Sunday, December 26, 2010

صديـــق داغـــان اختـــفى
منذ أمد غير بعيد، يجري الحديث في الأوساط السياسية والأمنية عن أسباب مغادرة الأمين العام السابق لحزب الكتائب وليد فارس، لبنان نهائياً إلى فرنسا. أطلِقَت شائعات كثيرة عن ذلك، ووصل الأمر إلى حد القول إنه «فرّ» من لبنان.
داخل القيادة الكتائبية، ينفي الجميع ما يُشاع، يوضع سفر فارس إلى باريس، في تشرين الأول الماضي، في إطار علاجي وحسب. يُقال في البيت المركزي بالصيفي إنّ فارس مصاب بمشكلة صحيّة في قلبه، وإنه صار بحاجة إلى عناية خاصة غير متوافرة في لبنان. وبعض الكتائبيّين البارزين يقولون إنّ الرفيق وليد، الذي عُين أميناً عاماً للحزب قبل نحو شهرين من مغادرته البلاد واستقالته من منصبه، اكتشف أنه مصاب بمرض عضال، ما دفعه إلى التوجه نحو الأم الحنون، للحصول على الرعاية الصحية اللازمة.
أضافت مصادر كتائبية إنّ فارس عانى ضغوطاً في عمله الحزبي، «تزامنت مع الشائعات التي طاولته، كمقرّب من سامي الجميل، محمّلةً إياه مسؤولية إبعاد فريق الوزير الشهيد بيار الجميل ومعارضي سامي، عن المراكز الرئيسية في الحزب».
مغادرة فارس شبه نهائية، والدليل على ذلك أنّ حزب الكتائب قَبِلَ استقالته وعيّن بديلاً منه في الأمانة العامة، هو ميشال خوري.
بالتأكيد، تقول مصادر كتائبية مطّلعة، مغادرة فارس ليست مرتبطة بشؤون داخلية كتائبية، فالرجل كان «ضابط ارتباط» رئيسيّاً بين الجميل الأب والجميل الابن داخل الحزب. صحيح أنه كان من أبرز المروّجين لأفكار سامي «التقسيمية» على المستوى الوطني العام، وخاصةً في المؤتمر الحزبي الذي عُقِد عام 2007، إلا أنه في الوقت عينه كان من أكثر الكتائبيين تبنّياً لنظرة الرئيس الجميل إلى شؤون الحزب وكيفية إدارته.
الشائعات التي لاحقت وليد فارس وصلت إلى حد القول إنه كان قيد متابعة من جهاز أمني رسمي، وإنّ جهازاً آخر دخل على الخط لتنبيه القيادة الكتائبية إلى هذا الشأن، ما أدى إلى «تحييده». وتقول الشائعة ذاتها، إنّ متابعة فارس كانت بسبب الاشتباه في وجود صلات له بشخصيات إسرائيلية. ينفي الكتائبيون هذه الشائعة جملةً وتفصيلاً، ويحصرون أسباب مغادرته بالشأن الصحي، سائلين عن سبب السماح له بالسفر إذا كان لهذه الشائعة أيّ أساس صحيح. يضيفون: هل كان حزب الله وحلفاؤه سيسكتون عن ذلك؟ وهل كان الجنرال ميشال عون سيرمي هذه الورقة التي كانت ستوفّر له أسباب الهجوم الذي يقيه السهام التي أُطلقت نحوه بعد توقيف العميد المتقاعد فايز كرم، بتهمة التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية؟
مرجع أمني بارز يكرر كلاماً غير بعيد عن مقولة الكتائبيين. يقول إنه «لم تتوافر أيّ شبهات ملموسة، لا استعلامية ولا تقنية، بشأن وجود صلات حالية لفارس بالاستخبارات الإسرائيلية»، ثم يستدرك قائلاً: «لكن فارس كان قيد المتابعة الأمنية، لسبب رئيسي، وهو صلته السابقة مع رئيس الموساد الإسرائيليّ مئير داغان». أضف إلى ذلك أن معلومات توافرت لجهاز أمني عن تباهيه أمام عدد من أصدقائه بصلته السابقة بمئير داغان. ففارس كان أبرز ضابط ارتباط بين بشير الجميل والاستخبارات الإسرائيلية، وكان يقابله في الطرف الآخر مئير داغان، الذي رأس الموساد الإسرائيلي منذ عام 2002، ويمضي حالياً آخر أيامه في رئاسه الجهاز الاستخباري الشهير.
العلاقة بين فارس وداغان تعود إلى عام 1982، عندما كان داغان مسؤولاً عن وحدة الارتباط في لبنان، وأنشأ جهازاً استخبارياً شبيهاً بوحدة المصادر البشرية في الاستخبارات الإسرائيلية. وداغان، هو أحد مؤسسي ميليشيا العملاء التي أطلق عليها الإسرائيليون اسم «جيش لبنان الجنوبي». وتجزم مصادر كتائبية بأن الصلة بين داغان وفارس انقطعت منذ أكثر من عقدين، وأنها لم تتجدد عندما عاد داغان إلى الضوء عام 2002.
كُل ما يُحكى يبقى إذاً من نسج تحليل غير مبنيّ على وقائع، سوى الصلة السابقة بين فارس وداغان. وقد حاولت «الأخبار» الاتصال بفارس في باريس، إلا أنه لم يجب على الاتصالات الهاتفية.
(الأخبار)
العدد ١٣٠٠ الاثنين ٢٧ كانون الأول ٢٠١٠

No comments:

Post a Comment