Saturday, May 28, 2011

عصابات سعد الحريري
ابراهيم الأمين
هل هو سعد الحريري أم الولايات المتحدة الأميركية، أم من هي الجهة التي تصرّ على إقحام فرع المعلومات في قلب المعركة السياسية وتجعله طرفاً معرقلاً يوجب «ضبّه» أو تحجيمه أو حلّه؟
ثم، من هي الجهة التي تصرّ على تحويل المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى ميليشيا خارج الدولة، تتصرف بما يحلو لقيادة سياسية خارج الدولة، وخارج السلطة أيضاً؟ وكيف يقبل ضباط قوى الأمن هذا الأمر؟ هل هو تطبّع مع سلوك الخروج عن القانون ثم إلقاء المحاضرات على الناس عن الدويلات والميليشيات والسلاح غير الشرعي ومخالفة القانون ومنع التعدّي على الأملاك العامة؟
بالطبع، سيخرج من بقايا فريق 14 آذار من يقول إنه لم تحصل أي مخالفة، وإن قوى الأمن استجابت لطلب هيئة رسمية توفير المؤازرة والحماية لمقرّ يتبع لها. وعندما يكون الحديث عن مؤسسة أوجيرو، يصبح الحديث أكثر متعة. فهي تحولت أيضاً، خلال السنوات الأخيرة، إلى مؤسسة تخضع لنفوذ التيار السياسي نفسه الذي يأكل المال العام، ويغطي التعديات على الأملاك العامة في وسط بيروت وشواطئها، ثم يقود معركة إزالة سقف من باطون في الأوزاعي... وفوق كل ذلك، سوف نسمع التافهين يلقون علينا الدروس كالعاهرات عندما يحاضرن في العفّة. ألم يقل مروان حمادة لجيفري فيلتمان: نحن كالعاهرات نتذكر فقط من يعطينا المال؟
وبعد...
الأمر لا يخصّ أشرف ريفي، ولا وسام الحسن، ولا فرع المعلومات. وغداً، إذا أقدم فرع آخر أو شعبة أخرى من قوى الأمن نفسها على تمرد مقابل، وقرروا احتلال وزارة المال مثلاً، فلن يكون ضباطها أو جنودها هم المشكلة، بل من يأمرهم. وفي حالة العصيان أمس، ثمة مسؤول واحد اسمه: الطفل سعد الحريري.
قال الأميركيون لسعد: انتبه، القرار الاتهامي في جريمة اغتيال والدك بات قريباً، وقد تحصل تطورات تطغى عليه. في لبنان من يريد قتلك. حزب الله يُعدّ لإسقاط طائرتك بصاروخ. غادر إلى السعودية. هناك يرتاح قليلاً من عبء المستشارين في بيروت، ويعمل على معالجة بعض مشكلاته المالية، وفي شركته الكبرى. وهو يترك لمن يرغب من أنصاره هنا القيام بالواجب. القريبون يركزون على ما يحصل في سوريا، وينتظرون تطورات كبيرة تنهك النظام هناك أو توقعه، عسى أن يستفيد هو هنا في لبنان.
لكن ماذا يريد الحريري؟
هو لم يقبل مبدأ خروجه من الحكم، وتصرف كأن هناك من أخذ منه حقّه. أبدى استعداداً لإشعال الدنيا من أجل البقاء في رئاسة الحكومة. لم يترك فرصة ولا كلاماً ولا تواصلاً ليقنع حزب الله بإعادته إلى الكرسي. ولمّا شعر بأن ما حصل قد حصل، لجأ إلى التحريض على من يستعد لتولّي المسؤولية، وأصدر فتوى بأن كل من يقبل رئاسة الحكومة هو كافر. ثم فتح النار ومعه جماعته على كل شيء ضده. لم يترك أحداً من شرّه. لكن ذلك لا يكفيه. هو يريد أن يستمر بممارسة السلطة أيضاً. وإلى جانب ما لديه من نفوذ في وزارات وإدارات عامة، وجد أن عنصر القوة يحتاج إلى إبراز كلما تطلّب الأمر ذلك.
معركة وزارة الاتصالات تهمّه لأسباب متنوعة. الخاص منها يتعلق بتخصيص قطاع الخلوي، وموضوع شركات خدمة الإنترنت، وفكرة الجيل الثالث أو الرخصة الثالثة. لكن ما حصل أمس يكشف أن أهمية هذه الوزارة لا تتصل فقط بعمل تجاري ومكاسب مادية، بل في الاستيلاء على أملاك عامة. تماماً كما فعل والده في سوليدير. وتبدّى أن هناك ما هو أعظم من ملف إداري ـــــ تجاري. وإلّا هل هناك من يفسر لنا سبب الذعر من وصول وزير الاتصالات وفريقه الفني إلى المبنى، حيث جرّبت شركة صينية البثّ الخلوي؟ وهل هناك ما يفسر الاستعداد لفتح النار على الوزير وعلى من يرافقه إن هو أصرّ على دخول المبنى؟ وهل هناك من يفسّر هذا السلوك الميليشيوي الذي لم يسبق أن شاهده اللبنانيون في مؤسسة رسمية لولا أن في الأمر قصة، وأن خلف العناد حكاية؟
لا يمكن أشرف ريفي القيام بما فعله لولا أنه يحظى بتغطية تتجاوز حتى سعد الحريري. وربما بات من المفيد السؤال عمّا إذا كان هناك مرجعية خارجية أيضاً، سعودية أو أميركية، الله أعلم، لكن هناك غطاء أكبر من سعد الحريري وراء هذه الخطوة. وإلا كيف له أن يتجرّأ على فعل ما فعله؟ وكيف يظهر استعداداً للذهاب نحو معركة بالنار وربما حرب أهلية، أو صدام داخل قوى الأمن نفسها أو مع الجيش، وصولاً إلى التصرف مرة جديدة على أساس أنه لا وجود لوزير الداخلية؟ وبالتالي جعل ضابط برتبة نقيب أو رائد يقود عملية استيلاء على مرفق عام، بفعلة لا تختلف أبداً، بل هي أقسى من عمليات التعدّي على الأملاك العامة التي شهدها لبنان أخيراً: هل يقدر رجل من قوى الأمن على إزالة مخالفة عامة بعد الذي فعله قائده أمس؟
سبق لسعد الحريري أن هدّد شربل نحاس في جلسة للحكومة، وهو طلب من «عصابته» أمس ترهيب الوزير، اعتقاداً منه أن الأمر ينتهي هكذا. وقد يهدّد بأكثر من ذلك، وخصوصاً أنه ليس في البلاد من يردعه. فقوى الأكثرية الجديدة غارقة في حسابات وتفاصيل تؤخر قيام حكومة جديدة، وقسم كبير من اللبنانيين يعيش على أعصابه جرّاء الأزمات المتلاحقة سياسياً ومعيشياً وإقليمياً، بينما ينشر سعد الحريري باطونه ليقفل الطرقات ويقيم المربعات الأمنية في كل بيروت...
آن الأوان لإسقاط هذه العصابة!
الاخبار

No comments:

Post a Comment