Friday, May 27, 2011

نحاس لـ«السفير»: لا شروط ولا لوائح اسمية والأمور ستعود إلى طبيعتهاالجيش يخرج «فرع المعلومات» من «الطابق الأسود» بأوامر من سليمان
عناصر من فرع المعلومات يغادرون مع أمتعتهم على مرأى من الجيش(فادي ابو غليوم)
ايلي الفرزلي
مساء أمس فض الجيش اللبناني «التمرد» من مبنى وزارة الاتصالات في العدلية، تنفيذاً لأمر من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي استعمل صلاحياته كرئيس
أعلى للقوات المسلحة.
بمجرد وصول عناصر الجيش اللبناني، سلمت القوة التابعة لفرع المعلومات لهم الطابق الثاني من المبنى، منهية حالة «شاذة» كانت قد بدأت منذ ثمانية أيام، لم تنفع
معها كل المطالبات الرسمية والأوامر الصادرة عن وزير الداخلية زياد بارود، في إنهائها.
ومع إسدال الستارة عن قضية مبنى العدلية في المتحف، بدا واضحا أن ثمة انتصاراً حققه «أهل الدولة والقانون» وفي طليعتهم وزيرا الداخلية والاتصالات زياد بارود
وشربل نحاس ومعهم شركاء أبرزهم رئيس الجمهورية الذي قام بتغطيتهما ومعه في الوقت نفسه قيادة الجيش اللبناني، ذلك أن قائد الجيش العماد جان قهوجي استخدم نفوذ
علاقته الشخصية الدافئة بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي من أجل إيجاد مخرج يكون في مصلحة البلد ولــيس في مصلحة جهة بعينها.
وفيما اعتصم بارود بالصمت بعد قراره الاعتكاف ردا على رفض قهوجي، قال الوزير نحاس لـ«السفير» اننا انتصرنا لدولة القانون ومنطق المؤسسات، ووضعنا حدا لتمرد غير
دستوري، نافيا كل ما يقال عن وضع شروط على الوزارة أو لوائح اسمية بمن يحق لهم الدخول أو عدمه للطابق الثاني، وأكد أن الوضع سيعود الى طبيعته في المبنى اعتبارا
من صباح اليوم، شاكرا كل من ساهم في الوصول الى هذه النتيجة.
سياسياً، شهد نهار أمس حركة اتصالات كثيفة بين القوى السياسية المختلفة لمعالجة الحادث، كان محورها رئيس الجمهورية، فيما قدم نحاس شكوى إلى القضاء العسكري بحق
ريفي، «لمخالفته قانون قوى الأمن الداخلي، وعدم التزامه بقرار وزير الداخلية».
وقبل تحرك قيادة الجيش لحسم الموضوع، كان سليمان قد تابع مسألة تحويل الموضوع إلى النيابة العامة التمييزية، مع كل من بارود ووزيري الدفاع الياس المر والعدل
ابراهيم نجار، إضافة إلى مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا. وإن تردد بعض الظهر أن نجار أكد لسليمان أن لا صلاحية للنيابة العامة التمييزية في خلاف بين رئيس
ومرؤوسه. وهو ما أثار استغراب أوساط متابعة للحادث، على اعتبار أن النيابة العامة كان عليها أن تتحرك من تلقاء نفسها للتحقيق في احتلال قوى الأمن مبنى وزارياً
رغماً عن إرادة الوزير المختص. وسأل هؤلاء: هل ينتظر هؤلاء سقوط ضحايا حتى يتحركوا؟
تحرك الرئيس سليمان لا يمكن فصله عما صدر عن رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، الذي كان قد وجه رسائل عدة إلى رئيس الجمهورية تتقاطع كلها عند تحميله مسؤولية
الخروج من أزمة «الطابق الأسود»، محذراً من التصعيد إذا لم تصل مساعي سليمان حتى قبل بعد ظهر الأحد المقبل إلى إخراج فرع المعلومات من المبنى. وقد أكدت المعلومات
أن تكتل التغيير كان يعد للتحرك ميدانياً عبر التوجه نحو مسرح العمليات والاعتصام هناك بحضور عون والنواب والوزراء.
ورغم عودة الامور إلى طبيعتها في مبنى وزارة الاتصالات، إلا أن الأسئلة التي رافقت الموضوع منذ امس الاول لم تهدأ، لا سيما تلك التي تتعلق بحقيقة الشبكة الخلوية
الثالثة والهدف منها ووظيفتها.
وفيما لم يتضح الكثير عن طبيعة الشبكة، إلا انه تأكد أن معظم القوى السياسية كانت على علم بها، لا بل منزعجة من وجودها، لا سيما أن عملية تجربتها كان يفترض
أن تنتهي منذ مدة، إلا أن هذه القوى لم تشأ الدخول بإشكال سياسي إضافي يزيد التشنج في البلد، عدا الحساسية التي يمكن أن تنشأ إذا ما طرح الموضوع من جانب «حزب
الله» وحلفائه، بما يعيد إلى الطاولة الحديث غير المستحب عن شبكة اتصالات «حزب الله».
أما عن توقيت إثارة الموضوع الآن، فقد أكدت مصادر متابعة أن الأمر لا علاقة له بالسياسة، إذ ان الاتفاق مع شركة «هواوي» الصينية، بعدما رست عليها مناقصة تطوير
شبكة «ام تي سي» في بداية العام، كان يقضي بأن تقوم بتحويل الشبكة الثالثة إلى الجيل الثالث مجاناً والاستفادة منها لعزيز قدرات شبكة «أم تي سي» المملوكة من
الدولة.
بناء عليه، أصدر نحاس مذكرة في 17 آذار بهذا الخصوص، كما أتبع بأمر شغل لتنفيذ المذكرة، الذي كان مقرراً أمس الاول، عبر الاستعانة بمتخصصين من الشركة الصينية،
لا سيما أن بعض معدات الشبكة مثبتة في أماكنها منذ الفترة التجريبية وبعضها الآخر لا يزال في صناديق مختومة ولم يستعمل. وترفض مصادر وزارة الاتصالات في هذا
السياق إعطاء الموضوع أكثر من حجمه التقني، إذ ان «المعدات التي حصل عليها لبنان منذ أربعة أعوام قد تصبح بلا قيمة بعد سنوات قليلة، كان من الضروري الاستفادة
منها بالحدود القصوى وهو ما كانت تنوي فعله الشركة الصينية عبر تطويرها هذه المعدات، علماً بأن الحديث عن شبكة ثالثة للاتصالات قد أقفل منذ مدة».
أمام هذه المعطيات، تسارعت الأحداث وأخذت منحى تصادمياً، أثار الكثير من الشكوك في سبب إصرار فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي وتيار «المستقبل» على التمسك
بهذه الشبكة والاستعداد لافتعال مشكلة جديدة في البلد لحمايتها، رغم أن لا أحد يستطيع أن يؤكد حتى الآن طبيعة الاستفادة منها أو عدد الخطوط الموضوعة في الخدمة.

وقالت مصادر متابعة لـ«السفير» إن إخلاء المبنى إنجاز، لكن الأهم من ذلك كان يمكن أن يتحقق لو أنه تم وضع اليد على الشبكة والطابق الثاني من دون أن يكون قد
تم تسريب الأمر لفرع المعلومات، أما وأن التسريب حصل، فإنه بطبيعة الحال، تم سحب كل «داتا» المعلومات وسنجد اعتبارا من اليوم معدات لا تحتاج سوى الى جردة إدارية
بسيطة بمساعدة الصينيين، ولكن يبقى السؤال حول الفريق الذي كان يــتولى تشغيل شبكة مقفلة وعدد من كانــوا يستفــيدون منــها ونطاق عملها ولمصلحة من.. وبالتالي،
من يستطــيع أن يفك حروف «الداتا» التي سحبها فرع المعلومات قبل محاولة شربل نحاس الدخول الى الوزارة أمس الأول وبعدها.

No comments:

Post a Comment