Sunday, September 11, 2011

4 قتلى وأكثر من ألف جريح في صدامات وقعت بعد اقتحام السفارة الإسرائيلية
المجلس العسكري يرى كيانَ الدولة المصرية مهدداً ويتوعد بإجراءات حاسمة

arab/P10-01-N24503
العلم المصري فوق مبنى السفارة الإسرائيلية في القاهرة. (رويترز)
لم تتوقف طوال نهار أمس ردود الفعل والتداعيات الواسعة النطاق (في الداخل والخارج) على الأزمة والحدث السياسي والأمني الأكبر والأخطر منذ "ثورة 25 يناير" التي
أطاحت الرئيس المصري السابق حسني مبارك وأركان نظامه.

القاهرة - جمال فهمي:
فبعد ساعات من نهاية المواجهات الدامية بين الشرطة وآلاف الشبان الغاضبين الذين نجح بضع عشرات منهم مساء الجمعة نجاحاً غير مسبوق في اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية
بالقاهرة ودخول غرفة الارشيف وإلقاء مئات الوثائق (معظمها يتعلق بأمور إدارية وروتينية) من شرفة المقر الواقع أعلى بناية سكنية مرتفعة، وبعدما تأكد أن أعداد
الضحايا ارتفعت الى درجة أعادت الى الأذهان ذكريات أيام الثورة الأشد دموية، إذ بلغت حصيلة نصف يوم من المواجهات العنيفة نحو 1050 جريحاً و4 قتلى، أصدر المجلس
العسكري الحاكم بعد اجتماع مشترك ومطول مع رئيس الوزراء عصام شرف وطاقم وزاري مصغر، بيانا بدا متخما بالتهديد والوعيد، أستهله المجلس بأن "مصر تتعرض لمحنة حقيقية"،
معتبرا أن البلاد شهدت ليل الجمعة وصباح السبت "يوما عصيبا وبات واضحا أن تصرفات البعض أصبحت تهدد كيان الدولة المصرية ككل (وهو ما يعد) ظرفا استثنائيا يتطلب
إجراءات قانونية حاسمة".
وأكد البيان أن السلطات عازمة على "تطبيق كل بنود قانون الطوارئ، على رغم أنه كانت هناك نية لوقف العمل به قريبا، لكن أمن الوطن فوق كل اعتبار"، في إشارة واضحة
ليس فقط إلى التراجع عن تنفيذ الوعد بإنهاء حال الطوارئ المعلنة في البلاد منذ 30 عاما، بل الى وضع حد لسياسة التسامح مع التظاهرات والاعتصامات وكل اشكال الاحتجاج
السلمي التي شاعت واتسع نطاق اللجوء اليها حتى صارت خبزا يوميا للمصريين من كل الفئات.
وفي مواجهة عاصفة اللوم والاتهامات بالتقصير التي تلقتها القاهرة من خارج الحدود، خصوصا من تل أبيب وواشنطن حيث دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما الحكومة المصرية
إلى "الايفاء بالتزاماتها الدولية وتأمين الحماية للسفارة الاسرائيلية في القاهرة"، قال البيان المشترك للمجلس العسكري والحكومة "إن مصر تؤكد التزامها الكامل
لاتفاقاتها الدولية، بما في ذلك تأمين الحماية لكل البعثات الديبلوماسية الموجودة على أراضيها".
يذكر أن السفير الإسرائيلي في مصر اسحق ليفانون كان قد غادر القاهرة بعد منتصف ليل الجمعة ومعه نحو 80 من العاملين في السفارة وأسرهم، في طائرة خاصة أرسلتها
اليه سلطات الدولة العبرية بعدما توالت أنباء عن قيام آلاف المصريين الغاضبين بحصار مقر البعثة الديبلوماسية الإسرائيلية وهدم جدار عازل (أثار انتقادات وسخريات
لاذعة)  كانت الحكومة المصرية أتمت بناءه الأسبوع الماضي بارتفاع مترين على جزء من "جسر الجامعة" المواجه للسفارة في محاولة لمنع تكرار حادث تسلق أحد الشبان
جدران البناية الخارجية التي تقع فيها ونزع العلم الاسرائيلي من شرفتها وزرع العلم المصري مكانه احتجاجا على اختراق قوة من الجيش الإسرائيلي الشهر الماضي الحدود
المصرية وإطلاق النار على نقطة حراس حدود مصريين مما أدى إلى مقتل ضابط وخمسة جنود توفي آخرهم أمس متأثرا بجروح بالغة.
غير أن حادث استبدال العلم المصري بالإسرائيلي تكرر مساء الجمعه بعدما استطاع أكثر من شاب الوصول اليه ونزعه وحرقه.
وكانت التظاهرة التي استهدفت السفارة الإسرائيلية واحدة من تحركات مليونية "جمعة تصحيح مسار الثورة" التي دعت اليها ائتلافات شبابية وحركات وأحزاب سياسية عدة
بينما قاطعتها جماعة "الإخوان المسلمين" والأحزاب الدينية المتحالفة معها، وذلك لإعلان رفض استمرار المجلس العسكري بإحالة المواطنين المدنيين والناشطين السياسيين
على المحاكم العسكرية، وكذلك إصدار المجلس مرسوماً بقانون رفضته كل القوى السياسية في البلاد بعدما رأت انه يفرض نظاما انتخابيا "شاذا" قد يمكّن "فلول" الحزب
الوطني المنحل الذي كان يتزعمه مبارك ونجله جمال من استعادة سيطرتهم على البرلمان وسلطة التشريع في البلاد من جديد.
وانطلقت تظاهرة السفارة الإسرائيلية التي رفع المشاركون فيها شعارات منددة "برد الفعل الرسمي الضعيف" على حادث الاعتداء على الجنود المصريين، من ميدان التحرير
عصر الجمعة، وانهمك مئات الشباب، مدى ثلاث ساعات، في هدم الجدار الأسمنتي المقابل للسفارة من دون أن تتدخل الحشود الأمنية الضخمة التي تتمركز حول المبنى وفي
محيطه، بل استرعى الانتباه أن قوات الأمن المعززة بوحدات مدرعة من الجيش استمرت في وضع المتفرج عندما اندفع عشرات الشبان نحو بوابة البناية حيث السفارة، وتركوهم
يصعدون إلى مقرها من دون مقاومة تذكر. ولكن بعدما تمت عملية الاقتحام وأنهى الشبان المهمة بدأت هذه القوات في إطلاق نار كثيف في الهواء وأمطروا المتظاهرين بسيل
من قنابل الغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى اشتعال مواجهات عنيفة وغير مسبوقة استمرت طوال الليل وحتى الساعة الثامنة من صباح السبت، ثم اتسع نطاقها وانتقل إلى
مقر مديرية أمن محافظة الجيزة ومقر السفارة السعودية وكلاهما يقع على مسافة عشرات الأمتار فقط من السفارة الاسرائيلية.  

No comments:

Post a Comment