Saturday, August 6, 2011

السلفيون في طرابلس يعبئون شارعها ضد بشار الأسد
يكفّرون الشيعة والعلويين ... ويتّهمون المفتي قباني بالتقصير

لا يخفي ابناء طرابلس تعاطفهم مع انتفاضة السوريين وكل على طريقته حيث يشكل هذا الأمر المشترك عند غالبيتهم وفي المقابل لا يعني هذا الحكم عدم وجود من لا يزال
في المدينة يعشق الرئيس بشار الاسد.ويتصدر الاسلاميون السلفيون صفوف سلسلة من التحركات والاعتصامات التي تنفذ في عاصمة الشمال على خطوط تماس بين أحياء ابناء
الطائفتين السنية والعلوية.

في المدينة ثمة من يكفّر الشيعة ويصب جام غضبه وسخطه على سياسة "حزب الله". وقدم هؤلاء تحت أعين الاجهزة الأمنية وعدسات الكاميرات على احراق العلم الايراني.
قبل ساعتين من موعد صلاة ظهر يوم الجمعة تجول سيارة أجرة في احياء طرابلس وشوارعها وقد ثبت سائقها على سطحها مكبراً للصوت يصدح بأغنية للسوري ابرهيم قاشوش تدعو
الرئيس بشار الاسد وشقيقه ماهر، وبأسلوب ساخر، الى الرحيل عن الحكم. وكلفته هذه الجملة الموت ونزع حنجرته والقاء جثته في مياه نهر العاصي.
كان سائق تلك السيارة الملتحي ذو الاتجاه السلفي يدعو الطرابلسيين الى الصلاة خلف إمام مسجد حمزة في القبة الشيخ زكريا المصري، يليها القيام بمسيرات لنصرة الشعب
السوري "الذي يرزح تحت حكم حزب البعث وآل الأسد".
وتعج مساجد المدينة ظهر كل يوم جمعة بجموع المصلّين، لكن جامع حمزة يستقطب جمهوراً معظمه من السلفيين المتحمسين للخلاص من النظام السوري اليوم قبل الغد. وهؤلاء
يروون حكايات عن معاناتهم من ضباط المخابرات السوريين الذين كانوا يخدمون في المطينة قبل انسحابهم في نيسان 2005.
وفي طرابلس فريق لا يستهان به من السلفيين، ويمثلهم مؤسس هذا التيار الشيخ داعي الاسلام الشهال لا يقصر بدوره في اطلاق سهامه نحو قصر المهاجرين في دمشق ومن
يقيم فيه. ويحظى الرجل باحترام عند انصار "تيار المستقبل".
وعلى بعد امتار من المسجد الذي رمّمه الرئيس نجيب ميقاتي قبل اعوام يقع مكتب المختار عبد القادر القبوط، وهو يساري عتيق، التحق في صفوف الحركة الوطنية في السبعينات
من القرن الفائت، وخضع لدورات عسكرية في بساتين الجنوب، ونال "نصيبه"، على حدّ وصفه، من السوريين.

"الشبيحة"
يُحمّل القبوط دمشق مسؤولية الانقسام الحاصل بين أهالي جبل محسن وابناء باب التبانة واحياء اخرى من المدينة "وان السوريين لم يعاملوا طرابلس بالروح العروبية
المطلوبة والتي يتمتع بها أهلنا".وعندما يتذكر هؤلاء وممارساتهم لا يسقط عليهم سوى عبارة "الشبيحة" وهي المفردة نفسها التي تستعملها المعارضة السورية في أدبياتها
ضد حزب البعث والسلطات الامنية.
وقبل ان يودعنا القبوط ويتوجه الى الجامع للصلاة، وهو في المناسبة ليس من السلفيين، يردد ان من "واجب طرابلس وكل مدن لبنان الوقوف الى جانب السوريين النازحين
والتعاطف مع سائر اطياف المعارضة "بغية التخلص من هذا الكابوس".
في هذا الوقت يحضر الشاب احمد الضناوي، وهو في اوائل العقد الثالث و"تخطيط لحيته وحلق شاربيه يظهران انه سلفي يناقش بكل عفوية ورحابة صدر، والمفارقة انه لا
يخرج من مدينته الى اكثر من حدود القلمون.
اما مدن اوستراليا فهي"اقرب اليه في المسافة من الضاحية الجنوبية وبلدات قضاء بنت جبيل بفعل الانقسام السياسي في البلد. ويلبي احمد اي دعوة تأتيه للمشاركة في
نصرة السوريين تحت قاعدة ان المسلم يجب ان لا يتخلى عن اخيه المسلم المظلوم.
ويروي انه لا يتحمل مشهد قتل الاطفال والشباب في حماة وسواها من المدن السورية، و"نحن نرفع شعار انه من واجب المسلمين الوقوف ضد هذا الظلم". ويقدم أحمد نفسه
بعبارة: "انا مسلم سني وسلفي معتدل من لبنان". ويعتبر ان "حزب الله" يخرب البلد. ولا يريد الاستفاضة أكثر في هذه النقطة. وما يهم أحمد هو رفع الظلم عن المسلمين،
"حتى لو كانوا من الشيعة في البحرين وانه من غير المنطق التفرج على معاناة أهل السنة في سوريا". وفي جعبته جملة من الملاحظات على الانظمة الحاكمة في دنيا العرب
وهو لم يستثن بلدان الخليج العربي، ولم ينسَ في المناسبة اليوم الذي قتل فيه زعيم تنظيم "القاعدة" اسامة بن لادن، ولا يخفي حزنه على هذا الرجل الذي ترفع صوره
في منازل اعداد لا بأس بها من الاسلاميين في المدينة والشمال.
تكفير للشيعة والعلويين
وفي طرابلس ثمة مناخ من التعبئة ضد النظام السوري و"حزب الله" لا يظهر منه في وسائل الاعلام الا القليل، لذلك لم يكن من المستغرب اقدام شبان من السلفيين على
حرق العلم الايراني في قلب محلة القبة في المدينة، والى جانبه ايضاً العلم الاسرائيلي، في مشهد كان محل اعتراض لدى عدد من قيادات المدينة وفاعلياتها. لكن الساحة
تبقى مفتوحة امام هذه الفئة التي تستمع الى محاضرات ودروس في المساجد، أي في بيوت الله تدعو صراحة الى تكفير الشيعة وعدم الاعتراف باسلام ابناء الطائفة العلوية.
ولم يتوانَ الشيخ أحمد الحداد، وهو في طريقه الى المسجد، عن القول: "ان حزب الله يمارس الفتنة وان قيادته تدافع عن النظام السوري الذي يفتك بأهل السنة والجماعة".
وازاء هذا الخطاب السائد في طرابلس والتعبئة ضد القيادة في دمشق من جانب مجموعات السلفيين الى "حزب التحرير" و"الجماعة الاسلامية" وكل على طريقته، برزت الى
العلن دعوات صريحة تنتظر فيها الدقيقة التي تعلن ازاحة الرئيس الاسد عن مقاليد السلطة. وفي المتابعة فإن جمهور "تيار المستقبل" يأمل في تحقيق هذا التغيير، لكنه
يترك الحركات في المدينة الى جمهور الاسلاميين.

زكريا المصري
ويقود في طرابلس رأس حربة الدعوة والتحريض على النظام السوري و"حزب الله" ومن خلفهما ايران الشيخ زكريا المصري.
قصدناه في منزله في القبة حيث تحول صالونه "غابة" من الكتب والمنشورات وكتب العشرات من المجلدات التي ينال فيها من الشيعة. وهو حاصل على دكتوراه من السعودية.
والتقيناه قبل موعد صلاة الجمعة وكان معه الحوار الآتي:
* لماذا تشن هذه الحملة على القيادة السياسية في دمشق؟
- تأتي حملتي من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويدفعني الواجب الشرعي الى القيام بهذا الأمر بغية اعداد مجتمعنا الاسلامي واصلاحه.
* ما تفعله يعتبر تدخلاً في الشأن السوري الداخلي ولطالما دعوت انت وامثالك سوريا الى عدم التدخل في لبنان؟
- الشعب السوري مظلوم من العام 1963. وحزب البعث وعناصره أليسوا من المسلمين ويصلون ويصومون ويترددون الى المساجد؟
بعض هؤلاء ليسوا من المسلمين ولا يطبقون قواعد الدين، واذا صدرت فتوى جماعية تجردهم من اسلامهم بسبب مخالفتهم الشرع، فأنا على استعداد ان اصادق عليها.
* ما تعلنه يا شيخ زكريا هل يعبر عن مجموعة ابناء الطائفة السنية في لبنان؟
- ان العدد الاكبر من قادة الطائفة وأهلها هم ضد النظام السوري ويأملون في استبداله وثمة من يمارس سياسة المجاملة حيال هذه القضية.
* أين هو موقع الرئيس سعد الحريري مما يحصل في سوريا؟
- الشيخ سعد مرتبط بالسعودية وتمارس الأخيرة المجاملة ازاء ما يجري في سوريا. لذلك ادعو الجميع الى وقفة عربية واسلامية ضد الحزب الحاكم والا سيصل الدور الى
البلدان العربية، وفي مقدمها السعودية والبحرين ودول الخليج الاخرى. ومن غير المقبول والمنطق التفرج على المجازر واعمال القتل اليومية في اكثر من منطقة في سوريا،
وهي اول ما تستهدف السنّة. والواجب الشرعي يدعونا الى رفع الظلم عن المظلومين والمقهورين.
* من في البحرين، ولاسيما ان ثمة شريحة من شعبها تنادي برفع الظلم عنها؟
- الصورة في البحرين تختلف والحركة الشعبية التي يقودها الشيعة في هذا البلد مشبوهة بدعم من ايران التي تسعى الى تفتيت بلدان الخليج وتخريبها. وان السلطات في
البحرين سمحت لهؤلاء بالمشاركة في البرلمان وهذا الأمر يكفي.
* بالعودة الى سوريا شيخ زكريا ثمة جماعات اسلامية مسلحة تقتل ضباطا وافراداً من الجيش السوري. ما هو ردك، وهل من المسموح القيام بمثل هذه الأعمال؟
- أنفي هذا الكلام ولا أساس له من الصحة والنظام يسوق هذا النوع من الاخبار في وسائله.
* ما هي دعوتك الى ابناء طرابلس ومنها الى طائفتك في لبنان؟
- ان اهل السنّة والجماعة في لبنان مقصرون في دعم اخوانهم في سوريا ونحن نتفرج على مأساتهم اليومية والمستمرة منذ عقود عدة.
* ما هو المطلوب هنا من مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني؟
- انه مقصر في دعوته لنصرة السوريين. وعلينا ان نلاحظ كيف يدعم "حزب الله" النظام في سوريا ويمده بالمقاتلين فضلاً عن الايرانيين؟
* هذا الكلام غير مثبت وسوريا ليست في حاجة الى مساعدة من شباب الحزب والايرانيين.
- أخالفك هذا الرأي والحكم. وانا في المناسبة اقول ان ايران واسرائيل وجهان لعملة واحدة.
* كلامك فيه كثير من الظلم والتجني على ايران الدولة المسلمة والشقيقة للعرب؟
- ايران دولة منحرفة عن الاسلام ونقطة على السطر.
* لماذا درجت في مواقفك على توجيه النقد اللاذع الى السيد حسن نصرالله الذي يشكل الرقم واحد في خارطة استهداف اسرائيل بسبب حركة المقاومة التي يقودها؟
- اذا كان المعيار ان نحب نصرالله لأنه يقاتل اسرائيل فعلينا ايضا ان نحب (ادولف) هتلر الذي حارب اليهود. ونصرالله يتاجر بالقضية الفلسطينية وهمه الأول هو حماية
الدولة الفارسية في المنطقة. واقول ان التشيّع يشكل خطراً كبيراً على بلداننا العربية ويهددها.
* هل انت على استعداد للدخول في حوار مع "حزب الله"؟
- لست على استعداد.
* هل لديك صديق شيعي واحد؟
- لا يوجد.
* ألم تكن تلتقي مع افكار المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله؟
- فضل الله كان شبه معتدل.

رضوان عقيل     
(radwan.akil@annahar.com.lb )      

No comments:

Post a Comment