Monday, May 30, 2011

المستقبل وطاحونة الاتصالات: وداعاً هاواوي
نادر فوز
يتساءل الجميع عن السبب الذي دفع اللواء أشرف ريفي، ومن خلفه تيار المستقبل، إلى خوض المعركة الميدانية والسياسية في وزارة الاتصالات. فرغم كل ادّعاءات فريق المستقبل وتحليلاته، ثمّة ما يجب قوله بشأن أداء المستقبليّين في هذه الحادثة وغيرها. فمنذ أشهر، والتيّار يبحث عن نقطة انتصار تزيل عنه غبار الفشل السياسي، كمن يبحث عن طاحونة هواء ليقارعها علّه يحقّق إنجازاً. المحيطون بالرئيس سعد الحريري يقرّون بأنّ «كل شيء يسير إلى الوراء»، وكل ما حصّلوه في سنوات الحكم بدأ يتهدّم. ويمكن القول بوضوح إنّ «الإمبراطورية تنهار».
أمام هذا الخوف على المصير، لم يجد المستقبليون صيغة للمواجهة سوى المحافظة على الركائز الحالية ورفضهم خسارة المواقع والمكتسبات التي يعدّونها أساسية في الدولة. وإحدى هذه الركائز شبكة «هاواوي» التي حاول المستقبل أن يحميها عبر موقع المدير العام لقوى الأمن الداخلي. ما يقوم به الوزير شربل نحاس في وزارة الاتصالات هدّد بإسقاط ـــــ إن لم نقل أسقط ـــــ إحدى أهم نقاط القوّة لدى الفريق الرسمي في المستقبل، فكان أن حاول هذا الفريق حماية مكتسباته بما تيسّر من الأساليب.
بمعنى آخر، يعيش الرئيس سعد الحريري والمحيطون به هاجس الخروج من الدولة، وهم لم يتخطّوا بعد نتائج الخروج من الحكم.
العقلاء بين المستقبليين يتناولون ملف الطبقة الثانية من مبنى الاتصالات على أنّه «استعراض شارك فيه الجميع، بارود ونحاس وريفي». هم يدينون الجميع في «مرحلة الأزمة الوطنية الحادة»، ويطرحون سؤالاً منطقياً عن «عدم لجوء الوزير نحاس إلى هيئة التشريع والاستشارات لحل الأمور وفق القانون».
أسهل ما يمكن أن يقوله نواب المستقبل بخصوص موقعة الاتصالات أنه «افتعال سياسي يبرهن عن مدى تأثر لبنان بما يحدث في سوريا»، في محاولة لرفع المسؤولية عن التيار وممثّليه بما جرى في محيط العدلية. لكن هذا التحليل يتعارض مع مجموعة من الوقائع أهمّها أنّ فرع المعلومات دعّم تصاعدياً وجوده «العسكري» والأمني قبل أيام من زيارة نحاس. أما إذا صحّت القراءة المستقبلية، فهذا يعني أنّ التيار، بكل ما يمتلك من قدرات وعلاقات سياسية داخلية وخارجية، وقع في الفخّ وجُرّ إلى المعركة بملء إرادته، وساعد على إيصال الرسالة بمدى ارتباط لبنان بما يجري على الساحة السورية.
أمّا المتشدّدون في تيار المستقبل، فيرون أنّ ما حصل نصر، باعتبار أنّ اللواء ريفي واجه الفريق الآخر وتخطّى الأوامر ولم يتنازل، وأنّ النصر الأكبر يتمثّل بكون «داتا» الشبكة الثالثة سُحبت من مبنى الاتصالات وباتت بمأمن ما دامت في عهدة فرع المعلومات! حديث المستقبليّين عن الداتا أمر مستغرب؛ لأنه يمثّل إدانة لفرع المعلومات باعتباره شغّل «هاواوي» واستخدمها. وإن صحّ هذا الحديث، فماذا عن الشبكة؟ خسروها، وإن لم يخسروها كأجهزة ومعدّات، فإنّ الفريق الأمني المستقبلي الرسمي خسرها عملياً، إذ بات عاجزاً عن إعادة تشغيلها.
المحصّلة السياسية لموقعة الاتصالات حَوَت الآتي:
أولاً، اكتسب تيار المستقبل خصوماً جدداً، أبرزهم الرئيس ميشال سليمان الذي يدرس والوزير زياد بارود كيفية محاسبة اللواء أشرف ريفي. فرغم ما يربط سليمان بالرئيس سعد الحريري وقوى 14 آذار من وعود وخطوط حمراء رسموها معاً، يبدو أنّ سيّد بعبدا انزعج لما تعرّض له بارود، إذ رأى أنّ الأمر يمسّ به وبموقعه.
ثانياً، تبيّن أنّ حلفاء التيار، وخصوصاً من يطلق على نفسه اسم «مسيحيّو 14 آذار»، لم يتجاوبوا مع فريق الرئيس سعد الحريري، فاتّخذوا موقف الحياد لعجزهم عن دعم موقع ريفي وقراره. علماً بأنّ المسألة تحوّلت في بعض مجالس الأكثرية السابقة، إلى موقعة مسيحية ـــــ سنيّة، فكان أن اعترضت بعض شخصيات 14 آذار على أسلوب ريفي في التعامل مع نحاس وبارود، كما كان لموقف الرئيس سليمان تأثير على خيارات هذه الشخصيات المدافعة عن المواقع «المسيحيّة». وما زاد الأمر سوءاً هو تعامل قسم من المستقبليين، نواباً ورسميّين ومسؤولين، مع واقعة الاتصالات بصفتها حرباً يقودها العماد ميشال عون على الطائفة.
ثالثاً، والأهمّ، موقف الوزير إلياس المرّ ممّا حصل، إذ تبيّن أنّ الأخير فضّل تحسين علاقته برئيس الجمهورية ـــــ دون أن يكون داعماً لبارود ـــــ بدل مساندة حلفاء العمر في السرّاء والضرّاء. فيمكن القول إنّ الهواء عصف في طاحونة الاتصالات، وأبعد سفينة المستقبل إلى قعر لم يتحدّد عمقه بعد.
الاخبار

No comments:

Post a Comment