Tuesday, December 28, 2010

الكتائب يُبعد آخر معارض لسامي... عيسى نحاس
غسان سعود
يبذل سامي الجميّل جهداً استثنائياً ليلمع له نجم (أرشيف)

منذ سنوات يعجز النائب سامي الجميّل عن تصديق ظاهرة عيسى نحاس. ليس للأخير أمّ كتائبية ولا والد جميّليّ، يرث رئاسة جمهورية ويورث رئاسة حزب، ومع ذلك واظب نجم
نحاس هذا على اللمعان في حزب الكتائب، بينما يبذل سامي جهداً استثنائياً ولا يلمع له نجم.
بدأ نحّاس طريقه الكتائبية شبلاً وأخذ في القفز: رئيس دائرة ثانويين، ثم أمين سر مصلحة طلاب، فرئيس دائرة الجامعة اللبنانية ونائب رئيس مصلحة الطلاب، ثم رئيس
لمصلحة الطلاب بالوكالة ورئيس مصلحة النشاطات الكتائبية. في المقابل، ولد سامي وفي فمه الحزبي ملعقة الذهب الشهيرة: لابن الشيخ تُرفع القبعات الكاكيّة وتُقدّم
التحيات. لا أحد يعاند ابن العنيد. رئيس القاعدة الكتائبية صار رئيس «لبناننا» قبل أن يعود إلى الكتائب منسّقاً للجنة المركزية التي استُحدث كرسيّها ليناسب
فتى العائلة والوطن والله.
في الكتائب ـــــ الحزب الديموقراطي المفترض ـــــ كان يمكن سامي أن يشغل بنفسه تاركاً عيسى لحاله، وخصوصاً أن تجارب من خاضوا التجربة كاملة في هذا الحزب من
إدمون رزق إلى كريم بقرادوني تؤكد أن مجد الصيفي لا يُعطى إلا لمن يحمل جينات بيار الجميّل. لكن سامي لم يستطع التأقلم مع من لا يهرع ليفتح له باب السيارة ويقيم
دون تنسيق معه علاقات مع أطراف سياسية داخلية وخارجية. وأخذ توتّر «ابن الجميّل» من «ابن النحاس» يتفاقم يوماً تلو الآخر: حين كان عيسى كتائبياً وسامي قاعدة
كتائبية، حقق الأول نجاحات في جامعات عدّة وأعاد حزب الكتائب إلى الهيئات الطالبية في معظم كليات الفرع الثاني في الجامعة اللبنانية، رغم الصبغة السورية التي
كانت تلوّن حزب الكتائب الرسمي في تلك المرحلة، بينما عجز الثاني عن توفير الحد الأدنى من الحضور لقاعدته خارج جامعتي الحكمة واليسوعية. عيسى «السوري»، كما
يسمّيه سامي وأصدقاؤه، أحاط نفسه بمجموعة حزبيّة في منطقة فرن الشباك لم يجد سامي «اللبناني»، كما يسمّي سامي نفسه، مثيلاً لها حتى في بكفيا. ورغم ضغط «ابن
الجميّل» بكل الوسائل لقطع أوصال «ابن النحاس» داخل الحزب وخارجه، فشل في ذلك. فالمتهم من قيادة الحزب بالتنسيق مع الاستخبارات السورية بنى لنفسه في كلية الحقوق
في الجامعة اللبنانية نفوذاً أكبر من نفوذ سامي السيادة والحرية والاستقلال. حين التقى الاثنان في الحزب، كان نحاس ضليعاً في القضايا القانونية والإدارية للحزب،
بينما كان سامي يقرأ النظام العام للكتائب للمرة الأولى. ولاحقاً، كان عيسى يستفيد من العلاقات التي وطّدها بحلفاء النظام السوري في مرحلة الوجود السوري ليعزز
نفوذه، بينما كان سامي يجد نفسه محاصراً حتى داخل حزبه المفترض. وهكذا، أسقط سامي خلال سنتين كل من يشكّ في ولائه المطلق له أو روّضهم، سواء أكانوا من «جماعة
كريم» أم «جماعة بيار».
وجود عيسى نحاس في حزب الكتائب مثّل خلال السنتين الماضيتين استفزازاً كبيراً لسامي والموظفين لديه. أخذ هذا «العميل السوري» أو «بقايا البقرادونيّة»، الذي
لا يرى في «الشيخ سامي» مشروعاً استراتيجياً للمسيحيين، يسرّب إلى الصحف بعضاً مما يحصل داخل الحزب اللاشفاف. اخترع معارك وهمية، فرض على سامي تضييع وقته في
قضايا داخلية كان في غنى عنها. والأهم، أخرج بلمعته المهنية، كمحام، من النظام الداخلي لحزب الكتائب مواد حالت دون قبض آل الجميّل على مفاصل الحزب كما يشتهون.
أخيراً، في الأسبوع الماضي، فرح عيسى نحاس باتصال أحد تلفزيونات المعارضة السابقة به لسؤاله عن أوضاع حزب الكتائب. وجد سامي الجميّل مناسبة للانقضاض على من
يرفض إطاعته وينشر مقالات عن حزب الكتائب باعتباره حزباً ولد علمانياً لا فدرالياً. اجتمع المكتب السياسي العظيم، وقرر فصل عيسى نحاس من الحزب. ثم طلب الرئيس
أمين الجميّل من المجتمعين عدم إعلان القرار ريثما يوفر له السند القانوني الذي يحول دون طعن نحاس به. هكذا، أُعدم آخر صوت معارض لسامي في بريّة الكتائب، بات
يمكن الحزب أن ينعم بديموقراطية مطلقة.
الارتباطات الخارجيّة لعيسى نحاس وقبوله التنسيق مع مرجعيات أمنية في دول مجاورة ليحمي ظهره، تحول دون إضافته إلى رموز المبعدين من أحزابهم لرفضهم إطاعة زعماء
تلك الأحزاب. لكنه، بغض النظر عن ارتباطاته، يكشف كذبة الديموقراطية ويؤكد عدم وجود مكان في الأحزاب لمن لا يرى في ابن الرئيس رئيساً وفي ابن الشيخ شيخاً.
تجدر الإشارة إلى أن «الشيخ» بول الجميّل، زميل عيسى نحاس في الإطلالة التلفزيونية الأخيرة، انتقد أكثر منه سامي الجميّل، لكن الرئيس الجميّل رفض في الاجتماع
الأخير للمكتب السياسي إقالته، لأن «قضية بول شأن عائلي».

العدد ١٣٠١ الثلاثاء ٢٨ كانون الأول ٢٠١٠سياسة
الاخبار

No comments:

Post a Comment