائمتها الصدور المرتقب للقرار الظني في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ويقول الشيخ عمّار ان الناس باتت تخشى تكرار ما حدث ودخول اطراف متضررة من أي تقارب داخلي، ومن المصالحات، بهدف إرجاع الامور الى الوراء، وهو معطى يدركه الحزب
كما «الأحباش»، خاصة في ظل وعي الطرفين ان لا امكان للحؤول دون حدوث اشكالات فردية مسلحة على الارض، لكن مع التأكيد ان لا فرصة لمثل تلك التطورات في تعكير السلم
الاهلي، اذ ان «مثل تلك الحوادث لا يمكن التعويل عليها ولا يمكن إلغاؤها» على حد تعبير عمّار.

وبينما يوافق فاكهاني على عدم تحميل الأمور اكثر مما يجب، فإنه يشدد على خطورة المرحلة «وقد اكدنا كثيرا مع الاخوان في الحزب على رفع الغطاء عن كل من يخل بالأمن»،
ولكن ما الحل لتجنب ما هو أسوأ في المستقبل؟ يجيب المسؤول في «المشاريع»: الأمر الأهم هو التشديد على التوعية، اذ ان أي حادث فردي مرشح للتطور كما حصل، ولذلك
علينا الحذر من أطراف تحاول استغلال ما حدث في سبيل مآربها الخاصة.

وكان من الملاحظ ان البلاد تعرضت لكم هائل من الاشاعات والتحليلات في ساعات الاشتباك وما بعده، وبينما راجت اشاعات عن طلب الحزب تسليم مطلق النار من «الأحباش»،
تنفي مصادر الجانبين ذلك، ويقول فاكهاني ان الجيش يقوم بالتحقيق «ولا غطاء فوق رأس أحد، وبالنسبة إلينا فإن إطلاق النيران تم من جهة واحدة علينا، ولكننا لا
نريد الحديث عمّا حصل ونفضل تجاوزه».

ينفي عمّار وفاكهاني صفة «السياسة» عن «الحادث»، مثلما ينزعان الطابع المذهبي عن تطور الأمور، أما «الضمانة» لعدم حدوث الأسوأ في المستقبل، فإنها تبقى محل سؤال
وجهد اللجنة المشتركة بين الجانبين، لكن الاهم الرعاية الاقليمية لعلاقة يبدو انها باتت هشة بين قواعد الطرفين وربما أوسع منهما مذهبيا.
السفير

No comments:

Post a Comment