Wednesday, February 2, 2011

«الكتائب» تميل للمشاركة.. ولكن ماذا لو قرر جعجع ونديم التخريب؟
مارون ناصيف
على الرغم من الهجوم غير المباشر الذي شنّه رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع ضد كل من يريد من قوى 14 آذار المشاركة في الحكومة، واصفاً
من يقبل الجلوس الى الطاولة بـ«الزينة التي لا تمثل كثيراً». وعلى الرغم من رفع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون سقف الإنضمام الى الحكومة، إذ
قال «أهلاً وسهلاً بالكتائب» وغيرها ولكن يجب على من يريد ذلك أن يخلع ثوبه السياسي ويلتزم بمشروع المعارضة السابقة»، ما يزال النقاش قائما داخل أروقة البيت
المركزي الكتائبي في الصيفي على خلفية المشاركة أو عدمها في الحكومة.
هذا النقاش البارز من خلال التصاريح الحزبية، وبغض النظر عن كل التفسيرات والتحليلات، ينطلق من ثابتة واحدة مفادها أن المقاطعة المسيحية للانتخابات النيابية
ما بعد اتفاق الطائف أثبتت فشلها وكانت لها تداعياتها السلبية على صعيد التمثيل المسيحي، لذلك فالمشاركة في أي حال وأياً تكن الظروف تبقى أفضل من المقاطعة.

غير أن هذا النقاش الذي قد يشكل في النهاية، فيما لو نجحت المفاوضات، جسر العبور الكتائبي الى المقلب السياسي الآخر المواجه للمعسكر الآذاري، خلق داخل الحزب
ما يمكن تسميته بـ«التجاذبات» بين فريق يريد المشاركة من دون تغيير سياسي يمثله النائب سامي الجميل، وآخر يرفضها إطلاقاً أياً تكن الحجج والأسباب، ويقوده النائب
نديم الجميل الذي عبّر عن رأيه في أكثر من تصريح، أضف الى هذين الرأيين هناك من يتحمس للمشاركة من الطامحين الحزبيين مثل الوزير سليم الصايغ ومستشار الرئيس
أمين الجميل سجعان القزي، كما أن هناك أيضاً من هو معارض للمشاركة من دون تغيير سياسي على صعيد الخطاب الحزبي.
وفي الوقت الذي لم يقفل فيه فريق الجميل الإبن الباب أمام المشاركة أم لا حتى في بيان رده على العماد عون، تشير أوساط كتائبية مطلعة الى أن الرئيس الجميل يفضل
المشاركة وذلك مواكبة لكل ما تشهده المنطقة ولبنان من تغييرات، وحصراً المتن الشمالي بعد الضربات المتتالية التي أصابت آل المر، في الصميم.
من هذه الزاوية، يرغب الرئيس الجميل بمد جسور انتخابية مع ميشال عون في كسروان والمتن، أخذا بالاعتبار أن الأخير يحتاج للجسور نفسها، علما ان القاسم المشترك
بين عون والجميل هو الخوف من سمير جعجع، بفارق غير بسيط، هو أن عون يعتبر جعجع خصما فيما الجميل يتحالف مع جعجع ويخشاه ويعرف أن الأخير يريد له ولحزبه ما لا
يمكن أن يتمناه له أي خصم سياسي في 8 آذار.
وتندرج في هذا السياق حركة الاتصالات البعيدة عن الأضواء بين رئيس لجنة الادارة والعدل ابراهيم كنعان وبين سامي الجميل الذي رد، أمس، على ما قاله النائب ميشال
عون، أمس الأول، حول أن المهمّ أن يكون خيار مشاركة حزب الكتائب في الحكومة المقبلة من ضمن نفس الخطّ السياسيّ للحكومة وأن يكون ذلك معلناً وملتزماً وقال الجميل
«إن المبادئ والثوابت التي قام عليها حزب الكتائب منذ تأسيسه وحتى اليوم والتي هي سبب وجوده، من مشروع بناء الدولة والمحافظة على الحياة الديمقراطية، الى رفض
السلاح غير الشرعي لأي جهة انتمى وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، الى تأمين الاطمئنان والسلام لجميع اللبنانيين عبر التمسّك بتحقيق العدالة، لم ولن تتغير،
وليست قيد التداول وسندافع عنها بجميع الطرق التي تراها الكتائب مناسبة ولا يلزم حزب الكتائب سوى القرارات والمواقف الصادرة رسمياً عنه».
غير أن رغبة سامي بالمشاركة مقرونة بخوف من بعض القواعد الشعبية الكتائبية التي قد لا تتماهى بسرعة مع الإنقلاب على قوى 14 آذار، وهذا ما يفكّر به الجميل الابن
علما أن هناك من سأله هل «وجدت لنفسك أو لحزبك مكانا في كل الورقة التي كان يفاوض سعد الحريري المعارضة عليها من المحكمة الى الـ11 مليار دولار الى قرارات حكومة
السنيورة الى أشرف ريفي ووسام الحسن»، وكان جواب سامي أنه لم يجد حزبه ولا طموحاته في كل تفاهم «السين سين».
يسري الأمر نفسه على المحكمة التي يريدها الكتائبيون عنوانا سياسيا ولو أنهم يدركون أنها لن تجلب اليهم حقيقة من اغتال الوزير والقيادي الكتائبي الشاب بيار
الجميل.
وحسب أوساط كتائبية «من الصعب جداً أن ينتقل سامي من فريق الى آخر وهو الذي اعتاد على رفع السقف عالياً في الغالبية الساحقة من تصريحاته ضد فريق المعارضة السابقة
وهذا ما يدركه جيداً الرئيس الجميل، فاذا راعى الجنرال عون والمعارضة هذه الخصوصية في الموقف فان سامي سيكون مستعدا لحماية قرار المشاركة وتحمل كل تبعاته».

هذا النقاش الكتائبي الذي ينسحب من القاعدة الشعبية الى الرئيس الأعلى، يراه رئيس مجلس الإعلام في الحزب سيرج داغر «ديموقراطياً بإمتياز»، ويقول لـ«السفير»:
لقد علمتنا التجارب أن تخلي المسيحيين عن مواقعهم في السلطة غير مشجع لأنه يصعب عليهم استعادتها، فالقطار يمشي ويتركهم، والموقع الذي يجب أن يملأه كتائبي لن
يبقى شاغراً وسيشغله بالتأكيد سياسي آخر لا ينتمي الى حزبنا، لذلك يجب أن نسعى الى تحقيق المشاركة ولكن من دون التخلي عن ثوابتنا وعلى رأسها المحكمة الدولية.

وفي الوقت الذي ينفي داغر كل كلام عن أن «الكتائب» تتفاوض مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على الحصص والحقائب، علمت «السفير» أن الرئيس الجميل جدد مطالبته بحقيبة
التربية لمصلحة نجله سامي، هذا بالإضافة الى الإبقاء على حقيبة الشؤون الاجتماعية للوزير سليم الصايغ، على أن يحصل الحزب أيضاً على وزارة دولة، الأمر الذي يشير
الى رغبة بالحصول على حقيبتين ويرجح التضحية بوزارة الدولة فيما لو أثمرت المفاوضات نجاحاً.
«المكتب السياسي هو الذي يقرر المشاركة أم لا»، يقول مسؤول كتائبي عريق لـ«السفير» «ومن لا يلتزم هذا القرار يكون خارج الحزب حتى لو كان نجل الرئيس بشير الجميل».
رسالة واضحة من القيادة الحزبية الى نائب الأشرفيه نديم الجميل الذي حاول التسويق خلال اليومين الماضيين لمبدأ التصدي للمشاركة مع الفريق الذي يسميه بـ«محور
الثامن من آذار في الكتائب». ويقر القيادي المذكور بأن ليس من السهل إقناع القاعدة بالمشاركة في الحكومة «ولكن لن يكون ذلك بالأمر المستحيل».
يمكن القول انه لو لم تكن هناك رغبة لدى أمين وسامي الجميل بالمشاركة في الحكومة الميقاتية لما كانت المفاوضات انطلقت بين الطرفين، ولو لم تكن هناك رغبة لدى
ميقاتي بضم «الكتائب» الى حكومته لما كان فاوضهم على ذلك، فهل سيفضل المكتب السياسي الحكومة على المعارضة تاركاً «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» في اعتصام
ساحة الشهداء، أم أنه لن يستطيع السير عكس ما تشتهيه رياح قواعده الشعبية؟
السفير

No comments:

Post a Comment