Monday, August 8, 2011

> طائرات إسرائيلية لفرنسا تلـغي صفقة الصواريخ مع لبنان!

طائرات إسرائيلية لفرنسا تلـغي صفقة الصواريخ مع لبنان!
عثمان تزغارت

باريس | لا تزال قضية إلغاء اتفاقية راجمات الصواريخ الفرنسية للبنان تتفاعل، بعد الكشف عن تفاصيل وخلفيات جديدة لهذا القرار المثير للجدل. صحيفة «لوكانار أنشينيه»
قالت إن الأوساط العسكرية الفرنسية تشهد استياءً كبيراً بسبب انفراد قصر الإليزيه باتخاذ قرارات عسكرية ذات طابع استراتيجي من دون الاستناد إلى أي معطيات تقنية
أو دفاعية، بل من منطلقات ودوافع سياسية محض تتعلق بـ«محاباة إسرائيل».

وكشف ريشار لابفيير، رئيس التحرير السابق لمجلة «الدفاع» الفرنسية، في حديث إلى«الأخبار»، أن قرار الرئيس ساركوزي إلغاء اتفاقية راجمات الصواريخ مع لبنان «جاء
قبل أسبوعين من إعلان قرار آخر كان بمثابة الزلزال في الأوساط العسكرية الفرنسية، وتمثل في إبرام وزارة الدفاع الفرنسية صفقة مع الدولة العبرية لتزويد سلاح
الجو الفرنسي بطائرات تجسّس من دون طيارين من صنع إسرائيلي».
يضيف لابفيير: «لا يقتصر الجدل فقط على وجود شبهات قوية في أن قرار إلغاء اتفاقية راجمات الصواريخ مع لبنان جاء بفعل إملاءات إسرائيلية اشترطت ذلك في مقابل
إتمام صفقة الطائرات، بل يعود استياء الأوساط العسكرية الفرنسية أيضاً إلى «الطابع السياسي» للصفقة الموقعة مع إسرائيل، والتي اتّسمت بـ«محاباة» واضحة، إذ كان
غالبية الخبراء العسكريين قد أوصوا باقتناء طائرات مماثلة أميركية الصنع، وخاصة أن أداءها التقني أقوى وأسعارها لا تتجاوز ثلث مثيلاتها الإسرائيلية!».
وأوضح لابفيير أن طائرات التجسس الأميركية جاهزة للاستعمال، وقد أثبتت فاعليتها على الأرض، حيث أسهمت مثلاً، خلال الأشهر الماضية، في تقفّي آثار الصحافيين الفرنسيين
هيرفي غيكيير وستيفان تابونييه اللذين كانا مختطفين في أفغانستان. أما الطائرات الإسرائيلية، فهي لا تزال في طور التجريب، ولن يكتمل تصنيعها قبل عام 2014، ما
يعني أن قرار اقتنائها من قبل فرنسا يخالف الأعراف العسكرية، حيث لا أحد يعرف في المرحلة الحالية مدى فاعلية هذه الطائرات ودرجة موثوقيتها التقنية. وبالتالي،
فإن اقتناءها يعدّ مجازفة أشبه بشراء السمك في البحر قبل اصطياده.
إلى جانب هذه المعطيات التقنية المثيرة للجدل، يقول لابفيير إن عاملاً آخر زاد من استياء الأوساط العسكرية الفرنسية. فـ«هذه هي المرة الأولى التي تقتني فيها
فرنسا أسلحة إسرائيلية الصنع، منذ الحظر العسكري الذي قرّره الجنرال ديغول على الدولة العبرية، إثر حرب 1967. ولم تخف الصحف الإسرائيلية شماتتها بالجنرال ديغول،
حيث احتفت بصفقة الطائرات هذه بوصفها «ثأراً تاريخياً من ديغول». أما بخصوص الحجج التي قُدّمت من الجانب الفرنسي لتبرير إلغاء اتفاقية الصواريخ مع لبنان، بدعوى
أن تلك الراجمات قد تقع في أيدي «جهات غير حكومية» يمكن أن تستخدمها لأغراض إرهابية ضد المدنيين أو ضد أهداف عسكرية قد تكون من بينها القوات الفرنسية المنضوية
في «اليونيفيل»، فيقول لابفيير: «كل الخبراء العسكريين يجمعون على أن أي صفقة أسلحة من النوع الخفيف ــــ كما هي الحال بالنسبة إلى راجمات الصواريخ المضادة
للدبابات، التي يدور الحديث عنها هنا ــــ تنطوي على احتمال قوي بانتقالها من «يد إلى أخرى»، سواء عن طريق إعادة البيع، أو عبر التسليح المتبادل بين جهات حليفة،
أو بالاستيلاء عليها بالقوة خلال فترات التوتر والنزاع».
ويذكر لابفيير سوابق عدة في هذا الشأن، منها ما حدث خلال النزاع على شريط «أوزو» في تشاد، حيث استعملت قوات العقيد القذافي راجمات صواريخ فرنسية كانت قد حصلت
عليها قبل الحرب لضرب القوات الفرنسية التي تدخلت لحماية تشاد! كذلك فإن قضية أخرى أثارت الجدل خلال الحرب الأميركية ضد نظام طالبان، بعد هجمات 11 سبتمبر، حيث
فُوجئت القوات الأميركية بامتلاك أنصار الملا عمر راجمات صواريخ فرنسية. وبيّنت التحقيقات العسكرية لاحقاً أن فرنسا زوّدت قوات «تحالف الشمال»، بقيادة أحمد
شاه مسعود، بتلك الراجمات لمحاربة طالبان. ولم يكن أحد يتوقع أن بعضها سينتقل إلى المعسكر المعادي.
ويخلص لابفيير إلى القول إن «كل هذه الأمثلة تثبت أن إلغاء صفقة أسلحة من الطراز الخفيف بدعوى احتمال انتقالها إلى «أيد معادية» تعدّ حجة واهية وعبثية. ولو
اعتُمدت قاعدة مثل هذه، لما أمكن بعد اليوم إبرام أي اتفاقية من هذا النوع!». أما عن الدوافع الفعلية للرئيس ساركوزي، فيقول: «من خلال إلغاء اتفاقية الراجمات
مع لبنان، وتدخّل الإليزيه لترجيح الكفة لمصلحة إسرائيل في صفقة طائرات الاستطلاع، من الواضح أن الرئيس ساركوزي يقوم بـ«مسعى استباقي» لمحاباة إسرائيل، تحسّباً
لاحتمال أن تضطر فرنسا، في حال التوصل إلى قرار أوروبي موحّد، إلى الموافقة على انضمام فلسطين إلى منظمة الأمم المتحدة في الاقتراع المزمع إجراؤه في أيلول المقبل».
ويضيف لابفيير: «يبدو أن ساركوزي يريد طمأنه أصدقائه الإسرائيليين إلى ولائه الكامل للدولة العبرية في القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية، مثل قضايا التسليح،
وذلك لإقناعهم بتقبّل وتفهّم بعض المواقف الدبلوماسية الفرنسية التي قد لا تروقهم، وخاصة أنها مواقف ذات بعد رمزي محض، ولا تأثير فعلياً لها على أرض الواقع».

الاخبار

No comments:

Post a Comment