Thursday, March 31, 2011

أميركا وبريطانيا تعملان استخباراتياً على الأرض ثورة ليبيا: جمـود ميداني ينذر بتكريس التقسيم
القـذافي يحـذر مـن حـرب تخـرج عن السـيطرة
ثائر ليبي في أحد شوارع مصراتة أمس (أ ف ب)
تواصلت عمليات الكر والفر بين الثوار الليبيين وقوات الرئيس معمر القذافي بين مدينتي البريقة، التي دخلتها الكتائب الأمنية الموالية للنظام وأجدابيا، التي ما
زال الثوار يحكمون السيطرة عليها، في مؤشر إلى جمود ميداني عند خط المواجهة الجديد يمثل جغرافياً حداً فاصلاً بين شرق ليبيا وغربها، ما ينذر بتكريس التقسيم،
لا سيما بعد انتقال العملية العسكرية الغربية إلى حلف شمال الأطلسي، الذي ما زالت الدول الأعضاء فيه على خلاف حول سبل تنفيذ قرار فرض الحظر الجوي، وبعد قيام
الولايات المتحدة وبريطانيا بإرسال عملائهما الاستخباراتيين إلى ليبيا، واستعدادهما، إلى جانب فرنسا، لتسليح الثوار وتدريبهم، في وقت حذر القذافي الغرب من «حرب
صليبية حقيقية» قائلا انهم «بدأوا شيئا خطيرا لا يمكن السيطرة عليه».
وخاض الثوار الليبيون، أمس، قتالا عنيفاً للسيطرة على بلدة البريقة النفطية بعد يوم من نجاح قوات القذافي في دفعهم للتقهقر على شريط ساحلي تحت وابل من نيران
الصواريخ. وتراجعت بعض قوات المعارضة حتى بلدة اجدابيا الإستراتيجية، خط الدفاع الأخير عن معقلها في مدينة بنغازي، فيما سعت وحدات أخرى لمنع قوات القذافي من
إحكام السيطرة على البريقة.
وقال شهود عيان إن الثوار تعرضوا لقصف عنيف استخدمت فيه قوات القذافي قذائف الهاون وصواريخ الـ«غراد»، ما دفعهم إلى التقهقر بضعة كيلومترات عن البريقة قبل أن
يعيدوا تجميع أنفسهم ويتحركوا إلى الأمام مجددا.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري التابع للثوار العقيد أحمد باني، خلال مؤتمر صحافي عقده في بنغازي، إن القذافي يستطيع نشر أسلحة ثقيلة، مثل المدفعية والدبابات
ومنصات إطلاق الصواريخ، مشيراً إلى أن قوات المعارضة بحاجة إلى عتاد يمكن استخدامه لتدمير مثل هذه الأسلحة.
وأضاف باني أنه مهما بلغت حماسة أو شجاعة أي فرد، فإن البندقية «إيه كيه 47» لا يمكن أن تواجه مثل هذا العتاد الثقيل، مشيراً إلى أن الثوار بانتظار الحصول على
عتاد عسكري، لكنه لم يوضح من أي دول.
ولفت باني إلى أن المعارضة تواجه صعوبات في الاتصالات، مشيرا إلى حاجتها إلى أجهزة اتصالات أكثر تطورا. وتعتمد الاتصالات في خط القتال الأمامي في ما يبدو على
الهواتف المحمولة، لكن تغطية الشبكة تكون متقطعة في معظم الأحيان.
وفي الغرب الليبي، قال متحدث باسم المعارضة إن القوات الموالية للقذافي قصفت مدينة مصراتة، الواقعة على بعد 200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس، لافتاً إلى أن
العشرات قتلوا خلال الأيام الماضية عندما أصيبت منازلهم في القصف.
وتخضع مصراتة وهي آخر معقل كبير للمعارضة المسلحة في الغرب، لحصار القوات الموالية للقذافي منذ أسابيع، ولم تفلح الغارات الجوية الغربية المتكررة في وقف الهجمات.
وقال مصدر من المعارضة إن «مذابح ترتكب في مصراتة»، مشدداً على أن «الألوية (الموالية للقذافي) لم تتمكن من دخول البلدة لكنها تطوقها».
الأطلسي
في هذا الوقت، حذر حلف شمال الأطلسي، الذي تولى قيادة العمليات العسكرية في ليبيا، قوات القذافي من مواصلة استهداف المدنيين. وقال قائد عملية «الحامي الواحد»
الجنرال الكندي شارل بوشار، خلال مؤتمر صحافي عقده في مقره العام في نابولي في جنوبي إيطاليا، «لمن يستهدفون المدنيين والتجمعات السكنية، حري بكم التوقف، وأنصحكم
بالكف عن ذلك».
وأضاف بوشار أن «عملية الانتقال (من التحالف الغربي إلى الحلف الأطلسي) تمت بسلاسة ومن دون أي ثغرات»، مشيراً إلى أن «الحلف يتولى المسؤولية الكاملة». ولفت
إلى أن تحت تصرف الحلف نحو مئة من الطائرات المقاتلة وطائرات المساندة بالإضافة إلى 12 فرقاطة لمراقبة البحر المتوسط، موضحاً ان طائرات الحلف نفذت أكثر من 90
طلعة جوية منذ تسلمها المهمة في ليبيا.
وأعلن بوشار فتح تحقيق بشأن ضلوع التحالف في غارات قد تكون أوقعت ضحايا مدنيين، بعد ورود معلومات صحافية بهذا المعنى، مشدداً على أن «قواعد الاشتباك التي نعتمدها
صارمة جدا».
من جهته، قال الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسين إن «جميع موارد الحلف في مكانها لإتمام مهامه في اطار عملية الحامي الموحد، وهي حظر الأسلحة وفرض منطقة
الحظر الجوي وحماية المدنيين والمراكز المدنية». وأشار راسموسين إلى أن «الحلف الأطلسي سيركز على حماية المدنيين والتجمعات السكنية من الهجمات».
وفيما توقع مسؤولون في الحلف الأطلسي أن تستمر العمليات العسكرية في ليبيا 90 يوما، قال راسموسين «متى نستطيع أن نقول أنجزت المهمة؟ الجواب هو عندما لن تبقى
تهديدات ضد المدنيين. هذا هو الجواب باختصار... ولكن إذا ما سألتموني: متى يحصل ذلك؟ فإنني لا استطيع أن أجيب».
تسليح الثوار
وشدد راسموسين على أن الحلف الأطلسي لن يقوم بتسليح الثوار الليبيين، قائلاً «سوف نركز على فرض الحظر على الأسلحة، والغرض من حظر الأسلحة هو وقف تدفق الأسلحة
إلى ليبيا... نحن هناك لحماية الشعب الليبي وليس لتسليح الشعب». وجاءت تصريحات راسموسين في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير صحافية عن أن الرئيس الأميركي باراك
أوباما وقع قبل أسبوعين أو ثلاثة أمراً رئاسياً لتقديم دعم سري للثوار.
وذكرت تقارير صحافية أن الولايات المتحدة وبريطانيا قامتا بدس عملاء استخبارات سريين في ليبيا. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية
«سي آي إيه» أرسلت عملاء سريين إلى ليبيا لجمع معلومات من اجل توجيه الضربات الجوية ولإقامة اتصالات مع الثوار، كما نقلت عن مسؤولين بريطانيين حاليين وسابقين
أن عشرات من عناصر القوات البريطانية الخاصة وعناصر جهاز الاستخبارات «أم آي 6» موجودون أيضا في ليبيا
بدورها، أشارت شبكة «ايه بي سي نيوز» إلى أن المذكرة التي وقعها اوباما تجيز القيام بعمليات سرية للـ«سي آي ايه» وذلك بهدف «مساعدة الجهود» في ليبيا.
وبعد امتناع عن التعليق على هذه التقارير، أكد مسؤول في البيت الأبيض لصحيفة «نيويورك تايمز» أن عملاء الاستخبارات الأميركية متواجدون على الأرض في ليبيا «لتوفير
المعلومات حول الأهداف ولتقييم قدرة وتركيبة الثوار».
لكن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أحجم عن التعليق على أي نشاط لوكالة الاستخبارات الأميركية في ليبيا، غير أنه طمأن الكونغرس الأميركي إلى أن أوباما «كان
واضحا انه في ما يتعلق بجيش الولايات المتحدة... لن تكون هناك قوات برية على الأرض».
وأشار غيتس إلى أن الثوار الليبيين «بحاجة لكل تدريب وقيادة وتنظيم»، معتبراً أن الثوار عملوا حتى الآن بصورة ارتجالية، لكنه قال إن «عددا كبيرا من الدول» يمكن
أن تقدم لهم هذه المساعدة، موضحاً أن التدريب «ليس قدرة فريدة في الولايات المتحدة، وفي ما يخصني، ينبغي تكليف طرف آخر بذلك».
من جهته، لفت رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي مايكل مولن الخميس إلى أن الجيش الليبي ليس على حافة الانهيار مع أن ضربات التحالف شلت حركة ربع قوات العقيد القذافي.
وقال مولن لأعضاء في الكونغرس الأميركي «قلصنا بالفعل وبدرجة كبيرة قدراته العسكرية، وأضعفنا قواته بشكل عام إلى مستوى بين نحو 20 و25 في المئة.... وهذا لا
يعني أنه على وشك الانهيار من وجهة النظر العسكرية لأن الأمر ليس كذلك».
القذافي
في هذا الوقت، حذر القذافي من أن الضربات الجوية المتصاعدة ضد بلاده قد جرت حربا بين المسيحيين والمسلمين يمكن أن تخرج عن السيطرة. وجاء في كلمة مكتوبة للقذافي
تليت في التلفزيون الحكومي «إذا استمروا فان العالم سيدخل في حرب صليبية حقيقية. لقد بدأوا شيئا خطيرا لا يمكن السيطرة عليه».
وأضاف القذافي أن «الحكام الذين قرروا شن حرب صليبية بين المسلمين والمسيحيين عبر البحر الأبيض المتوسط، والذين خرجوا عن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة
تسببوا في دمار البحر المتوسط وشمال أفريقيا وقتلوا أعدادا كبيرة جدا من المدنيين في ليبيا... هؤلاء أصيبوا بجنون القوة ويريدون فرض قانون القوة على قوة القانون».

وتابع أن هؤلاء «تسببوا في تدمير المصالح المشتركة بين الشعب الليبي وشعوبهم وقوضوا السلام وأبادوا مدنيين ويريدون أن يعيدونا إلى العصور الوسطى».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم إن الضربات الجوية الغربية ضد ليبيا لم تؤد إلا إلى توحيد قيادتها العليا ضد «عدو واضح». وأضاف «اطمئنوا
كلنا هنا، وسنظل حتى النهاية، فهذه بلادنا»، مشيراً إلى أن الحكومة الليبية قوية على كل الجبهات، وأنها لا تعتمد على الأشخاص لقيادة الكفاح لأنه «كفاح الأمة
كلها ولا يعتمد على أفراد أو مسؤولين»، في ما بدا إشارة إلى انشقاق وزير الخارجية الليبي موسى كوسا عن نظام القذافي.
وفي وقت لاحق، أكد إبراهيم استقالة كوسا، قائلاً إن الأخير «طلب التوجه إلى تونس لتلقي العلاج الطبي. ولقد حصل على الإذن. ثم سمعنا أنه قرر الاستقالة من منصبه.
هذا قراره الشخصي. ليبيا لا تعتمد على أفراد ولن تتأثر» بهذا الانشقاق. ونفى إبراهيم معلومات تحدثت عن انشقاق شخصيات أخرى ومغادرتها البلاد إلى تونس، أمثال
رئيس الاستخبارات الليبية أبو زيد دوردة، ورئيس البرلمان محمد زوي.
وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ إن انشقاق كوسا سيشجع آخرين من المقربين إلى القذافي على التخلي عنه، مشدداً على أن كوسا لن يحصل على حصانة
من المحاكمة في بريطانيا.
وأعلنت السلطات الاسكتلندية إنها ترغب في مقابلة كوسا بشأن تفجير طائرة ركاب أميركية فوق لوكربي في العام 1988 .
واعتبر متحدث باسم البيت الأبيض أن انشقاق كوسا يشكل «ضربة قاسية» لمعمر القذافي ويؤكد ان المحيطين بالزعيم الليبي فقدوا ثقتهم بنظامه، فيما اعتبرت وزارة الخارجية
الفرنسية أن انشقاقه يدل على «العزلة المتزايدة» التي يعاني منها القذافي.
وأعلن علي عبد السلام التريكي، الذي اختاره القذافي لرئاسة بعثة ليبيا لدى الأمم المتحدة، أمس، استقالته من منصبه وفر الى مصر. وكتب التريكي على أحد المواقع
الإلكترونية الخاصة بالمعارضة الليبية إنه «لا ينبغي أن تترك ليبيا لمصير مجهول فليبيا لها الحق في أن تحيا وأن تتمتع بالحرية والديموقراطية والرخاء».
(أ ف ب، رويترز، أب، د ب أ)

No comments:

Post a Comment