Tuesday, August 2, 2011

هوغو تشافيز الرئيس الاشتراكي... كاثوليكي مؤمن
يعانق الكاهن ويعادي الأسقف ويقاوم السرطان

adian/p24-02-24460

adian/p24-03-24460

راففعا اليدين، مصلياً بين أصدقاء ومساعدين.
شاكراً ... مع ابتسامة. (أ.ب.)
مغمض العينين، رافعا اليدين مصليا، واقفا امام الكاهن الذي وضع يديه على رأسه متمتماً صلاة من اجله... لربما اعتبر المشهد عاديا، لو لم يكن "الواقف" ببساطة اي
رجل، اذ انه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز. الرجل المريض المأخوذ بهمومه، ولكن بمعنويات عالية، يمارس ايمانه المسيحي الكاثوليكي من دون تكلّف، من دون خجل، ويستعين
بيسوع المسيح في خطبه، ليؤكد عزمه على الاصلاح والحياة والانتصار.
بخشوع وقف أخيراً الرئيس الفنزويلي بين اصدقاء وعدد من مساعديه، مصليا، مشاركا في قداس اقيم اخيرا في اكاديمية كاراكاس العسكرية. وخصص للصلاة من اجل شفائه،
بعدما خضع لعملية جراحية لاستئصال ورم سرطاني في منطقة الحوض. خلال القداس، ادى صلاة صغيرة، ثم اغمض عينيه بورع، في وقت كان يصغي الى كاهن وهو يتكلم.
الكاهن ماريو مورونتو ابدى رغبة في منح تشافيز سر مسحة المرضى. "معظم الاحيان، عندما يذهب الكاهن الى منزل او الى مستشفى لزيارة مريض، يدب الخوف في القلوب،
لان زيارته تلك كانت تعني عادة منح المريض سر مسحة الزيت المقدس، بما يوحي باقتراب اجله، وانه لا يعود هناك ما يمكن القيام به من اجله"، يقول. لكنه يلفت الى
ان "هذا السر يُنظَر اليه حاليا انه يمنح المريض او الكبير في السن القوة، كي يتغلب على المرض".
كل ما يتعلق بهذا السر يشرحه مورونتو الذي هو صديق شخصي للرئيس تشافيز. "لا داعي للخوف. قبل 6 اعوام، مُنِحتُ شخصيا هذا السر مرتين... انظروا الى حالتي اليوم".
مرارا شاهد مرضى يستعيدون نشاطهم، "لانهم تلقوا هذا السر بايمان". في ذلك اليوم، رسم الاب مورونتو صليبا بالزيت المبارك على جبين تشافيز. التأثر كان واضحا على
وجه الرئيس الذي ضم كفيه، قبل ان يعانق الكاهن.
في صغره، كان تشافيز خادما للمذبح. ابن مربيين، ترقى في الحياة العسكرية خلال نشأته، ودخل عالم السياسة من خلال نضاله من اجل الاشتراكية، قائدا لانقلاب "فاشل"،
سجينا، مؤسسا لحزب سياسي حقق فوزا في الانتخابات. وعلى مر الاعوام، وبوصوله الى سدة الرئاسة العام 1998، امكن ملاحظة تدهور علاقته بقادة دينيين كاثوليك في فنزويلا،
ابرزهم اسقف كاراكاس. وقد خرج التصادم الثنائي الى العلن، تخلله تبادل الاتهامات ومشاعر العدائية والكره.
تشافيز يتهم هؤلاء بانهم منحوا بركتهم لمحاولة الاطاحة الفاشلة به العام 2002، وباطلاق اكاذيب عن حكومته. وفي وثائق اميركية سربت الى موقع "ويكيليكس" "ان التسلسل
الهرمي للكنيسة الكاثوليكية تحدى امر البابا الراحل يوحنا بولس الثاني قبل نحو 10 اعوام بالابتعاد عن الجهود المبذولة للاطاحة بتشافيز".
وقد بلغ الامر بتشافيز اعلان رغبته في اعادة النظر في الاتفاق مع الفاتيكان، والذي يمنح الكنيسة الكاثوليكية في فنزويلا "امتيازات"، وايضا في اعادة النظر في
ترخيص معطى محطة تشرف عليها الكنيسة الكاثوليكية. وبتعابير قاسية، وصف اسقف كاراكاس الكاردينال اوروزا سافينو بانه "رجل كهف لا يستحق منصبه". اما الكاردينال
واساقفة آخرون، فيتهمون تشافيز بالعمل على "نشر الماركسية الاشتراكية، اي التوتاليتارية، والتي تقود الى الديكتاتورية".
ورغم هذا العداء المتفاقم في بلد تتمتع فيه الكنيسة الكاثوليكية بنفوذ واحترام واسعين، فان تشافيز يؤكد انه لا يزال مسيحيا، كاثوليكيا ممارسا، معلنا ايمانه
"بان يسوع المسيح ناضل من اجل مبادىء مماثلة لمبادىء الاشتراكية". بعد اعلان اصابته بالسرطان، بدا مصرا اكثر من اي وقت مضى على المضي في مخططاته الاشتراكية.
"ببركة الله وبارادتنا، سنتخطى كل الامور... الانتقال الوحيد الذي يجب تشريعه وتدعيمه هو الانتقال من النموذج الاستعماري الى النموذج الاشتراكي".
استخدام التعابير الدينية والتذكير بآيات وعبر من الكتاب المقدس في الخطب والاحاديث الصحافية امر معهود في ممارسات تشافيز، الى جانب ممارساته الايمانية. ففي
موازاة مشهد القداس، هناك مشهد آخر يعكس "مضمون" الرجل. ففي كلمة توجه بها من هافانا الى الفنزويليين، عقب خضوعه للعملية الجراحية لاستتئصال الورم السرطاني،
بدا كرجل يتمتع بمروحة واسعة من القيم المسيحية، ممسكا بمفاتيح قيمة حول الحياة والموت.
يومذاك، تكلم على ما يلهمه: سفر الجامعة في الكتاب المقدس من اجل مسائل تتعلق بايقاعات الزمن، والخروج بعبر عن الحياة والموت وعدم التعلق بالامور البالطلة.
ثم اخبر كيف طلب مساعدة "ربي يسوع، واله آبائنا، وعطف السيدة العذراء كما كانت والدتي ايلينا تقول..."، وذلك في رسالة رجاء، قبل ان يعبر عن امتنانه الى "الكلي
العظمة" (اي الله). "شكرا يا الهي، شكرا يا شعبي، شكرا يا حياتي. من اجل النصر". قال.
هذه الصورة الدينية او "التبشيرية" او الكنسية التي يظهّر بها تشافيز نفسه كلما سنحت له الظروف يدرك جيدا تأثيرها على الشعب الفنزويلي الذي تنتمي غالبيته الى
الكنيسة الكاثوليكية. واذ يبدو انه يتقن اللغة الدينية، فان بعضهم لا يرى فيها سوى "عملة مشتركة في السياسة والحياة" في منطقة تمتد من المكسيك الى باتاغونيا،
ومن سانتو دومينغو الى البرازيل، حيث تتمتع الكنيسة الكاثوليكية بنفوذ قوي من قرون، وحيث التعابير الدينية التي يستخدمها تشافيز مألوفة جدا.
ايا يكن، يبدو انه ابعد من ان يتراجع عن مخططاته الاشتراكية التي تثير استياء اساقفة كاثوليك في بلده، او ان يستسلم امام اعدائه. وهذه المرة انضم اليهم مرض
السرطان الذي يؤكد تشافيز نيته الانتصار عليه. "ساعود بافضل حال مما تروني عليه اليوم. لدي رغبة كبيرة في الحياة... لن اقول وداعا، ولم تدق بعد ساعة الموت،
بل الحياة"، قال قبل مغادرته الى هافانا لتلقي علاج كيميائي. ويعد من سريره "بالصراع من اجل الحياة. وسنحيا وننتصر"، بما يعكس معنويات عالية وايجابية تقهر اليأس،
وربما ايجابية رئيس كاثوليكي مؤمن. 

إعداد هالة حمصي     

No comments:

Post a Comment