Wednesday, November 24, 2010

الكوريتان: نزاع «الشقيقين» بالمدفعية

تحوّلت مناورات أجرتها كوريا الجنوبية في جزيرة على الحدود مع جارتها الشمالية أمس، إلى شرارة اشعلت تبادلاً عنيفاً لنيران المدفعية بين الطرفين، ما أسفر عن
مقتل جنديين جنوبيين وإصابة حوالى 20، ما اثار مخاوف فورية من اندلاع حرب بين «الشقيقين اللدودين»، وهو ما دفع بكين وواشنطن الى التعامل بحذر شديد مع هذا التدهور
الذي من شأنه هز منطقة شرق آسيا برمتها.
وبينما توقف القصف، اعتبرت واشنطن التي تنشر آلافاً من جنودها في كوريا الجنوبية، أنه من المبكر الحديث عن تدخل عسكري، ملقية اللوم على بيونغ يانغ في بدء الاعتداءات
ومعلنة أنها تسعى «لردّ موحد ومدروس»، حرصت الصين على إصدار موقف محايد دعا الكوريتين إلى المزيد من «الجهد لإقرار السلام» وذكرت قناة «يونهاب» الكورية الجنوبية،
ان ما لا يقل عن 200 قذيفة مدفعية من الجانب الكوري الشمالي سقطت على يونبيونغ التي تقع قبالة الساحل الغربي لشبه الجزيرة المقسمة قرب حدود بحرية متنازع عليها.
وسقطت معظم القذائف في قاعدة عسكرية للجيش الكوري الجنوبي هناك. واظهرت اللقطات المصورة الواردة من الجزيرة لا تبعد سوى 120 كيلومتراَ الى الغرب من سيول، اعمدة
الدخان وهي تتصاعد من المباني. وقتل جنديان واصيب 17 كما اصيب ثلاثة مدنيين، فيما ردت سيول على القصف المدفعــي بإطــلاق نيران المدفعية وارسال طائرة مقاتلة
إلى المنطقة.
وجاء في بيان صادر عن القيادة العليا للجيش الكوري الشمالي ان «العدو الكوري الجنوبي ورغم تحذيراتنا المتكررة ارتكب استفزازات عسكرية متهورة عبر اطلاق قذائف
مدفعية على اراضينا البحرية قرب جزيرة يونبيونغ»، واضاف البيان الذي اوردته وكالة الانباء الكورية الشمالية الرسمية ان الجيش الكوري الشمالي «اتخذ إجراء عسكرياً
قوياً على الفور، وسيواصل شن هجمات عسكرية بدون هوادة او تردد اذا تجرأ العدو الكوري الجنوبي على اجتياح اراضينا البحرية بملم واحد».
وتابع البيان الشمالي «انه ردنا العسكري التقليدي لصد اعمال استفزازية بشكل صاعق لا هوادة فيه». واضاف البيان انه في البحر الغربي (البحر الاصفر) «سيكون هناك
الحدود البحرية التي نرسمها نحن فقط». لكن سيول أكدت أنها كانت تجري تدريبات عسكرية مقررة سلفاً في المنطقة وأنها اطلقت النار باتجاه الغرب لا الشمال.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك الذي يتبع سياسة متشددة ازاء الشطر الشمالي منذ توليه الرئاسة قبل نحو ثلاث سنوات إن الهجوم على مدنيين لا يغتفر وان
اي اعتداء آخر من جانب بيونغ يانغ سيقابل بعقاب شديد. لكنه لم يشر الى ان بلاده سترد بالمزيد من الهجمات قائلاً إن «سيول ترد بشكل محسوب لمنع خروج الامور عن
السيطرة».
وفي واشنطن، اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر ان الولايات المتحدة تأمل برد «مدروس وموحد» للمجتمع الدولي على كوريا الشمالية. وقال «سنعمل
على رد مع الصين، مع جميع شركائنا» في المفاوضات السداسية التي تجري مع كوريا الشمالية. واضاف «سيكون رداً مدروساً وموحداً»، فيما قال المتحدث باسم البيت الابيض
روبرت غيبس إن «الولايات المتحدة تدين بشدة هذا الهجوم وتدعو كوريا الشمالية الى وقف عملها العدائي واحترام بنود اتفاق الهدنة في شكل كامل»، مشدداً على ان واشنطن
تلتزم «الدفاع عن حليفها» كوريا الجنوبية.
من جهته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض بيل بيرتون إن الرئيس الاميركي باراك أوباما سيتصل هاتفياً بنظيره الكوري الجنوبي لي ميونغ باك. وأضاف أن أوباما يعتقد
أن «بيونغ يانغ لا تلتزم بتعهداتها». وهناك نحو 28 ألف جندي أميركي في كوريا الجنوبية وتواجه قواتهما المشتركة ما يقدر بمليون جندي كوري شمالي يشكلون أحد اكبر
الجيوش النظامية في العالم.
واعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ديفيد لابان، «حتى الآن، من السابق لاوانه القول اننا نفكر في اي عمل». واضاف «اننا نراقب الوضع ونتباحث
مع حلفائنا»، فيما قال المبعوث الاميركي الرفيع بشأن كوريا الشمالية ستيفن بوسوورث الموجود في الصين لإجراء محادثات، ان جميع الاطراف اتفقت على وجوب ضبط النفس.
وقال للصحافيين في بكين «وجهة نظر كل منا ان مثل هذا الصراع غير مرغوب فيه جداً وابديت لهم رغبة في ان تمارس كل الاطراف ضبط النفس واعتقد اننا متفقون بشأن ذلك».

وحرصت الصين على عدم الوقوف مع طرف على حساب آخر داعية الكوريتين الى «بذل مزيد من الجهد لإقرار السلام»، فيما أمر رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان وزراءه بأن
«يكونوا مستعدين» لـ«التعامل بقوة مع اي احتمال»، وذلك بعد اجتماع عاجل للحكومة.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي للصحافيين ان مجلس الامن سيدعو الى اجتماع طارئ خلال يوم او يومين بشأن كوريا الشمالية التي فرض المجلس عليها عقوبات اقتصادية شديدة
لإجرائها اختبارات صاروخية ونووية من قبل، فيما وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تصعيد التوتر بأنه «خطر عظيم». وقال لافروف للصحافيين خلال زيارة لمينسك
عاصمة روسيا البيضاء «هناك ضرورة لوقف فوري لكل الضربات. هناك خطر عظيم يجب تلافيه. التوتر في المنطقة آخذ في التصاعد». وأضاف لافروف «من بدأ هذا يتحمّل مسؤولية
كبيرة. ما يحدث يحتاج مشاورات».
كما ادان الأمين العام للامم المتحدة، بان كي مون «الهجوم» الكوري الشمالي، ودعا الى «ضبط النفس»، مبدياً «قلقه الشديد» حيال التوتر في هذه المنطقة.
وتسببت أنباء القصف المتبادل بين الكوريتين في انخفاض سعر الوون الكوري الجنوبي في الأسواق العالمية حيث انخفض الوون اربعة في المئة في إحدى مراحل تداول التعاملات
الآجلة مسجلا ادنى مستوى له في شهر. وارتفعت عقود الخزانة الاميركية لاجل عشر سنوات وانخفض الين الياباني. وقال البنك المركزي الكوري الجنوبي بعد اجتماع عاجل
لمجلس ادارته إنه يعتزم التعاون مع الحكومة في اتخاذ اجراءات لتحقيق استقرار السوق إذا دعت الحاجة. ويتوقع كثير من المتعاملين ان تهبط الاسواق بدرجة اكبر مع
بدء التداول اليوم. لكن محللين قالوا إن الهجوم لن يتصاعد على الارجح الى مواجهة عسكرية أخطر، وبالتالي ستكون اي خسائر للاســواق موقتة. ولم يكن لاستفزازات
سابقة من جانب بيونغ يانغ سوى تأثير سلبي عابر على الاسواق الكورية الجنوبية.
(أ ف ب، أ ب، رويترز)
24-11-2010
السفير

No comments:

Post a Comment