Tuesday, March 29, 2011

________________________________________
الأسد يستجيب لنصائح أردوغان... ويتلقّى دعم الملك السعودي

صليب وقرآن بأيدي معارض سوري في أثينا (تاناسيس تافراكيس ــ أ ب)
هدوء حذر في المدن السورية، باستثناء عودة التظاهرات الحاشدة في درعا. هكذا يمكن وصف الوضع الميداني في سوريا، أمس، وسط استمرار تدفُّق دعوات «الأصدقاء» للرئيس بشار الأسد إلى إنجاز الإصلاحات، مع بوادر عن خروج هذه الإصلاحات إلى العلن قريباً جداً
تمكنت الجهود السورية الحكومية، أمس، من ضبط الأوضاع المتفجرة في مدينة اللاذقية، من دون أن تستطيع إنهاء الحركة الاحتجاجية في درعا، فاسحةً المجال أمام طمأنات قمّة هرم النظام بقرب صدور إصلاحات كبيرة عن الرئيس بشار الأسد. إصلاحات، يبدو أنّه كان لضغط حلفاء النظام السوري وأصدقائه دور كبير في إنتاجها، يتقدمهم رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، بالإضافة إلى دعم معنوي كبير ناله الأسد من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز.
وتُظهر المعطيات أن القيادة السورية تقترب بسرعة من إصدار رزمة قرارات تلبي جزءاً من مطالب المواطنين، بحسب ما أعلنه نائب الرئيس فاروق الشرع. وتتزامن هذه التطورات مع عودة الهدوء النسبي إلى اللاذقية، حيث تدخّل رجال دين سُنّة وعلويون «لمحاصرة الفتنة»، فيما لا تزال درعا تواصل تحركاتها.
وأكّد أردوغان أنه اتصل بالرئيس السوري مرتين خلال الأيام الثلاثة الماضية، واقترح عليه أن يلبي مطالب آلاف السوريين الذين شاركوا في التظاهرات، وحثه على إجراء الإصلاحات، كاشفاً أن الأسد كان متجاوباً. وقال أردوغان، للصحافيين قبيل مغادرته إلى العراق: «قال (الأسد) إنهم يعملون على رفع حالة الطوارئ لتلبية المطالب. قالوا لنا إنهم يعملون من أجل تأليف أحزاب سياسية. نأمل أن تنفذ هذه الإجراءات بالفعل وألا تظل وعوداً». وأضاف: «لم نتلقّ ردّاً سلبياً عندما حثثنا السيد الأسد على الاستماع إلى صوت الناس. أتمنى أن يعلن الأمر اليوم أو غداً».
وأشار أردوغان إلى أهمية ما يجري في سوريا بالنسبة إلى تركيا؛ إذ إنّ «من المستحيل بالنسبة إلينا أن نظل صامتين في مواجهة هذه الأحداث. لدينا حدود بطول 800 كيلومتر مع سوريا»، معرباً في الوقت نفسه عن أمله ألا يتحول الوضع في سوريا إلى ثورة «على غرار ما يحصل في ليبيا، ما قد يفاقم مخاوفنا». وأوضح أن رئيس جهاز الاستخبارات التركية (حقان فيدان) توجه أول من أمس إلى دمشق لإجراء محادثات مع المسؤولين السوريين.
وتلقى الرئيس السوري اتصالاً من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي قدّم له دعم المملكة «في وجه ما يستهدف سوريا من مؤامرة لضرب أمنها واستقرارها ووقوفها إلى جانب قيادة وشعب سوريا لإحباط هذه المؤامرة»، بحسب وكالة «سانا».
وفي دمشق، أكّد نائب الرئيس السوري فاروق الشرع أن الأسد سيلقي كلمة مهمة خلال اليومين المقبلين، تطمئن كل أبناء الشعب، وذلك عقب لقائه المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط، وو سكه. وأضاف: «ترقبوها باهتمام لأنها مهمة».
ويأتي هذا الظهور للشرع بعد تردّد أنباء عن مقتله. وتفادت السلطات التعليق على هذا النبأ، لكن مصدراً رسمياً سورياً قال لوكالة الأنباء الألمانية إن «الشرع حي ويمارس عمله الاعتيادي في مكتبه، وهو بحالة جيدة».
بدوره، دعا مجلس الشعب الرئيس السوري إلى توضيح إجراءات تعزيز الديموقراطية التي وعد بها النظام، ووقف أعضاؤه دقيقة حداد على أرواح قتلى التظاهرات «احتراماً للاحتجاجات والمطالب الشعبية». وقال النائب محمد حبش إن أعضاء مجلس الشعب «تحدثوا بتقدير واحترام عن موقف الرئيس والاستجابة لمطالب الناس». وأضاف: «في الوقت نفسه، طلبنا توضيحاً من القيادة عن الإجراءات التي ستتخذ، وطلبنا أن يأتي الرئيس إلى البرلمان، ليشرح الخطوات المطلوبة».
وتحدث النائب السوري عن وجود «مؤامرة طائفية على سوريا، الهدف منها تمزيق الشعب إلى طوائف وإثارة النعرات». وقال: «هناك موقف واحد لرفض المؤامرة الطائفية على سوريا» في المجلس.
وكانت مدينة اللاذقية الساحلية قد تصدّرت المشهد الميداني السوري بعد مقتل 13 مواطناً، من بينهم 10 رجال أمن، بحسب الرواية الرسمية السورية.
وبغرض محاصرة أي فتنة طائفية، راجت أنباء عن اجتماع رجال دين سُنة ودروز وعلويين في اللاذقية. وقال المعارض الليبرالي البارز عارف دليلة، ابن المدينة المذكورة، إن «الوضع بدا هادئاً اليوم (أمس) بعد تدخل شخصيات دينية واجتماعية. وعلمتُ أن وسائل النقل تعمل والمحال فتحت أبوابها». وأضاف أنّ «من السهل لعب الورقة المذهبية في ظل هذه الظروف، وآمل أن يختار النظام مخرجاً من الأزمة يوفر لسوريا مزيداً من حقن الدماء».
وتحدّثت مصادر عن عودة الهدوء إلى المدينة الساحلية. وقال منسق مركز التنمية البيئية والاجتماعية عصام خوري إن «الحياة بدأت تدب تدريجاً في اللاذقية، وبعض المدارس فتحت أبوابها»، مشيراً إلى أن «الأهل لا يزالون متخوفين من إرسال أطفالهم إليها».
وشوهد انتشار عدد كبير من وحدات الجيش على مفارق الطرق الرئيسية في المدنية، فيما عززت القوات الأمنية والعسكرية انتشارها بكثافة في ساحة الشيخ ضاهر التي شهدت أعنف الاشتباكات. وأنشأ السكان «لجاناً لحماية أحيائهم بوضع سواتر معدنية وإطارات، ونصبوا عدداً من الأعمدة الخشبية عند نهاية الأزقة لاستخدامها كحواجز»، بحسب خوري.
وفي درعا روى شهود عيان أن قوات الأمن السورية فتحت النار لتفريق مئات المتظاهرين كانوا يردّدون هتافات ضدّ قانون الطوارئ في المدينة الجنوبية، بحسب وكالة «رويترز». وقال شاهد عيان إنّ «المتظاهرين تدفقوا على ميدان رئيسي في المدينة، وهم يردّدون هتافات تطالب بالحرية وترفض قانون الطوارئ». وأضاف أنّ «قوات الأمن أطلقت النيران في الهواء لدقائق معدودة، لكن المتظاهرين عادوا بعد توقف إطلاق النيران». ورغم أن قوات الأمن قد خفضت من تعزيزاتها في درعا، إلا أنّ السكان قالوا إنها عادت بكثافة، وأحاطت الدبابات والآليات العسكرية المدينة.
بدورها، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن قوات الأمن السورية فرّقت التظاهرات في درعا بالقنابل الغازية. ونقلت عن شهود أنّ أكثر من 4 آلاف مواطن في درعا تظاهروا من أجل الحريات السياسية بالقرب من قصر العدل، لكن القوات الأمنية أطلقت عليهم الرصاص الحي والقنابل المسيلة. وأضافت أن نحو 200 متظاهر لا يزالون يتحصّنون في المسجد العمري. وقال معتصمون إن أهالي درعا لديهم مطالب «لا تخص مدينتنا فقط، بل تخص الشعب السوري، ونحن ننتظر بترقب الخطاب المنتظر للرئيس الأسد، ونحن نأمل تحقيق تلك المطالب، وفي مقدمتها رفع قانون الطوارئ».
وتحدثت أنباء عن خروج أعضاء نقابة المهندسين في تظاهرة تضامنية مع مطالب شباب درعا. وقال شهود إن «أكثر من 2000 مهندس انطلقوا في تظاهرة من منطقة درعا المحطة، مروراً بساحة المحافظة، قبل أن يتوجهوا إلى منطقة درعا البلد».
لكنّ «سانا» نقلت عن مصدر مسؤول نفيه ما تناقلته وسائل إعلام عن إطلاق قوات الأمن النار على متظاهري درعا، مؤكداً أنّ هذه الأنباء عارية من الصحة.
هذا وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ الأجهزة الأمنية السورية اعتقلت خلال الأيام الماضية 5 محامين، بعضهم شارك في التظاهرات، وهم حسين عيسى وتامر الجهماني وسليمان نحيلي ونضال الشيخ حمود ومحمد إبراهيم عيسى.
في هذه الأثناء، دعت وزارة الخارجية الفرنسية مواطنيها إلى تفادي زيارة مدينتي اللاذقية ودرعا السوريتين، ونصحتهم باختيار معبر نسيب جابر، إن أرادوا الذهاب إلى الأردن أو العودة منه. كذلك نصحت رعاياها بعدم تصوير التظاهرات أو الظهور كأنهم يصورونها بهواتفهم الخلوية، واتخاذ الحيطة والحذر وعدم المشاركة في التظاهرات، وخاصة في المناطق الواقعة في شمال شرق البلاد وفي جوار حلب والرقة، وتفادي التنقل قرب الحدود بين سوريا والعراق، أو المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا إلا عبر المعابر الرسمية.
من جهته، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، دينيس مكونو، إن الولايات المتحدة تنتظر من الحكومة السورية احترام حقوق السوريين في الاحتجاج سلمياً.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)
[1] [1]
العدد ١٣٧٤ الثلاثاء ٢٩ آذار ٢٠١١

No comments:

Post a Comment