Saturday, August 6, 2011

ترجمة NIV 2011 للكتاب المقدس تشعل اعتراضات مسيحية
تغييرات واضافات "تغيّر المعنى" واعتمادها ليس مطروحاً في لبنان

adian/p24-05-24467
"بشر" او "ناس" (people) بدلاً من "رجال" (men) في السطر الخامس (مرقس 1/17) في ترجمة NIV الحديثة.
في الترجمة القديمة لاكثر الكتب المقدسة شعبية في العالم، يقول يوحنا الانجيلي: "اذا قال احد "اني احب الله" وهو يبغض اخاه، كان كاذبا". غير ان وضع "اخاه او
اخته" في ترجمة حديثة انكليزية، بما يتضمن لغة اكثر حيادا بين الجنسين، لم يرق اطلاقا لمحافظين مسيحيين انتقدوا الامر، وحذروا من ان هذه التغييرات قد تبدل المعنى
اللاهوتي للنص. وفي لبنان، يبدو ان امكان البحث فيها ليس حتى فكرة مطروحة.  
الموضوع يتعلق بالترجمة الحديثة 2011 لـ"نيو انترناشونال فيرجون بايبل" (NIV) التي يعتمدها عدد كبير من البروتستانت، والتي وضعها فريق مستقل من العلماء البيبليين،
بدأوا لقاءاتهم من العام 1965، ويلتقون كل سنة لمناقشة اوجه التقدم في الدراسات البيبلية والتغييرات الممكنة في استخدامات الانكليزية. والترجمة المثيرة للجدل
لم تغير الضمائر التي تشير الى الله- اذ ابقتها "هو"(he) و"الآب"(the Father)- لكنها لا تهدف الى تجنب استخدام "هو" او "هي" كمرجع افتراضي لشخص معين.
الامثلة عديدة، وتتوزع بين مختلف النصوص: هنا استبدل "هو" بـ"هم" (they  او you بدلا من he في الانكليزية)، وهناك استبدل تعبير "رجال" (men) بـ"الناس" او "البشر"
(people)، او اضيف "اخوات" (sisters) الى "إخوة" (brothers)... وتجاه هذه الاستبدالات او الاضافات، تعالت الاعتراضات في اوساط انجيليين ومعمدانيين في الولايات
المتحدة الاميركية على هذه الترجمة، حتى قبل ان تصل الى المكتبات، "لكونها تغير المعنى والاتجاه اللاهوتيين للنص"، في وقت دافعت لجنة ترجمة الكتاب المقدس عن
عملها، رافضة الاتهامات والشكوك التي سيقت ضدها.
ايا يكن الأمر، وان كانت هذه الترجمة مرفوضة من فئة واسعة من المسيحيين، فان تعديل ترجمات الكتاب المقدس عبر القرون ليس امرا غير مألوف، وان كان يحصل بوتيرة
بطيئة جدا، والتعديلات التي تتم منتقاة بعناية، وضرورية لتلبية افضل للمعنى المراد. وفي الشرق، وخصوصا لبنان، "كانت هذه التعديلات قليلة جدا على مرّ العقود"،
يقول عميد كلية العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف الاب الدكتور سليم دكاش اليسوعي لـ"النهار".   
دكاش: 5 مبادىء والضوابط محددة
رصد التعديلات في مختلف الترجمات الغربية والشرقية ممكن من خلال مقارنة بسيطة ما بين القديمة والحديثة. ومن يتولى هذه التعديلات عادة "هم علماء في الكتاب المقدس،
وبالتالي مفسرون له، من حملة شهادات عالية ومتخصصون وبحاثة مشهود لهم... بمثابة مراجع عالمية"، يؤكد دكاش. ومن خلال قراءة هؤلاء للكتاب المقدس وتعمقهم فيه،
يتوصلون الى اجراء تعديلات. ولكن ليس اي تعديلات، على ما يشدد، "انما هي تعديلات نحو الافضل، بحيث تكون في خدمة النص، ولا تغير المعنى المقصود فيه، بل تقوّيه".

هناك خمسة مبادىء يستند العلماء اليها لادخال التعديلات، في ظل ضوابط واضحة، هي: "تطور معاني الكلمات ما بين جيل وآخر- علماً ان علم الكتاب المقدس مسؤول لاهوتيا
وكنسيا عن متابعة تطورها- معرفة وفهم افضل لواقع الكتاب المقدس في الزمن الذي كُتِبَ فيه، اختيار الموازين والاثقال، فَهمٌ افضل للاصول العبرية للكتاب المقدس،
وفَهمٌ افضل للمخطوطات الاصلية للعهد الجديد".  
في الترجمة اليسوعية الصادرة اواخر القرن التاسع عشر، على سبيل المثال، ادخلت تعديلات "كان يجب اجراؤها"، وفق دكاش، "لان علم الكتاب المقدس التاريخي واللغوي
وعلم التفسير تطورا مع الايام، وبتنا نعرف في شكل افضل الثقافة اليونانية التي كانت المنطلق لكتابة نصوص عديدة في الكتاب المقدس. كذلك بتنا نعرف على نحو افضل
الوسط العبراني الذي كتب الكتاب المقدس-العهد القديم". ويضيف الى ذلك "عامل تطور بعض الكلمات مع الايام، بما يتطلب اقلمتها مع الزمن الراهن". مثلا كلمة يهودي
لا تترجم بالضرورة "يهودي" اليوم، "انما يستحسن في مواضع معينة استخدام تعبير اهل الختان او المتعلقين بالتوراة او غير ذلك".        
 اساسا كُتِبَ الكتاب المقدس، لاسيما العهد القديم منه، بالعبرانية، مع نصوص قليلة منه باليونانية، بينما كتب معظم العهد الجديد باليونانية. ومع ان ترجمات الكتاب
المقدس "تقدر اليوم بنحو 1800 بمختلف اللغات"، فان دكاش يرى ان "فيها كلها وحدة، هي الوحدة الروحية. ويبقى الروح القدس في اساس كل الجهد المبذول لنقل الكتاب
المقدس الى لغات اخرى". ويبقى ايضا من مسلمات الامور والثوابت ان النصوص الاساسية للكتاب المقدس لا تُعدَّل، "وهي التي تشكل المرجع الاساسي لكل ترجمة. وفي هذه
الترجمة، يؤخذ في الاعتبار تطور اللغة والمفردات ومعانيها، اضافة الى الثقافة التي كُتِبَ بها، اكانت آرامية ام يونانية ام عبرانية".  
واذا كانت مبادىء ادخال اي تعديل محددة وواضحة، فان ثمة ايضا توجّهاً يقول ان اعادة النظر في الكتاب المقدس "موجبة بين 30 و50 سنة، بسبب التطورات الثقافية الحاصلة
في العالم"، على قول دكاش. وفي الترجمات اليسوعية الشرقية، على سبيل المثال، يتبين ان "نحو 100 عام تفصل ما بين اقدمها واحدثها". واذا كان هناك بحث في ادخال
اي تعديل مستقبلي عليها، فان من يقرره هم "علماء في الكتاب المقدس يتمتعون بسلطة علمية منحتهم اياها الكنيسة لاجراء هذه التعديلات"، على ما يؤكد، متوقعا "تشكيل
لجنة بهذا الخصوص في الاشهر المقبلة لاجراء اعادة النظر هذه، خصوصا في الحواشي المرفقة بالنصوص. وقد يستغرق عملها اعواما عدة، وفقا للعمل المطلوب انجازه ومتطلباته".


باسوس: لن نلتزم تعديلات NIV
من جهة اخرى، يبدو ان اي تأثيرات لتعديلات ترجمة NIV لن تبلغ لبنان. يقول الامين العام لجمعية الكتاب المقدس في لبنان الدكتور مايكل باسوس ان "لا نية اطلاقا
لدى الجمعية لدرس هذه التعديلات او ان التزامها". واذ يشير الى ان "الترجمة العربية المشتركة التي توزعها الجمعية وضعت قبل 20 او 30 عاما، وشاركت فيها كل الكنائس
المسيحية"، يلاحظ "انها أخذت مسبقا في الاعتبار بعض التعديلات التي ادخلتها اليوم ترجمة  NIV، مثل تعبير "الناس" او "البشر" بدلا من "الرجال".  وما يأخذه على
تلك الترجمة هو "انها تقدم اضافات وتوضيحات اكثر من اللزوم للنص الاصلي". ومع انه لا يشكك في واقع ان واضعيها "هم من علماء الكتاب المقدس"، غير ان ما يتخوف
منه هو "ان يكون البحث الذي اجراه هؤلاء يهدف الى الوصول الى اوسع فئات من الناس من خلال جعل اللغة المعتمدة في تلك الترجمة للجنسين".
بالنسبة الى الجمعية، التعديلات التي ادخلت على الترجمة التي توزعها حاليا "كافية وهي امينة للنص الاصلي". ومسألة ادخال تعديلات مستقبلية عليها يربطها باسوس
"بمرور زمن كاف عليها، قبل التفكير في تشكيل لجنة لهذه الغاية"، مشددا على "ان هدف الجمعية يبقى الامانة لكلمة الله المكتوبة بنصوصها الاصلية".

هالة حمصي      
(hala.homsi@annahar.com.lb)      

No comments:

Post a Comment