Monday, May 30, 2011

بكركي لطائف جديد ... والدوحة لا تُطمئن جنبلاطشـبكة خلويـة ثالثـة مسجلـة دوليـاً!
عندما يدخل الفراغ شهره الخامس، عالي الجبين، ولا شيء في الأفق يوحي بولادة الجنين الحكومي، يصبح مشروعاً قلق اللبناني على مصيره ولسان حاله يقول: ما الذي يفرض
هذا الحد الأدنى من الاستقرار الأمني المترجرج، في ظل افتقاد المرجعية السياسية الداخلية وانعدام المرجعية العربية والدولية التي رعت الاستقرار اللبناني خاصة
بعد مرحلة اتفاق الدوحة؟
وعندما يدخل الفراغ شهره الخامس، ويهتز الأمن تحت أقدام «اليونيفيل»، يصبح مشروعاً خوف دول «القبعات الزرق»، ما دام أهل البلد قلقين على مصيرهم ولا من سائل
أو مجيب.
وعندما يدخل الفراغ شهره الخامس، يصبح متوقعاً لدولة «المدراء العامين» أن تعبر عن نفسها في كل مؤسسة عامة، في غياب المرجعية الناظمة، ومن يتحمّل مسؤولية اتخاذ
القرار السياسي، ويصبح المدير العام، أي مدير عام، أقوى من الدولة.
عندما يدخل الفراغ شهره الخامس، ويزداد الانقسام السياسي والطائفي، يصبح لزاماً على رئيس الجمهورية أن يحاول ولو بالحد الأدنى أن يحافظ على ما تبقى من مظاهر
للدولة، فيطلب رسمياً من وزير العدل ملاحقة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي واتخاذ إجراءات قانونية في شأن عدم تنفيذه الأمر الفوري بإخلاء
الطابق الثاني من مبنى وزارة الاتصالات.
وعندما يتوغل الفراغ، يخرج صوت البطريركية المارونية منادياً بصوت عال باتفاق طائف جديد وبوجوب إعطاء المزيد من الصلاحيات لرئيس الجمهورية، فيما كان وليد جنبلاط
وعلى طريقته الخاصة يسعى الى محاولة حماية من يمثل في المعادلة اللبنانية والعربية، بطيرانه المفاجئ الى الدوحة واجتماعه بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني،
قبل عودته ليلاً، محملاً بهواجس أكثر من تلك التي عاد بها من فرنسا، بعدما لمس اتجاهاً قطرياً حاسماً برفض استئناف الحوار والتواصل مع القيادة السورية وذلك
رداً على الدعوة الجنبلاطية الى عدم القطيعة مع الرئيس بشار الأسد بدافع الحرص على سوريا وما تمثله في قلب المعادلة العربية... ولم يكتف أمير الدوحة بذلك، بل
قدّم جردة حساب مع السوريين ضمّنها إشارة الى أن الرئيس السوري يتحمّل مسؤولية نقض اتفاق الدوحة في لبنان وعدم التجاوب مع المساعدة التي قدمتها قطر اليه بفتح
الأبواب له فرنسياً وأميركياً.
وعندما يتوغل الفراغ، يفضل بعض الوسطاء حضور مباراة كرة قدم في بريطانيا، ويختار رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي أن يلتزم الصمت وتصبح واقعة إقامة رئيس حكومة
تصريف الأعمال الدائمة في بلده الخليجي الأول أو الثاني، خبراً عابراً، بانتظار مناسبة انفجار أو اختطاف لكي يصدر موقفاً مندداً أو يجري اتصالاً تذكيرياً بمسؤول
دولي أو عربي تبعاً للمناسبة.
وإذا كان استهداف «اليونيفيل» أمنياً، قبل ثلاثة ايام قد أدى الى تكبير مخاوف موجودة أصلاً حول نية وحدات أوروبية، وخاصة الايطاليين والفرنسيين بسحب مجمل قواتهم
من الجنوب اللبناني، مع مخاطر خطوة كهذه اذا انضم اليها أوروبيون آخرون، فإن «فضيحة الاتصالات» بما تحويه من أسرار حول الشبكة الخلوية
الثالثة، وكذلك حول عصيان الأوامر الرئاسية والوزارية، قد بدأت بعض خفاياها بالظهور على مشرحة اللجنة النيابية للإعلام والاتصالات.
ففي جلسة طويلة استمرت ما يزيد عن خمس ساعات، أخضعت لجنة الإعلام والاتصالات النيابية ملابسات قضية مبنى العدلية للمحاكمة، بعدما ضبطت مخالفاتها وأبطالها متلبسين
بالجرم المشهود. لكن الصورة التي عكستها اللجنة جاءت تعبيراً صادقاً عن الانقسام السياسي، لا بل الطائفي، الذي يشهده لبنان حتى حول ادنى البديهيات.
ولعل اللجنة أحسنت «جلب» المتناقضات إلى ساحة البرلمان في محاولة لأخذ هذه المسألة البالغة الحساسية إلى المؤسسة الأم أي مجلس النواب، لعل الاحتكام إلى القانون
والدستور كما إلى هيبة مجلس النواب يخفف من حدة الاحتقان السياسي وحتى الشخصي الذي ظهر في فلتات ألسنة نواب تيار المستقبل في معرض هجومهم على من يعتبرونه خصمهم
اللدود شربل نحاس.
وإذا كانت جلسة لجنة الإعلام، كما الدعوة التي وجهها رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى عقد جلسة تشريعية في الثامن من الشهر المقبل تعطيان تأكيداً جدياً على
وجوب تفعيل دور المجلس النيابي خاصة في زمن الفراغ الحكومي غير المحكوم بفترة زمنية، فإن مجريات اجتماع لجنة الإعلام، بحسب مصادر نيابية، أشـّرت بوضوح إلى وجود
فريق يحاول من خلال أدائه أن يفرض منطقاً جديداً ووقائع جديدة لا تخرج على ارادته وتحكمه.
وبحسب المشهد الذي ارتسم في لجنة الإعلام بالأمس، فإنّ تيار المستقبل ومن خلال نواب كتلته، بدا متترساً وحده في مواجهة وزير الاتصالات شربل نحاس ومع الوزير
المستهدف نواب الأكثرية الجديدة، فيما حلفاء «المستقبل» من مسيحيي 14 آذار بدوا وكأنهم لا يشاركون حليفهم «لعبة التمرّد على السلطات»، فاكتفى نواب حزب الكتائب
بالحضور ولكن من دون تسجيل أي موقف، علماً أن أوساطاً كتائبية انتقدت بشدة ما حصل في وزارة الاتصالات، كما سجلت «القوات اللبنانية» حضوراً رمزياً عبر النائب
أنطوان زهرا. وفي المقابل لوحظ أن كتلة جبهة النضال الوطني برئاسة النائب وليد جنبلاط قد نأت بنفسها عن هذه المواجهة وغابت عن الجلسة.
على أن اللغة التي استخدمها نواب المستقبل خلال الجلسة، والتي لاحظ النواب الحاضرون انه كان يجري تحريكها باتصالات هاتفية بين الحين والآخر، قامت على دفاع مستميت
عن اللواء ريفي ومدير «اوجيرو» عبد المنعم يوسف، مقابل هجوم عنيف على وزيري الاتصالات والداخلية.
وبحسب مصادر نيابية، سجلت خلال الاجتماع ملاحظة بالغة الدلالة، وتتجلى في أن كل المستندات والوثائق الرسمية المدموغة بعنوان «سري» او «سري جداً» والمتعلقة بموضوع
الشبكة الثالثة، أحضرها نواب تيار المستقبل، الى الجلسة، الأمر الذي استوجب طرح نواب الأكثرية الجديدة أسئلة حول كيفية استحصال «النواب الزرق» على هذه المستندات؟

وقد عكست هذه الخطوة المتمثلة بفتح أرشيف الدولة ونبشه، وجود قرار من تيار المستقبل بخوض دفاع موثق من جهة عن ريفي ويوسف، وهجوم موثق من جهة ثانية ضد نحاس،
وذلك للتأكيد أولاً ان هبة الشبكة الصينية هي ملك لأوجيرو وليس لوزارة الاتصالات، وثانياً لضرب علاقة وزير الاتصالات بالهبة وصلاحياته وتصويرها أضعف من أن تطوّع
صلاحيات مدير «اوجيرو».
لكن رياح المستندات لم تسر كما اشتهى نواب المستقبل، اذ ان واحداً من تلك المستندات وقد تم إحضاره باللغة الانكليزية، كشف ما يناقض كل النفي الذي تردد حول عدم
وجود شبكة ثالثة، حيث أكد هذا المستند ان هناك شبكة خلوية لبنانية ثالثة مسجلة في الاتحاد الدولي للاتصالات باسم شركة «اوجيرو تيليكوم». وهذا ما دفع الى طرح
سيل من الأسئلة حول هذه الشبكة، مَن يديرها ولمصلحة مَن، ومَن عيّن مجلس ادارتها، ومَن قام بتسجيلها وأين إيراداتها ولمَن تتبع وكم هي سعتها هل 50 الف خط (كما
قال الوزير نحاس في مقابلة تلفزيونية ليلاً) ام اكثر من ذلك؟
وبحسب المصادر، فإن النقاش اتسم ببعض الحدة، ودارت سجالات بين بعض النواب، خاصة خلال اثارة موضوع عصيان اوامر رئيس الجمهورية ووزير الداخلية. وقالت المصادر
إن النقاش وصل الى نقطة شديدة الغموض بعد طرح موضوع الطابق الثاني في مبنى الاتصالات، وأية تجهيزات يحويها، وكيف تدار، هل هي مركبة وتعمل، ام هي في «علب مسكرة»،
وهنا برز اقتراح بتشكيل لجنة فنية من «اوجيرو» ووزارة الاتصالات، من قبل وزير الاتصالات للكشف على الشبكة، لكن المفاجأة ان نواب تيار المستقبل رفضوا ذلك، بحجة
أن وزير الاتصالات هو خصمهم، واقترحوا تشكيل لجنة من القطاع الخاص فرفض الاقتراح، وامام الإصرار على الاقتراح الاول، اقترح نواب «المستقبل» اشراك يوسف فيها،
ثم تراجعوا ليقترحوا ان يتولى يوسف اختيار ممثل «اوجيرو» في اللجنة، ثم ذهبوا الى طرح تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، على أن تقوم بالتحقيق في كل شيء وقد لقي هذا
الطرح قبولاً انما على ان يكون محصوراً بالتحقيق في موضوع الاتصالات فقط.
وفي المحصلة، أمسكت لجنة الإعلام أول خيط من خلال اكتشاف واقعة وجود شبكة خلوية ثالثة مسجلة في الاتحاد الدولي، وقال مصدر بارز في لجنة الإعلام بأن اللجنة الفنية
التي سيشكلها وزير الاتصالات ستوضع لها مهمة تفصيلية للتدقيق في كل شاردة وواردة، وأن لجنة الإعلام ستواكب هذا الحدث الذي فتح على مداه، وفي ضوء تقريرها الذي
يفترض ألا يطول إعداده والمعطيات التي ستقدمها، ستعود لجنة الإعلام الى الانعقاد لكي يبنى على الشيء مقتضاه (تفاصيل ص3).

السفير

No comments:

Post a Comment