Wednesday, June 29, 2011

جعجع يواصل التصويب على "حكومة الأنظمة البائدة"

في لقاء اعاد جمع المكونات "الآذارية"، الحزبية منها والمدنية وطعم بحضور ديبلوماسي، اقر حزب "القوات اللبنانية" امس نظامه الداخلي في احتفال حاشد اقيم للمناسبة في معراب. والاقرار الذي يتوقع ان يجعل من 28 حزيران احدى المحطات المفصلية في تاريخ الحزب، يأتي في توقيت محلي واقليمي لافت، تطبعه التحولات الجارية عربيا وولادة "حكومة اللون الواحد" داخليا. هذه التحولات شكلت مع ارتداداتها محور كلمة رئيس الحزب سمير جعجع الذي صوّب في اكثر من اتجاه. ففيما جدد هجومه على "حكومة الأنظمة العربية البائدة"، و"الوصاية غير المنقحة"، توقف عند ظواهر خطف غير اللبنانيين وإعادتهم الى بلادهم بسبب آرائهم السياسية، واعتقال بعض الهاربين من الثورات ومآسيها، منتقدا موقف لبنان في مجلس الامن "والذي يبدو وكأنه يسلّم بما يجري من قمع دموي، في اكثر من دولة عربية." وقطع كلمته بعبارات مرتجلة بالعامية قائلا: "ما تعلمو شيء من التاريخ، همهم الجغرافيا".
وربط بين خطوة إقرار النظام الداخلي الذي تطّل "القوات" من خلاله "بحلّة ديموقراطية متجددّة"، بمراكمتها بُعداً وطنياً مهماً في معادلة الحرية والسيادة والاستقلال والكرامة والمفاعيل الإيجابية لإقرار النظام، التي تتعدى الحياة السياسية في لبنان والمنطقة، لتطرق ابواب بقية الاحزاب.
واذا كان الكلام عن المحكمة الدولية والقرار الاتهامي المتوقع في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري غاب عن كلمة جعجع، فهو حضر في الشريطين الوثائقيين اللذين اعدا للمناسبة، وتضمنا في ما تضمناه استعادة لمسيرة الشهادة، ضمنها شهداء "ثورة الارز"، وعرضا لشهادات قياديين في الحزب عن ابرز البنود القانونية التي تضمنها النظام الجديد، الى مقابلة مع الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير تناول فيها معاني المقاومة، بالتزامن مع استحضار مجموعة محطات سيادية من نداء بكركي عام 2000 وصولا الى الانسحاب السوري عام 2005. وتميز الاحتفال بكلمة لعضو الامانة العامة لقوى 14 آذار سمير فرنجية ركز فيها على انعكاسات الخطوة "القواتية" لجهة ردم الهوة بين مكونات 14 آذار الحزبية والرأي العام الاستقلالي، مذكرا باعتذار جعجع عن كل ضرر تسببت به "القوات"، وهو ما أضفى بعداً أخلاقياً على التحّول. ورأى ان اعادة "القوات" تأهيل نفسها، يرتّب عليها مسؤولية إضافية في المساهة مع الشركاء في إعادة تأهيل الدولة. وهنا قاطعه جعجع ممازحا "خلينا نخلص هلق!".
وقال جعجع "في اللحظة التي يبدأ فيها تحول تاريخي بنيوي عميق في المنطقة كلها، نرى لبنان، الذي كان مرتع النهضات وحركات التحرر ومختبر الديموقراطية في هذا الشرق، يعود خطوات الى الوراء من خلال ممارسات رسمية غير مفهومة، انتهت بتشكيل حكومة اقل ما يقال فيها إنها حكومة الأنظمة العربية البائدة".
وسأل "كيف لنا ان نفسر خطف مواطنين غير لبنانيين على ارضنا وإعادتهم الى بلادهم، فقط بسبب آرائهم السياسية، وبعيداً من الأصول الادارية والقضائية القانونية المطلوبة، واعتقال بعض الهاربين من اهوال الثورات والمآسي، وإعادتهم قسراً الى بلادهم حيث قد ينتظرهم الموت المحتم؟ وموقف لبنان في مجلس الامن والذي يبدو في شكل او آخر، كأنه يسلّم بما يجري من قمع دموي، في اكثر من دولة عربية؟ وقيام حكومة في هذه اللحظة الحاسمة أقل ما يقال فيها انها حكومة وصاية غير منقحة؟ وخير دليل على ذلك ما صدر فوراً عن بعض اقطابها والمشاركين فيها من إسفاف وتهديد بالابعاد والنفي، والتهويل بزج المعارضين في السجون، والتلويح بالاقتصاص من كل آخر، وبأن يقتلع من الادارات العامة، كل من ليس مطواعاً بين ايدي النظام العربي البائد. حتى في عز ايام الأنظمة العربية البائدة، لم يرض الشعب اللبناني ذلاً وقهراً، فهل تنتظرون منه ان يقبل بذلك الآن؟ ".
واستعاد محطات من تاريخ "القوات" ولا سيما "قرارها الاستراتيجي الموافقة على وثيقة الوفاق الوطني"، لافتا الى ان "البعض لم يكن ليتوقّع أن تنجح باستنباط سلاحٍ أنجع من السلاح الذي تخلّت عنه بإرادتها (...)".
وبعدما ذكّر بالمراحل التي قطعها النظام، تناول التصوّر الأولّي الذي وضع عام 1991 وكان من المفترض أن يقر في خريف 1994 وصولا الى إقراره اليوم بمادةٍ وحيدة من الهيئة العامّة.
واشار الى ان النظام "كرّس ديموقراطيةً حقيقية تتمثلّ في انتخاب قيادة الحزب مباشرةً من القاعدة الحزبية. وعلى صعيد المراقبة والمساءلة والمحاسبة، نصّ على وجوب إنعقاد المؤتمر العام للحزب مرّة في السنة على الأقل، لمناقشة القيادة الحزبية في السياسة العامّة".
ولفت الى "اضافة مدماك جديد على بنيان الديموقراطية في لبنان، في وقت تثور شعوب المنطقة قاطبةً طلباً للحرية والكرامة الانسانية"، ملاحظا "انها ربما المرة الاولى تلاقي الشعوب بعضها بعضاً في تاريخ هذه المنطقة، بانسجام تام، ومن فوق جدران الحدود وأسوار الانظمة بصوت واحد وصرخة واحدة: الشعب يريد...، حرية سلمية... كرامة... ديموقراطية..."
واعتبر فرنجيّة "ان الجهد الذي بذلته القوات يساهم في تحديث الحياة السياسية و يساعد على انهاء حالة من انفصام الذات لم يعد ممكناً التغاضي عنها، حالة انفصام بين مطالبتنا بتطبيق الديموقراطية على المستوى الوطني العام من جهة، ورفضنا تطبيقها في مؤسساتنا الحزبية من جهة أخرى.


"لبنان الحر"

وكان جعجع القى مساء الاثنين كلمة في الاحتفال بذكرى تأسيس "اذاعة لبنان الحر" (راجع الخبر ص 27) تطرق فيها الى الاوضاع السياسية وقال "ان معارضتنا لن تكون كمعارضتهم بل ستكون معارضة بناءة عن حق وحقيقة وديموقراطية فعلا، فلن نجلس في الوسط التجاري، ولن نسمح لانفسنا بتعطيل الحركة في البلاد ولو لنصف ساعة بل على العكس سنقوم بكل ما بوسعنا لتبقى البلاد في حياة بغض النظر عن آرائنا السياسية (...).
هذه الحكومة واضحة جاءت ولديها مهمتان رئيسيتان، اولا لتشكيل خط دفاع اول عن النظام السوري في الوقت الحاضر بعد سقوط كل خطوط الدفاع الاول عن النظام تقريبا، باستثناء روسيا، وثانيا لمواجهة القرار الاتهامي، واكبر دليل ما يحصل في البيان الوزاري والمحكمة الدولية، وهي لم تأت لاصلاح الكهرباء ولا المياه ولا الطرقات او اي شيء يهم المواطن اجتماعيا".
وعن موضوع المحكمة الدولية قال جعجع "كلام الفصل سيكون في القرار الاتهامي، الذي اصبح على بعد اسابيع ان لم يكن اياما، ومجريات المحاكمة التي ستحصل امام اعين كل الناس".
ريتا صفير

النهار

No comments:

Post a Comment