Monday, July 25, 2011

> هل تشمل حماية الشهود مرتكبي جرائم؟

هل تشمل حماية الشهود مرتكبي جرائم؟

المحكمة العادلة لا تتساهل مع جريمة اعتقال أشخاص لنحو أربع سنوات تعسّفاً، لكن يبدو أن معايير العدالة الانتقائية لقضاة المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال
الرئيس رفيق الحريري قد تسمح لبعض المجرمين بالإفلات من الملاحقة والعقاب

عمر نشابة

سُجن المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد لنحو أربع سنوات (2005 ـ 2009) من دون أن يواجه بالأدلة التي تبرّر اعتقاله، فيما يعدّ جريمة بحقّه
سنداً إلى المعايير القانونية والحقوقية الدولية التي تدّعي المحكمة الدولية احترامها. وهو يطالب المحكمة، منذ آذار 2010، بتسليمه مستندات يحتاج إليها لمقاضاة
من ظلمه.
صدر يوم الجمعة الفائت قرار جديد عن قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، أمر فيه المدعي العام دانيال بلمار بأن يسلّم السيد ووكيله المحامي أكرم عازوري،
خلال مهلة تنتهي اليوم، المستندين السريين الرقم 65 والرقم 178. لكن القاضي نفسه كان قد أمر المدعي العام في 6 تموز الفائت (تأخر تسجيل الأمر في قلم المحكمة
الى 21 تموز لأسباب لا تزال غامضة) بأن يسلّم السيد مجموع 134 مستنداً خلال مهلة انتهت في 14 تموز. وأمر فرانسين كذلك بأن يقدّم بلمار تقريراً شاملاً عن انصياعه
لأوامره بهذا الشأن خلال مهلة انتهت في 21 تموز. لم ينفّذ المدعي العام أوامر القاضي، بل استعاض عن ذلك في 14 تموز بتوجيهه مذكرة، بصفة طارئة، طلب فيها عدم
تسليم المستندات الى السيد بحجّة أن ذلك قد يعرّض بعض الشهود للخطر. واستند بلمار الى مذكرات وجّهها بعض الذين ترد أسماؤهم في المستندات التي يطلبها السيد.
لكن المعلومات عن طلبات السيد يفترض، بحسب الاصول، أن تبقى بين القاضي والمدعي العام والمستدعي، فكيف علم بها الأشخاص الذين ترد أسماؤهم في المستندات، ما دفعهم
الى التعبير عن مخاوف على سلامتهم وأمنهم؟ سأل السيد في مذكرة أودعها القاضي في 15 تموز، عن ذلك وطلب من القاضي اتخاذ الإجراءات المناسبة بحقّ بلمار لعدم انصياعه
للأمر الصادر عنه في 6 تموز. وجاء الردّ في حكم القاضي فرانسين الأخير على النحو الآتي: «إن قاضي الإجراءات التمهيدية يشير، بناءً على فحص أولي للمستندات، الى
أن وحدة دعم الشهود والضحايا تعدّ إعادة تقويم المخاطر مبرّرة»، وتابع نصّ الحكم إن «مبدأ الحيطة يقتضي انتظار نتائج إعادة تقويم المستندات قبل تسليمها الى
السيد ووكيله». ودافع القاضي عن تسريب بلمار المعلومات عبر تبريره استشارة وحدة دعم الشهود والضحايا، وأضاف إن المادة 133 (الفقرة ب) من قواعد الإجراءات والإثبات
تتيح للمدعي العام التواصل مع الشهود في هذه الحالة وذلك mutatis mutandis بمعنى أن المادة تطبق وفق التغييرات الموجبة (قياس). «وبالتالي، فإن إثارة السيد أن
المدعي العام قد تجاوز السرية التي يفترض أن يتمتع بها قرار 6 تموز عبر اتصاله بالشهود ليست مبنية على أساس قانوني».
يثير حكم القاضي فرانسين تساؤلات عن التوازن الذي يفترض أن يكون قائماً بين المستدعي والمدعي العام في هذه القضية، إذ يبدو أن فرانسين يمنح المدعي العام صلاحية
الاستناد الى إجراءات مصممة لغرفة الدرجة الأولى (مستنداً الى المادة 97). وقد جاء في المادة 133 من قواعد الإجراءات والإثبات (الفقرة ب) «يسعى الفريق الذي
يطلب من غرفة الدرجة الأولى الأمر بتدابير الحماية الى الحصول على موافقة الشخص الذي تُطلب من أجله تدابير الحماية». ويجوز لغرفة الدرجة الأولى أن تنعقد في
غرفة المذاكرة لتحديد «التدابير الملائمة لتسهيل إدلاء المتضررين والشهود المعرضين للخطر بشهاداتهم» (الفقرة جيم 3 من المادة نفسها). لكن، سنداً إلى نصّ المادة
97 التي جاء فيها: «تطبق على الإجراءات لدى قاضي الإجراءات التمهيدية أحكام المادة 133»، وبالتالي يصبح النصّ mutatis mutandis على النحو الآتي: «يسعى الفريق
الذي يطلب من قاضي الإجراءات التمهيدية الأمر بتدابير الحماية الى الحصول على موافقة الشخص الذي تُطلب من أجله تدابير الحماية. ويجوز لقاضي الإجراءات التمهيدية
أن يحدّد التدابير الملائمة لتسهيل إدلاء المتضررين والشهود المعرضين للخطر بشهاداتهم».
لكن يبدو أن في ذلك خطأ ارتكبه القاضي في تفسير النصّ وإشارة الى تجاوز واضح لقواعد الإجراءات والإثبات ارتكبه المدعي العام.
فلم يطلب الادعاء العام (الذي يعدّ فريقاً في هذه القضية) من القاضي فرانسين «الأمر بتدابير الحماية» لمصلحة الأشخاص الذين ترد أسماؤهم في المستندات إلا بعدما
تواصل معهم وأعلمهم بأن السيد يسعى إلى الحصول على المستندات التي ترد أسماؤهم فيها. وكان يمكن أن يطلب المدعي العام تلك الحماية منذ 6 تموز أو منذ أن علم بلائحة
المستندات التي يطلبها السيد عام 2010. لكنه لم يفعل، ما يجعل القاعدتين 133 و97 غير قابلتين في هذه القضية. فهل يطعن السيد بقرار فرانسين أمام غرفة الاستئناف؟

الاخبار

No comments:

Post a Comment