Sunday, December 26, 2010

«مـع إحـالـة ملـف شـهود الـزور إلـى المجلـس العـدلي ... شـرط التـوافق»
«أرفـض البطـولات الوهـميـة ... وأنـا أقـرّر وجهـة أصـوات وزرائـي جميـعاً»
سليمان يصارح «السفير»: أتجنّب التصويت لحماية الداخل والتسوية

عماد مرمل

تحول «الخيار التوافقي» الى ما يشبه الجمرة في كف رئيس الجمهورية ميشال سليمان. ومع ذلك، فهو ما زال يُمسك بها، مراهنا على ولادة التسوية الكبرى قريبا، وعندها
يُفترض ان تتبدل وظيفة هذه الجمرة، فتصبح مصدرا للدفء بدلا من أن تُسبب حروقا سياسية لحاملها.
ولعل ملف شهود الزور شكل أصعب الاختبارات التي واجهت «عقيدة» التوافق التي يتسلح بها سليمان، في ظل إصراره، حتى إشعار آخر، على رفض التصويت في مجلس الوزراء
على مطلب المعارضة بإحالة هذا الملف الى المجلس العدلي، بعد تعذر التوصل حتى الآن الى صيغة توافقية بشأنه.
في حديث الى «السفير»، يدافع سليمان بقوة عن سلوكه، مقدما كل الحيثيات التي تفسره، ومنتفضا على كل الاتهامات والانتقادات الموجهة اليه، وكأنه قرر ان ينتقل من
الدفاع الى الهجوم.. فماذا يقول رئيس الجمهورية؟
ردا على متهميه بأنه يمتنع عن طرح ملف شهود الزور على التصويت تجنبا للإحراج في حسم موقفه، أجاب سليمان: ما هذا الكلام.. أنا لست محرجا على الإطلاق. وليكن معلوما
انني أستطيع ان أتحكم بطريقة تصويت الوزراء الخمسة ضمن كتلتي، تبعا لما تتطلبه المصلحة العامة، وبالتالي فأنا من يقرر ما إذا كان المطلوب ان تصب أصواتهم كلها
في اتجاه واحد او ان تتوزع في أكثر من اتجاه.
وتابع: حقيقة الامر انني لا أريد ان أحرج البلد ولا ان أحرج الآخرين،
بمن فيهم أولئك الذين يستسهلون المطالبة بالتصويت من دون تقدير تداعياته السلبية، علما ان الدعوة الى التصويت هي أسهل الخيارات بالنسبة إلي على المستوى الشخصي،
ولكنها الاكثر كلفة على الصعيد الوطني إذا جاءت في التوقيت الخاطئ، ولذا أنا متمسك بطرحي العقلاني والتوافقي لانه يحمي الجميع، وحتى أولئك الذين يرفضون إصراري
عليه.
ونبه الى انه لا يجوز تجاهل المناخ السائد في البلد والذي يجعل من أي انقسام او فرز يتخذ طابعا مذهبيا، «وعليه، فأنا لا أريد ان أتسبب من خلال التصويت بفرز
من هذا النوع، يوحي وكـأن بعض الوزراء يصوتون الى جانب رئيس الحكومة السني والبعض الآخر يصوت الى جانب الفريق الشيعي».
وأضاف: أنا أبرع من صاغ المحاور ودخل فيها، ولكن هل هذا هو المطلوب في هذا الوقت، وهل يحتاج البلد الى المزيد منها؟ في لبنان، يشكل الانحياز او التطرف أسهل
الدروب المؤدية الى حصد الشعبية، لأنك تضمن على الاقل ان نصف اللبنانيين سيصفقون لك ويهتفون باسمك، ولكن ماذا بعد ذلك؟ وهل هذا هو دور رئيس الجمهورية؟
وشدد سليمان على ان لا مشكلة لديه في إحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي، «والمهم ان يحظى أي قرار بالتوافق، لأن صدوره تحت وطأة الانقسام سيؤدي الى عكس
ما هو مرتجى منه، وسيعالج مشكلة ليتسبب بمشكلة أخرى وربما أكبر»، مشيرا الى ان أهم الحلول تصبح سيئة إذا كانت موضع انقسام، وأسخف الحلول تصبح جيدة إذا كانت
موضع توافق وطني، «ولذلك، فإن أي صيغة لمعالجة ملف شهود الزور، بما فيها التي طرحتها أنا، يجب ان تحظى بالتفاهم حتى تؤدي الغرض منها».
وتساءل: ماذا يريد المتربصون شرا بلبنان غير تفتيت البلد ورؤية مجلس الوزراء ينقسم بشكل حاد؟ في المقابل، من واجبي كرئيس للجمهورية المحافظة على وحدة الحكومة
ومنع تشظيها، وصولا الى تأمين الشروط الضرورية لمواجهة استحقاق القرار الاتهامي والمحكمة الدولية، بأكبر قدر ممكن من التماسك الداخلي، وانطلاقا من هذه الثوابت
لن أكون سببا بانقسام مجلس الوزراء.
وأشار رئيس الجمهورية الى انه متى توصل الى قناعة بأن التوافق بات متعذرا ومستحيلا وأن أبوابه قد أقفلت بالفعل، فهو سيعتمد حينها خيار التصويت، «أما وانني لم
أتوصل بعد الى هذه القناعة، فلن الجأ الى هذا الخيار وذلك من أجل حماية المسعى السوري ـ السعودي ومن أجل حماية الفريقين اللذين يتكون منهما مجلس الوزراء، لأن
مسؤوليتي الوطنية تقتضي مني مواكبة الجهد المبذول لبلوغ التسوية المنشودة لا التشويش عليه او الإضرار به، من خلال دعسات ناقصة او قرارات انفعالية»، لافتا الانتباه
الى ان روحية الدستور تقوم على الوفاق أولا وثانيا.
وتوجه سليمان الى منتقديه بالقول: يجب ان يدرك الذين يزايدون عليّ في الدستور والتصويت، انني أدرى منهم بالمعطيات والوقائع الموجودة في الداخل والخارج وأنني
أعلم منهم بما يجري على صعيد المسعى السوري - السعودي الذي وُضع حجر الاساس له خلال القمة الثلاثية في قصر بعبدا.
وتابع: أنا لا أقبل ان يتحكم بي وبقراراتي أحد، ولا أقبل ان يحدد لي أحد متى أدعو الى التصويت ومتى أتجنبه، ولا أرتضي ان يحدد لي أحد مهلا زمنية كأن يقال ان
أمامي جلسة او اثنتين لتأمين التوافق ثم عليّ ان أدعو الى التصويت.. ان الدعوة الى التصويت هي من صلاحيات رئيس الجمهورية، وأنا الاقدر على اختيار التوقيت المناسب
لاستخدام هذا الحق، وأرفض ان يعطيني أي شخص او فريق دروسا في الدستور والاصول.
وأضاف: لا يتوهمن أحد انني لست قادرا على اتخاذ قرار حاسم عندما أجد ان اتخاذه بات ضروريا لضمان المصلحة العليا وليس للقيام ببطولات وهمية. ولأنني أدرك ان موقف
الرئاسة هو شديد الاهمية، أتعامل معه بمسؤولية كبرى وبما يستحقه من عناية وحكمة.
وأكد سليمان انه ينظر بتفاؤل الى العام المقبل، مشددا على ان تفاؤله هذا ليس نظريا بل هو مبني على معطيات يملكها، متوقعا نضوج التسوية الكبرى في مطلع العام
المقبل،» مع الاشارة الى ان عام 2010 لم يكن سيئا، وهذا ما يدل عليه العديد من المؤشرات الايجابية، وخصوصا على المستوى الاقتصادي، وللمفارقة فإن الاقتصاد يثق
فينا ونحن لا نثق فيه ولا في أنفسنا».
وشدد على ان العام المقبل سيكون عام تفعيل الانتاج على مختلف الأصعدة، ولا سيما على صعيد القوانين وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة.
وكان سليمان قد تلقى أمس اتصالا هاتفيا من الرئيس السوري بشار الاسد الذي هنأه بالاعياد، «وكانت مناسبة للتشاور في العلاقات بين البلدين والاوضاع العامة على
المستوى العربي».
السفير 27 كانون الاول 2010

No comments:

Post a Comment