Sunday, July 31, 2011

في ضوء «ضبط» خطوات «المحكمة» على إيقاع السياسة اللبنانية«رفـع السـرية»: لمـاذا الآن ومـا الهـدف منـه؟
نبيل هيثم
بدا التنسيق واضحاً بين مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بيلمار وقاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين في القرار الذي اصدره الاخير قبل ثلاثة ايام، بكشف
الهوية الكاملة لعناصر ينتمون الى «حزب الله» متهمين،بحسب القرار الاتهامي الصادر اواخر حزيران الماضي، بالتورط في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ويقول مواكبون
للمسار الاتهامي ان بيلمار طلب فاستجاب فرانسين واصدر قرار رفع السرية.
ما بادر اليه «الدانيالان» قد يفسر بانه إجراء تقني يقع في صميم صلاحيات قاضي الاجراءات التمهيدية بحسب ما تحدد قواعد الاجراءات والاثبات للمحكمة الخاصة بلبنان،
وبالتالي ليس في الامر مخالفة او تجاوز لتلك الصلاحيات والاجراءات. ولكن اجراء كهذا في ظل التجربة مع تلك المحكمة، وخاصة في الشق المتعلق بالقرار الاتهامي حصرا،
وسّع مساحة الاسئلة حول ابعاده وما يرمي اليه في اللحظة السياسية الراهنة، ولا سيما ان حركة القرار الاتهامي، وكما تبيّن منذ التسريب الاول في ديرشبيغل، نحت
في اتجاه استثمار سياسي لخدمة سعد الحريري وحلفائه في «14 آذار»، وضبطت على حركة الوقائع السياسية الداخلية، ومن هنا تثير خطوة «دانيالي المحكمة الدولية» ملاحظات
واسئلة منها:
اولا: اين يخدم قرار رفع السرية حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري، وهل يقود الى تحقيق العدالة وكيف؟
ثانيا: من اختار هذا التوقيت لرفع السرية: بيلمار ام فرانسين، ثم هل صحيح ان بيلمار قام مؤخراً بزيارة الى الولايات المتحدة الاميركية، وتشاور مع مسؤولين في
امور على صلة بالقرار والاتهام؟
ثالثا: بصرف النظر عما اذا كان قرار رفع السرية مندرجاً ضمن نطاق صلاحيات قاضي الاجراءات التمهيدية ام لا، فهو صدر قبل انتهاء مهلة الثلاثين يوماً لإنفاذ مذكرات
التوقيف السرية بحق افراد «حزب الله» والمحددة في الحادي عشر من آب المقبل، فلماذا لم ينتظر فرانسين حتى انتهاء المهلة؟ ولماذا لم يقرن فرانسين او بيلمار، القرار
الاتهامي حينما أحيل الى السلطات اللبنانية في 30 حزيران برفع السرية عمن يعتبرون متورطين، علما ان المحكمة الدولية قرنت صدور القرار الاتهامي ببيان نص على
«ان فرانسين قرر الإبقاء على سرية قرار الاتهام لمساعدة السلطات اللبنانية على الوفاء بالتزامها توقيف المتهمين»، فأين يستقيم القول مع الفعل هنا، وألا ينطوي
قرار رفع السرية والكشف عن صور المتهمين وسيرهم الذاتية ومضمون الاتهامات، على خرق واضح لقراره الاول بإبقاء السرية، ولأية مصلحة قرر افشاء السرية، فهل فقد
الامل في السلطات اللبنانية؟ وهل تبلغ من هذه السلطات أنها عاجزة عن الوفاء بالتزامها توقيف المتهمين؟
رابعا: جاء قرار فرانسين ليؤكد ان مضمون التسريبات التي تمّت على شكل جرعات إعلامية في السابق، كان دقيقاً جداً، وهو بذلك يعطي تأكيداً على انكشاف التحقيق الدولي
امام التدخلات والتوجيه عن بعد. فضلاً عن انه بتقديمه سيراً ذاتية مفصلة عن المشمولين بالاتهام، بالاضافة الى تقديم صور قديمة وجديدة لكل منهم، يقدم «إخباراً»
ضد بيلمار والتحقيق الدولي، لكونه ارتكز على معطيات قدّمتها اجهزة، قد تكون لبنانية او غير لبنانية، تستطيع ان تصل الى حيث لا يستطيع الآخرون، وتتمتع بقدرات
عالية وفعالة، وكل ذلك يتجاوز بالطبع قدرات المحكمة وبيلمار وفرانسين!
خامسا: الرغم من تأكيد «الدانيالين» على البعد التقني لقرار رفع السرية، فإن من المؤكد ان هذا القرار لا يخرج عن سياق القرار الاتهامي ومواقيته. فهل هو ايضاً
خطوة متعمـّدة تستبق حصول تطور دراماتيكي قريب قد تشهده الساحة الداخلية، خاصة ان التجربة مع التحقيق الدولي أثبتت، وبالتسريب الملموس، ان تحريك القرار الاتهامي
يتم مع محطات لبنانية، فهو اما يواكبها او يسبقها او يليها. فأولى المحطات الاستثمارية للقرار كانت بالتسريب في ديرشبيغل قبل الانتخابات النيابية صيف 2009،
والمحطة الثانية كانت على عتبة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة البديلة لحكومة سعد الحريري، وأما الثالثة فجاءت مستعجلة بتصديق القرار الاتهامي في 28
حزيران ثم إحالته السريعة الى السلطات اللبنانية في 30 حزيران بالتزامن مع انعقاد الحكومة الميقاتية لإقرار بيانها الوزاري. فإذا كانت إحالته من بيلمار الى
فرانسين واكبت تكليف ميقاتي، واذا كان ابلاغه الى السلطات اللبنانية واكب انطلاقة الحكومة الميقاتية، فعلى أي حدث داخلي يراهن قرار رفع السرية الآن؟
سادسا: هل هي مصادفة أن يصدر قرار رفع السرية قبل انتهاء مهلة الثلاثين يوماً بنحو اسبوعين.. وبعد ايام قليلة على بدء الحديث الداخلي مجدداً عن اعادة تحريك
ملف الشهود الزور.. وبعد ايام قليلة من الاعتداء على قوات اليونيفيل ومسارعة اسرائيل الى اتهام «حزب الله» بالوقوف خلف الاعتداء.. وايضاً مسارعة بعض الاطراف
المحليين الى توجيه الاتهام نفسه؟!
سابعا: هل ثمة رابط بين صدور قرار رفع السرية عشية بدء شهر رمضان، وبين ما يُحكى عن عودة مرتقبة لسعد الحريري، لإطلاق مجموعة مواقف خلال مآدب رمضانية، بما يعيد
رفع الحساسيات السنية الشيعية؟
ثامنا: هل ينطوي رفع السرية، مع ما سيتم الكشف عنه من تفاصيل في 11 آب، على قرار خفي بإعادة اغراق البلد في اجواء الشحن السياسي والمذهبي، ما قد يساعد على مراكمة
العناصر القادرة على فرض وقائع جديدة تعيد وضع المحكمة الدولية كبند اول في اجندة العمل الدولي، لعل ذلك يساهم في احداث تغييرات دراماتيكية في الميزان السياسي
الحالي في لبنان؟
تاسعا: هل يهدف رفع السرية الى خلق «رمضان سياسي لبناني» من قبل سعد الحريري وفريقه وحلفائه في 14 آذار لإسقاط الحكومة اللبنانية، يلاقي «الرمضان السوري» الذي
حدّدته بعض المعارضات السورية لإسقاط نظام الرئيس بشار الاسد؟!
عاشرا: هل ينطوي هذا القرار، وما قد يليه، على محاولة ارباك الواقع الحكومي اللبناني وقطع الطريق على اية نجاحات محتملة للحكومة الميقاتية، وايضا على محاولة
جديدة لنسف العلاقة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبين قوى الأكثرية المكوِّنة لحكومته؟
حادي عشر: هل سيؤدي هذا القرار الى حمل الأكثرية الجديدة على كسر منطق المجاملة الذي رفعته مع انطلاق العهد الحكومي الجديدة، وبالتالي يكون فتح ملف شهود الزور
على مصراعيه، واحداً من اسلحة المواجهة المباشرة، كما الاعلان عن وقف تمويل المحكمة الدولية؟

No comments:

Post a Comment