Monday, October 3, 2011

الأزهر يزهر في الربيع العربي


الأزهر يزهر في الربيع العربي محاولاً استعادة مكانته
خطاب مختلف... تجديد داخلي... وسعي الى دور في السياسة


شيخ الأزهر أحمد الطيب خلال مؤتمر صحافي مع بابا الأقباط والكرازة المرقسية الأنبا شنودة الثالث في كانون الثاني 2011
يخرج الأزهر الشريف من ظل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، محاولا استعادة مكانته، التي أضرت بها عقود من الرضوخ لزعماء أقوياء. ومن داخل جدرانه العالية المزخرفة، قضى شيوخ الأزهر اكثر من الف عام يدرسون النصوص الدينية ويفسرون معانيها للمسلمين، ما جعل من الأزهر سلطة لا تنافسها سلطة في العالم الإسلامي.

كان الأزهر فقد بعضاً من بريقه، حين أخضعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لسلطة الدولة العام 1961. وبعد مرور 40 عاما، كان شيوخ الأزهر يحملون على دعم النظام الأمني الصارم تعزيزا لحكم مبارك الذي دام نحو ثلاثة عقود.
ونتيجة لارتباط سمعته بسمعة زعيم لا يحظى بشعبية، خفّ بريق الأزهر، في حين بدأ خطباء متشددون على درجة أقل من التعليم الديني ينشرون تفسيراتهم للإسلام عن طريق الإنترنت والقنوات الفضائية التلفزيونية. والعام 2007، بلغ الأمر أن أفتى شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي- الذي تولى المنصب لأكثر من عشرة اعوام انتهت بوفاته العام الماضي- بأن الصحافيين الذين ينشرون شائعات عن صحة مبارك يجب أن يجلدوا 80 جلدة.
وفي محاولة لاستعادة سمعة هذه المؤسسة العريقة، يسعى أزهريون بارزون الى تجديدها بوصفها مدافعة عن الديموقراطية وإصلاح الدولة، وربما أيضا عن الدولة المدنية. ويقول رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة "إن كثيرين يشعرون بالحاجة الملحة الى هذه المؤسسة في المستقبل، للمحافظة على الإسلام المعتدل في مواجهة الموجات الأخرى التي تقودها هيئات اكثر تشددا واقل جدارة بالثقة".
رياح التغيير بدت تهب على أروقة الأزهر الحجرية قبل اشهر من الثورة التي أطاحت الرئيس مبارك في شباط 2011. العام 2010، أشرف رئيس وزرائه احمد نظيف على تعيين الدكتور أحمد الطيب خلفا لطنطاوي. ويوصف الطيب بأنه اكثر ميلا للاستقلال.
وحين خرج الملايين الى الشوارع لمطالبة مبارك بالتنحي في كانون الثاني الماضي، لم تصدر الفتوى المتوقعة من الأزهر لمطالبة المصريين بالاتحاد وراء رئيسهم، بل اكتفى الأزهر بإصدار بيان يحض على ضبط النفس. وقد انضم كثر من علماء الأزهر الى المحتجين خلال الثورة، ولم يتعرضوا لانتقادات من رؤسائهم. وبعد رحيل مبارك، جمع الأزهر المثقفين للتعاون في شأن رؤية الى مستقبل مصر السياسي. وأصدر وثيقة من 11 نقطة في حزيران الماضي تقترح احترام حرية الرأي والعقيدة وحقوق الانسان في دولة مدنية يحميها الدستور والقانون.
ويشير محمد رفاعة الطهطاوي، وهو المتحدث السابق باسم الأزهر شارك في صياغة المسودة الأولى للوثيقة السياسية، الى "ان الأزهر يريد أن يتطور، بما يعكس التغييرات التي يراها آتية". ويفيد "انه استقال من منصبه في شباط الماضي لينضم الى الثورة. لكن زملاءه السابقين رحبوا بعودته الى الأزهر، كأنه لم يغب عنهم اطلاقا".
ويقول "انه لم يكن هناك رفض من شيخ الأزهر او اي مسؤول آخر، بل بالعكس شجعه الجميع". وعبر عن اعتقاده "أن الجميع كانوا يدركون أن لا مفر من التغيير، وأن لا أحد يستطيع منعه".
لا تزال لما يصدره الأزهر قوة معنوية، حتى بين المسيحيين الذين يمثلون نحو 10 في المئة من سكان مصر البالغ عددهم 81 مليون نسمة. وفي دولة تعاني أزمة في التعليم الحكومي، تقدم جامعة الأزهر بعضا من أفضل البرامج الدراسية في العلوم الحديثة واللغات والدراسات التجارية والهندسة والزراعة. كذلك يدير الأزهر معاهد في انحاء مصر، ويرسل خبراء للتدريس في أنحاء الشرق الاوسط وخارجه. ومن بين خريجي الجامعة، بعض من أبرز العلماء والساسة في العالم الإسلامي.
وقاره لا يزال حاضرا، لكن استعادته سلطته على الشؤون الدينية باتت اكثر اهمية من اي وقت مضى، بعدما ضعف الجهاز الأمني وظهرت تيارات، مثل السلفيين، تعارض إخضاع القيادات الدينية لسلطة علمانية.
وقد بدأت قيادات الأزهر في التواصل مع ساسة يتنافسون لتشكيل حكومة جديدة منتخبة، بينهم اعضاء في جماعات إسلامية، مثل الاخوان المسلمين التي كانت محظورة رسميا في عهد مبارك، ويرجح أن تمارس دورا حاسما على الساحة السياسية. وقد التقى شيخ الأزهر احمد الطيب مرشد جماعة الاخوان محمد بديع في ايار الماضي. وقال الطيب "إن الجماعة كانت دائما قريبة من الأزهر، لكن الظروف السابقة لم تسمح بعقد هذه الاجتماعات". وفي تقرير نشرته صحيفة "الأهرام"، يقول الطيب "إن الاجتماع بحث في اهمية الوصول الى خطاب إسلامي معتدل وموحد".
الشهر الماضي، توسط الأزهر بين ساسة ليبراليين وإسلاميين عارضوا محاولتهم وضع مبادىء لدستور جديد، وهي خطوة يعتبرها إسلاميون خدعة للحيلولة دون إقامة دولة إسلامية. لكن علمانيين يتشككون في سعي الأزهر الى لعب دور على الساحة السياسية. ويتساءل جمال عيد، وهو محلل متخصص بحقوق الانسان ورئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، عما سيحدث "إذا دب خلاف مع الأزهر بخصوص شيء ما". ويرى "أنه سيكون من الصعب مجادلة مؤسسة دينية". بالنسبة اليه، "لا يمكن الدعوة إلى إقامة دولة مدنية والسماح في الوقت نفسه للمنظمات الدينية بالمشاركة في السياسة".
الأزهر يسعى اليوم إلى التخلص من سيطرة الحكومة، قائلا "إنه يجب أن ينتخب شيخه مجددا، والا يختاره رئيس الدولة". ويرى المحلل السياسي نافعة "ان الأزهر أدرك استحالة ان يستمر في العمل بالطريقة نفسها التي كان يعمل بها في عهد مبارك. وبات يعلم أن عليه تطهير الفساد الداخلي". ويلاحظ "رغبة قوية لدى الأزهر في العودة الى زعامة العالم الإسلامي السني".
رويترز










No comments:

Post a Comment