Wednesday, June 22, 2011

«أميركان انترست»: «حزب الله» في قلب سيناريوهات الحرب على إيران
المخاطر كبيرة... والمنزلقات محتملة والأولويـة «لتغيير النظام الإيراني»
جنى سكري
ترى كيف سيكون شكل حربٍ على إيران؟ سؤال طرحه المدير السابق لوكالة الاستخبارات في وزارة الدفاع الأميركية جيفري وايت، وأجاب عليه في تقرير طويل في دورية «ذا
اميركان انترست» الأميركية (عدد تموز ـ أب)، بدا فيه ان «حزب الله» سيكون له دور محوري في هذه الحرب المحتملة، التي لا تستثني سوريا.
يقول وايت ان ثمة توافقا في الولايات المتحدة على نقطتين، أولاهما ان حصول ايران على أسلحة نووية أمر «مرفوض»، وثانيتهما هو «اننا نفضل تحقيق أفضل النتائج من
دون استخدام القوة». ولا يحتدم النقاش إلا عندما يقال ان الاحجام عن استخدام القوة، كفرض العقوبات أو اللجوء إلى التخريب التقني، لا يؤتي ثماره.
قد يبدو مبسطا القول ان هناك معسكرين يتجادلان، أولهما يخشى حصول طهران على الأسلحة أكثر من خشيته من تداعيات الحرب، وثانيهما يخشى تبعات الحرب. المعسكر الأول
يميل الى التقليل من شأن مخاطر استخدام القوة، في حين يبالغ المعسكر في التهويل من هذه المخاطر.
بعيدا عن المعسكرين، يقول وايت، وهو باحث في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، في تقريره في «ذا اميركان انترست» ان «الحروب غالبا ما تنتج عواقب غير متوقعة»،
و«ان حربا ضد ايران من الصعب الاحاطة بها تحليليا أكثر من غيرها».
ويرى وايت ان «هجوما تقوده واشنطن سيكون مجرد مرحلة أولى من الحرب، أو الفعل الافتتاحي لدراما ستطول، بمشاهد لا يمكن ضبطها. ونظرا الى السياق السياسي الذي ينبثق
منه أي تدخل عسكري، من المرجح أن يتفاقم هجوم صغير ليصبح اختبار قوة لا يشمل الولايات المتحدة وايران فقط، ولكن طائفة من الحلفاء والشركاء».
ثمة ثلاثة مفاهيم تحكم النقاش حول تورط عسكري أميركي ضد ايران، هي: التعقيد، بمعنى عدد البيادق المتحركة في رقعة محددة؛ الغموض، بمعنى عدم معرفة العوامل السببية
والعلاقات التي تحكمها، فعلى سبيل المثال قد لا تكون الحكومة الأميركية على علم لا بالوضع التقني للبرنامج النووي الإيراني أو جهوزية القوات الايرانية ولا بالكيفية
التي سيرد فيها الجيش والشعب الايرانيان على أي هجوم وما ستطلبه طهران من حلفائها وما سيقوم به هؤلاء بالفعل. أما المفهوم الثالث فهو الحرب.
هذه المفاهيم مترابطة، فعدد كبير من اللاعبين المتورطين في المسألة الايرانية سيجعل من الصعب تمييز ما يجري بوضوح ما ان يبدأ القتال، والمشهد سيبقى مائعا ما
دامت الحرب مستمرة، لفترة لا بأس بها كما يتوقع.
أما الحرب وقد وقعت، فهي لن تقتصر على الميدان، بل ستشمل مجالات أربعة: العسكري والدبلوماسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى مستويات اربعة: السياسي والاستراتيجي
والعملاني والتكتيكي.
السياق الذي تبدأ فيه الحرب مهم ايضا. فهل ستندلع الحرب خلال مسار دبلوماسي طال أمده، أو في غياب مثل هذا المسار؟ هل ستعمل الحكومة الأميركية على تعبئة «تحالف»
يؤيدها في الحرب، ام ستخوض الحرب وحدها؟ هي أسئلة تثير أخرى من قبيل: هل سيكون الأميركيون مستعدين لما بعد الحرب مثل ارتفاع أسعار النفط؟
غاية الحرب قد تدور في ثلاثة أفلاك: الأول، الحرب قد تنفع لتأجيل البرنامج النووي الإيراني عبر تدمير المنشآت والأصول البشرية، الثاني، إنهاء هذا البرنامج عبر
تدمير أشمل رقعة وضرب أصول خاصة بالنظام كالجيش والبنى التحتية والقيادة، وثالثا تغيير النظام برمته.
الهدف الأول يفترض إذاً أن الحرب ستكون عبارة عن هجوم قصير ومحدد يستهدف المنشآت النووية، يعتمد على أنظمة الحرب الالكترونية والجوية والبحرية، في حين ان الهدف
الثاني يتطلب حملة جوية وبحرية أطول، بينما يتطلب الهدف الثالث هجوما عسكريا أشمل يطال المنشآت النووية وأهداف القيادة الايرانية ومؤيدي النظام والبنى التحتية
وقدرات الرد الايرانية وخلافه. في هذا السيناريو لا يمكن استبعاد الخيار البري، ولا يمكن تجاهل مخاطر مثل إغلاق مضيق هرمز.
توسع الحرب أفقيا وارد، برأي وايت، فـ«القادة الايرانيون قد يستسلمون أو يوافقون على هدنة، ولكنهم قد لا يستطيعون فرض قرار مماثل على قادة «حزب الله» وغيرهم
من المجموعات»، وهنا «مستوى جديد من العلاقة بين التعقيد والغموض»، جوهره «حرب من ستكون؟».
يرجح الباحث وايت ألا تقتصر الحرب على خصمين: الولايات المتحدة وإيران، فلكل منهما حلفاء وشركاء.
«التحالف الغربي» قد يشمل واشنطن وحلفاءها التقليديين، يسمي وايت منهم تركيا «وإن كان ذلك غير مرجح نظرا الى التطور الذي طرأ على السياسات التركية»، وبعض دول
الخليج والأردن وربما مصر «حسب الوجهة التي تنحو اليها ثورتها». وقد «لا تفضل الحكومة الأميركية مشاركة إسرائيلية»، ولكنها «لن تتمكن، على الأغلب، من إبعاد
إسرائيل إن تعرضت هذه الأخيرة لهجوم»، كما قال وايت مرجحا ان «تسعى الدبلوماسية الإيرانية ووحداتها العملانية الى استغلال المشاركة الاسرائيلية حتى آخر رمق».

لإيران تحالفها ايضا. «حزب الله» على وجه الخصوص «قد يتصرف بأمر إيراني لمهاجمة إسرائيل مباشرة واستخدام قدراته العسكرية غير التقليدية لتوسيع رقعة الحرب وزعزعة
التحالف الغربي». و«التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» قد يجر سوريا وحماس إلى الحرب لتنتشر في كامل أنحاء الشرق الوسط وربما أبعد».
ليس هذا فحسب، إذ «قد تجد الولايات المتحدة نفسها في حرب سرية تتعرض فيها لهجمات إرهابية خارج ميدان النزاع، أو قد تجد نفسها في خضم حرب سياسية تعمل على إضعاف
دعم الدول الأخرى واللاعبين الآخرين في التحالف الغربي أو حتى في حرب اقتصادية تعمل فيها ايران على زعزعة سوق النفط، أو في حرب تدعو فيها طهران الى تضامن إسلامي
معها».
ولأن الحال كذلك «معقدة ومحفوفة بالمنزلقات» يقترح وايت على الولايات المتحدة «تنفيذ تغيير للنظام قبل أن يتمكن هذا النظام من اللجوء الى ألاعيبه»، أو ربما
«البدء بخطوات صغيرة، وإذا ما صعد الايرانيون نحو الحرب، فعليكم بالخيار الأول أي تغيير النظام»، قبل أن يستدرك قائلا «من النافل القول ان تلك مقاربات يصعب
التحكم بها كما انها عالية المخاطر».
وبعد استعراض «الأصول العسكرية التقليدية التي تملكها إيران»، وبينها «الشيعة في البحرين والسعودية باعتبارهم موردا مفيدا ومحيطا لعمليات إرهابية وغير اعتيادية»،
يقول وايت انه «فيما يحدق الخطر بإيران على حدودها في أفضل الأحوال، نحن لسنا بمأمن من الخطر اينما كان»، ليس لأن الصواريخ الايرانية قادرة على «الوصول الى
أهداف في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط وخاصة القواعد الأميركية في المنطقة» فحسب، بل «لان لدى إيران وسائل اخرى لشن حرب إقليمية، تشمل حلفاءها».
وعلى سبيل المثال، يقول وايت «من المرجح ان تحث ايران «حزب الله» على ضرب إسرائيل. وقد يتوقع الحزب ان تسانده ايران في هذه الحرب أو أي حرب مع اسرائيل. وفي
كلتا الحالتين قد تنخرط سوريا» في الحرب حسب وايت.
ويتابع الباحث في «معهد واشنطن» ان «بإمكان «حزب الله» الآن ان يضرب أهدافا في كامل أرجاء اسرائيل. وصواريخه على دقة تكفي لضرب المنشآت العسكرية وغيرها من المنشآت
المهمة، وبإمكانه أن يطلق ما بين 500 و600 صاروخ يوميا. كما لدى «حزب الله» القدرة لتنفيذ عمليات خاصة ضد أهداف عسكرية ومدنية وضد البنى التحتية خارج نطاق الحرب»،
وإذا ما تمكن الحزب من الحصول على «نظام ياخونت من الصواريخ المضادة لسفن، فقد يكون بإمكانه ضرب أهداف على بعد 300 كيلومتر من الساحل اللبناني».
القوات السورية هي ايضا «منتشرة بما يكفي لشن حرب»، كما يشير وايت، و«حماس» ايضا، رغم قدراتها المحدودة مقارنة مع قدرات «حزب الله»، «ولكن بإمكانها ان تطال
تل ابيب» وجنوب فلسطين المحتلة.
ويرى وايت ان «تصعيد الحرب قد يجري على ثلاثة مستويات: أفقي (أي في مناطق من الشرق الأوسط وربما أبعد في أوروبا والولايات المتحدة) وعمودي (أي يعتمد على أنواع
مختلفة من الأسلحة بما في ذلك اسلحة الدمار الشامل) ومستوى المجالات الأخرى» المذكورة سابقا كالحرب الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية...
ويختم وايت تقريره في «ذا اميركان انترست» انه إذا قررت الولايات المتحدة ضرب إيران، فعليها حتما ان تستعد لحرب ضروس. والأهم، على القادة الأميركيين ألا يقللوا
من شأن مدى هذه الحرب، أو يسيئوا قراءة طبيعتها.. هي مطالب لا بد من الاستجابة لها في ضوء أدائنا في حربي العراق وأفغانستان».

No comments:

Post a Comment