Sunday, August 21, 2011


اردوغان ......آخر الانكشارية في حملة الحاج اوباما على السلم الاهلي

الاحداث السياسية المتسارعة وتعقيدات الموقف الدولي , باتت سريعة ومباشرة لكي تقول للسياسيين بالفم الملأن . أنتم كذابون ودجالون . ويشترك بعض السياسيين مع العهرة والقوادين الذين لاتخجلهم الحقائق الدامغة والكذب , طالما هناك من صغار المراهقين السياسيين في العالم من يلحسها في اليوم الثاني بفعل أو تصرف صبياني يسحب الانظار عن الحدث المهم , وطالما كانت الفضائيات , تتخصص في هذا النوع من الخدمة وتتلذذ به .
اوباما قال قبل ايام :أن سوريا ستكون افضل بدون بشار الاسد . وسريعا جاء الرد على الارض , ومجزرة في 12 محافظة عراقية وسقوط 300 شهيد بتفجيرات انتحارية , كان امريكا سببا مباشرا لها باعتبارها دولة محتلة للعراق أولا , وأنها تريد إرباك العملية السياسية في العراق لتمرير مشروع بقاء القوات الامريكية فيه ثانيا , والذي يرفضه الشارع العراقي رفضا باتا , في حين أن السياسيين في العراق مهددون بالتصفية وتهم الفساد وقاذورات أخرى , اذا لم يصوتوا لصالح المشروع , أو أنهم غير مستعدين أساسا لممارسة أي دور وطني , قديما قال بوش سيء الصيت , أن العراق سيكون افضل بدون صدام حسين .
وتفجيرات الاثنين الدامي في العراق , كان لها عدة أذرع نفطية , للغرض نفسه , ضمن حملة تنفذها دولة الحجاز لافشال الحكومة الحالية , بعد أن وقفت الى جانب الشعب البحريني في مواجهة العائلة الحاكمة , وضمن حملة تهتف لها تصفق كيانات سياسية , اصبحت محسوبة على عائلة ال سعود بشكل سافر ومكشوف , وفضائيات عراقية , تشم منها رائحة النفط قبل أن تسمع المذيع يتشدق بنشرة الاخبار , فكيف سنكون سوريا افضل يا أوباما ؟
وقبل أن ينشف لُعاب اردوغان اللاهث كمهرج على المسرح الاقليمي , وبعد أن نفذ صبره لعدة مرات , ليس منها حينما صفعته اسرائيل صفعة محكمة في اسطول الحرية , وبلع الطعم . قبل أن ينشف ريقه من التهديد والوعيد , جاءته رسالة حزب العمال الكردستاني , وبدل أن يكمل دور الراعي لحقوق الانسان والحاقن لدماء السوريين الاشقاء , ويبعث وزير خارجيته الى سوريا برسالة حاسمة . بعث طائراته الحربية لتدك القرى الكردية في شمال العراق , وتقتل العشرات من الاطفال والنساء , دون أن يكون لهؤلاء اي دور سياسي في العملية , وسكت ضمير العالم الغائب وهيومتس رايتس ومنظمة العفو الدولية كما صمت اوباما صمت القبور . وطبيعي أن تسكت الاذناب . ولم ينفذ صبر اردوغان , حينما استنجدت بعض العوائل السورية القابعة في المخيمات التركية بالسلطات التركية , لمنع عمليات اغتصاب للنساء في هذه المخيمات على ايدي القوات التركية , وهو خبر اوردته وكالة الانباء السورية , وأكد مراسل الوكالة الالمانية للأنباء .
وأبو متعب الذي نصح سوريا وذكرها بالحرية واخلاقنا وديننا وقيمنا , جاءه الرد سريعا من بعض الصحف البريطانية التي لم يستطع شراءها , وعلقوا جميعا مازحين على هذه النكتة , وذكّره البعض بمن لاط أو ليط به في لندن , من العائلة , ولم تشمله مقولة ديننا وقيمنا واخلاقنا .
في العودة الى اردوغان وحزب العدالة والتنمية وتركيا الحديثة لحقبة ما بعد الفضيلة . يُعد اردوغان (السياسة والحزب وأصوات الناخبين ) , رجل المرحلة لمشاريع امريكا والغرب واسرائيل في المنطقة .


وحقبة ما قبل اردوكان وحزب العدالة والتنمية , كانت تركيا تسير سيرا حثيثا باتجاه الدولة الحديثة القوية المتطورة , وبذلك استوفت كل الشروط التي تؤهلها للدخول في الاتحاد الاوربي , وأحرجت اوربا بهذا التقدم , فلم يكن لاوربا من عذر بالرفض , واصبحت تماطل وتختلق العوائق , ولما كانت فرنسا والمانيا قد وضعت خطا أحمر لأنضمام تركيا , كان لابد من سياسة بعيدة المدى تبعد تركيا عن هذا المطلب , وتكون موضع قبول من كل دول اوربا , فكان حزب العدالة والتنمية والتوجه الشعبي في العودة الى الماضي والاسلمة , وكان اردوغان رئيس البلدية الذي اطلق صواريخ كلامية ضد النظام العلماني وباع أربكان ومن معه وما حملوه من رؤى بثمن بخس , واستجاب الشعب التركي الذي يقف على شاطئين ,للنشاط الاعلامي المكثف , وترحيب اوربا بالقادم الجديد وان كان يخالف الدستور تحت مسمى الحرية والديمقراطية , وبانتصار حزب العدالة والتنمية , حقق الغرب المقولة الاولى في رفضهم تركيا , وهي أن تركيا دولة اسلامية التوجه والنزوع , وتعتمد ايدلوجية دينية لاتتناسب مع النمط السياسي الاوربي . أراد حزب العدالة والتنمية أن يركب الموجة ويقفز على الحقائق . ويستجيب بخضوع كامل لكل مطالب اوربا , ويمثل كل الادوار السياسية ليصل الى الهدف , تماما مثلما يفعل الاخوان المسلمون في العالم الاسلامي , وبغية أكمال الحلقة واسلمة النظام التركي بالكامل ولو على سبيل التسمية , صعّد حزب العدالة والتنمية ناشطه الاخر عبدالله غول كمرشح لرئاسة الجمهورية , ولما اعترض الجيش بشدة على هذا الترشيح وتهديده للنظام العلماني , رحبت اوربا بهذا الترشيح ودعمته وانتقدت الجيش وهددت تركيا بعقوبات وأشهرت مقولة الحرية والديمقراطية , وبصعود غول الى الرئاسة , اقفلت تركيا على النمط الاسلامي , واستراحت اوربا من هذا الهم , وعلى ايدي حزب العدالة والتنمية جرت اسلمة كل المؤسسات الكبيرة بدءأ بالقضاء الذي اصبح في جيب العدالة والتنمية وانتهاءا بالجيش الذي استقال جنرالاته تحت ضغط أمريكي لافساح المجال للعدالة والتنمية لممارسة دور الهدم في تركيا ولعب ادوار قذرة نيابة عن الاخرين . وشطب كل انجازات تركيا الحديثة على مدى ثمانين سنة , وآخر معركة سياسية يخوضها حزب العدالة , وتسانده فيها اوربا وأمريكا بصورة واضحة ,هي معركة تغيير الدستور التركي , الذي بقوم مبدأ مدنية الدولة وعلمانيتها , وبعد أن أزاح الحزب كل العوائق التي تعوق هذا المطلب من سياسيين علمانيين وجنرالات الجيش , ورواد مجتمع مدني . اذن الان لاتوجد مصالح تركية يرعاها السياسيون الاتراك , انما هناك مصالح غربية ينفذها الاتراك , منذ أن قامت تركيا الحديثة مثلت حارسا امنيا , وحاجزا أمام المد الشيوعي في المنطقة , وذراعا عسكريا للناتو , حيث يعتبر الجيش التركي اكبر جيش في الناتو , وظل كذلك وهو مهيأ للعب دور ضد ايران في المنطقة , استكمالا لدوره السابق , فاذا كانت الحكمة ان يكون الجيش في السابق حاميا لنفسه ومصالح الاخرين , فما هي الحكمة من أن يؤدي هذا الجيش ادوارا ليست له , وما هي الحكمة من الا يستطيع هذا الجيش (العضو في الناتو ) أن يحمي القرار السياسي , عندما تعرض اسطول الحرية التركي الى الهجوم وقتل تسعة اتراك , لم تستطع تركيا أن تحرك ساكنا , كما لم تتحدث اوربا والناتو عن دعم اوربي لتركيا في موقفها , وربما كانت تركيا تعلم ذلك يقينا , اذن ما الحكمة أن يظل الجيش التركي في الناتو للخدمة فقط , وتنظيف قاذورات الاخرين السياسية , وما الحكمة من أن تتعرض اكثر من 200 شركة تركية للطرد من ليبيا وخسارة مشاريعها وتضرر المصالح التركية في ليبيا , ولم يستطع القرار السياسي المهرج لاردوغان , ولا الجيش التركي أكبر جيش في الناتو والحارس الامين , أن يمنع هذا الشتاء التركي الثقيل , بل وأن يلجم ألسنة المتمردين الليبين الذين مسحوا الفضائيات باردوغان وسياسة تركيا عبر تصريحاتهم , بل أن التصريحات صدرت من اوربا ومن القذافي بإعطاء دور تجاري مهم للشركات اليونانية (غريم تركيا السياسي ) للعب ادوار اقتصادية في ليبيا . وما الحكمة من أن يخدم هذا الجيش الذي اصبح يميّعه القرار السياسي المراهق لحزب العدالة والتنمية , أن يخدم في جبهات الغرب البعيدة , ولم تسعفه اوربا بحل منطقي وسليم لمشكلة الاكراد في تركيا , لا بل تذهب بعض الدول الى حماية هذا الحزب وتقديم الدعم اللوجستي له .

أذن فالى اين يقود حزب العدالة والتنمية تركيا , والى أين يقود اوردوغان هذا الحزب , الا يُشم من هذا التوجه غباء سياسي ظاهر , ألم يكن الغرب وامريكا ينسجون من صوف تركيا كفنا لها , ومن غباءسياسييها ضربة لاستقرارها وحياديتها , الا يحقق هذا التوجه مقولة أن الاسلامويين لا يعرفون الا الجلوس على الكراسي , ويبدأون بترقيع المشكلات التي تستجد بان يبيعون خدمات للأخرين ولا بأس ببيع البلاد نفسها .
ضمن هذه المقدمات فان تركيا لاتملك حصانة كافية ضد الازمات والتشظي وضد الحروب , كما أنها لاتستطيع أن تعترض على توجه دولي قوي ضدها . إن قام الداعي لذلك , فهي تختزن مشكلة كبيرة , هي مشكلة الجنوب الكردي والذي يقطنه 12 مليون نسمة , يسكنون في بلدات ومحافظات مهملة تطبق فيها الاحكام العرفية , مع فقر و شحة خدمات , ومنع من ممارسة الحقوق الثقافية , بالاختصار هم مهمشون سياسيا واجتماعيا , يعني أن ملف الاكراد ملف حقوقي وسياسي جاهز وموضوع على الطاولة , في برلمانات ومجالس أممية كثيرة ,ولا يلزمه الا عرض على التصويت واستصدار قرار اممي , وفرض حظر طيران , هذا كمثال وارد , مثلما اتخذت البرلمانات الاوربية قرارا بالتصديق على مذبحة الارمن في تركيا , ومسؤولية تركيا عن ذلك , وكان آخرها البرلمان السويدي الذي أقر الواقعة , ومرة أخرى لم تستطع تركيا الاعتماد على اوربا , ولم يشفع لها خدمات جيشها الحارس على مدى 50 عاما ولا يزال , أن تمنع عن نفسها هذه التهمة , بمعنى آخر انها دولة شرق اوسطية حالها حال اي دولة اخرى كانت صديقة لامريكا وانقلبت عليها . وللتاريخ فان باكستان بدأت بمثل ما تبدأ به تركيا الان , من تقوية للأحزاب الاسلامية وتمكينها للصعود الى السلطة , ودخول الامريكان على خط الجيش المباشر الذي دفعته امريكا الى التأسلم , ثم عاتبته على طول صلاته وعدد ركعاته وحضانته للأرهاب , لتنتهي باكستان دولة فاشلة , تخترقها طائرات عسكرية اجنبية وتغتال كوادر فيها بعد أن تمكث اربعين دقيقة في الجو وتغادر قبل أن يتنبه الرادار الوطني لدخول الطائرات . كذلك لم تكن تركيا بقوة ومكانة يوغسلافيا لسابقة حينما انقضت عليها الذئاب .
ومن هنا فإن أكبر جريمة غير منظورة يمارسها حزب العدالة والتنمية , في زج تركيا في وضع اقليمي معقد وتوجهات غريبة لرسم المنطقة من جديد , وهي لا تملك حصانة كافية للدخول في هذا المعترك الذي إن فشل , أو أفشلته ارادة الشعوب فستحتاج الدول الغازية الى كبش فداء تدفعه الى المحرقة , وليس هناك اضعف من تركيا التي ستكون متورطة بما فيه الكفاية , وأكبر جريمة يمارسها اردوغان هي أن يستثمر جهل الشعب التركي وعاطفته الدينية الذي لم يشأ أن يعرضها في بازار السياسة , ولم يشأ أن يتلاعب بها اردوغان أو يعيرها الى ابو متعب بائع الحرمين الشريفين , أو الى أمريكا التي لا تقع تركيا ضمن جغرافيتها , كما لايتأثر الاقتصاد الامريكي اذا انحدرت تركيا الى هذا الحضيض .


يصف صاموئيل هنتجتون تركيا في كتابه صدام الحضارات , أنها من الدول المتصدعة , بمعنى أنها قدمها اليمنى في شاطيء والاخرى في شاطيء آخر , ولم تحسم أمر توجهها الثقافي والاجتماعي والسياسي . وقد حاول اتاتورك أن يحسم هذا التوجه بجملة اجراءات سياسية , ونجح في بعض المساعي . فتركيا لاهي اوربية كما تشتهي , ولاهي اسلامية بعد أن اصبح التركي قوميا , وعاد الى تدوينه وصنع لغة وثقافة خاصة به, ليس فيها تحديدات ولا مجد تاريخي ولا سياسي , الان يلعب حزب العدالة والتنمية على هذه التناقضات , مما يعني أنه يمارس جريمة حضارية بحق الشعب التركي , وليس في وارد فهمه ولا جدول اعماله ولا اعمال الحزب مراعاة الهوية الثقافية للبلد , ولا التنمية البشرية فيه , بقدر ما يتوافر في رأسه وادبيات الحزب السبيل الامثل لتحقيق الفوز بالانتخابات .
وبالمقارنة مع نظام الحكم في سوريا , التي يريد اردوغان أن يعيدها الى العصر العصملي , نجد أن النظام السياسي في سوريا منذ الاستقلال والى اليوم استطاع بنجاح منقطع النظير انتاج نموذج ثقافي عربي حضاري وتنقيته من تأثيرات الاستعمار وتعبئته بروح وطنية , نموذج بعيد عن سذاجة الاعرابي المتغول , الذي لا يُحسن في السوق مشية , كما يقول ابو حيان التوحيدي , وبعيد عن المتفرنج الذي يرطن بالفرنسية ويفكر بالثورة . وبعيدا عن مرتزقة كانوا على هامش الحياة احيتهم الصدقة والرشى ومسح اكتاف الاميين .
ويكفي أن نقول لاردوغان وحزبه أن العرب ليس لديهم اربعمئة سنة أخرى ليناموا تحت احتلال عثماني بغيض . كان السلطان فيه وكل حاشيته ووزرائه ودولته لا يعرفون كلمة عربية واحدة ولا يكتبونها . وكان جل علمهم في الحريم والكروش الكبيرة , والشوارب المعقوفة . ولا زالت الذاكرة العربية تئن من وطأة تلك الحقبة المظلمة السوداء , وستكون أكثر قتامة مع التوجه العصملي الجديد , ولم تبيضه الاموال الممنوحة من خزائن المتعب ابو متعب (بيت مال المسلمين ) , التي مولت بناء سد اتاتورك الكبير نكاية بالشعب العربي المسلم في العراق وسوريا , والتي لم تنجح في سد بالوعات جدة , وسوف لن تنجح بسد البالوعات السياسية الاخرى .
سوف لن ينجح اردوغان وتوابعه في أن يكون الا انكشاريا جديدا في جيش الولايات المتحدة الخلفي , ولن ينجح الا أن يكون إفرازا سيئا لواقع فاسد أسوأ



















مكونات منظومة زحل ومرحلة ما بعد الازمة السورية



لاأزال أذكر معنويات صديق لي معروف بوطنيته عندما اتصل بي قلقا بعد ثلاثة أسابيع على بداية الأحداث السورية وبدا أنه في قاع اليأس من أن سوريا تحترق وأن انهيارا كبيرا سيحدث في الدولة خلال أيام.. وكاد يغص وهو يقول: لعبتها اسرائيل صح ومشروع هزيمتها انتهى..وقعونا في بعض"..
بالطبع لم أشاطره النظرة رغم ادراكي اننا مقبلون على قطع ليل مظلمة ..وأكدت لصديقي أن ماأعرفه عن تماسك البلاد يعطيني شعورا باليقين من الانتصار..والثبات
في بداية الأحداث كان السوريون يجلسون أمام شاشات التلفزيون صامتين حائرين مشوشين..الأخبار مخيفة عن "حلول أمنية" وعن شبيحة وعن عويل العائلات وفرار اللاجئين الى الأردن و.... الشعب يريد اسقاط النظام. الأخبارالتي وردت من الجزيرة وكل الأصدقاء جعلت معظم السوريين يحسون بالقلق الشديد على بلدهم ..وعلى ضمائرهم أيضا.. فكيف كوطني تؤيد نظاما يقتل أشقاءك ؟؟
التقيت كثيرين من أصدقاء وطنيين في بداية الأحداث وكانوا يتحدثون بتجهّم عن الحلول الأمنية التي اجترحتها السلطة وخجلهم من صور القمع والدم على الفضائيات ..وكان هناك غضب من سلوك الدولة وغبائها باللجوء الى هذا الحل في زمن (محمد البوعزيزي) وثورة مصر وليبيا واليمن والبحرين .. الشيء الوحيد الذي كان يمنع هؤلاء الوطنيين من الانقياد للحقن الاعلامي هو تطلعهم الى شخصية الرئيس الأسد ..الرئيس الأسد ينتمي الى جيل الشباب وهناك احترام متبادل وثقة بين الرئيس وجيل الشباب السوريين الذين ينتمون الى الطبقة المتعلمة الواعية التي لايمكن خداعها بسهولة، وهؤلاء يعرفون ببساطة أن رأس السلطة المتمثل بالرئيس هو فوق كل الاتهامات باللاوطنية وفوق الفساد.. وأنه الشخص الذي يمكن الرهان عليه..وأنه لا يمكن الشك بوطنية بشار الأسد وحسن طويته وولائه للناس وحبه لسوريا وحرصه على ألا تسفك قطرة من الدم السوري ..وأنه في النهاية تربى في بيت وطني
المعارضة بنفسها كانت تدرك هذه النقطة القوية فروّجت لمقولات أن الرئيس قد لايكون مسؤولا عن الفساد وعن الحلول الأمنية ولكنه لاقرار له و..لارأي لمن لايطاع ..وأن الصراع ليس مع الرئيس بشار الأسد مباشرة بل مع الزمرة الفاسدة والعصابة المحيطة به التي تغرر به ..وتكررت أسئلة (من الذي يحكم سوريا؟) في جميع خطابات المعارضة..وسمعت معارضين يقولون ان الأسد شخص نظيف لكن المحيطين به يخربون البلاد والثورة موجهة ضدهم وأن الرئيس قد منح 10 سنوات ليطهر النظام منهم فلم يتمكن.. فمتى سيتمكن؟..
وخاف السوريون من ردة فعل الناس العاديين والوطنيين الخالصين على ماأظهر اعلاميا أنه قسوة النظام في معاقبة الناس على تظاهرهم من أجل الحرية..الخوف كان أن يفقد الناس الثقة الكبيرة في صدقية النظام ..ووطنيته ..ووصول هذا الشك الى رمزية الرئيس..التي بقيت فوق الشبهات
الخطة الشهيرة التي عرفت بخطة بندر لتدمير سوريا تم في الحقيقة تصميمها بناء على دراسة وافية من مراكز أبحاث أميريكية تتناقلها بهمس بعض الصالونات المهتمة بالشأن السوري، لم يتسن لي الحصول على وثائق قاطعة لكنني سأنقل ماسمعت في حواراتي الجانبية ..
هذه الدراسة كانت للوصول الى تفكيك منظومة الحكم السوري المعقدة وسميت "منظومة زحل" .. فزحل كوكب تحيط به حلقات ملونة كالسوار، وكذلك نظام الحكم السوري وطبيعةالدولة السورية ..وقبل استعراض الدراسة تم وضع خارطة عن بنية النظام السوري وهو على العموم يشبه أي نظام في أي دولة مركزية معروفة بالقوة والتماسك والتواصل الزمني .. فالنظام مكون من (القلب أوالمركز) وهم الرئيس ومجموعة القياديين المفاتيح مثل شقيقه ماهر وصهره آصف ومجموعة ضباط الأمن الكبار وقادة وحدات النخب العسكرية والقوات الاستراتيجية (الذي تسميهم الدراسة في بعض أدبياتها أسماك القرش الزرقاء) وهذه المنطقة من جسم النظام هي النواة القاسية والتي لاأمل من استهدافها بشكل مباشر ولابد لتفكيكها من تفكيك الحلقة التي تحيط بهذه الكتلة الفولاذية القوية ..
الحلقة الثانية التالية للنواة الفولاذية كانت طبقة مهمة جدا من الانتلجنسيا السورية الوطنية قوامها النخب المثقفة والمتعلمة تعليما عاليا ومن ديبلوماسيين وكتاب كبار ومفكرين ومسرحيين وأساتذة جامعات وصحفيين ورجال قانون وأكاديميين وقضاة وكبار رجال الدين وكبار رجال الأعمال والتجار "الحيتان" ..الخ . وهذه الطبقة تتميز بالولاء للنواة لكنها تتميز أن ولاءها للنواة مرتبط بمدى وطنية النواة أيضا..أي هذه النخبة قد تجامل النواة لكن القطيعة مع النواة وسوء التفاهم ينشأ بسهولة بمجرد أن تعبّر النواة عن خط ضد الوطن السوري سواء اتجاه سياسي خارجي أو ممارسة داخلية مستفزة كممارسة العنف مع بقية الشرائح التالية
الحلقة الثالثة التالية وهي أوسع بكثير من الثانية وتضم مجموع التجار في الأسواق الرئيسية في المدن الكبرى والمتعلمين والجامعيين المنتشرين بشكل واسع في المجتمع السوري عبر سياسة الاستيعاب الجامعي التي كان معمولا بها وتضم أيضا الفنانين والموهوبين في مجالات النشاط الفكري والانساني اليومية .. وكثير من هؤلاء شكلوا جزءا من الطبقة الوسطى السورية التي تأرجحت بين التجار المتوسطين والصناعيين المتوسطين .. وهؤلاء ارتباطهم بالنواة الحديدية متعلق كثيرا بمدى عدم تعريض استقرارهم وحياتهم الروتينية ومكاسبهم للضرر علاوة على أن بقاء هذه الحلقة محيطة بالنظام أيضا معرض للخلل اذا ماظهر أن النظام يمارس دورا لاوطنيا خارجيا أو داخليا مستفزا ..
وأخيرا الحلقة الرابعة الأخيرة وهي جمهور واسع عريض من صغار الكسبة والعمال وتجار الأحياء والفقراء وصغار الموظفين والعاطلين عن العمل والمياومين في كسب رزقهم ..وهذه طبقة واسعة جدا تتوسع في الأرياف بحكم طبيعة الاقتصاد السوري غير النفطي وغير الصناعي..واللافت أن التيار الديني نشط كثيرا في السنوات الأخيرة في هذه الحلقة ولونها بالتلونات الدينية المختلفة من الاسلامي المعتدل الى المتطرف الوهابي الطالباني..
الدراسة نوهت الى حكمة عدم الرهان مطلقا على البدء بتشقيق النظام من المركز والنواة لاستحالة ذلك وتبين من محاولات سابقة للايحاء بخلافات بين الرئيس وشقيقة أو بين ماهر الأسد وآصف شوكت أو الاشاعات بان مقتل العميد محمد سليمان كان نتيجة صراعات داخلية وأن اغتيال مغنية تسبب بشروخ كبيرة ولاثقة بين قيادات الصف الأول..فكل ذلك كان بمثابة محاولة كسر النواة الحديدية الفولاذية ببيضة عصفور..
وبعد نقاشات معمقة وتبادل آراء مع جهات غربية قدمت أبحاثا عن طريقة التعامل مع أنظمة كهذه كانت النصيحة عبر خطة سميت خطة "زحل" مشبهة الحلقات المتتالية حول النظام بحلقات كوكب زحل الملونة والتي اقتضت الخطة تحطيم الحلقات المحيطية الخارجية عبر اختراقها لتفكيكها وتشتيتها اولا ثم الانتقال الى الحلقة التالية وهكذا بالتدريج للوصول الى النواة والمركز حيث أسماك القرش وقعت في الشبكة بعد انهيار الحلقات الواقية..
وظهرت بعد ذلك ترجمة الدراسة من خلال خطة بندر الشهيرة لتحطيم سوريا عبر خمسة شبكات (الخطة صارت متاحة للجميع) .. فتولت الفضائيات والغرف الاعلامية البدء بالعملية عبر اختراق الحلقة الرابعة الخارجية بالتخاطب معها بالصورة والكلمة المؤثرة واثارة العواطف الجياشة لاخراجها عن روتين حياتها.. فتم تصوير القتل والدم واستحضر التوتر الديني الطائفي للايحاء أن القتل ترتكبه شبيحة من العلويين والشيعة والايرانيين وهذا بنزين ووقود سريع الاشتعال في أوساط البسطاء المتدينين الذين تخاطبهم مؤسسة جامع الحي وفضائية فيها خطباء ليسوا على قدر كبير من الثقافة الاسلامية الجامعة بل (اسلام الأحياء الشعبية والأرياف حسب المصطلح المقدم من معهد الأبحاث) ويمثلهم العرعور وجماعته الذي وصفوا بمشايخ الأحياء الشعبية والأرياف

ومن المفروض أن الحلقة الثالثة هنا ستتأثر باللااستقرار في الحلقة الرابعة (فهي مرتبطة بشكل مشيمي بالطبقة الرابعة مصنع انتاج الطبقة الثالثة وربما هي في جزء منها نشأت في حنايا الحلقة الرابعة قبل أن تخرج من رحمها نحو الحلقة الثالثة وتبادلها التقاليد والمعاناة) .. وهذه التقلبات في الحلقة الثالثة لن تكون كافية لكن يجب التقاط القلق والحيرة وانكسار السكون في هذه الحلقة بسرعة حيث سيتم تعزيزها عبر خطاب تتولاه مجموعة من القياديين المقنعين الذين يجب ان يظهروا قدرا من الحداثة والثقافة والرمزية المعنوية وهذا الدور أنيط بمجموعة من المثقفين السوريين في المنفى الذي يقدمون خطابا عصريا جذابا (وليس عليهم شبهة التعاون مع الامريكيين كفريد الغادري) خاصة أن المجتمع السوري بكل حلقاته لم يستسغ نموذج المعارضة العراقية وأحمد الجلبي وأبدى حساسية مفرطة تجاه شخصيات وممارسات كهذه .. والخطاب الموجه لهذه الحلقة هوللايحاء أن الحراك في الحلقة الرابعة الخارجية صحي وسليم ووصوله الى الحلقة الثالثة منطقي وحتمي.. وظهرت هذه الارتدادات في بعض تجمعات لطلاب جامعيين في كلياتهم والمدن الجامعية متحمسين لنصرة المدن السورية في بداية الأحداث .. وقد تم اختيار وترشيح مجموعة من هذه الشخصيات السورية لأداء دور التخاطب مع مكونات الحلقة الثالثة فظهرت مجموعة من المثقفين السوريين لكن تم التركيز على برهان غليون وهيثم المناع لتمتعهما بغطاء معنوي مرموق في أوساط الطبقة المتعلمة السورية فالأول أستاذ في السوريون والثاني عضو في منظمة حقوق الانسان وكلا اللقبين جذابان ويوحيان بمدى رصانة التحرك السوري وتمتعه بالمنطقية الأخلاقية.. ثم تم الحاق مثقفين عرب مرموقين وموثوقين جدا من قبل مكونات الحلقة الثالثة مثل عزمي بشارة وغيره وكانت الجزيرة (المشهورة بمكانتها الرفيعة) الحاضنة الرئيسية لهذه الوجوه الى جانب عدد من الصحف العربية الكبرى الشرق الأوسط والحياة والقدس العربي..
الخلل الكبير الذي سيطرأ على الحلقة الثالثة سيكون الزلزال الذي سيحرك حلقات زحل الرابعة والثانية ..لأن الحلقة الثانية ليست ملكا للنظام بل هي تكاد تكون صلة الوصل الحقيقية بين النواة وسائر الحلقات التي ستتأثر بالاهتزاز الذي سيصل اليها عبر الرجة العنيفة للحلقة الثالثة وستجد هذه الحلقة أن أحد مكونات عناصر ولائها للنظام قد تم خرقه بأن سياسة النظام الداخلية قد تجاوزت الحد المقبول (ومست العصب الوطني) عبر هيجان الحلقتين الثالثة والرابعة وبالذات الثالثة اللصيقة بها..والتي تشاركها بعض التداخلات الفكرية..

وبداية التصدع في الحلقة الثانية عبر قفزات ديبلوماسيين وعسكريين ومفكرين من المركب المترنح يعني ان الحلقة الثانية انكسرت وتآكلت وسيهيج هذا الانكسار كل الحلقات الباقية وحركة الهيجان ستنتقل مثل موجة تسونامي من المركز نحو المحيط ..وتبقى النواة مكشوفة وعارية تماما بعد تقشير حلقاتها وعندها تستسلم دون مواجهة تذكر..
هاقد مرت أشهر ستة وصديقي الذي حدثتكم عنه يتحدث الآن بمعنويات عالية وقد استعاد هدوءه وروعه ..ومجموهة الأصدقاء الوطنيين هدأ روعهم واطمأنوا على الوطن السوري وتلاشت الحيرة تماما ولم يعد السوريون منشغلين بما تقوله الجزيرة ولم يعد السوريون يجلسون واجمين حائرين لايفهمون مايحدث..نعم كان هناك قلق مما يحدث والاختراقات في حلقات المجتمع ومن الحرب العالمية وتهديدات أردوغان وأوباما والناتو .. وقد تراجع كل القلق وصار أي تهديد مثارا للتندر لدى الكثيرين .. الوطن نهض من جديد وحلقات زحل بقيت متلألئة ملونة متماسكة متماهية ...والنواة الحديدية كانت في شخص الرئيس الأسد التي أمسكت بالحلقات والحلقات تمسكت بالنواة .. الأغبياء من المعارضة السورية وصل جنونهم أنهم يريدون ... تحطيم كوكب زحل ..
ماالذي يجب علينا الآن كسوريين ان نفعله بعد انتهاء هذه الأزمة؟
انه الانتقال الى مواجهة الذات بقسوة..
علينا الاعتراف أننا واجهنا امتحانا قاسيا لكن الأسئلة التي طرحت علينا أجبنا عليها اجابات تستحق علامة الصفر..
من الأسئلة الصعبة التي فيها مفاتيح المستقبل:
كيف كاد ان يحدث هذا الاختراق الفكري والثقافي لبعض مكونات المجتمع السوري؟ أي كيف تقبل أبناء الريف وهم خزان بعض الانفعالات العنيفة اللجوء للعنف ضد الدولة والمجتمع والعنف الطائفي؟
كيف تم التركيز على تطوير تكنولوجيا الصواريخ وتكتيكات المقاومة حتى صرنا من أهم دول العالم في التسلح بالصواريخ ولم نهتم بتكنولوجيا اسقاط الصواريخ الاعلامية؟ الى أي مدى ساهمت لامبالاة الاعلام السوري وسياساته في تسليم أدمغة الناس لبعض الفضائيات وثقافة الغرباء وفي هذا الاجتياح المذهبي الديني بهذه السهولة؟ وكيف تم تجاهل ظاهرة الموجات المتتالية للثورات الملونة حولنا من برتقالية أوكرانيا الى خضراء ايران الى ثورة الأرز المحضّرة اعلاميا؟ كيف لم نستفد من الدرس اللبناني عندما أخرجتنا مظاهرات منظمة جيدا ومدروسة بعناية فائقة من لبنان ولم نحلل التجربة ونستعد لنفس السيناريو الذي تمت محاولة تكراره في داخل سوريا؟؟
كيف تمكنت مجموعة من المتحدثين وخبراء الاعلام من تحريك مجموعات من الناس عاطفيا ودينيا؟ وكيف قدمت الجزيرة كل ضيوفها الذين تناولونا على مدى سنوات بالتضليل أو بنقل الأحداث التاريخية من وجهة نظرهم فقط ونحن لانعبأ وكأن جمهورنا لايهمه أن يسمع وجهة نظرنا؟؟
هناك أسئلة كثيرة ستكون الاجابة عليها أهم لمستقبلنا بكثير من مناقشة المادة الثامنة وسفسطات ميشيل كيلو السطحية .. ميشيل -وأمثاله- النجم الذي صنعته سذاجة من زج به في السجن .. هو كاتب لايقرأ ومقالاته تحتاج أن يكتب عليها أستاذ لغة عربية ملاحظة (موضوع مفكك والتعبير ضعيف).. وكتاباته لايستطيع هو نفسه أن يقرأها مرتين للزوجة حركتها وترنح هيكلها ويجب أن تصنف كأحد مسببات الشرود والدوار الرئيسية ومن مسببات الصداع وأن تذكر في روشيتات الأسبيرين ... ميشيل شخص قد يكون وطنيا لكن زجه الغبي في السجن صنع منه بطلا والبطل صار ينظّر على الجميع ..ولكن ليس كل من دخل السجن صار تروتسكي أو جان جاك روسو..كان يكفيه رشقات من بيض وبندورة بدل زجه في السجن..
ومن هذا المقال سأرمي كل مايمكنني من بيض وبندورة على المثقفين الصغار الذي يرتدون بزات الجنرالات كقادة الثورات ..وهم مخاتير حارات ..حارة الضبع .. وحارة باب الحارة ..وحارة كل مين ايدو الو ...ليس الا..






















No comments:

Post a Comment