Tuesday, September 6, 2011

«الأكثرية الحاكمة لا تعرف كيف تحكم.. والمعارضة لا تعرف كيف تعارض»بري: وقوف 14 آذار على رصيف انتظار أحداث سوريا.. سيطول
عماد مرمل
برغم الصخب السياسي الذي يكاد يغطي على صوت المنطق في الداخل اللبناني، يبدو رئيس مجلس النواب نبيه بري مطمئنا الى ان هناك من الضوابط المعلنة، وغير المعلنة،
ما يكفي لإبقاء هذا الصخب في إطار الضجيج الذي يسبب الإزعاج والضيق ولكنه لا ينسف معادلة او حكومة.
وإذا كانت الجلسات التشريعية التي ترأسها بري مؤخرا قد أتاحت له أن يعيد الحرارة الى مطرقته كرئيس لمجلس النواب، يمسك العصا من الوسط في معرض إدارة الجلسات
وضبط إيقاعها.. إلا ان السجال المحتدم في البلد سرعان ما يفرض عليه معاودة التموضع في الخطوط الامامية للاكثرية، لا سيما أن المعارضة تضع «عين التينة» ضمن «بنك
الأهداف» الذي تصوّب عليه نيرانها السياسية.
ويعتقد بري ان السبب الحقيقي للحملة المتصاعدة عليه من قبل قوى 14 آذار يعود الى موقفه من احداث سوريا، مؤكدا ان كل الهجمات السياسية التي يتعرض لها لن تثنيه
عن التمسك بقناعاته، ومشيرا الى ان الذين يتوقعون سقوط النظام السوري غدا او بعد غد ويربطون استراتيجيتهم السياسية الداخلية بهذا الرهان سيكتشفون عاجلا أو آجلا
أنهم سيقبعون طويلا على رصيف الانتظار.
ويستغرب ان يأخذ عليه البعض في 14 آذار انه لم يتناول موضوع المحكمة الدولية خلال كلمته في بعلبك، قائلا: هذا الكلام لا يوجه إلي، وأنا الذي كنت أول من طرح
تشكيل محكمة مختلطة، تضم قضاة لبنانيين ودوليين وعربا.
ويعتبر انه إذا كان هؤلاء حريصين بالفعل على المحكمة والحقيقة، فلماذا لا يشاركون من جديد في مؤتمر الحوار لعلنا نتمكن عبر النقاش المباشر من التوصل الى تصور
مشترك لكيفية التعامل مع هذا الملف، «أما الذين يعتبرون ان طاولة الحوار ليست معنية بالبحث في موضوع المحكمة، فألفت انتباههم الى ان هذه الطاولة هي التي أقرته
بإجماع جميع القوى السياسية قبل ان يتم لاحقا حرف مسار هذه المحكمة عن السكة الدستورية، لتتحول منذ ذلك الحين من قضية وفاقية الى قضية خلافية».
ويستهجن تسرع البعض في التهويل بمسألة تمويل المحكمة وترهيب الحكومة بها، معتبرا انه من السابق لأوانه الافتراض أن اختبار التمويل سيفجر الحكومة او سيُضعضعها،
«إذ ما تزال أمامنا فترة لا تقل عن شهر قبل ان يصبح هذا الاستحقاق ملحا، وحتى ذلك الحين، توجد ملفات حيوية تحتاج الى المعالجة السريعة ومن بينها مشروع الكهرباء
الذي يعني كل بيت في لبنان، وقضية النفط التي تحتاج الى أن نضعها في الاولوية بمواكبة وطنية ورسمية لائقة».
ويلاحظ بري بأسف «ان العدو الاسرائيلي يستعين بترسانته العسكرية للدفاع عما ليس حقا له من آبار نفطية في البحر، في حين نتعامل نحن باستهتار مع ما هو حق لنا».

ويرفض بري بشدة محاولات فريق 14 آذار ان يفرض أجندته على الحكومة وأن يحدد لها ما هو مسموح وما هو ممنوع في موضوع المحكمة الدولية أو غيرها، قائلا: الاكثرية
الجديدة ليست بوارد ان تقدم أي نوع من أنواع الامتحانات امام المعارضة التي تتصرف وكأنها هيئة فاحصة. وأضاف: يبدو ان هذا الفريق يواصل التصرف كما لو انه مستمر
في السلطة، متجاهلا ان المعادلة تغيرت.
وانطلاقا من هذه المقاربة للمشهد السياسي، يعتبر بري ان المشكلة التي تواجه البلد حاليا تكمن في ان الأكثرية الحاكمة لا تعرف كيف تحكم والمعارضة لا تعرف كيف
تعارض، ملاحظا ان الحكومة توحي بأنها مزيج من الموالاة والمعارضة، تماما كما ان فريق 14 آذار يوحي بأنه مزيج من الإثنتين، «وبالتالي فإن المطلوب بسيط وهو ان
يقوم كل طرف بعمله، لا أكثر ولا أقل، وعندها يستقيم الوضع في البلد تلقائيا».
ويتطرق بري الى حملة أحد نواب 14 آذار على الجيش اللبناني، مؤكدا انه إذا كانت لدى أحدهم ملاحظات على سلوك بعض ضباط الجيش، فإن الأصول تقتضي منه أن يناقش هذه
الملاحظات مع العماد جان قهوجي في غرفة مغلقة، «لا أن يعمد الى التشهير بالمؤسسة العسكرية ككل، في إساءة غير مقبولة لها».
وفي ما خص مطالبة عدد من المتحمسين للجيش برفع الحصانة عن النائب خالد ضاهر ردا على مواقفه الأخيرة، يوضح بري أن هذا الأمر مرتبط بآلية دستورية محددة وإلزامية،
«والخوض فيها يستوجب أن تكون هناك دعوى مرفوعة على النائب مرفقة بطلب من الجهة القضائية المختصة برفع الحصانة عنه، وعندها يُناقش الطلب في لجنة الإدارة والعدل
يعرض على الهيئة العامة لمجلس النواب».
وأبعد من تفاصيل الدائرة المحلية، يعتبر بري أن ترؤس لبنان لمجلس الأمن يشكل فرصة ثمينة كي يؤدي دورا فاعلا على مستوى القضايا العربية، مشددا على أن ملفاتنا
الداخلية يجب ألا تمنعنا من مراقبة ما يجري من حولنا. ويتوقف في هذا المجال عند التظاهرات المتنامية في الكيان الإسرائيلي احتجاجا على الوضع الاقتصادي، متسائلا
عما إذا كانت هناك علاقة محتملة بين الاتجاه نحو الإعلان عن الدولة الفلسطينية وبين تأثيرات هذه التظاهرات التي قد تؤدي في حال تصاعدها الى إسقاط بنيامين نتنياهو
وحكومته.

No comments:

Post a Comment