Monday, May 30, 2011

الجيش يدعو يوسف إلى فنجان قهـوة
بعدما حُسِمَت معركة السيطرة على الطبقة الثانية من وزارة الاتصالات، انتقل النزاع إلى مفتاح الباب. وبسبب المفتاح، دعت قيادة الجيش المدير العام لأوجيرو عبد المنعم يوسف إلى «تناول فنجان قهوة»، فيما يصرّ رئيس الجمهورية على إحالة المدير العام لقوى الأمن الداخلي على القضاء
حسن عليق
الانفجار الذي تعرّضت له قوات اليونيفيل عند مدخل الجنوب في الرميلة، لم يحجب الضوء عن المعركة السياسية التي دارت رحاها على باب الطبقة الثانية من مبنى وزارة الاتصالات في منطقة العدلية خلال الأسبوع الماضي. والباب لا يزال مقفلاً على ما في الطبقة المذكورة من أجهزة تشغّل الشبكة الثالثة للهاتف الخلوي التي استفاق اللبنانيون على وجودها من دون سابق إنذار.
وعلمت «الأخبار» أن فنيّي وزارة الاتصالات لم يتمكّنوا من الدخول إلى الطبقة الثانية للكشف على الأجهزة الموجودة فيها، إذ إن الباب يُفتح بواسطة بطاقات إلكترونية موجودة حصراً في عهدة عدد من موظفي هيئة أوجيرو. وقال عدد من أولئك الموظفين إن هذه البطاقات باتت في عهدة المدير العام للهيئة عبد المنعم يوسف، الموجود في إجازة في فرنسا. لكنّ يوسف نفى علمه بهذا الأمر، من دون أي إشارة إلى مكان هذه المفاتيح. وذكرت مصادر معنية بالملف لـ«الأخبار» أن ضابطاً رفيع المستوى في الجيش اتصل هاتفياً بيوسف، «موجّهاً إليه الدعوة إلى تناول فنجان قهوة في مبنى وزارة الدفاع في اليرزة». وبحسب المصادر ذاتها، فإن يوسف رحّب بالدعوة قائلاً إنه موجود في إجازة خارج لبنان، وإنه سيكون «في تصرّف قيادة الجيش» فور عودته إلى بيروت. ونفت المصادر أن تكون هذه الدعوة بمثابة استدعاء أمني، لافتة إلى أنها تهدف إلى التباحث بشأن ما جرى خلال الأسبوع الماضي، وخاصة بعد التوافق على دخول الجيش لحراسة الطبقة الثانية من وزارة الاتصالات التي تحوي أجهزة ومعدات كانت موضوعة في عهدة أوجيرو. وأعلن يوسف في بيان صادر عن أوجيرو، أمس، أنه يصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي يوم غد الثلاثاء، عند الساعة الرابعة بعد الظهر.
من جهة أخرى، أكّد مسؤول عسكري رفيع المستوى لـ«الأخبار» أن الجيش لن يدخل إلى الطبقة الثانية من مبنى الاتصالات، وأنه مكلف حصراً بحراستها، لافتاً إلى أن الجهة الوحيدة المخوّلة فتح الباب هي وزارة الاتصالات أو هيئة أوجيرو.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر قصر بعبدا لـ«الأخبار» أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان يصرّ على إحالة المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، على القضاء العسكري، للتحقيق في حادثة «الامتناع عن تنفيذ أمر وزير الداخلية زياد بارود» المتعلّق بسحب قوّة فرع المعلومات التي كانت متمركزة في الطبقة الثانية من مبنى وزارة الاتصالات في العدلية. وذكرت المصادر أن وزير العدل إبراهيم نجار والمدّعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا أكدا لسليمان أن النيابة العامة صالحة للنظر في قضية مخالفة المدير العام لأوامر الوزير. ولفتت المصادر إلى أن سليمان كان قد طلب شخصياً من ريفي تنفيذ أوامر بارود، إلا أن ريفي لم يمتثل. وسألت المصادر المقرّبة من سليمان: كيف يستقيم منطق الدولة مع مدير عام يرفض تنفيذ أوامر وزيره وأوامر رئيس الجمهورية، علماً بأنّ الأخير هو القائد الأعلى للقوات المسلحة؟». ولفتت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية الذي كان على تواصل دائم مع قائد الجيش قبل يوم الجمعة الفائت، كان قد أبلغ رئيس الحكومة سعد الحريري أنه لن يقبل بتاتاً بأن تبقى قوة فرع المعلومات في الطبقة الثانية من وزارة الاتصالات إلى ما بعد يوم الجمعة. وبحسب المصادر ذاتها، فإن سليمان أكد للحريري أنّ دخول الجيش إلى المبنى أمر مبتوت ولا عودة عنه. وبناءً على ذلك، لم يكن أمام الحريري سوى الاستجابة لما يطلبه سليمان، «فتذرّع رئيس حكومة تصريف الأعمال بالانفجار الذي استهدف القوات الدولية في الرميلة ليتّصل برئيس الجمهورية ويبلغه أن الأوضاع الأمنية لا تسمح باستمرار الخلاف، وأنه سيطلب من اللواء أشرف ريفي سحب قوة المعلومات».
في هذا الوقت، استمر وزير الداخلية زياد بارود باعتكافه عن تصريف الأعمال، مؤكداً أنه مصرّ على موقفه، ولن يتراجع عنه. ولفتت مصادر مقرّبة من بارود إلى أنه ليس في وارد العودة عن قراره، لأنه لن يقبل بالتصرف كموظف يوقّع قرارات السفر الخاصة بالقوى الأمنية وبالمعاملات الإدارية التابعة للبلديات والمحافظين. وأشارت المصادر إلى أن بإمكان «أي كان القيام بهذه المهمة، وخاصة أن بارود كان قد فوّض إلى المدير العام للداخلية بالوكالة حق التوقيع على المعاملات الإدارية».
في المقابل، أكدت مصادر مقرّبة من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي لـ«الأخبار» أن الأخير لم يخالف أمر وزير الداخلية، شارحة موقفه بالآتي: عندما بعث بارود إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، الخميس الماضي، أمراً يطلب فيه سحب قوّة فرع المعلومات من الطبقة الثانية من وزارة الاتصالات فوراً، ضمن صيغة «الأمر الفوري»، فإنّه طلب إبلاغه بالنتيجة خلال 24 ساعة. وقبل أن يعقد الوزير مؤتمره الصحافي، ردّت المديرية بكتاب تشرح فيه موقفها الذي على أساسه اتخذت قرار إرسال قوة من فرع المعلومات لحراسة الطبقة الثانية من مبنى الوزارة، بناءً على طلب من المدير العام لهيئة أوجيرو، عبد المنعم يوسف. وختمت المديرية كتابها طالبة من الوزير الاطلاع على الكتاب وإبلاغها قراره النهائي». تضيف المصادر: «إلا أن كتاب المديرية وصل إلى الوزارة بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده بارود، فرفض المعنيون في وزارة الداخلية تسلّمه». ونفت مصادر رفيعة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لـ«الأخبار» ما جرى تداوله في بعض الأوساط السياسية والإعلامية عن كون فرع المعلومات قد استغل الساعات الأربع والعشرين الأخيرة من وجود عناصره في الطبقة الثانية من وزارة الاتصالات لينقل «داتا» الاتصالات الخاصة بالشبكة الثالثة ويخفيها. وتعاملت المصادر مع ما يُشاع بتهكّم، قائلة إن فرع المعلومات موجود منذ أكثر من عام في الطبقتين السابعة والثامنة من المبنى ذاته، «ولو صحّ ما يُقال، لكان بإمكان فرع المعلومات فعل ما يريده بصمت كامل طوال الأشهر الماضية». أضافت المصادر جازمة: «لا نعرف من يشغّل تلك الشبكة، ولا نعرف عنها سوى ما أبلغنا إياه المدير العام لهيئة أوجيرو قبل عشرة أيام، علماً بأن يوسف لم يبلغنا إلا وجود أجهزة تفوق قيمتها عشرة ملايين دولار، وأنها بحاجة إلى حراسة».
عون: فليستأصل سليمان من يحرجه
وعقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعاً أمس برئاسة النائب ميشال عون، الذي أكد بعد الاجتماع أن التكتل سيتابع قضية مفاتيح الطبقة الثانية من وزارة الاتصالات، منتقداً أداء كلّ من يوسف وريفي، فضلاً عن وزير الداخلية زياد بارود. ولفت عون إلى أنه عندما كان قائد لواء، لم يكن ليغادر موقعه إذا رفض قائد كتيبة تنفيذ أوامره، بل يتّخذ إجراءات عقابية في حقه. ونفى عون حصول تسوية أدت إلى حلول الجيش محل فرع المعلومات في مبنى وزارة الاتصالات. وأكد عون أن تحرك تكتّله لا يحرج رئيس الجمهورية، بل إن مَن «أخذ المبادرة بإرسال القوة من دون طلب الوزير المختص إلى المبنى يكون هو من يحرجه. وهذا سبب إضافي ليرسل المدير العام لقوى الأمن الداخلي إلى القضاء، لأنه هو من أخذ المبادرة لا نحن. إذاً هم من يحرجوه، فليأخذ القرار ويرسله إلى القضاء. ما عليه إلا أن يستأصل من يحرجه. لست أنا ولا الوزير نحاس. وغداً يوم عمل، فلنرَ كيف سيعملون». ودعا عون رئيس الجمهورية والرئيس نجيب ميقاتي إلى الإسراع في تأليف الحكومة، بعدما «قاما بالكثير من الاستشارات (...) وما عليهما سوى تأليف حكومة تحصل على ثقة الأكثرية».
وفي مقابل عون، استمر نواب كتلة المستقبل بالهجوم على الوزير شربل نحاس، متهمين إياه بمحاولة أخذ أجهزة الشبكة الثالثة وتسليمها إلى جهة مجهولة خلافاً لقرار مجلس الوزراء. ورأى النائب أحمد فتفت أن الوزير شربل نحاس يريد «إلغاء «أوجيرو» ووضع اليد عليها»، مشيراً إلى أن طلب بارود من ريفي إخلاء مبنى الاتصالات غير قانوني. أضاف فتفت في حديث إلى قناة «الجديد»: في المبدأ، لا يجوز أن يرفض المدير العام طلب الوزير، ولكن نحن في لبنان».
الاتصالات اليوم
ومن المنتظر أن يشهد مجلس النواب اليوم جلسة حامية للجنة الإعلام والاتصالات النيابية على خلفية ملف الشبكة الثالثة. وستشهد الجلسة حضور عدد كبير من النواب، إضافة إلى أعضائها. وقد وجّه رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله الدعوة إلى وزارة الاتصالات، ومن المتوقع أن تستعيد اللجنة مشهد جلساتها خلال مناقشة ملف التنصّت نهاية عام 2008 وبداية عام 2009، ومشهد الجلسات التي جرى خلالها بحث الاتفاقية المعقودة بين حكومتي الولايات المتحدة الأميركية ولبنان بشأن تقديم هبة إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وتوقعت مصادر معنية أن يُستدعى المدير العام لهيئة أوجيرو وعدد من الموظفين العاملين فيها في وقت لاحق، من أجل الاستعلام منهم عن حقيقة عمل الشبكة الثالثة.
الاخبار

No comments:

Post a Comment