Saturday, January 1, 2011

الرئيـــس وفخامتـــه والفرســـان الثلاثـــة
غسان سعود

سليمان وقائد قوات قوات اليونيفيل الجنرال أسارتا (دالاتي ونهرا)
أيام الرئيس إميل لحود كان بابا نويل القصر الجمهوري يهدي إلى أصدقاء القصر أقلاماً وكتباً ومذكرات. أما بابا نويل القصر حالياً فيهدي النبيذ الفاخر وشوكولا «باتشي»، إضافة إلى«شانيل» و«ديور» و«فيكتوريا سيكرت». فبعد الدرس الميلادي ـــــ الرئاسي عن صلاحيات رئيس الجمهورية وحكمة فخامته، وبعد تأكيد الرئيس ميشال سليمان أول من أمس تحكمه بسواعد وزرائه (من دون أن يصدر أي موقف توضيحي من الوزراء ينتفض لكرامتهم)، ينتظر أن تستكمل المواقف الصادرة عن القصر الجمهوري بإعلان القائد السابق للجيش في الأيام القليلة المقبلة أنه عراب الاتفاق السوري ـــــ السعودي الذي ما كان ليحصل لولا جهود فخامته، انسجاماً مع تصديق سليمان أن له الفضل في مصالحة النظام السوري مع المجتمع الدولي.
وهكذا، يكون العيدان ثلاثة في القصر الجمهوري، وتزداد آمال الأقارب والأصدقاء وأزلام كل العهود بقطف مزيد من المغانم. لكن في مقابل المقاربة السليمانية للتسوية، ثمة وجهة نظر يتشاركها معارضون سابقون وموالون، تقول إن فخامة الرئيس ضيّع، نتيجة تمسكه برداء الـcasper الذي لا لون له ولا رائحة، فرصة إثبات حضوره وتأكيد تأثيره على ما يحصل في البلاد التي ترنحت فوق أتون الحرب الأهلية من دون مبالاة المؤتمنين، افتراضاً، على الدستور. وبالتالي سيكون سليمان أحد الضحايا الأساسيين للتسوية المقبلة، إذا وصلت.
ويصغي الرئيس بانتباه، وفق أحد المقربين منه، لما يتسرب من هذا الاتجاه. لكنه، بحسب المصدر نفسه، يفكر بالمواجهة بدل الاستسلام. من هذا المنطلق، يواظب على بعث رسله إلى العواصم القريبة والبعيدة، وبعضهم يحمل تبريرات لبعض المواقف الرئاسية تناسب العيد لناحية مضمونها المرح. وبات فخامة الرئيس، كما فهم أحد زواره قبل العيد، مقتنعاً بأن ما يحميه ويحافظ على هيبة الرئاسة الأولى هو الحصن الشعبي الذي بدأ ببنائه قبل بضعة أشهر، ويقوم على «سيبة» بثلاث أرجل.
إذ ينوي الرئيس أولاً الإكثار من إطلالاته الإعلامية واحتكاكه بالشعب ليوصل فكره إلى المواطنين ويلتفوا حوله. وهو هنأ الموظف الذي نصح بنشر صورته عشية العيد محاطاً بالعائلة بعد ردود الفعل الإيجابية التي أكدت لفخامته تعطش اللبنانيين إلى رئيس «كلاس». وهو وضع، ثانياً، مع البطريرك نصر الله صفير مجموعة ثوابت أو عناوين تمثّل أسساً مشتركة بين بكركي وبعبدا. ويراهن الرئيس هنا على استياء بكركي من تشيّع العونيين وتسنّن القوات. أما ثالثاً والأهم، فهو تعزيز قواعد بعبدا الشعبية من خلال حزب أصدقاء الرئيس (أو أقربائه) الذين يجتهدون لإثبات حضورهم في عدة مناطق:
أول هؤلاء معالي وزير الدفاع الياس المر. ناصح الإسرائيليين الأمين بحسب وثائق «ويكيليكس»، ينوي فور انتهاء شهر عسله الثاني مواجهة أزمة الانزواء والنزول على أرض المتن لإثبات أن من أعجب في أحد الأيام بوالده لن يتردد في الإعجاب به.
ثاني الفرسان الثلاثة هو أنطون الصحناوي الذي بات لخبطة قدمه في الأشرفية صدى، وله في كل حي سيدة تزغرد وأخرى تنثر الورود فوقه. فهو فتح مكاتب يقول إنها للعلاقات العامة، ونجح باجتذاب العدد الأكبر من مفاتيح ماكينة منافسه على المقعد الكاثوليكي النائب ميشال فرعون. وكان الصحناوي قد نظم قبل عيد الميلاد سهرة للأطفال وزع فيها هدايا لُفَّت بأوراق خاصة بمصرف سوسيتيه جنرال. وفي الاحتفال نفسه، شرح مدير ماكينة الصحناوي ـــــ مستشار وزير الدفاع للشؤون الفلسطينية ميشال جبور ـــــ للأطفال عن كيفية استخدام حزب الله وحلفائه لشهود الزور لتعطيل البلد.
أما ثالث الفرسان فهو صهر الرئيس وسام بارودي الذي يسوّق منذ أشهر أنه يؤلف مع زياد بارود ونعمة افرام ثلاثياً قادراً على محاصرة نفوذ التيار الوطني الحر في كسروان. وتعزيزاً لهذه القوة، لا يترك بارودي طريقاً يقربه من الكسروانيين إلا يسلكه. لكن مشكلة بارودي أن حلفاءه المفترضين غير متحمسين. فالقوات اللبنانية والكتائب يشعرون بأنه يأخذ من طريقهم (يستعد الوزير الكتائبي سليم الصايغ لنقل رفات والده إلى بلدته الكسروانية، في خطوة أولى على طريق تسويق نفسه مرشحاً كسروانياً). أما المقربون من زياد بارود فيؤكدون أنه أذكى من أن يضع مصيره في مستهل حياته السياسية بيد رئيس يقترب بعد ثلاث سنوات من نهاية حياته السياسية، بينما أهدى افرام نتيجة تنسيقه مع العماد عون رئاسة غرفة الصناعيين إلى نفسه، وبلدية جونية إلى عائلته، وكرسياً نيابياً إلى زوج شقيقته (النائب وليد خوري).
ومن كسروان إلى جبيل، أمام الرئيس مشكلة؛ فعلى مقعد نيابي واحد يتنازع ثلاثة مرشحين: ابنه ومستشاره ناظم الخوري وصهره الثاني نبيل حواط. في ظل معرفة الرئيس بأنه يحتاج إلى آل الحواط، أصحاب الحيثية التاريخية في جبيل، لا العكس.
وهكذا، سقط الرئيس التوافقي، فاسحاً المكان لرئيس آخر يحاول أن يجد كينونة لنفسه.
لا بدّ من إكثار محاولات الإنعاش، سواء عبر الصدمات الكهربائية أو غيرها من الوسائل.
العدد ١٣٠٢ الاربعاء ٢٩ كانون الأول ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment