المفتي الشعّار باسم «المستقبل»: مجلس قيادة لـطرابلس
غسان سعود
حمل الاجتماع الذي عقد أمس في مكتب رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة، لمناقشة التطوّرات الأمنيّة في طرابلس، مفاجآت نوعية عدّة، أهمّها مطالبة المجتمعين بتأليف مجلس قيادة للمدينة. الاجتماع الذي ضمّ، إلى السنيورة، نوّاب المستقبل الشماليّين وكلاً من الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري والنائب نهاد المشنوق، إضافة إلى النائب سامر سعادة بصفته ممثّلاً لمدينة طرابلس في المجلس النيابي، جاء ليؤكّد عدم تعويل «المستقبل» من الآن فصاعداً على المؤسّسات الرسمية. وقد اتّهم أحد المشاركين في الاجتماع، النائب خالد ضاهر، «مؤسّسة الجيش بتحمّل جزء من المسؤولية عن انفجار الأوضاع الأمنية في مدينة طرابلس في نهاية الأسبوع الماضي». وأكد ضاهر، في اتصال مع «الأخبار»، أن «حاجز الجيش في منطقة المدفون كان قد أوقف يوم الجمعة الماضي شابّين أحدهما من بلدة النبي شيت البقاعية، والثاني من بلدة رياق، كانا يقودان سيّارة «غولف» نبيذيّة اللون في طريق عودتهما من طرابلس إلى بيروت. وقد وجد الجيش في حوزتهما رشّاشَيْ «كلاشنيكوف» وأجهزة لاسلكي، فسلّمهما إلى مديرية الاستخبارات في مدينة طرابلس التي وصلا إليها قرابة الساعة الخامسة عصراً». لكن، بحسب خالد ضاهر دائماً، سرعان ما أخلي سبيلهما بعد نصف ساعة فقط. وعلى حدّ قول ضاهر، فإنّ «توقيت توقيف الشابّين والأجهزة التي كانت في حوزتهما يوحي بدورهما في إشعال «جبهة جبل محسن ـــــ باب التبانة»، فيما يثير إطلاق سراحهما السريع الشبهات بشأن دور مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني»،
هذا الاتهام الأوّل من نوعه لم يكن مفاجأة «المستقبل» الوحيدة. فإضافة إلى الاعتماد على النفس عبر تأليف مجلس قيادة، شهد اجتماع أمس إعلاناً شبه رسميّ عن الانحياز التام لمفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار إلى فريق «المستقبل». وبدا ذلك واضحاً في الآتي:
1ـــــ مشاركة مفتي الشمال وطرابلس مالك الشعار ورئيس بلدية طرابلس نادر غزال في اجتماع حريريّ بامتياز، وبالتالي، تبنّيهما رواية المستقبل لخلفية الأحداث الأمنية في الشمال وطبيعتها، وهما اللذان يفترَض أنهما توافقيّان.
2ـــــ تولّى الشعار بنفسه المطالبة، بعد الاجتماع، بـ«إنشاء مجلس قيادة لمدينة طرابلس». وتأكّد بذلك اتجاه الأقلية النيابية إلى إدارة ظهرها للمؤسسات الرسمية التي يفترض أن تسيّر هي، لا «مجلس قيادة المدينة»، شؤون طرابلس، و«تجد حلحلة مباشرة لمشاكلها» السياسية والأمنية، ولا سيما أن طرابلس تمثَّل لأول مرة في الحكومة بخمسة وزراء، بينهم الوزير الأول الرئيس نجيب ميقاتي.
3ـــــ توجّه الشعار إلى مكتب رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة لا إلى السرايا الحكومية، حيث رئيس الحكومة الطرابلسي نجيب ميقاتي، لمناقشة الأحداث الأليمة التي حصلت في طرابلس. وقد بادر المفتي، الذي اشتهر بدوره التوافقيّ وبأنه عراب المصالحة الطرابلسية ـــــ الطرابلسية، إلى إهداء السنيورة صفة «الراعي الأوّل لحلّ المشكلة التي حصلت في الشمال منذ ثلاث سنوات». وقد حرص المفتي على التأكيد أنّ اللجنة التي ستؤلّف ستزور رئيس الجمهورية «قبل» زيارتها الرئيس ميقاتي.
4ـــــ حرص الشعار عند تعداده الفاعليات الذين سيتصل بهم، تمهيداً لعقد لقاء آخر موسّع، على ذكر الرئيس ميقاتي والوزيرين محمد الصفدي وأحمد كرامي، متجاهلاً وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي، نتيجة خلاف المفتي الشخصي مع الرئيس عمر كرامي. وعجز بعض أبناء المدينة عن إيجاد تبرير لتجاهل المفتي وزير الاقتصاد الطرابلسيّ أيضاً نقولا نحاس، مرجّحين أن يكون السبب سقوط نحاس من ذهن المفتي، ولا شيء آخر.
5ـــــ محاولة الشعار تجاوز المواقف المعلنة لمعظم المجتمعين لناحية التضامن مع المناوئين للنظام السوري والمطالبين بتغييره، وإعلانه ردّاً على سؤال أن المجتمعين اتفقوا على أن «لا علاقة للبنانيين بغيرهم، وعليهم التفرغ لحل مشاكلهم»،
في النتيجة، بعد اجتماع أمس، توضّحت أمور عدّة: أوّلها، بالنسبة إلى الرئيس ميقاتي الذي رأى المفتي ورئيس بلدية مدينته يهرعان إلى مكتب الرئيس السنيورة لحل مشكلة في المدينة بدل التوجّه إلى مكتبه. وهو الذي رفض خلال العامين الماضيين كل الاتهامات التي وُجَّهت إلى الرجلين بالانحياز إلى تيار المستقبل، وخاصم العديد من شخصيات المدينة نتيجة دفاعه المبالغ به أحياناً كثيرة عن الشعار وغزال. ثانيها، بالنسبة إلى تيار المستقبل الذي مثّل اجتماع أمس ما يشبه الإعلان الرسمي من قبله عن عدم ثقته بمؤسسات الدولة. وهذا يعتبر أول خروج لتيار المستقبل على المؤسسات الرسمية، وهو الذي كان ينتقد اللجان الأمنية ومتفرعاتها هنا وهناك. ثالثها، بالنسبة إلى مدينة طرابلس التي اكتشفت أن مفتي المدينة والشمال هو مخلّص المستقبل المنتظر من المحنة التي أوقعه بها اجتماع نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي وفيصل كرامي. اكتشاف يفرح قلب النائب محمد كبارة. فأن يكون المفتي هو الزعيم ليس إلا مقدمة جيدة لتكون طرابلس «عاصمة اللبنانيين السنّة»، كما يحلم أبو العبد. وهو أصلاً كاد يطير من الفرح، أمس، حين سمع عن «مجلس قيادة المدينة».
الاخبار
No comments:
Post a Comment