Saturday, June 25, 2011

عون واختبار السلطة: إصلاح أم «قُم لأجـلس مكانك»

ناخبو عون مقتنعون بأنه الساحر الذي سيأتي لهم بالتغيير والإصلاح (أرشيف ــ مروان طحطح)
نصف الدولة أو أكثر، صار بين يدي النائب ميشال عون عبر وزرائه. وزراؤه يقفون في هذه الحكومة على رأس الوزارات الاكثر قدرة على التأثير في حياة اللبنانيين. بعد اليوم، لن يعود التيار الوطني الحر قادراً على القول: منعونا من العمل. إنه وقت الامتحان
غسان سعود
في ولايته السابقة، نجح الوزير فادي عبود في امتحان الطبخ، أطعم اللبنانيين الفلافل وشاركهم إعداد أكبر صحن حمّص في العالم. ونجح في تلك الولاية أيضاً في امتحان إطلاق الوعود من تعزيز الشرطة السياحية إلى تنظيم أوضاع التاكسيات قبالة المطار. الآن ينتظر المواطنون منه النجاح في امتحان «أن يكون وزيراً للسياحة» الذي تهرب منه عبود في الدورة السابقة، بعدما تعذر عليه تحقيق 1% من الوعود التي أطلقها.
الفنادق في البلدات المجاورة لمنزل عبود في بكفيا والأسواق الصغيرة والقرى المنسية تترقب مشاريعه السياحية لإنمائها، فعلاً لا قولاً. وكذلك البلدات على طول الطريق من الساحل الكسرواني إلى الأعالي حيث لعبود منزله في منتجع فقرا. وبعيداً عن الجبل المنسيّ، بيروت نفسها تتطلع إلى تمكن معاليه من اجتذاب سياح جدد لم يسمعوا بلبنان سابقاً أو لم يكن لبنان على خريطتهم السياحية، لا سيما أن أعداداً كبيرة من الخليجيين الذين كانوا يأتون براً إلى لبنان، لن يأتوا هذا العام بسبب المشاكل في سوريا والحدود السورية ـــــ الأردنية والسورية ـــــ العراقية شبه المقفلة. زحلة تسأله عمّا أعدّه لها لينشّط الحركة السياحية التي خملت فيها في العامين الماضيين، جونية أيضاً تسأل، وصور وبنت جبيل والبترون والمنية وغيرها، الضنية تسأله إذا سمع أصلاً عن الجمال الذي يسكنها.
منذ أعلنت الحكومة الجديدة، لم يعد يمكن تكتل التغيير والإصلاح ادعاء وجود من يعرقل تحقيقه لتطلعاته التغييرية والإصلاحية. فللعونيين في الحكومة الحالية حصة الأسد وأهم الوزارات من جهة، وهم جزء من التحالف الحاكم من جهة أخرى. وبالتالي فإن المجتمع الذي أكد في أكثر من استحقاق ثقته بالعونيين الذين وجهوا مختلف أشكال الانتقادات للحكومات المتعاقبة، يترقب اليوم أفعال العونيين ليرى ما إذا كانت ثقته في محلها أو أن القضية العونية لا تعدو كونها «قم لأجلس مكانك».
الآن يحكم العونيون البلد، من الآن وصاعداً هم شركاء في تحمّل مسؤولية أي هدر للمال العام، وكل خلل في معالجة أمنية، وكل استمرارية لفاسد في الإدارة الرسمية، وكل زحمة سير، وكل فساد في وزارة المال ومتفرعاتها، وكل انقطاع مفاجئ للكهرباء، وكل إهمال بيئي وثقافي وسياحي، وكل طلقة رصاص يتبادلها جبل محسن وباب التبانة، وكل زفت يوزع في غير محله، وكل يوم عمل إضافي لشركة سوكلين، وكل إجحاف في قرار قضائي، وكل تأخر من محمد الحوت في الإعلان الواضح والصريح عن الأرباح التي تحققها شركة طيران الشرق الأوسط، وكل اعتداء على الأملاك البحرية وكل مشاكل الصناعيين والزراعيين. فالمواطن الذي انتخب العونيين بحماسة وأراحه وصول العونيين إلى السلطة التنفيذية ينتظر خطوات إجرائية تحسن وضعه، لا تبريرات من نوع: «التركة الحريرية تثقل الدولة» و«بناء الدولة لا يكون بسحر ساحر». أولئك الذين اقترعوا لعون في الانتخابات يرون حقاً أن عون هو الساحر الذي سيأتي لهم بالتغيير والإصلاح. مع الأخذ في الحساب أن غالبية المقترعين للتيّار الوطني الحر في الانتخابات النيابية والبلدية والنقابية هم من غير الحزبيين، ولن يجد هؤلاء بالتالي حرجاً في تغيير رأيهم الانتخابي إذا أفقد الوزراء العونيون التيار صدقيته. وبالتالي لا يُتعب العونيون من الآن وصاعداً أنفسهم بالكلام. لهم الساحة، الوقت للأعمال: لن يجد الوزير جبران باسيل من يحمّله مسؤولية عرقلة خطته لإنتاج الكهرباء، تماماً كما لن يجد الوزير نقولا صحناوي من يبتسم له موافقاً حين يحاول تبرير الارتفاع الاستثنائي لكلفة الاتصالات في لبنان أو ضعف الشبكات. لن يأكل أحد الحمّص والفلافل والفول مع الوزير فادي عبود قبل أن يبدأ عملاً جدياً لإنعاش القطاع السياحي في كل لبنان، تماماً كما لن يجد الوزير غابي ليون زحلاوياً واحداً ينتخبه في الانتخابات النيابية المقبلة (من غير العونيين الملتزمين) إذا لم يثبت أنه ليس مجرد «استمرارية لنهج الوزير القواتي سليم وردة» كما صرح أخيراً.
والتحديات السياسية كبيرة أيضاً بالنسبة إلى وزراء التغيير والإصلاح. ثمة قضايا شغلت العونيين خمسة عشر عاماً وشكلت أساساً لخطابهم ولورقة التفاهم مع حزب الله تأجل تحقيقها بحجة عدم امتلاك العونيين وحلفائهم الأكثرية في مجلس الوزراء، يفترض أن تجد طريقها الآن إلى الحل، أهمها كما ورد في وثيقة 6 شباط 2006: «إقرار قانون انتخاب عصري قد تكون النسبية أحد أشكاله الفعالة»، «تفعيل مؤسسات ومجالس الرقابة والتفتيش المالي والإداري»، «فتح تحقيقات قضائية تكفل ملاحقة المسؤولين واسترجاع المال العام المنهوب»، «العمل على إصلاح إداري شامل يكفل وضع الشخص المناسب في المكان المناسب»، «إقفال ملف المفقودين في الحرب»، «حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى إسرائيل»، «إنهاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وترتيب الوضع الأمني داخلها». لن يقف خصوم عون الحانقون والمختنقون اليوم، متفرجين في الأيام القليلة المقبلة.
عون يحكم. اليوم موعد اختبار صدقية الجنرال، يتحدد هذا الأمر من خلال: بقاء سهيل بوجي أميناً عاماً لمجلس الوزراء أو عدمه. ذهاب رئيس هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف إلى مكتبه أو إلى منزله. استمرار فرع المعلومات بوظيفته أو عدمه. وأخيراً فتح السجون كما وعد الجنرال قبل أيام للفاسدين والمفسدين أو عدمه. فمشكلة الجنرال مع الوزير السابق زياد بارود كانت في عدم إقدام الأخير على الاستقالة حين شعر بالعجز أو حين اكتشف أن الكلام عن الإصلاح والتغيير شيء وفعلهما شيء آخر.
الاخبار

No comments:

Post a Comment