Saturday, September 10, 2011

نقاشات أميركية في ذكرى أيلول: «حزب الله» نموذج «اللاعبين غير الحكوميين»
11 أيلول: عندما اهتز رأس العالم
جنان جمعاوي
ثلث ساعة فقط كانت كفيلة بتغيير وجه العالم. خلال ثلث ساعة فقط، قبل عقد واحد، اهتز رأس العالم. أربع طائرات خرقت أجواء الولايات المتحدة. اثنتان تكفلتا بتدمير
برجي التجارة العالمية، فيما «خدشت» ثالثة مبنى البنتاغون. لم يكتب للرابعة «النجاح».. ولم يهنأ بال العالم برمته.. مذاك.
«الإسلام الفاشي» كان أول متهم بنظر جورج بوش. ثم استقر «إصبع اتهام» الإدارة آنذاك على تنظيم «القاعدة». أولى وجهات فوهات «البندقية» الأميركية كانت أفغانستان..
ثم العراق، فيما تكفّلت الطائرات «الجبانة» بلا طيارين ببث الرعب في أجواء العالم برمته، من اليمن إلى الصومال.. والقائمة تطول... ومسلسل الرعب مستمر حتى اليوم.

في حربها «التطهيرية» ضد الإرهاب، وضعت واشنطن تنظيم «القاعدة» نصب أعينها، فيما انهال رصاصها على دول بحالها. لقتل ملا أو أمير خلية مزعوم، لا ضير في استهداف
قرية عن بكرة أبيها.. وكأن «الغاية تبرر الوسيلة» إن آمنا بالغاية أصلاً!
المحافظون الجدد هللوا للحرب.. صمت الآخرون من صناع القرار في الولايات المتحدة. عشر سنوات مرت، ولم يرتوِ عشّاق الدم وأبواق الحرب بعد. «القاعدة» برأيهم ليست
سوى تنظيم واحد من بين جملة «لاعبين غير حكوميين» يشكلون تهديداً للولايات المتحدة.
بين هؤلاء يمثل «حزب الله» نموذجا لا بد من استهدافه في استراتيجيات مكافحة الإرهاب. أقلّه هذا ما يريده ثاناسيس كامبانيس، صاحب كتاب «شرف الموت: داخل فيالق
«حزب الله» وحربهم التي لا تنتهي ضد إسرائيل»، من بين خبراء وأكاديميين كثيرين آخرين.
وفي تعليق نشره في مجلة «ذا اطلانتيك» الأميركية، حمل عنوان «من «حزب الله» على صناديق التحوّط.. لا تزال الولايات المتحدة مرتبكة إزاء اللاعبين غير الحكوميين»،
انتقد كامبانيس «شح الخيال (في الغرب) في استيعاب فكرة أن طائفة كبيرة من اللاعبين المهمين يسيطرون على عالم اليوم، لا مجرد دول تقليدية»، واصفا هذه المجموعات،
بانها «مجموعات صغيرة غامضة قادرة على تغيير مسار التاريخ».
وأوضح الكاتب في «ذا اطلانتيك» أن «أشخاصا يتمتعون بالقوة يحاولون اليوم الإمساك بزمام الأمور في النظام العالمي الجديد المعقد، حيث بإمكان مجموعة مثل «حزب
الله» او قوة نفطية كبرى أن تتسبب بحدث ضخم مثل انهيار مالي أو حرب إقليمية»، آخذاً على الولايات المتحدة مواصلتها في «إفساح المجال للعب، أمام دول مثل إيران
والصين اللتين تزدهران في عالم يحكمه اللاعبون غير الحكوميين والمجموعات «الصغيرة الملتبسة».
من بين الأمثلة التي قد تعزز رأي كامبانيس: انهيار مصرف ليمان براذرز، الذي قامت بعده «القيامة» في النظام المالي العالمي، إو ربما التحليلات القائلة بأن حدثا
عرضيا قد يتطور إلى حرب بين إسرائيل و«حزب الله» قد يشعل المنطقة.
هي هجمات 11 أيلول 2001 التي فرضت تلك «المجموعات» كلاعبين غير حكوميين، ينشطون خارج إطار الحكومات، ولا بد من وضعهم نصب الأعين، خلال تحريك خيوط النظام العالمي
الجديد.
فهل هو أمر سهل؟
لا يبدو كذلك بالنسبة الى الخبير في شؤون العلاقات الدولية في جامعة ستانفورد ستيفن كراسنر، الذي ادار قسم تخطيط السياسات في إدارة بوش بين 2005 و2007، الذي
قال «إن ما نفقه القيام به هو العلاقات الدولية والحرب والدبلوماسية. لكننا لا نعرف كيف نتعامل مع المسألة المحيرة المتعلقة باللاعبين غير الحكوميين».
الحل برأي كامبانيس يكمن في القفز خارج نموذج «الدول» القديم، بمعنى استخدام الوكالات الاستخباراتية في مكافحة الإرهاب، وتكثيف «أعمال التجسس»، والعمليات العسكرية
التي تقوم بها القوات الخاصة كتلك التي أدّت إلى مقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن في باكستان.
بالنسبة للكثيرين تبدو هذه الخطة أشبه بخطة لمافيا او لحرب عصابات!
أما الأستاذ في جامعة «ديوك» بروس جنتليسون، الذي عمل مستشارا لدى المرشح السابق إلى الرئاسة الأميركية آل غور وهيلاري كلينتون خلال السنة الأولى من شغلها منصب
وزيرة الخارجية، فشدد على «الحاجة إلى أفكار تقدمية في السياسة الخارجية شبيهة بتلك التي خرج بها الأكاديميون في الأربعينيات مثل استراتيجيات الاحتواء والردع».
من جهتها، دعت الباحثة آن ماري سلوتر، في «ذا اطلانتيك» أيضاً، إلى وضع «حدود جديدة للسياسة الخارجية»، وحثت صنّاع القرار على التعايش مع عالم «حيث شركات النفط
وعمالقة التكنولوجيا والقادة الدينيين والحركات الجهادية تتنافس مع الدبلوماسيين والعسكريين للتأثير على مسار الأحداث في العالم».
انطلاقاً من رؤية سلوتر، فإن خريطة القوى المهيمنة في عالم اليوم متعدد اللاعبين، ستضم «كتلاً مثل «غوغل» (الشركة المالكة لمحرك البحث الإلكتروني) وشركتي «آرامكو»
في السعودية و«القاعدة» و«حزب الله»، كما قال كامبانيس. ذلك لا يعني إسقاط الدول عن الخريطة. كيف نفعل ذلك.. وثمة دول لا بد من رصد نموها وتحركاتها مثل إيران
والصين وروسيا؟
على هذه الخريطة، قد يتغير مسار التاريخ في بعض الدول بسبب «تنافس بين شركتين، او نزاع بين ميليشيتين»، كما قال كامبانيس، مقترحاً وضع «استراتيجيات مؤقتة تمنحنا
القدرة على القيام بأذكى الخيارات وترتيب الأولويات بشان ما يهمّ الولايات المتحدة فعلاً.. فهل هي القوة النقدية او التنافس التجاري بين أوروبا والصين او الهيمنة
العسكرية او نشر الديموقراطية على الطراز الأميركي؟».
من بين الأدوات «المبتكرة» التي أدخلها «مكتب الإرهاب والاستخبارات المالية» الأميركي على مكافحة الإرهاب في حقبة ما بعد هجمات 11 أيلول: «تجفيف منابع الإرهاب»،
بمعنى قطع الطريق على تمويل المنظمات المصنفة إرهابية.
وذكر «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي عن تقرير أعدّته «إدارة مكافحة المخدرات» الأميركية وضمنته تقديرها بأن ما يصل إلى 60 في المئة من المنظمات «الإرهابية»
قد تكون متورطة في تجارة المخدرات، لتمويل أنشطتها، معتبرا (أي المجلس) أن «حزب الله» معروف في تجارة المخدرات العالمية».
ونقلت مراجعة قامت بها مؤسسة «اوراسيا» الدولية، عن المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية ريتشارد ارميتاج قوله إن حالة «حزب الله» تطلّبت منا ردا عالميا»،
حيث «انتهجنا مقاربة مزدوجة لممارسة الضغط المالي على مركز (الحزب) وأطرافه». وهكذا تم تحديد الأهداف: الحزب وقيادته والمؤسسات التي يستخدمها للحصول على مزيد
من الأموال او الدعم الأمني، مثل شركات جهاد البناء ومشروع وعد، او المؤسسات التي يستخدمها الحزب لحشد الدعم واستقطاب الناشطين، مثل قناة المنار.
وتابع أرميتاج ان الرد «العالمي» ضد الحزب شمل أيضا العمل على «فضحه وعزله»، عبر تفكيك شبكاته في اميركا الجنوبية (حيث تمت اضافة 14 شخصا وكيانا تابعة للحزب
على لائحة الإرهاب) وأفريقيا (عبر استهداف الشبكات التجارية للحزب ولا سيما في ساحل العاج وسيراليون وغامبيا وجمهورية الكونغو الديموقراطية وانغولا).
لم يفت أرميتــاج أن «رأس الحــربة يكمــن في إيران»، مــسميا من بين الاستراتيجــيات التي اعتُمــدت لتقــويض الحزب، على سبيل الذكر لا الحصر، إضــافة مصرف
«سيديرات» الإيراني على قائمة الإرهاب، لتحويله أكثر من 50 مليون دولار إلى «حزب الله» بين 2001 و2006.

No comments:

Post a Comment