Monday, September 19, 2011

بري للترفع عن الحسابات الفئوية ... وباسيل لعدم التساهل مع القبارصة لبنان يقتحم الصراع على الغاز بحسم حدوده البحرية

مع وقوف منطقة شرق المتوسط على بئر غازي مشتعل ومتداخل، خاصة بعد قرار قبرص، أمس، بدء التنقيب ورد تركيا السريع بخطوة مماثلة ضمن مياه قبرص التركية، فإن لبنان
وجد نفسه، على عتبة صراع غازي يهدد أمن المنطقة وربما العالم، من زاوية ما تختزنه هذه المنطقة المتوسطية البحرية من ثروات كامنة، وخاصة في الجزء اللبناني منها
حيث يقدر وجود كميات أكبر بكثير من تلك الموجودة في دول المنطقة، وخاصة إسرائيل، وهو الأمر الذي يطرح تحديات وطنية كبرى أمام الحكومة والمجلس النيابي، مدخله
توافق لبناني يشكل منطلقا لرسم خارطة طريق محورها الأساس عدم تساهل لبنان مع أية جهة يمكن أن تمس بثرواته.
وحسنا فعلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بأن أقرت في جلستها، أمس، المنطقة الاقتصادية الخالصة، في ضوء دراسة أعدتها شركة UKHO الانكليزية المتخصصة بالدراسات الطوبوغرافية،
وأظهرت تطابقا مع الاحداثيات التي كان توصل اليها خبراء الجيش اللبناني قبل سنوات، وتضمنت تثبيتا للنقطة 23 (الثلاثية) بين لبنان وقبرص واسرائيل، حيث سيصار
بعد نشر المرسوم في الجريدة الرسمية الى إيداع الأمم المتحدة نسخة عن القانون اللبناني الذي أقر سابقا، بالاضافة الى قرار تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة،
تمهيدا لاعادة فتح أبواب التفاوض مع الحكومة القبرصية، وبالتالي دفع القبارصة الى تعديل الاتفاقية الموقعة بينهم وبين إسرائيل على حساب لبنان.
وقال مصدر رسمي لبناني بارز لـ«السفير» ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي وصل فجر اليوم الى نيويورك، سيضع على رأس جدول أعماله مع الأمين العام للأمم المتحدة
بان كي مون، موضوع الحدود البحرية، وتحديدا حق لبنان بثمانمئة وسبعين كيلومترا مربعا من المنطقة الاقتصادية التي قضمت من منطقته الاقتصادية في ضوء الاتفاق القبرصي
الاسرائيلي.
وإذا كان بعض الخبراء يؤكدون أن لبنان بمنأى عن الصراع القبرصي ـ التركي، فإن مصادر حكومية لبنانية تؤكد ان لبنان بصدد الشروع قريبا في وضع القانون الخاص بثروة
لبنان النفطية والغازية والحدود الاقتصادية البحرية موضع التنفيذ في المدى القريب، انطلاقا من إصدار المراسيم التطبيقية، ولاسيما في ما خص الحدود وكيفية تلزيم
عمليات التنقيب.
وقال خبير نفطي عالمي لـ«السفير» ان عنصر الوقت صار من ذهب وعلى الحكومة اللبنانية أن تسرع إجراءاتها وأن تشكل خلية عمل لمتابعة هذا الملف يوميا، خاصة في ظل
ظاهرة لافتة للانتباه تتمثل في تزاحم شركات عالمية على التنقيب في بحر لبنان من جهة وانكفاء هذه الشركات عن التنقيب في اسرائيل بسبب الخلاف بينها وبين لبنان،
من جهة ثانية، الأمر الذي يعرض مصالح الشركات العالمية للخطر وهذه نقطة يجب أن يستفيد منها لبنان الى الحد الأقصى، عدا عن وجود كميات ضخمة من الغاز في الشواطئ
اللبنانية ستعيد رسم وظيفة الاقتصاد اللبناني وتضع لبنان على خارطة أولى الدول المصدرة للغاز في العالم.
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«السفير» ان على لبنان أن يحافظ على حقوقه وثروته البحرية، والشروع في أسرع وقت ممكن بما يؤمن الاستفادة منها، خاصة وان الوقت
يمر من دون فائدة.
وأشار بري الى انه لفت عناية الجميع في لبنان في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة ذكرى تغييب الامام موسى الصدر في بعلبك، في الحادي والثلاثين من آب المنصرم، الى
ان دولا مجاورة للبنان ستبدأ قريبا بعمليات التنقيب عن النفط في البحر، وقال انه اثار هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبل توجه الأخير الى نيويورك،
واتفقا على ان يثير سليمان موضوع ترسيم الحدود البحرية في الامم المتحدة ولاسيما مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.
وأضاف بري ان هذا الامر يجب ان يتزامن مع اصدار المراسيم التطبيقية، بالتوازي مع اطلاق المفاوضات مع قبرص لتوضيح الخط الحقيقي للحدود والحقوق.
واعتبر بري ان ما يجري حول لبنان يشكل حافزا له لمقاربة حقوقه بالشكل الذي يحفظها ويرتد بالفائدة عليه، كما يستدعي الترفع عن الحسابات الفئوية والحساسيات الضيقة
والارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية التي يتطلبها هذا الملف.
وقال وزير الطاقة جبران باسيل لـ«السفير» انه أثار في جلسة مجلس الوزراء، أمس، وجوب أن يكون موقف الدولة اللبنانية حازما جدا مع الدولة القبرصية لجهة ابلاغها
أن عدم تصحيحها الخطأ الذي ارتكبته مع اسرائيل، يهدد علاقاتها مع لبنان من جهة، ومن جهة ثانية، أنه من غير المسموح لقبرص القيام بأية أعمال تنقيب عن الغاز والنفط
في المناطق المشتركة مع لبنان.

وأكد باسيل أنه كان قد أبلغ هذا الموقف لسفير دولة قبرص الذي زاره الأسبوع الماضي لمناقشة بعض الآليات للتنقيب المشترك في البحر. وقال: «لا تساهل لبنانيا إزاء
أي دولة أو جهة تمس حقوقنا السيادية».
وأضاف باسيل أن النقطة الثانية التي اثارها في مجلس الوزراء أن تكون أولوية الحكومة اليوم هي ملف التنقيب عن النفط والغاز في البحر بدل التلهي واضاعة الوقت
في مواضيع متفاهم ومتوافق عليها مثل الكهرباء، مشددا على وجوب أن تنتقل الحكومة سريعا الى ملف النفط واصدار المراسيم التي أنجزت الوزارة جزءا كبيرا منها (من
أصل 27 مرسوما).
واذ أشاد باسيل بقرار مجلس الوزراء تحديد المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة، قال ان الاحداثيات التي اقرتها الحكومة، جاءت مطابقة تماما لتلك التي وضعت في
العام 2008 (حكومة فؤاد السنيورة)، ويعني ذلك أننا أهدرنا ثلاث سنوات حتى أقررنا الاحداثيات ذاتها ولو حصل ذلك مع قبرص أولا لما كنا وصلنا إلى ما قام به القبارصة
مع إسرائيل بسبب سياسة إدارة الظهر للقبارصة، ما دفعهم للتفاهم مع إسرائيل على حساب لبنان.
وقال مصدر دبلوماسي لبناني بارز لـ«السفير» ان وزير الخارجية عدنان منصور تلقى تعليمات واضحة من رئيسي الجمهورية والحكومة بإثارة الملف النفطي مع نظيره القبرصي
الذي سيلتقيه هذا الأسبوع، على هامش مشاركته في الوفد اللبناني برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
يذكر أن رئيس الحكومة اكد في جلسة مجلس الوزراء، أمس، ان المراسيم البحرية ستصدر ضمن فترة اقصاها نهاية العام الحالي، بالاضافة الى ان مشاريع التلزيم والتنقيب
شبه جاهزة في وزارة الطاقة.
وشمل النقاش الوزاري اعمال جلسة اللجان النيابية المشتركة، التي لم تتوصل الى تفاهم حول الخطة الكهربائية، وعبر بعض الوزراء عن الاستياء من حركة المعارضة لنسف
خطة الكهرباء، علما أن الرئيس بري سيترأس على الأرجح جلسة يوم الأربعاء التي تسبق جلسة مجلس الوزراء وربما تمهد لجلسة نيابية عامة يوم الخميس المقبل في ضوء
نتائج اللجان المشتركة.
اما في ما يخص خطة النقل، فقد اقر مجلس الوزراء المخطط الاساسي للخطة كما وضعته وزارة الاشغال والنقابات المعنية، على ان يتم البحث فيها بشكل تفصيلي في وقت
لاحق. وقال وزير الاشغال غازي العريضي لـ«السفير» ان النقاش الوزاري في هذا الموضوع كان ممتازا وغنيا، وقد تبنينا كل الافكار الايجابية، وبالتالي يمكن القول
اننا دخلنا في حيز التطبيق التدريجي للخطة ونحن امام فرصة استثنائية لكي نحقق انجازات في هذا المجال.

No comments:

Post a Comment