Saturday, March 26, 2011

البابا : نصلي ليتمكن لبنان من إرساء سلام في الشرق والعالم
الراعي: الوطن لا يحتكره أحد وهو ليس لطائفة أو حزب

"لقد ارتسم في بيعة الله المقدسة مار بشارة (بطرس الراعي) بطريركاً على بيعة مدينة انطاكية المقدسة الرعية المباركة"، قالها رئيس الاحتفال البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، ثم رددها الأساقفة، واكمل الكاردينال صفير:"إنه مستحق ومستأهل".
وهكذا احتفل بتنصيب المطران بشارة الراعي البطريرك السابع والسبعين بعد البطريرك الأول القديس يوحنا مارون على انطاكية وسائر المشرق، تحت شعار "شركة ومحبة".
... والكاردينال صفير قال كلمته ومشى.
... والبطريرك الراعي رجل وفاء و... يحفظ.


الاحتفال

الساعة الخامسة بعد ظهر اول من أمس، كان موعد تنصيب البطـــريـــرك الراعي (توليته) الكلمة التي يؤثرها البطريرك الجديد، وأقيم الاحتفال في "كابيلا القيامة - البطريرك صفير" كما سماها البطريرك الـ 77 في بكركي، والحضور أكثر من أن يحصى. رسميون وديبلوماسيون وشخصيات سياسية وحزبية واجتماعية، وممثلون لزعامات عربية وأجنبية.
ورأس الاحتفال البطريرك صفير، وعاونه أقدم الأساقفة العاملين مدبر الكنيسة البطريركية المطران رولان أبوجودة وأقدم الأساقفة سيامة المطران شكرالله حرب ولفيف من المطارنة.
وحضر مراسم التولية رئيس الجمهورية ميشال سليمان والسفير البابوي المونسنيور غبريالي كاتشا ممثلا البابا بينيديكتوس السادس عشر والسفير السوري علي عبد الكريم علي ممثلاً الرئيس بشار الأسد والسفير الأردني زياد المجالي ممثلاً الملك عبد الله الثاني، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر غيث بن مبارك علي عمران الكواري ممثلاً أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والسفير القبرصي هومير مافروماتيس ممثلاً الرئيس ديميتريس كريستوفياس، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، والرئيس امين الجميل، والرئيس حسين الحسيني، والرئيس ميشال عون، والرئيس فؤاد السنيورة، والسيدة اندريه لحود ممثلة زوجها الرئيس اميل لحود، والعميد وليم مجلي ممثلاً النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء عصام فارس، ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، ووزراء ونواب ووفد من "حزب الله" برئاسة رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، والنائب الماروني القبرصي أنطونيو حاجي روسوس، ووزراء ونواب سابقون بينهم رئيس المؤسسة المارونية للإنتشار ميشال اده ورئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن والوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة، ورؤساء أحزاب بينهم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وعميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس اده، ورئيس الرابطة المارونية جوزف طربيه والسيدة صولانج الجميل، والسيدة منى الهراوي، وحشد من الشخصيات ووفود من كل المناطق.
وحضر من الديبلوماسيين العرب والأجانب، سفراء: الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، المانيا، الارجنتين، اوستراليا، بلجيكا، البرازيل، بريطانيا، كندا، تشيلي، كولومبيا، كوبا، مصر، اسبانيا، هولندا، المجر، العراق، ايران، ايطاليا، الكويت، مالطا، المكسيك، نيجيريا، سلطنة عمان، فلسطين، باراغواي، بولونيا، السعودية، رومانيا، السودان، تونس، تركيا، أوكرانيا، الاتحاد الاوروبي، الاوروغواي، وعميد السلك القنصلي جوزف حبيس على رأس وفد من القناصل، والسيد داود الصايغ ممثلا السيدة نازك الحريري وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة ومدير المخابرات العميد ادمون فاضل .
وشارك في مراسم التولية بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، وبطريرك الأقباط الكاثوليك أنطونيوس نجيب، وبطريرك اللاتين الأورشليمي فؤاد طوال، وبطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، وكاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول، وكاثوليكوس الأرمن الكاثوليك لبيت كيليكيا نرسيس بدروس التاسع عشر، وممثل بطريرك الروم الأرثوذكس اغناطيوس الرابع المطران جورج خضر، والأنبا بطرس ممثلا انبا الاسكندرية والكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس شنودة الثالث، ومطران اللاتين بولس دحدح، ومطران الكلدان ميشال قصارجي، والسفير البابوي في سري لانكا المطران ماريو زيناي، و مطارنة من كل الطوائف ورؤساء رهبانيات، ولفيف من الكهنة والراهبات.
وكذلك حضر السيد عباس الحلبي ممثلاً شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن.
وبدأ الإحتفال بدخول حامل الصليب، ثم كهنة فحارسي بكركي الخازنيين الوزير السابق فريد هيكل والسفير أمين كسروان فالأساقفة، وخدمت القداس جوقة سيدة اللويزة بقيادة الأب خليل رحمة.


رسالة البابا

ثم ألقى السفير كاتشا رسالة البابا بينيديكتوس السادس عشر، وجاء فيها: "ان انتخاب غبطتكم بطريركا على انطاكيا وسائر المشرق هو حدث استثنائي للكنيسة كلها، وخصوصا للكنيسة المارونية التي تمجد الثالوث الأقدس على هذه العطية التي تتمثل بغبطتكم.
اتقدم منكم بأحر التهانئ القلبية والأخوية وادعو الله ان يرافقكم في اتمام مهمتكم الجديدة.
من كل قلبي امنحكم الشركة الكنسية، بحسب العادة وتمنيات الكنيسة الكاثوليكية. انه لفخر ان تكون كنيستكم مرتبطة منذ الجذور بخليفة القديس بطرس الذي دعاه يسوع الى الحفاظ على كنيسته الواحدة، بالوحدة والحقيقة والمحبة. وبحسب عادة قديمة وجميلة، اسم "بطرس" يضاف الى اسم البطريرك.
انا اكيد يا صاحب الغبطة انه بالنصيحة الجيدة لسلفكم غبطة البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، وبالتعاون مع اساقفة السينودس البطريركي وبقدرة السيد المسيح المنتصر على الالم والموت بقيامته، ستكون لديكم كل الشجاعة التي تنيرها الحكمة وتلطفها، لتوجيه الكنيسة المارونية، مزينة بمجد القديس مارون وبمواكبة القديسين اللبنانيين شربل ونعمة الله ورفقة والطوباوي اسطفان، تستطيع الكنيسة المارونية أن تلاقي المخلص.
وفقكم الله في عملكم لتكونوا أباً وقائداً لنشر كلمته المنقذة، وليجد كل المؤمنين عزاءهم في رعايتكم الأبوية لهم.
لتساعدكم السيدة العذراء، سيدة لبنان وسيدة البشارة - وأنتم تحملون هذا الاسم - ان تجعلكم رسولا للوحدة، كي تتمكن الأمة اللبنانية من تأدية دورها بمشاركة كل الطوائف وباندفاع مسكوني، في ارساء سلام وتضامن في الشرق وفي العالم كله".


التنصيب

وخلال القداس، أقيمت رتبة تنصيب البطريرك، فتقدم البطريرك المختار إلى الكاردينال صفير، فجثا على ركبتيه ورفع التاج عن رأسه، ووضع صفير يده على البطريرك الجديد، قائلا: "روح القدس يدعوك لتكون بطريركاً، أي أب الرؤساء على اسم كرسي مدينة إنطاكية العظمى ولجميع ولاية الكرسي الرسولي أعني أبا لجميعنا". فرد البطريرك الجديد قائلا: "اني طائع ومكمل كل الاوامر الرسولية والمجامع المهذبة من الروح القدس بالعدل والصلاح بتصحيح الايمان بربنا يسوع المسيح".
ثم وقف الكاردينال صفير ووضع يده على رأس البطريرك المختار واقترب الاساقفة ورفعوا ايديهم فوق رأس البطريرك الجديد وفتح الانجيل فوق الأيدي ورأس البطريرك المنتخب، وردد الأساقفة صلاة معبرة، ثم أعلن صفير رسامة البطريرك مار بشارة الراعي بطريركا على بيعة مدينة انطاكية المقدسة الرعية المباركة، وذهب مع البطريرك الجديد الى العرش وأجلسه عليه قائلا: "انه لمستحق ومستأهل".
وتلا البطريرك الجديد انجيل الراعي الصالح لتسلم عصا الرعاية من الكاردينال صفير واساقفة الطائفة.


تقدمات

بعد الانجيل، توالت التقدمات على مذبح الكنيسة:
- التقدمة الاولى من حملايا مسقط البطريرك الجديد وهي ايقونة القديسة رفقا يتوسطها قلب رفقا وصورة البطريرك الراعي في وسط القلب.
- التقدمة الثانية من أبرشية جبيل وهي كتاب مقدس ولوحة سفينة فينيقية.
- التقدمة الثالثة لوحة عذراء سيدة اللويزة الى جانب ذخائر قديسي لبنان.


عظة الراعي

وختاماً، ألقى الراعي عظة استهلها بالحديث عن الراعي الصالح وعن بشارة الملاك لمريم حيث تجلت "الشركة والمحبة"، وتناول حدث البشارة، الذي نقله لوقا الانجيلي، ورواه من بعده القرآن في سورة آل عمران: "قالت الملائكة: يا مريم، ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح، عيسى ابن مريم، وجيها في الدنيا والآخرة... يكلم الناس في المهد وكهلا.. ويعلمه الله الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل، ورسولا الى بني اسرائيل".
واستكمل الرواية في سورة مريم، مضيفا على لسان المولود من مريم انه"عبد الله ونبيه وآيته ورحمته"، ورابطا بين تجسده وموته وقيامته بقوله: "والسلام علي يوم ولدت، ويوم اموت، ويوم ابعث حيا".
وتكلم عن حدث البشارة المشترك بين المسيحية والاسلام والذي تحتفل الكنيسة بعيده في الخامس والعشرين من آذار، جعلته الدولة اللبنانية بالمرسوم رقم 2369، تاريخ 27/2/2010 عيدا وطنيا، و"كأني بها تعني بهذه البادرة ان لبنان هو وطن الشركة والمحبة. اجل، انه كذلك بميثاقه الوطني، ميثاق العيش المشترك المحصن بالدستور حيث نقرأ: "لا شرعية لاي سلطة تناقض العيش المشترك"، والقائم على الاعتراف المتبادل بعضنا ببعض، وعلى وحدة المصير، والتكامل في تكوين النسيج الوطني الواحد، ولبنان كذلك بصيغته المرتكزة على المشاركة في الحكم والادارة بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين. وهي صيغة يؤمل منها تأمين استقرار الكيان وتحقيق الديموقراطية وازدهار الاقتصاد، على ان تظل في تطور دائم بحسب مقتضيات الحداثة والتجربة التاريخية (شرعة العمل السياسي ص 30)".
ثم تحدث عن "شركة ومحبة" قادت حياته منذ ولادته في حملايا، قضاء المتن، في 25 شباط 1940 وصولاً الى سيامته الأسقفية، وقال: "صاحب الغبطة والنيافة، يا ابانا السيد البطريرك الوقور والمحبوب الكاردينال مار نصر الله بطرس، قبل خمس وعشرين سنة وضعت يديك المباركتين علي ورسمتني اسقفا بنعمة الله واختيار مجمع اساقفتنا المقدس. واليوم بوضع يديك المقدستين ومشاركة اخواني السادة المطارنة تجلسني على عرش بطريركية انطاكية، خليفة لك اباً ورأساً لكنيستنا المارونية، ايضاً وايضاً بنعمة الله، واختيار مجمعنا المقدس وصلوات ابناء الكنيسة وبناتها، واكليروسا وعلمانيين. انني، اذ اعرب لغبطتكم وللسادة المطارنة عن شكري الكبير للثقة والبركة، اعدكم بانني سأواصل عيشي في الشركة والمحبة، فيما اتسلم اليوم التولية القانونية من يدكم ومن يد اخي النائب البطريركي العام، مدبر كنيستنا البطريركية، سيادة المطران رولان ابو جودة السامي الاحترام، شاكرا له كل ما بذل من جهود مخلصة ومحبة في مهمته هذه".
وكذلك أعرب عن "الشركة والمحبة" لبطاركة الكنائس الشرقية وعن "محبتي وشكري لكم، يا فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان المحترم. هو الله دعانا معا وعلى التوالي بفائق حكمته وعنايته من بلاد جبيل، من عمشيت، ونحن فيها جيران، يفصل بين بيتكم الوالدي ودار المطرانية طريق ضيق، انتم لرئاسة بلادنا وانا لرئاسة كنيستنا. نسأله، سبحانه وتعالى، ان يقود خطانا بالشركة والمحبة، في خدمة الوطن والكنيسة. شكرا لحضوركم مع السيدة زوجتكم اللبنانية الاولى. بالشركة والمحبة اتعاون معكم يا دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، ومعكم يا دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الدين الحريري، ويا دولة رئيس مجلس الوزراء المكلف السيد نجيب ميقاتي، ومع اصحاب المعالي الوزراء والسادة النواب وسائر اركان الدولة اللبنانية وسفراء الدول، شاكراً لكم جميعاً حضوركم وصلاتكم ومحبتكم. اعاننا الله، بشفاعة العذراء مريم، الكلية القداسة، سيدة البشارة، على استكمال نسيجنا الوطني بالشركة والمحبة، فيظل لبنان يزهر في هذا الشرق بنموذجيته ورسالته، كما حياه المكرم البابا يوحنا بولس الثاني الكبير، الذي سيرفعه قداسة البابا بينيديكتوس السادس عشر طوباويا على مذابح الكنيسة الاحد اول ايار المقبل، في عيد الرحمة الالهية وسيدة لبنان".
وأضاف: "من اجل هذه الشركة والمحبة نعمل داخل كنيستنا المارونية ابرشيات ورهبانيات، اكليروساً وعلمانيين، اخويات ومنظمات رسولية ومؤسسات. ومن اجلها نتعاون على المستوى الكاثوليكي في مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك ولجانه، وفي مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك. ومن اجلها كذلك نعمل، على المستوى المسكوني، متعاونين بكل محبة ومسؤولية مع اصحاب الغبطة والقداسة، بطاركة الكنائس الارثوذكسية واساقفتها، ومع رؤساء الكنائس الانجيلية وخصوصاً من خلال مجلس كنائس الشرق الاوسط.
سنعيش معا هذه الشركة بالمحبة، في لبنان الذي "مجده" في رسالته. لقد اطلق على البطريرك الماروني شعار"مجد لبنان اعطي له"، مأخوذا من نبوءة أشعيا. لكنه يعطى له ولكنيسته بقدر ما يلتزمان بناء الشركة والشهادة للمحبة. مجد لبنان ينتقص بالانغلاق على الذات والتقوقع. لكنه ينمو ويعلو بالانفتاح على الآخر، على هذا الشرق وعلى العالم، بل يعطى "المجد" للبنان وشعبه، اذا كنا كلنا للوطن، كما ننشد. فالوطن ليس لطائفة او حزب او فئة. ولن يحتكره احد لأن في احتكار فئة له احتقاراً لنا جميعاً، وفقدانا لهذا "المجد"، الذي عظمته في تنوع عائلاته الروحية وغناها، ولا اقول في تنوع طوائفه، لأنها صبغت بألوان سياسية وحزبية ضيقة انتزعت من هذه الطوائف قدسيتها وأصالة ايمانها وروحانية دينها. "فالويل لامة كثرت فيها الطوائف وقل فيها الدين"، نقولها مع ابن الارز جبران خليل جبران.
من اجل الشركة والمحبة نعمل معا في بلدان الشرق الاوسط ومعكم، حضرة ممثلي رؤساء الدول الشقيقة، فنحافظ على علاقاتنا التضامنية مع العالم العربي ونوطدها، ونقيم حوارا صادقا وعميقاً مع اخواننا المسلمين، ونبني معاً مستقبل عيش مشترك وتعاون. ذلك ان مصيرا واحداً يربط بين المسيحيين والمسلمين في لبنان وسائر بلدان المنطقة، وثقافة خاصة بنا جميعاً بنتها الحضارات المتنوعة التي تعاقبت على اراضينا، وتراثاً مشتركاً ساهمنا كلنا في تكوينه، ونعمل على تطويره الثقافي ( راجع الارشاد الرسولي: رجاء جديد للبنان 93).
اننا نواكب بقلق ما يجري في هذا او ذاك من بلداننا العربية. نأسف لوقوع قتلى وجرحى، ونصلي من اجل الاستقرار والسلام فيها.
وفي سبيل الشركة والمحبة، نعمل ونتعاون في عوالم الانتشار، حيث ابناء كنائسنا ينتشرون في القارات الخمس. اننا نحييهم حيثما هم ونستحضرهم معنا في هذا الاحتفال المقدس، ونحفظهم ذخيرة في قلوبنا وخواطرنا، ونحملهم موضوع صلاتنا الدائم. وقد حمل مطارنتهم وكهنتهم الى مجمعنا انتظاراتهم وحاجاتهم، فسنعمل جاهدين على تلبيتها.


"برنامج خدمتي"

تسألونني جميعكم ايها الاحباء، عن برنامج خدمتي (...)، برنامجي امتداد لتاريخ اسلافي وعلى مدى 1600 سنة لثوابتهم الايمانية والوطنية: من الحدث المؤسس وهو القديس مارون وتلاميذه، ومن البطريرك الماروني الاول القديس يوحنا مارون الذي ثبت الكنيسة المارونية على العقيدة الكاثوليكية، وجعلها امة مستقلة بحكمها الذاتي في جبل لبنان. من البطريرك ارميا العمشيتي البار الذي اعلن ايمان الموارنة في المجمع المسكوني اللاتراني الرابع سنة 1213. من البطريرك الشهيد جبرايل حجولا الذي سلم نفسه الى والي طرابلس المملوكي، فدية عن الاساقفة والرهبان والاعيان المعتقلين، واحرق بالنار في ساحة المدينة 1367. من بطاركة آل الرزي الذين انفتحوا على الحداثة الاوروبية، وفي عهدهم تأسست المدرسة المارونية في روما 1584 التي أعطت كوكبة من العلماء الذين مدوا الجسور الثقافية بين الشرق والغرب، وكانوا في أساس النهضة العربية، من البطريرك يوحنا مخلوف وجرجس عميرة، اللذين أرسيا العلاقات بين أمراء الجبل والبابوات وملوك إيطاليا وأوروبا في القرن السابع عشر، من البطريرك المكرم إسطفان الدويهي أبي التاريخ اللبناني وصاحب الإصلاح الكنسي، الذي في عهده وببركته تأسست الرهبانيات المارونية الثلاث.
من البطريرك يوسف ضرغام الخازن بطريرك المجمع اللبناني الشهير الذي انعقد سنة 1736 في دير سيدة اللويزة زوق مصبح، من البطريرك يوسف حبيش الذي وطد وحدة اللبنانيين مسيحيين ودروزا ومسلمين بعقد عامية إنطلياس سنة 1840، من البطريرك إلياس الحويك أبي الإستقلال ولبنان الكبير، الذي رأس الوفد اللبناني الرسمي الى مؤتمر الصلح في فرساي - باريس سنة 1919، من البطريرك إنطون عريضة الذي رهن صليبه وخاتمه مطرانا لإطعام جياع الحرب العالمية الأولى، والذي عمل على استكمال إستقلال لبنان بجلاء الجيوش الأجنبية سنة 1943، من البطريرك الكردينال بولس بطرس المعوشي الذي انفتح بحكمة على العالمين العربي والغربي، وهدأ ثورة 1958، من البطريرك الكردينال أنطونيوس بطرس خريش الذي كربان حكيم، قاد سفينة الكنيسة والوطن وسط أمواج الحرب اللبنانية الهائجة، ورفض بعناد مشروع تقسيم لبنان والتحالفات مع الخارج، من أبينا البطريرك الكردينال مار نصر الله بطرس صفير، الذي ناضل من أجل تحرير القرار الوطني والأرض اللبنانية من كل أشكال الوصاية والإحتلال، وأجرى المصالحة في الجبل، وحقق الإصلاحات الكنسية اللازمة، والذي في عهده جرت أحداث كنسية كبيرة، إعلان طوباويين وقديسين في كنيستنا، هم نعمة الله ورفقا وأبونا يعقوب والأخ إسطفان، وصدور مجموعة قوانين الكنائس الشرقية (1990) وانعقاد جمعية سينودوس الأساقفة الخاصة بلبنان (1995) التي أعطتنا الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" (1997)، وانعقاد المجمع البطريركي الماروني (2003 - 2006)، وأخيرا جمعية سينودس الأساقفة الخاصة بالشرق الأوسط (2010)، وهذه كلها تشكل امتداداً لربيع الكنيسة الذي بزغ مع المجمع المسكوني الفاتيكاني (1962 - 1965)".
وختم: "انني ابدأ خدمتي الروحية والراعوية المتنوعة الابعاد والمساحات بمؤآزرتكم وبكلمة امنا وسيدتنا مريم العذراء: "ها أنذا"، مدركا انني مدعو الى حمل صليب الفداء بكل ثقله. أستنجد بنعمة الفادي الالهي، "تكفيك نعمتي"، والتمس شفاعة القديسة رفقا، ابنة حملايا والرهبانية اللبنانية المارونية الجليلة، رسولة الالم، واتكل على استحقاقات دماء شهداء لبنان وشفاعة قديسيه، وعلى صلاة المرضى والمعوقين والمسنين وسائر المتألمين بالجسد والنفس والروح، الذين يضمون آلامهم الى آلام المسيح الخلاصية. انكم في عمق قلبي وعقلي وصلاتي، انتم وعائلاتكم وكل من يعتني بكم في البيوت والمستشفيات والمراكز والمؤسسات.
وانني في بداية خدمتي هذه، أوكل كنيستنا والوطن الحبيب الى عناية امنا مريم العذراء سيدة البشارة وسيدة لبنان، مكرسينهما لقلبها الطاهر، في انتظار تكريس بلدان الشرق الاوسط لامومتها، بفعل واحد، عملا بتوصية جمعية سينودس الاساقفة من أجل الشرق الاوسط.
فيا مريم امنا، أبسطي يديك المقدستين وباركي وطننا لبنان وهذا الشرق، واشفعي بنا لنحيا على مثالك في الشركة والمحبة، ونخدم الانسانية الجديدة المفتداة بدم المسيح ابنك". وبعد الاحتفال، اقيم عشاء في الصرح شارك فيه الرؤساء سليمان والحريري وميقاتي وبطاركة ومطارنة.
على صعيد آخر، يحتفل البطريرك الراعي العاشرة صباح اليوم بقداس الشكر، في كنيسة الصرح، والدعوة عامة، ويتقبل التهانئ بعد القداس، ثم من الرابعة الى السادسة والنصف، وكذلك من التاسعة والنصف صباح غد الى الثانية عشرة ظهراً، ومن الرابعة الى السادسة والنصف مساء.
حبيب شلوق

النهار

No comments:

Post a Comment