Saturday, September 10, 2011

لنتذكر الحادي عشر من أيلول / بقلم مورا كونيللي

اليوم، الحادي عشر من أيلول، نحيي ذكرى مرور عشر سنين منذ حصول الهجمات المروّعة في نيويورك وفي وزارة الدفاع الاميركية - البنتاغون، وعلى طائرة كانت تحلق فوق
ولاية بنسلفانيا. لقد كان ذلك اليوم مخيفا ويوم خسارة، ويوماً من التضحية والشجاعة الفردية والجماعية، ويوماً من البطولة. كان اليوم الذي غيّر أميركا وتعلم
فيه هذا الجيل من الأميركيين اننا لم نكن آمنين بشكل دائم داخل حدود بلادنا.
في الحادي عشر من أيلول 2001 كنت أخدم في مقر البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة وهو مقر ليس ببعيد عن مركز التجارة العالمي في مانهاتن. وسط ذكرياتي حول صفارات
الانذار والدخان وعدم اليقين وحتى رائحة الحريق الذي شب في انقاض مركز التجارة العالمي حيث تصاعد الدخان منطلقا نحو المدينة، أذكر بوضوح تدفق الدعم من البعثات
الديبلوماسية الأخرى. في ذلك اليوم ، قالوا لنا نحن الاميركيين: "نحن جميعا أبناء مدينة نيويورك". وفي الايام التي تلت الهجمات استقبلَنا العالم كله بالتعازي
الحارة والحزن المشترك وعدم القدرة على تصديق ما حدث. كان يربطنا بالبعثات الديبلوماسية الاخرى إنسانيتنا المشتركة وتبرؤنا الجماعي من أهداف إرهابيي الحادي
عشر من أيلول.
فيما نكرِّم ما يقارب ثلاثة آلاف ضحية من أكثر من تسعين دولة  لقوا حتفهم في هجمات الحادي عشر من أيلول، ندرك أيضاً، أنه لسوء الحظ ، اننا لسنا وحدنا في ذكرى
مأساتنا. لقد عانت الولايات المتحدة تجربة كان العديد من الدول الأخرى، وخصوصاً لبنان، قد عرفها جيدا. في الأيام والأسابيع التالية للهجمات، ووسط الحزن والدمار،
ظهرت قصص من الأمل والصمود. كانت هناك روايات شهود عيان عن الرجال والنساء الذين رجعوا بسرعة الى المباني المحترقة لمساعدة المزيد من الناس على الخروج الى بر
الأمان، وروايات عن فوج الاطفاء وأفراد الشرطة في نيويورك الذين ضحوا بسلامتهم الشخصية لمساعدة المحيطين بهم، وأخبار أخرى لا حصر لها عن آخرين كثر في مختلف
أنحاء البلاد الذين قدموا الدعم والمؤاساة للذين تضرروا مباشرة من الهجمات.
عقب هذه المأساة، اندفع سكان نيويورك الى مهمة الاصلاح والبناء والشفاء. كل انسان تعامل مع هذه التجربة بطريقته الخاصة. البعض افتتح مؤسسات لا تبغي الربح لمساعدة
الضحايا الأخرى، والبعض الآخر أسس نوادي أو جمعيات خصصها للامر الاحب الى قلبه. البعض استخدم حزنه لخلق الفن أو الموسيقى، والبعض الآخر اختار أن يُبقي حزنه
خاصا.
 فيض من الدعم انبثق من أمة ممزقة. توفي جلين وينوك مثلا، وهو محام من نيويورك ورجل اطفاء متطوع سابق، بينما كان يحاول مساعدة الضحايا في مركز التجارة العالمي.
كرم جاي اخوه وصديقه ديفيد باين ذكراه من خلال إطلاق حملة لتشريع تاريخ الحادي عشر من أيلول كيوم وطني للذكرى ولخدمة الآخرين، وأدَّت هذه المبادرة إلى القانون
الذي وقعه الرئيس أوباما قبل سنتين. وفي العام الماضي، شارك 11,5 مليون شخص،  بمن فيهم الرئيس والسيدة الأولى ميشيل أوباما، في يوم من الخدمة من خلال مساعدة
المنظمات الخيرية وجماعات المجتمع المحلي. وقد جعل هذا التعبير المشترك عن الكَرَم والصمود، ادعاءات المجرمين كذبة فارغة. لقد فشل الإرهابيون في جميع أنحاء
العالم في تحقيق أهدافهم، وسوف يصبحون قريبا على هامش التاريخ.
إننا كأمة قد أبدينا أيضا المرونة والعزم على الانخراط الكامل في عالم معولم. بدل الانسحاب والتقوقع، زدنا الجهود من اجل الحوار والتبادل الثقافي، ومن أجل إيجاد
الطرق المناسبة لالقاء الضوء على النسيج المتنوع للثقافة الأميركية. وبعيدا عن التأثير الشللي لأعمال عنف ارتكبها البعض، تركز الغالبية العظمى من الناس في مختلف
أنحاء العالم يومياً على النضال من أجل تحقيق طموحاتهم لأنفسهم ولأطفالهم: تحقيق مستويات أعلى من التعليم وايجاد فرص اقتصادية جديدة وتحسين النظم التي تحكمهم.
لقد عانى كثيرون من الناس الإرهاب في كثير من الدول منذ العام 2001 : في مدريد ولندن ومراكش وبالي ومومباي وموسكو وبسلان واسطنبول. وتعرض الافغان والعراقيون
والباكستانيون للقتل بأعداد مرعبة. لقد شهدنا تكرارا لأعمال الإرهاب في كشمير وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وكولومبيا والضفة الغربية وقطاع غزة. وتعرضت
مصر والأردن وتايلاند وحتى إيران للارهاب. أصبحت الأمم المتحدة هدفا للهجمات في بغداد والجزائر ومؤخرا في أبوجا. ولبنان الذي عانى الكثير على مر تاريخه، شهد
سلسلة من تسعة عشر اغتيالا، ونتيجة لحادث ارهابي، تحمل حرباً مدمرة في العام 2006.
لقد تحدى الأميركيون واللبنانيون التهديدات والترهيب، وتحملوا الهجمات المتكررة وتشاركوا بالخسائر الشديدة معا. نحن مرتبطون معا بذكرى التضحيات المشتركة المبذولة
للكفاح من أجل رؤيتنا المشتركة للمستقبل. نحن نؤمن بمستقبل السلام حيث يعيش الناس في مجتمعات ديموقراطية لا تُحكم من طرف واحد أو بأيديولوجية واحدة ولكن تُحكم
بسيادة القانون الذي يحمي حقوق الجميع. نحن نؤمن بمستقبل من الحرية حيث يعبر الناس عن أفكارهم ويكونون على سجيتهم ويناضلون لتحقيق أحلامهم ويتعبدون كما يختارون.
نحن نؤمن بمستقبل حيث يكبر وينمو الأطفال من دون خوف من أزيز طائرة فوق رؤوسهم ولا من احتمال نشوب حرب.
إن الذكرى العاشرة للحادي عشر من أيلول هي لحظة تستطيع فيها كل المجتمعات أن تفكر مليا في القوة والقدرة الثابتة للروح البشرية. هكذا نوجّه رسالة موحدة: الإرهاب
لن يسود. الارهاب لا دين له ولا وطن وليس لديه مبرر ولا مستقبل له. سوف نكون يقظين، لكننا سوف نحيا، في جميع أنحاء العالم، ونكمل حياتنا بثقة من دون خوف.

(سفيرة الولايات المتحدة في لبنان)      

No comments:

Post a Comment