Wednesday, September 7, 2011

زيارة «الجنرال» تثير اعتراضاتعونيـو كسـروان: نكـون أو لا نكـون!
ملاك عقيل
يلقي العماد ميشال عون خلف ظهره همّ الكهرباء ويقرّر، وسط الضجيج المتزايد عن ترنّح حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تحت وطأة التمرّد العوني، المشاركة في قداس كنيسة
سيدة الدرّ شفيعة بلدة الزعيترة في فتوح كسروان، ثم تلبية دعوة رئيس البلدية جوزف عون الى مائدة العشاء. هكذا لا تلهي الملفات الساخنة المفتوحة ولا ضغط الاستقبالات
اليومية جنرال الرابية عن تلبية بعض الدعوات الخاصة وآخرها «عشاء كفرحباب» على مائدة النائب اميل رحمه، او اقتناص اجازة سنوية قصيرة عادة ما يفضّل ان يقضيها
في ربوع فقرا. لكن التوجّه نحو قضاء كسروان شيء، وباقي الاقضية شيء آخر. هنا تحديداً، يبدو «زعيم» لائحة كسروان محاصراً ليس فقط بمطالب ناخبيه، انما ايضاً بمآخذ
«شباب التيار» الطامحين بأن تبدأ مسيرة الالف ميل نحو العمل الحزبي المؤسساتي انطلاقاً من الدائرة الانتخابية لـ«الجنرال»...
العام الماضي تسنّى للكسروانيين التعرّف عن قرب على «جنرالهم»، وفق «جدول اعمال» شارك في إعداده نشطاء «التيار» في القضاء. خصّ مقرّ بلدية جونية بزيارة خاصة
وعرج على جامعة الروح القدس في الكسليك، وتنقّل موكبه «البرتقالي» بين حارة صخر وعرمون وغزير ويحشوش وحراجل وفيطرون وسدّ شبروح...
تحدّث ميشال عون بإسهاب عن مشاريع «الإصلاح والتغيير» لإنماء كسروان، واستمع الى مطالب رؤساء البلديات، ودخل للمرة الاولى منذ عودته الى لبنان الى منازل ناشطين
في «التيار الوطني الحر» هم رضا الخازن خال نعمة افرام، روجيه عازار رئيس بلدية عرمون ورالف دريان، مستبعدا بعض نواب كسروان من «كادر» التلاقي مع الناخبين.
وفي المحصلة، اثمرت الزيارة تقليصاً للمسافات بين الرأس والقاعدة الانتخابية، وتخفيفاً من «نقّ» الكسروانيين على شحّ الخدمات. نواب الدائرة تداركوا الانحسار
التدريجي للمدة الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية، فوجدت العديد من الوعود البرتقالية بالإنماء طريقها نحو التنفيذ. والاهم ان مكتب الخدمات الذي انشأه عون
منذ عام تقريباً وعيّن جورج دغفل رئيساً له قد بدأ يبيض... «زفتا» وخدمات.
ولعل الفضل في المقام الأول لـ «حنفية» الاعتمادات التي فتحتها وزارة الاشغال، إلا ان المتابعة من جانب الرابية كانت مباشرة. ففي اجتماع عقد قبل اسبوع في منزل
العماد عون بحضور نواب المنطقة ودغفل وعازار تمّ التنسيق حول خطة العمل الخدماتية وكيفية توزيع العشر مليارات ليرة التي خصّصت لتزفيت طرقات كسروان...
لكن زيارة «الجنرال» هذا العام الى الفتوح، وإن كان قد سبقها الخبر السعيد بفرش سجاد الزفت الأسود، فإنها خلقت استياء كبيراً لدى مسؤولي «التيار» في القضاء،
بعكس جولة العام الماضي. يبدو الامر نموذجاً شـفافاً عن الفـوضى الداخلية العارمة التي تعيشها قواعد وكوادر «التيار» بصمت العارف والناقم. بدأت القصة بتوجيه
رئيس بلدية الزعيترة جوزف عون، عبر معارفه الشخصية، دعوة الى العماد عون لكي يضع الحجر الاسـاس لمبنى البلديـة الجديـد ثم للمشاركة في قداس في البلدة، على ان
تنتهي الزيارة بعشـاء على مائدة رئيس البلدية بحضور رؤسـاء بلديات وفاعليات المنطقة.
دعوة «القوطبة» استفزت اهل البيت. شعر مسؤول هيئة «التيار الوطني الحر» في بلدة الزعيترة سمير طايع ـ وهو على خلاف مع جوزف عون ـ ومنسّق كسروان دانيال قسيس
بالاستبعاد والتهميش. اما نواب كسروان فبدوا بدورهم مثل «الأطرش بالزفة».
سجّل «المبعدون» اعتراضهم في الرابية وبدلاً من ان يعمد عون، كما تقول اوساط في «التيار»، الى اصلاح الخطأ، واعادة ترتيب جدول الزيارة عبر مسؤولي المنطقة، تراجع
«الجنرال» عن التزامه بوضع الحجر الاساس لمبنى البلدية مكتفياً بالاعلان عن حضور القداس وتلبية الدعوة الى العشاء تحت عنوان «الزيارة عائلية» وليس عامة. واقعة
تفتح شهية الناشطين العونيين على الكلام المحظور «كيف يجمع عون بين وضع حجر اساس لبلدية وحضور قداس والحديث عن زيارة عائلية خاصة؟. فاتورة «رجل الدولة» ان لا
يكون عنده شيء خاص». ثم «لماذا الاصرار على تحجيم مسؤولي «التيار» في المناطق، ولماذا هذا الكمّ من الحقد من المحيطين بالجنرال على العونيين؟».
ازمة الزعيترة كادت ان تدفع منسّق القضاء دانيال قسّيس الى تقديم استقالته لولا تدخل منسّق عام «التيار الوطني الحر» ايلي خوري للضغط عليه وثنيه عن قراره.
النموذج الكسرواني في الفوضى العونية يؤجّج الحديث حول عنوانين اساسيين: «اصلاح وتغيير» عقلية الـ «وان مان شو» والاستئثار واحتكار الادوار والقضم من صحن الآخرين،
واستحضار الهواجس العونية مجدداً حول كيفية مواجهة الاستحقاق النيابي المقبل، بعد ثماني سنوات من عودة المنفي من فرنسا، بجسم تنظيمي مفكك يعيش عقدة المأسسة.

وفق ميزان القوى القائم حاليا يتداول بعض الكسروانيين سيناريوهين اثنين: قيام حلف الضرورة بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان وميشال عون. عندها تكون المعركة في
كسروان محسومة، وعودة نائبين على الأقل من كتلة كسروان الخماسية الى المنزل سيكون من المسلّمات. والاحتمال الثاني، دخول «الميشالين» في صراع انتخابي مفتوح.
وهنا قد يلجأ «الجنرال»، كما يقول المقربون منه، الى اللعب على «حدّ السكين». هكذا فعل في 13 تشرين 1990، وفي انتخابات 2005 النيابية وببند رئاسة الجمهورية
في الدوحة، وحاليا في قضية الكهرباء وقبلها في انتخابات 2009.
تطبيق هذه المعادلة مجدداً في كسروان يعني إمكانية التعاون مع «الشيطان»، اذا كان خلاف ذلك سيحرمه من الانتصار النيابي النظيف في كسروان. منصور البون، بهذا
المعنى خيار غير مستبعد، خصوصاً بعدما بيّنت الانتخابات النيابية الماضية ان ابن بلدة جورة بدران شكّل خطراً حقيقياً على «لائحة الاقوياء»، وكاد يطيح بجيلبرت
زوين. يبدو الأمر قابلاً اكثر للتصديق، اذا ما علمنا ان النائب الكسرواني السابق ينسج علاقات اكثر من ممتازة مع بعض نواب وكوادر «التيار الوطني الحر» ومن شارك
في الغداء التكريمي الذي أقامه «رجل الخدمات الأول في كسروان ولو لم يعد يحظى بلوحة زرقاء، قبل يومين على شرف البطريرك صفير، يدرك أن هذا الرجل يملك حيثية كسروانية
تعبر عنها قدرتها على جمع من لا يجتمعون.

No comments:

Post a Comment