Wednesday, June 29, 2011

برلمان تركيا بلا كماليّيها ولا أكرادها
صفعة جديدة لأردوغان: 30% من النوّاب يقاطعون المجلس

أردوغان بعد أدائه قسمه الدستوري في أنقرة أمس (آدم ألتان ــ أ ف ب)
بدأ البرلمان التركي الجديد ولايته، أمس، وهو مأزوم جدياً. فمن أصل 550 منتخباً، دخل قاعة الجلسة الأولى 379 فقط، وقاطع جلسة القسم الدستورية 171 نائباً يكوّنون كتلتين برلمانيتين كبيرتين، إحداهما تنتمي إلى حزب «الشعب الجمهوري»، ثاني أكبر حزب في البلاد حالياً، والثانية تعود إلى أكبر حزب كردي في البلاد. نحو 31 في المئة من مقاعد البرلمان التركي ستبقى فارغة حتى الإفراج عن 9 نواب انتخبوا ولا يزالوا مسجونين، ما يعني أنّ المشاريع الكبيرة لرجب طيب أردوغان ستنام في الأدراج حتى إشعار آخر. من مصلحة جميع الأحزاب إيجاد مخرج للأزمة، لذلك سيكون عنوان المرحلة المقبلة الصراع بين الأحزاب السياسية كافة، والمؤسسة القضائية
أرنست خوري
شهد العالم والأتراك، أمس، فصلاً جديداً من الجنون السياسي التركي، عندما قاطع 171 نائباً من أصل 550، انتُخبوا في 12 حزيران، جلسة أداء القسم البرلماني، مسبّبين بذلك أزمة شرعية للبرلمان الحالي الذي سيبقى خالياً من حزبين رئيسيَّين، هما كبير المعارضة الكمالية، حزب «الشعب الجمهوري» (135 نائباً)، وكبير أحزاب الحركة القومية الكردية، «السلام والديموقراطيّة» (36 نائباً).
سيبقى البرلمان ناقص المشروعيّة حتّى يجد العقل التركي «حلّاً خلّاقاً» لأزمة 8 نوّاب انتُخبوا وهم خلف الزنزانة (6 أكراد بتهم الارتباط بحزب العمال الكردستاني، و2 عن حزب مصطفى كمال، يُحاكمان لارتباطهما بعصابات إرغينيكون)، وسط إصرار الأجهزة القضائية على منع السماح بالإفراج عنهم، وبالتالي على تجريدهم من نيابتهم، وتمسُّك حزبيهم، «الشعب الجمهوري» و«السلام والديموقراطية»، بعدم الدخول إلى قاعة البرلمان إلا خلف النواب الثمانية المسجونين حالياً.
إذاً، أدى 379 نائباً، أمس، من حزبي «العدالة والتنمية» الحاكم (326 نائباً) و«الحركة القومية» (52 نائباً بدل 53 لأنّ أحد نواب الحزب اليميني القومي المتطرف مسجون بتهم إرغينيكون أيضاً لكن حزبه رفض المقاطعة) قسمهم الدستوري، وبالتالي فإنّ البرلمان الحالي استوفى حاجز الثلثين (367)، أي أنه شرعي من الناحية الدستورية، لكن مشروعيته السياسية مشكوك فيها بما أنّ حزبين من أصل أربعة يغيبان عنه، والأهم لأن ثاني أكبر حزب يقاطعه، وحزب آخر يمثّل ملايين الأكراد غير موجود فيه. بالنسبة إلى القوانين التركية، الأمر واضح: النواب الذين تغيّبوا عن جلسة القسم الدستوري سيتقاضون رواتبهم كاملة، وسيتمتّعون بجميع الامتيازات التي تُخصَّص للنواب، لكنهم سيظلّون ممنوعين من حضور الجمعيات العمومية للبرلمان، وسيُحرمون كذلك المشاركة في أي من المهمات التشريعية والرقابية لمجلس النواب، إلى أن يقرّروا أداء قسمهم الدستوري. حينها فقط، سيستعيدون حقوقهم السياسية كنواب لديهم حقوق التصويت واقتراح القوانين والمشاركة بأعمال اللجان النيابية... من هنا، يمكن القول إنّ البرلمان الحالي، المؤلَّف من 379 نائباً بدل 550 منتخَبين، سيظلّ مشلولاً سياسيّاً، لأنّ من غير المنطقي أن يقدم حزب رجب طيب أردوغان على طرح قانون «كبير» في ظل غياب 171 نائباً بقرار سياسي، وخصوصاً أن «الشعب الجمهوري» هو ثاني أكبر حزب سياسي في البلاد، وأعرقها على الإطلاق. أما «السلام والديموقراطية» فهو الممثل الشرعي الأكبر لكتلة إثنية تركية هائلة، أي الأكراد.
انطلاقاً من هذه الحقائق، يدرك أردوغان وغيره أنه يستحيل السير بأي مشروع قانون في ظل مقاطعة هؤلاء النواب، وأنه ممنوع مواصلة الحياة السياسية التركية بغياب ممثلين عن الأكراد وكأن شيئاً لم يكن. وإلى حين التوصل إلى «حل خلاق» لأزمة النواب المسجونين، بما لا يكسر هيبة المؤسسة القضائية، سيبقى حلم أردوغان بالتوافق على مشروع دستور جديد معلَّقاً. وكان حزب «الشعب الجمهوري» قد فجّر مفاجأة قبل 30 دقيقة من موعد افتتاح جلسة القسم الدستورية التي انطلقت عند الثالثة من بعد ظهر أمس، عندما عقد زعيمه، كمال كليتش دار أوغلو، مؤتمراً صحافياً أعلن فيه أن حزبه سيلتزم قرار مقاطعة جلسة القسَم إلى حين الإفراج عن النواب المعتقلين، وذلك بعد دقائق من رفض محكمة الجنايات في إسطنبول التماساً أخيراً تقدم به «الشعب الجمهوري» للإفراج عن نائبيه. مفاجأة لأنّ جميع المعطيات التي خرجت إلى العلن، في اليومين الماضيين، ومنها إعلان الحزب المعارض أن أحد نوابه، وهو أوكتاي إكشي، سيرأس الجلسة الأولى للبرلمان، لأنه الأكبر سناً، رجّحت كفّة مشاركة «الشعب الجمهوري» في الجلسة، على أن يبقى المقاطعون الأكراد يتامى في موقفهم. لكن حزب أتاتورك فعلها، على لسان كليتش دار أوغلو، الذي شنّ حملة شرسة على قرار المحكمة عدم الإفراج عن النواب المعتقلين، وعلى حزب «العدالة والتنمية» الذي كسر زعيمه أردوغان الصمت إزاء الأزمة، بدعوته الجميع إلى عدم مقاطعة البرلمان «للتمكن من التوصل إلى إجماع على دستور جديد».
وردّ كليتش دار أوغلو، في مؤتمره الصحافي، بالتأكيد أن حزبه سيقاطع البرلمان «حتى يفرج عن أصدقائنا المنتخبين المعتقلين من السجون ليصبحوا قادرين على أداء القسم الدستوري»، في إشارة إلى الصحافي مصطفى بالباي، والأستاذ الجامعي محمد هابيرال. واتّهم كليتش دار أوغلو، أردوغان بنكران الجميل، مذكراً إياه بحادثة عام 2003، عندما وافق «الشعب الجمهوري» على إجراء تعديلات قانونية سمحت بتنظيم انتخابات فرعية أتاحت في حينها انتخاب أردوغان نائباً بعدما مُنع من الترشح للانتخابات العامة التي جرت في 3 تشرين الثاني 2002 بسبب سريان قرار منعه من مزاولة العمل السياسي العائد إلى عام 1999. حتى إنّ كليتش دار أوغلو أعرب عن التضامن الكامل لحزبه مع النواب التسعة الممنوع الإفراج عنهم، خاصّاً بالذكر النائب المسجون عن «الحركة القومية» إنغين ألان، والنواب الأكراد الستة المعتقلين أيضاً. ووصل الأمر بزعيم الحزب المعارض إلى الدفاع عن النائب الكردي الذي قرّرت اللجنة الانتخابية العليا شطب نيابته، محمد خطيب ديكل، منتقداً أردوغان الذي علّق على قضية ديكل متسائلاً: «ألم يجد الأكراد مرشَّحاً غير خطيب ديكل المحكوم قضائياً؟». وعن هذا التساؤل، ردّ كليتش دار أوغلو بالقول: «عندما وافقنا على انتخاب أردوغان في 2003، لم نسأل حزبه لماذا لم يجد مرشحاً آخر غير أردوغان المحكوم قضائياً» في حينها.
وأمام ما بدا أنه اتفاق بالصدفة بين حزبَي «الشعب الجمهوري» و«السلام والديموقراطية» الكردي، ظهر موقف موحَّد بين «العدالة والتنمية» الحاكم و«الحركة القومية» اللذين انتقدا مقاطعة الحزبين الآخرين لجلسة القسم الدستوري، رغم وجود أحد نواب الحزب القومي في الاحتجاز الاحتي
________________________________________
«بروتوكولات» من أوجلان إلى أنقرة
نصح الزعيم الحالي لحزب العمال الكردستاني، مراد كرايلان (بغياب عبد الله أوجلان (الصورة))، السلطات التركية بالأخذ في الاعتبار الاقتراحات التي أرسلها إليها أوجلان، والتي نشرتها صحيفة «ملييت»، أول من أمس، على قاعدة أن «العمال الكردستاني» يريد تسليم أسلحته ليكون عام 2011 عام حلّ الأزمة الكردية؛ لأنّ الحزب المذكور «ليس حزباً انفصالياً ولا يريد تقسيم تركيا». واقترح أوجلان ثلاثة «بروتوكولات» على مسؤولين أتراك التقوه الشهر الماضي في سجنه في جزيرة ايمرلي، تتضمّن إصلاحات دستورية لمنح حكم ذاتي إقليمي، والتعليم باللغة الكردية و«شروطاً لاستبعاد كلي للعنف ونزع السلاح على أساس الصفح المتبادل». وأضاف كرايلان أن أوجلان طلب أيضاً إنهاء عزلته. وأكد أن «الوفد الرسمي الذي التقى أوجلان الشهر الماضي، لم يرفض هذه البروتوكولات. قالوا إنهم سينقلونها إلى الدولة والحكومة (...) ونحن ننتظر جواباً». ورأى كرايلان أن عام 2011 سيكون «مصيريّاً» بالنسبة إلى الشأن الكردي، مشيراً إلى أنه إذا «اتخذ البرلمان موقفاً إيجابياً إزاء النواب الأكراد الستة المسجونين، فسيساعد ذلك في تعميق مسار السلام، وإلا فسنقاوم».
(الأخبار، أ ف ب)الاخبار

No comments:

Post a Comment