Friday, August 20, 2010

جعجع نجم طاولة الحوار: نحمي المقاومة برموش العين!
قدّم جعجع رؤيته لحلّ مرحلي للعلاقة بين الجيش والمقاومة (مروان طحطح)حصل أمس رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، سمير جعجع، على نجومية اجتماع هيئة الحوار، حيث قدّم خطة القوات المرحلية للدفاع. أخفى جعجع الكثير من اللطشات المباشرة في نصه، ما استدعى ردّ محور المقاومة على مداخلته. كل السجالات والنقاشات أودعت خطة جعجع في سلّة الطروحات الدفاعية، التي قد يأتي يوم تُنجز فيه استراتيجيا دفاعية
نادر فوز
لم يغيّر المقرّ الصيفي لرئاسة الجمهورية مصير جلسات الحوار. فتأثير المشاهد الجبلية وقاعات الأحجار الصخرية ونوافير المياه وأحواضها، اقتصر على وجوه المتحاورين من دون أن ينجح في إيجاد أيّ تعديل في الحالة والتركيبة السياسيّتين. ضجّت أمس قاعة الشيخ حليم تقي الدين في قصر بيت الدين بالأصوات نفسها التي تضجّ بها عادةً قاعة 22 تشرين الثاني في قصر بعبدا. ربما اختلف أيضاً توزيع المتحاورين على الطاولة ونقص عددهم، إلا أنّ ذلك لم يؤثّر في النبرات والمواقف الاعتيادية التي أشار عدد من المطلعين على أجواء الجلسة إلى أنها عكست الصدام المعتاد، لكن مع إصرار الجميع على القول: «الأجواء ممتازة». وأبرز النقاشات التي حصلت أمس تمثّلت في القراءة التي قدمها رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، سمير جعجع، للخطة الدفاعية.
وإذا كانت أحداث العديسة المحور الأساسي لمعظم المتحاورين أمس، عبّر النقاش في الخطة القواتية عن أن حدّة الاصطفاف والمشاريع لا يمكن أن تلغيها الطاولات والحوارات والقمم العربية.
وكالعادة، افتتح الرئيس ميشال سليمان الجلسة بالتشديد على الأجواء الحوارية وضرورة الانفتاح، وعرض في مقدمة عامة أبرز الأحداث الأخيرة على الساحة المحلية. أشار إلى القمة العربية الثلاثية التي عُقدت في بيروت أخيراً «والتي أكدت الموقف العربي الذي يسعى إلى تحصين الاستقرار ودرء الفتن وتعزيز الأوضاع الداخلية في كل المجالات». ثم تحدث الرئيس عن مواجهة العديسة، لافتاً إلى الدور البطولي الذي أدّاه الجيش على الحدود في التصدي للعدو الإسرائيلي، ومشيراً إلى موقف المقاومة التي ساندت المؤسسة العسكرية مساندة كاملة وأبدت الاستعداد الكامل لمؤازرته. ورأى أن موضوع تسليح الجيش مهمة وطنية تقع في صلب الاستراتيجيا الدفاعية.
بعدها، سأل سليمان الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري عما إذا كانا يرغبان في التحدث، إلا أنّ الرجلين فضّلا الصمت، وخصوصاً أنّ بين أيديهما مجموعة أوراق مدموغة بشعار القوات اللبنانية وعنوانها: «خطة دفاعية مرحلية».
رفع جعجع يده طالباً الكلام، فنال ما أراد وباشر عرض الخطة القواتية التي سبق له أن أرسلها أول من أمس إلى بيت الدين. وحسبما جاء في البيان الصادر عن الهيئة التنفيذية في القوات، انطلق جعجع من «واقعة العديسة التي كانت كناية عن حرب، ولو على مقياس صغير جداً»، فقال: «تبيّن أن الجيش يمتلك كل مقوّمات المواجهة المعنوية على الرغم من تفاوت موازين القوى العسكرية مع الجيش الإسرائيلي». ثم أضاف جعجع نقطة انطلاق جديدة إلى مقدّمته: «الوضع غير المستقر في المنطقة الذي يمكن أن يفضي إلى العديد من الاحتمالات، من بينها احتمال التصعيد العسكري»، ليباشر الحديث عن قراءته المرحلية. طرح تطوير الوجود العسكري اللبناني في منطقة الجنوب «الذي يعبّر في الوقت الحاضر عن وجود الدولة الرسمي فقط، إلى انتشار عملاني قتالي على الأرض لمواجهة العدو الإسرائيلي»، على أن تعزّز الوحدات الحالية الموجودة في الجنوب بوحدات خفيفة للقتال الخاص يراوح عديدها ما بين 3000 و4000 مقاتل، في معدل 1000 مقاتل لكل قطاع من القطاعات الثلاثة في الجنوب وألف رابع احتياطي. واقترح جعجع أن تنتشر هذه الوحدات الخاصة «منذ الآن داخل مدن الجنوب، بلداته وقراه بلباس مدني إذا اقتضت الحاجة، وفي شكل مموّه كلياً، وتكون جاهزة للقتال في وحدات صغيرة تقاتل لامركزياً حتى مستوى وحدات صغيرة جداً تبعاً للحاجة». في هذه الجملة الأخيرة، أراد جعجع «زكزكة» الموالين للمقاومة، وذلك عبر الإشارة إلى اللباس المدني ووحدات القتال الصغيرة. لم يصدر عن المتحاورين أيّ تعليق أو تأفّف بشأن هذه العبارة، فاستكمل جعجع عرض قراءته، مشيراً إلى وجوب «توفير الموازنة اللازمة لعملية الانتشار العملاني للجيش، علماً بأنها ليست مستحيلة، ويمكن البدء بصرفها فوراً وتباعاً». وأضاف في «لطشة» ثانية لمحور المقاومة، إنّ الشرط الأساسي لنجاح هذه الخطة «هو أن تكون الإمرة العملانية للدفاع عن لبنان كلياً بيد الجيش اللبناني». ووضع جعجع الحل المرحلي الذي توصّل إليه للعلاقة بين الجيش والمقاومة: «من هذا المنطلق يُطلب من حزب الله أن يضع مجموعاته وأسلحته بإمرة الجيش، وإن لم يطلعه على نقاط تمركزها ووجودها».
جعجع: تبيّن أن الجيش يمتلك كل مقوّمات المواجهة المعنوية مع الجيش الإسرائيلي
رعد: أيّ بحث في سلاح المقاومة هو خارج السياق، ألم تكتفوا من هذه الطروحات؟
السنيورة: المطلوب سحب كل الذرائع من إسرائيل
انتهت مداخلة جعجع، فهمّ النائب محمد رعد بالردّ متمسكاً بموقفه المعتاد: «أي بحث في سلاح المقاومة هو في خارج السياق، ألم تكتفوا من هذه الطروحات؟». أضاف: «لن أحكم على النيّات، لكن نفهم أن الهدف ممّا تقدّم الآن ليس الدفاع عن لبنان، بل التخلّص من سلاح حزب الله». وأنهى مداخلته: «يجب تحديد موقفكم، أحياناً تعترفون بنا كشركاء، وأحياناً أخرى تعتبروننا إيرانيين».
ثم توالت مواقف الفريق الحليف لحزب الله، فأكّد كل من الوزير طلال أرسلان وسليمان فرنجية دعم المقاومة، ودعَوَا إلى الاستفادة من قدراتها والمحافظة عليها. ورغم أن مداخلتَي فرنجية وأرسلان حملتا الكثير من الهجوم على جعجع، عبّر الرئيس بري عن سروره بكلام «الحكيم»، مشيراً إلى وجود إيجابية في هذا النص، هي اعتراف جعجع بصيغة المقاومة والدولة والشعب «وتبقى التفاصيل بشأن التنسيق بين الجيش والمقاومة، ونحن بحاجة إلى احتضان المقاومة».
إلا أنّ جعجع عاد وطلب الكلام: «نحمي المقاومة برموش العين، شرط أن تكون مقاومتنا جميعاًَ»، ورد على كلام بري: «عكس ما فهم البعض، لست مؤمناً بنظرية الدولة ـــــ الشعب ـــــ المقاومة، لكنّني مؤمن بتكامل دور الشعب والدولة بكل مؤسساتها بما فيها الجيش». ساند ممثلو فريق 14 آذار كلام جعجع، فتحدث كل من الوزيرين ميشال فرعون وجان أوغاسبيان ونائب رئيس مجلس النوّاب فريد مكاري، ثم سأل أسعد حردان: «لماذا التشكيك دائماً في المقاومة؟».
جاء الرد من النائب فؤاد السنيورة، الذي قال: «الأهم ما يصير فينا مثل 2006، المطلوب سحب كل الذرائع من إسرائيل». عندها تدخل النائب وليد جنبلاط: «لا يمكن الحديث عن ذرائع، فإسرائيل دخلت لبنان عام 1982 بذريعة مختلقة، ولطالما دخلت الحروب بهذا الأسلوب. الأهم اليوم هو المقاومة في ظل ظروف استثنائية في العراق واليمن وفلسطين. إمّا نواجه وإمّا ننهار».
جاء دور الرئيس أمين الجميّل، الذي طرح الملف الفلسطيني والمحكمة الدولية، فوجد الرئيس سليمان في هذين العنوانين مخرجاً لوقف أعمال الجلسة وتحديد يوم 19 تشرين الأول المقبل موعداً جديداً لالتئام هيئة الحوار.
________________________________________

القاعات المكيّفة... رئاسية
لم تأت أجواء قصر بيت الدين كما كانت متوقعة. فالجلسة الحوارية لم تقدّم ولم تؤخّر، والطقس الجبلي حمل معه رطوبة العاصمة وحرارتها المرتفعة. انتقل الأقطاب من سياراتهم إلى قاعة الشيخ حليم تقي الدين المزوّدة بالمكيّفات. انتظرهم الصحافيون عند مدخل تلك القاعة، في حرارة قاربت الأربعين درجة مئوية، يحاولون استصراحهم وأخذ فتات الكلام. بين لمعة شمس وأخرى، وبين تأفف وتذمّر، التقط الصحافيون بعض العبارات: الرئيس أمين الجميّل يريد طرح الملف الفلسطيني خوفاً من التوطين، فيما رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، سمير جعجع، يعبّر عن سروره للحضور إلى الشوف في المرة الأولى «بعد الأحداث». الوزير أسعد حردان يؤكد أنّ ملف العملاء «دائماً مطروح»، فيما الرئيسان ميشال سليمان وسعد الحريري يؤكدان أنّ الأجواء إيجابية.
بدأت الجلسة من دون ظهور العماد ميشال عون والوزير إلياس المرّ. كثرت التعليقات والتحليلات، لترسو على الحجتين الرسميتين: يغيب الأول لأسباب صحية فيما الثاني يتوجّه إلى أوروبا للقيام بعملية جراحية. فمحت هاتان الحجّتان أي ترجيح بأن تكون عبارة «المعلّم» ـــــ التي أطلقها وأعادها المرّ عن عون مراراً الأسبوع الفائت ـــــ هي سبب غياب الرجلين.
بهذه الإيجابية، انتهت الجولة الأولى من انتظار هيئة الحوار، وبدأت جولة الانتظار. لم يجد عدد من الزملاء إلا في نافورة المياه الرئيسية للقصر، مهرباً من الحرارة. يبللون رؤوسهم حيناً، ويملأون زجاجات المياه حيناً آخر، فيما تهافت المصوّرون على التقاط صور للسياح الذين ازدادت أعدادهم مع تقدم ساعات النهار.
خرج عناصر الحرس الجمهوري وأحاطوا مدخل قاعة حليم تقي الدين مبشّرين بأنّ ساعة «الخلاص» اقتربت. خرج الرئيس نبيه بري، وقال: «الجلسة إيجابية»، وأضاف: «70 بالمئة»، فيما علّق البعض بأنّ هذا الرقم هو نسبة الرطوبة. لحق به الرئيس سعد الحريري إلى الخارج، معلناً: «مثلي مثل الرئيس بري، قدّي قدّو».
وبالإيجابية أيضاً، خرج الرئيس سليمان ودعا الصحافيين إلى القيام بجولة في القصر «لكون الأجواء هادئة. النية الطيبة والإرادة الحسنة جعلتا أجواء جلسة الحوار ممتازة». غادر سليمان ممرّ القاعة ليصادف لاحقاً مجموعة من السيّاح اللبنانيين عند مدخل إحدى القاعات المجاورة. فتوقف والتقط بعض الصور حاملاً الأطفال وملقياً التحيات على الموجودين، من دون أن يجيب عن أي سؤال عن الجلسة.
وبعد دقائق من انتهاء الجلسة، التقى النائب فؤاد السنيورة بالوزير ميشال فرعون وسمير جعجع. تحدثوا قليلاً مع الصحافيين، ليعودوا ويخرجوا إلى الطوق الأمني. قام الثلاثي بجولة داخل القصر، فيما صعد سليمان السلالم باتجاه القاعات المخصصة للمقرّ الرئاسي. وهي قاعات مكيّفة.

عدد الجمعة ٢٠ آب ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment