Sunday, September 11, 2011

> 14 آذار: «سماحة البطريرك»

14 آذار: «سماحة البطريرك»
يعبّّر الراعي عن خشية فاتيكانية من التشدّد الإسلامي (أرشيف)

بات فريق 14 آذار بلا أيّ مرجعية دينية تتبنّى مواقفه و«تبشّر» بها. وفي ما يخص العلاقة ببكركي، لا تزال هذه القوى تحافظ على رباطة جأشها، وحذرة من الوقوع في
محظور المواجهة، لكن يبدو عبثياً مشهد تبادل الأدوار بين مواقف القواتيين والعونيين من الكنيسة، وهو ما يشير إلى أنّ بكركي باتت بلا جمهور

نادر فوز

بدأ شبح مذلّة الخروج من السلطة يخيّم على قوى 14 آذار، وما يتبيّن منذ أسابيع أنّ قوى الأكثرية السابقة تخسر تباعاً مواقع وشخصيات كانت موجودة « تحت الإبط ».
وتتمحور هذه الخسارة تحديداً في خسارة قوى المعارضة دعم المؤسسات الدينية، وربما العلاقات معها. فقوى «ثورة الأرز» ـــــ التي ولدت أساساً من رحم شعار تآخي
الأديان وأبناء الطوائف ــــ تجد نفسها اليوم بلا أي مرجعية دينية تردّد شعاراتها وتسوّق لها في الأديرة والجوامع والأماكن الدينية، حيث يجتمع الناس على مختلف
مواقعهم الطبقية والسياسية.
قبل سنتين، في آب 2009، خسرت قوى 14 آذار موقع مشيخة دار العقل الدرزية مع استدارة رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي (يومها)، النائب وليد جنبلاط. وقبل أقل من شهرين،
بدأت قوى الأقلية الجديدة، وتحديداً تيار المستقبل، تشعر بابتعاد دار الإفتاء عن موقعها المحصّن منذ 15 عاماً بالقرب من آل الحريري. لم يتصوّر أحد في هذه القوى
أنّ مطلق عبارة «أهل السنّة في لبنان ضاقوا ذرعاً»، قبل ساعات من الدخول العسكري لقوى المعارضة إلى بيروت في أيار 2008، أنّ هذا الرجل سيتخلّى عن مواقفه و«
مبادئه» إلى جانب «العائلة».
اليوم، تنظر قوى 14 آذار بريبة إلى التقلّبات التي تشهدها مواقف بكركي. لطالما عدّت شخصيات الأقلية الجديدة هذا الموقع بمثابة حديقتها الخلفية، نظراً إلى تاريخ
الكنيسة المارونية والأدوار السياسية التي أدتها على مرّ السنوات: خلال الحرب الأهلية، في مرحلة اتفاق الطائف، في فترة «الإحباط المسيحي »، في نداء المطارنة
الموارنة وإبان انطلاق « انتفاضة الاستقلال». ماذا يحصل في بكركي بعد « استقالة» البطريرك نصر الله صفير؟ الإجابة بسيطة: جاءت المواقف الأخيرة للبطريرك بشارة
الراعي بشأن سلاح حزب الله والانتفاضة في سوريا، لتحسم سلباً هواجس فريق 14 آذار: «الراعي صار حقاً في المقلب المعادي».
ومن يزُر مجالس الطرفين، يلحظ أنّ المشهد انقلب على نحو معاكس بين أنصار القوات اللبنانية والكتائب من جهة، ومجالس التيار الوطني الحرّ وتيار المردة من جهة
أخرى. يتقبل العونيون، مثلاً، للمرة الأولى منذ ثمانينيات القرن الماضي، سلطة صولجان البطريركية المارونية، فيما فقد القواتيون ثقتهم السياسية بالراعي والمؤسسة
التي يمثلها . من كان يخال أن يسمع من مسؤول عوني: «بيّضها البطريرك»، أو من مسؤول في القوات: «المسيحية ليست عصا وصولجاناً ومراكز، بل هي دفاع عن المظلوم والمحتاج»!
وانتشرت مواقف القواتيين في المجالس وعلى مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت أمس، حيث وصف بكونه «رئيس حزب البعث في بكركي».
تبدّل المواقف بين مسيحيي 8 آذار ومسيحيي 14 آذار، يدفع إلى التساؤل: من بقي من جمهور البطريركة بعد ابتعاد جمهور القوات والكتائب وأنصار البطريرك صفير؟ لا
أحد. تاريخياً، كل من كانوا إلى جانب النظام في سوريا لا يجدون درباً إلى بكركي، كما أنّ منطق العونيين يبعدهم عن هذه السلطة، وسط جهد يبذله عدد من مسؤولي التيار
لمحاولة إقناع العونيين بإمكان تقبّل هذه الفكرة .
ونسبةً إلى قوى المعارضة، تحوّل الراعي نتيجة مواقفه الباريسية من غبطة البطريرك إلى «سماحة البطريرك»، وهي العبارة التي انتشرت أمس بين مسؤولي قوى 14 آذار
وأنصارها، الذين لم يجدوا سبيلاً سوى تغيير صفة الراعي وتحويرها على هذا النحو لوصف «أفعاله». لكن أليس انتقاد الراعي هجوماً على الكنيسة وانتقاصاً من موقعها؟
هذا الأمر يربك معظم الأقليين، حيث بات كل من يريد التحدّث عن مواقف الراعي يضيف لا إرادياً عبارة «وذلك حرصاً على البطريركية المارونية وموقعها التاريخي».
وعند سؤال قادة في 14 آذار عن الخطوة المنوي القيام بها للردّ على مواقف الراعي، يجيب الأقليّون «لا يزال الوقت مبكراً للحديث في هذا الموضوع». وكل آمال فريق
14 آذار تتركّز على إمكان إصدار البطريرك في الساعات المقبلة توضيحاً لمواقفه، ما من شأنه إنقاذ الأقلية من مأزقها. لكن أحد المسؤولين القواتيين تقدّم أمس بطرح
لقيادته وغيرها من القيادات في «ثورة الأرز»، يفيد بضرورة إعادة إحياء صورة البطريرك السابق نصر الله صفير في الإعلام. وهو طرح لقي رواجاً بين الأقليين، وخصوصاً
أنّ صفير هو من سيترأس القداس السنوي لذكرى «شهداء المقاومة اللبنانية».
وفي السياق، يرى نائب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات، النائب جورج عدوان، أن كلام الراعي « تبرير لوجود سلاح خارج الدولة، وقيام دولة داخل الدولة»، مطالباً
بأن تدافع الدولة عن لبنان. ويشدد على أنّ «المسار الطبيعي للدور المسيحي هو حماية الحريات»، مشيراً إلى أنّ «وتصوير المسيحيين كأنهم طرف في سوريا لا يخدم المسيحيين
ولا الخط التاريخي لبكركي».
أما تيار المستقبل، ففضّل أمس نوابه الصمت حيال مواقف الراعي، فيما عبّر قادته في مجالسهم عن استيائهم، مشيرين إلى أنّ «خطر الأصولية السنية يترتّب علينا أولاً،
لكون الحركات الأصولية تهدر دمنا قبل دم أي طرف أو شخص من طائفة أخرى». وشدد المستقبليون على أنّ انبثاق أي أكثرية جديدة في سوريا «لن يؤدي إلى تأليف أكثرية
جديدة في المنطقة »، مؤكدين مبدأ «لبنان أولاً».

No comments:

Post a Comment