Tuesday, September 13, 2011

عندما يكتشف اللبنانيون أن «وحدة المسار والمصير» قائمةلقاءات كنسية بحثاً عن أجوبة تحصين الداخل ومقاربة الخارج
دنيز عطالله حداد
يتأكد للبنانيين يوماً بعد يوم، أن «وحدة المسار والمصير» لم يكن شعاراً مرحلياً في زمن «الوصاية السورية» أو «الوجود السوري»، منظوراً إليه من وجهَي الانقسام
اللبناني.
فبعد ست سنوات على خروج الجيش السوري وأجهزته المخابراتية من لبنان، تبقى سوريا في صلب الحراك اللبناني. فالحكومة، كما المعارضة، تعيش على إيقاع تطور الأحداث
فيها. لكن في مقابل تسارع الأمور في سوريا فإن البطء والتمهل يحكمان الأداء اللبناني. فقد انعكس اهتزاز التوازن الدمشقي شللاً في أطراف الموالاة والمعارضة في
لبنان. فالحكومة تسير «على ما يقدر الله».
ووفق المعطيات ستواجه الحكومة عند كل استحقاق جّدي مطبات خلافية حادة بين أعضائها، لن تكون معها المعارضة بحاجة الى جهد كبير لمجابهتها. وتراهن أطراف سياسية
وازنة من مكوّنات الحكومة على عودة الروح الى النظام في سوريا ليعيد ضبط بعض ايقاعاتها. لكنها في الوقت نفسه تخاف، ضمناً، من مسار الأمور وتطوراتها.
أما المعارضة فتجزم أنها ستربح في النهاية. والنهاية مرتبطة بـ«نهاية» النظام في سوريا وسقوط آخر حصونه. وهي تراهن بدورها على «ان سقوط النظام سيعني حكماً انهيار
الحكومة وانفراط عقدها وتفرق عشاقها». وبالتالي لا بدّ من الانتظار وضرب المواعيد المفترضة والمتوقعة لـ«وضع نقطة نهائية على سطر حكم «البعث» في دمشق». لكن
المعارضة بدورها تخاف ايضاً من «تسوية اللحظة الاخيرة على حساب دماء الشباب والنساء والأطفال السوريين».
الخوف والترقب والانتظار سمات المرحلة لبنانياً. فالحكومة تسير متمهلة كي لا تقع في محظور خلافاتها ومعاناتها رئيساً ووزراء وتوازنات. والمعارضة تعارض شكلياً
تمهيداً للضربة القاضية. وعليه، لا الحكومة تنجز وتنشط لاستلحاق ما فات الحكومات السابقة جراء التعطيل والتأخير والخلافات المتفاقمة، ولا المعارضة نفذت ما وعدت
به من قيام حكومة ظل تلاحق كل وزارة على أدائها وعلى ما تنجز او تقصّر.
يُستعاض عن كل ذلك بصخب الكلام وتعميق الخلافات والانقسامات. لكن أحداً «لا يُحضّر جدياً او يعمل على حماية البلد واهله بعد انجلاء الصورة الدمشقية على اي وجه
من الوجوه المفترضة» كما يقول احد المسؤولين الكنسيين.
وهو يكشف عن لقاءات بدأت صدفة ثم تمّ تطويرها والاتفاق على مواعيدها بين عدد من المسؤولين الكنسيين وقلة من العلمانيين للبحث «في تداعيات الوضع السوري على لبنان
بكل طوائفه اولاً، وعلى المسيحيين بدرجة ثانية».
يرفض المسؤول الدخول في شرح مواقف البطريرك بشارة الراعي او التعليق عليها مؤكداً ما كرره الراعي نفسه من انه «تم اجتزاء الكلام واسقاط عبارات صغيرة انما مفصلية
منه». ويضيف «ان البطريرك ابلغ من يمكنه ان يشرح افكاره ومواقفه. وهي في كل الاحوال لا يمكن ان تتعارض مع إرث الكنيسة المارونية».
اما عن المداولات التي تجري بين مسؤولين كنسيين فيقول «إن السياسيين اللبنانيين يبدون منشغلين بمتابعة التطورات السورية من دون ان يبذلوا اي جهد حقيقي لتلافي
انعكاساتها السلبية على لبنان. بل على العكس. في هذه الظروف الشديدة الدقة والمفتوحة على كل الاحتمالات يبادر السياسيون، عن عمد او عن جهل وخفة، الى تعميق الانقسامات
بين اللبنانيين والنفخ في أبواق الطائفية والمذهبية فلا يبقى أفق لرسم اي مشترك بين اللبنانيين يحمي حاضرهم ومستقبلهم».
ويتابع «لقد عقدت مجموعة حلقات ضمّت علمانيين من أساتذة جامعيين ومهتمين بالشأن العام وعدد من رجال الدين لمحاولة قراءة المرحلة وتلمس خطوط مشتركة قد تشكل تقاطعاً
بين اللبنانيين. وضعنا مجموعة عناوين تعيد التأكيد على بعض الثوابت اللبنانية. وطرحنا مجموعة أفكار ننوي في مرحلة لاحقة نقلها الى المعنيين من السياسيين والمسؤولين
تتمحور بشكل أساسي حول فكرة التقاء اللبنانيين حول لبنانيتهم او بمعنى آخر حول مواطنيتهم. ومتى التقينا تحت هذا السقف أمكننا إيجاد قواسم مشتركة في النظر الى
كل الأحوال والمتغيرات التي تحيط بنا وتحديداً في الموضوع السوري. فنحن لا نريد ان تتحول الاحداث في سوريا الى ورقة خلاف داخلية. لا نريد ان نستدرج الصراع الى
بيتنا اللبناني بل ان نقارب الموضوع من منظار المصلحة الوطنية والانسانية والاخلاقية، كما من منظار استقرار المنطقة. نحن لا نعيش في جزيرة لكننا أيضاً لا يجب
ان نعيش في غابة غير محصّنة».
لا يخفي الأب المسؤول ان «نقاشاً مستفيضاً جرى حول الموقف المسيحي الواجب اتخاذه. وتطور النقاش وحاولنا الإجابة على السؤال التالي: هل يجب على المسيحيين اللبنانيين
ان يتبنوا موقفاً من الاحداث السورية؟ فنحن على قدر تمسكنا بمعتقداتنا الدينية وتراثنا الروحي والثقافي والانساني، نرى في قدرتنا على الدفع في اتجاه تبني فكرة
المواطنة مدخلاً جوهرياً لمقاربة كل قضايانا وقضايا المنطقة. هو مدخل يجنب المسيحيين خوض مغامرات ورهانات ويجنب المسلمين الدخول في تصفية حسابات».

No comments:

Post a Comment