Saturday, May 28, 2011

في يوم التضامن مع بارود: الرسالة واضحة
غسان سعود
معجزة: يتلفّت تمثال يسوع الملك المطلّ على نفق نهر الكلب غير مصدّق. من الجنوب، آلاف السيارات تحيط بموكب الرئيس ميشال سليمان في طريقه من بعبدا إلى منزل عائلة الوزير زياد بارود في بلدة جعيتا الكسروانية. من الشمال، آلاف يحيطون بسيارة شقيق الرئيس، مختار عمشيت السابق غطاس سليمان، في طريقه من جبيل إلى كسروان. تحت التمثال، مئات رجال الدين، يتقدمهم البطريرك المارونيّ بشارة الراعي وسلفه نصر الله صفير.
إلى منزل بارود للتضامن معه، زحفاً زحفاً: آلاف الناشطين والناشطات في المجتمع المدني، ابو الياس يخرج من شبّاك والياس من الشباك الآخر ويكاد وفد المتن أن يحمل سيارتهما، فيما صهر الرئيس ـــــ المرشح المفترض في كسروان وسام بارودي يزحف مع الآلاف من الجرد الكسروانيّ. من الأوتوستراد الساحلي إلى المنزل، اصطفّت فرق الكشافة من جهة، ورؤساء المجالس البلدية وأعضاؤها في جبل لبنان الذين يعول عليهم فخامة الرئيس في الانتخابات النيابية المقبلة من الجهة الأخرى.
ولم يكد بارود يخرج من منزله لاستقبال الوفود حتى بدأت أجراس الكنائس تقرع تضامناً، والسماء تمطر أرزّاً، فيما السواعد تتسابق لحمل الوزير.
… لا لا، لم يحصل شيء مما سبق ذكره، كان هذا حلماً سليمانياً ـــــ بارودياً. ففي الواقع، كانت الأمور عصر أمس طبيعية من وزارة الداخلية في الصنائع حتى منزل بارود في جعيتا: قلة من السائقين زنّروا صدورهم بأحزمة بارود للأمان، سيارة قوى الأمن الداخلي المزودة برادار السرعة كانت تقوم بالواجب الذي حدده بارود لها عند جسر فؤاد شهاب، وزحمة السير التي تفاقمت في عهد بارود، على حالها.
تمثال يسوع الملك يمعن في تأمل البحر. لافتة غير موقعة: «الوزير رأس وزارته وتجاوزه عار وجريمة». نقترب من منزل بارود: «انتبه الطريق مراقب بالرادار». نقترب أكثر: «هنا تباع كاميرات مراقبة». لافتة أخرى: «استباحوا، استطالوا وطاولوا... فليحلّوا غير مأسوف عليهم». من المقصود؟ في ظل وسطية بارود، لا يمكن المغامرة بالتفكير في أحد معيّن. يقتبس أصدقاء بارود من جبران خليل جبران: «ويل لأمة فتيلها دون بارود». ويستعيرون من النائب محمد كبارة شعاره، فيطبعون على صور بارود «نثق بهذا الرجل».
قبالة منزل الوزير يجتمع بعض أهالي القرية. يناهز عددهم في الموعد المحدد لوصول بارود المئة شخص. بعد ساعة، يغادر النصف، وبعد ساعة يقطع النصف الآخر الأمل بوصول ابن الضيعة، فيغادر من بقي من متضامنين مع الوزير المستقيل من تصريف الأعمال.
يوم التضامن مع بارود مرّ أهليّاً بضيعويّ. الأغلبية الصامتة التي يتحدث الرئيس سليمان عنها، شباب الجمعيات وأولئك المشمئزّون من أشرف ريفي وفرع المعلومات، لم يجدوا مبرراً للتضامن مع وزير كان يهدد سراً بالاستقالة كلما حصل شيء لا يعجبه بدل مواجهة هذا الشيء، وبات يهدّد علناً بهذه الاستقالة بعدما أصبحت الحكومة كلّها مستقيلة.
بارود استقِل وخلِّصنا.
الاخبار

No comments:

Post a Comment