Friday, August 19, 2011

> أين أموال المهندسين؟

أين أموال المهندسين؟
من انتخابات نقابة المهندسين في نيسان الماضي (أرشيف ــ مروان طحطح)

■ تدقيق غامض ■ استغلال الحسابات المجمّدة
ناقش مجلس نقابة المهندسين، خلال الأشهر الماضية، ما اكتشفه من فضائح مالية متواصلة منذ أكثر من 10 سنوات، ولا سيما ما يتصل منها بالحسابات المجمّدة في المصارف
ومعدلات فوائدها، إضافة إلى كلفة الاستشفاء، وعقد الإدارة مع شركة التأمين، والمهمات الغامضة لشركة التدقيق، وتلزيمات مراكز النقابة التي جرت بلا اعتمادات مرصودة

محمد وهبة

فُتح الملف المالي في نقابة المهندسين على مصراعيه. أموال النقابة كانت تُستغل من قبل 3 مسؤولين في الحدّ الأدنى. الباقون لم يكونوا بعيدين عن عملية استغلال
أموال المهندسين المجمّدة في المصارف، لأنهم كانوا يرابطون على مسارب مختلفة للحصول على منافع أخرى. هذه الخلاصة التي توصل إليها أعضاء في مجلس النقابة، تضمنت
أيضاً إشارة واضحة إلى أن سيطرة تيار المستقبل على نقابة المهندسين لأكثر من 10 سنوات تنطوي على فضائح لم يتمكن بعد مجلس النقابة من تفكيك كل عناصرها. فما تبيّن
منها إلى الآن متصل بـ4 ملفات: الحسابات المجمّدة في المصارف، عقد التأمين مع شركة «ميد غلف»، التدقيق الداخلي والخارجي، تلزيم مراكز النقابة.
ففي الأشهر الخمسة الأخيرة، وضع أمين المال في النقابة بول ناكوزي يده على كل مفاصل الارتكابات المالية السابقة. وتظهر هذه الارتكابات أن الحسابات المجمّدة
بالدولار وبالليرة استبيحت لغايات شخصية، فيما كان يقتات عليها بعض المسؤولين السابقين في النقابة. طرف الخيط يبدأ بعشرات الحسابات المفتوحة في مختلف فروع المصارف
العشرة الأولى في لبنان، رغم أنه لا مبرر لكل هذه الحسابات التي يمكن اختصارها بواحد في كل مصرف، من دون أن تتأثر أي عملية، بصرف النظر في أي فرع حصلت.
في الواقع، يردّد أعضاء في مجلس النقابة أنه كانت هناك مصارف مفضّلة لدى النقيب السابق، أمين المال السابق، ورئيس الدائرة المالية، رغم أن قوانين النقابة تفرض
عليهم ألا تتجاوز الأموال المودعة لدى مصرف واحد أكثر من 16%. لكن لا أحد يعلم لماذا كانت حسابات مصرفي «بنك ميد» و«بلوم بنك» تتخطّى هذه النسبة؛ فالأول كان
لديه 17.7% من حسابات صندوق النقابة بالليرة والثاني 17.6%. وفي حسابات صندوق التقديمات الاجتماعية، تبيّن أن حصّة هذين المصرفين كانت 26.4% و24%. أما باقي
الحسابات في مختلف المصارف الأخرى فكانت حصّتها من الحسابات الإجمالية المجمّدة تتراوح بين 1% و6%.
تزامناً مع هذا الأمر، كانت الفوائد على الحسابات المجمّدة تختلف بين فرع وآخر في المصرف الواحد. فعلى سبيل المثال، كانت فوائد حسابات الدولار لدى فروع «بنك
ميد» تتراوح بين 2.75% و4%! وهذا الأمر كان ينسحب على كل الحسابات المجمّدة، أي إن الاتفاقيات التي كانت تحصل بين النقابة والمصارف كانت تختلف بحسب كل فرع،
ما استدعى من ناكوزي إعداد دراسة تؤكّد أن الإيرادات الفائتة من تشتّت الحسابات واختلافها بين فرع وآخر ومصرف وآخر، تبلغ 1.6 مليار ليرة سنوياً. فأقرّ أعضاء
مجلس النقابة المستقبليون بالمبدأ، ولكنهم زعموا أن قيمة الإيرادات الفائتة 250 ألف دولار (367.8 مليون ليرة). على أي حال، إن الوفر المحقق حالياً بقيمة 1.6
مليار ليرة ناتج من توحيد الحسابات في كل الفروع وتوحيد الفوائد في المصارف بنسبة 4% على الدولار و6% على الليرة.
كل هذه الصورة لم تدفع مجلس النقابة إلى بدء المحاسبة، ولا يزال منصاعاً لرغبة أطراف سياسية تسوّق لـ«نسيان الماضي»، ولا سيما أن بعضهم كان حاضراً حضوراً دائماً
في مجلس النقابة السابق وما قبله أيضاً، وبعضهم كان في مواقع قيادية. ما كان يحصل لم يقرّ به فعلياً رئيس الدائرة المالية الذي أعطاه مجلس النقابة إجازة إجبارية،
قبل أن يمددها له لفترة 15 يوماً جديدة، لكن الوقائع واضحة: القانون يفرض على النقابة أن تجري استدراج عروض فصلياً لأسعار الفوائد في السوق المصرفية، إلا أن
المذهل أنه لم يكن يحصل ، وإلا «أين كان مدّعو المعارضة؟ وماذا كانوا يفعلون؟ وهل سيُكشف عن السرقات ويحوّل المرتكبون إلى القضاء؟ أليست هذه أموال المهندسين
وتعويضاتهم وصناديق رعايتهم التي تُسرق؟»، يسأل أعضاء في مجلس النقابة.
مرّت أكثر من 10 سنوات قبل أن تتكشف حقائق الحسابات المجمّدة، أي إن أكثر من 10 مليارات ليرة من إيرادات الفوائد فاتت صناديق النقابة و«قطفها» بعض المسؤولين
(صحيح أن حجم المبالغ ربما كان أقل، لكن معدلات الفائدة كانت مرتفعة خلال السنوات الماضية). لكن الملف الثاني الملتهب، أي ملف شركة التأمين «ميد غلف»، هو الأكثر
غموضاً حتى الآن والأعلى كلفة في النقابة. فالشركة التي مُدّد لها سنتان قبل انتهاء ولاية النقيب بلال العلايلي في نيسان الماضي، أي «ميد غلف»، تماطل حتى الآن
في إعطاء مجلس النقابة المعلومات اللازمة للتدقيق في ملفات الاستشفاء. العلاقة بين الشركة والنقابة مبنية على عقد يحدد موجبات «ميد غلف» بإدارة نظام الاستشفاء
وسداد الأكلاف التي تزيد على السقف الذي تدفعه النقابة لاستشفاء المهندسين بقيمة 16 مليون دولار. دائماً كان السقف يستنفد من دون أن يُتخطّى! واللافت أيضاً
أن بيانات الاستشفاء لا تزال مخفية، والإحصاءات التي يحصل عليها مجلس النقابة هي عبارة عن معلومات مشتتة ومبعثرة. فليس هناك ملف لكل مهندس، ولم يطّلع المجلس
على أي إحصاءات عن العمليات وحجمها ومدى تكرارها... فيما تحصر شركة التدقيق عملها في مراقبة المجاميع.
أيضاً، تكشف الملفات التي ناقشها مجلس النقابة، خلال الأسابيع القليلة الماضية، أن أمين المال أوقف مبلغ 3 ملايين دولار للشركة بسبب فواتير تثير الشبهة. كذلك
اكتشف وجود فواتير بقيمة 800 مليون ليرة عن عام 2010 كانت نائمة في خزانة رئيس الدائرة المالية، علماً بأن العقد مع «ميد غلف» يفرض أن تكون كل فواتير السنة
مسدّدة في نهاية 31 أيار، وأن تبرأ ذمة الشركة بعد ذلك. أثار الأمر أسئلة كثيرة؛ فلماذا لم تدفع هذه الفواتير؟ ولماذا لم تطالب بها الشركة قبل هذا الوقت؟
في السياق نفسه، لا بد من الإشارة إلى أن «ميد غلف» كانت تبيع بوالص تأمين صحية وغير صحية في النقابة لعائلات المهندسين، بما يقدّر مجموعه بنحو 16 مليون دولار،
على ما يقول أعضاء في النقابة.
أما مهمات شركة التدقيق، فهي غير معروفة وغير واضحة، لأن مسؤولي الشركة أقرّوا أمام مجلس النقابة ونقيب المهندسين بأنهم ليسوا مطّلعين كفاية على العقد الموقّع
مع النقابة ليكتبوا تقارير التدقيق! فما هي وظيفة هذه الشركة في النقابة؟

52 في المئة

هي نسبة الولادات لدى المهندسين وفقاً لأرقام «ميد غلف»، علماً بأن المعدّل الوطني لا يتخطّى 16%

64000 بوليصة صحية

هو عدد المهندسين الذين يحملون بوالص تأمين صحية صادرة عن «ميد غلف»، وهو رقم يشمل عائلاتهم

تلزيمات

لزّمت نقابة المهندسين، في آخر ولاية النقيب بلال العلايلي، إنشاء 3 مراكز للنقابة في صيدا، زحلة والنبطية، بلا اعتمادات (الجمعية العمومية رصدت في 1995 مليون
دولار كلفة كل مركز). بلغت قيمة تلزيم إنشاء مركز زحلة 1.9 مليون دولار، فيما تزيد الأسعار على تقديرات الاستشاري بـ30%، وقد عزلت من المناقصات كل ما هو إليكتروميكانيك
(تكييف، مصعد...)!

No comments:

Post a Comment